أصبحت الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة ظاهرة مثيرة للقلق في السنوات الأخيرة على وجه التحديد، بسبب التدفق المستمر للمعلومات والتواصل المفرط الذي يميز العالم المعاصر، بعدما ساهمت التكنولوجيا بشكل كبير من زيادة احتمالات إنشاء ومشاركة الأكاذيب بجميع أشكالها، لكن الكذب والتلاعب كانا جزءًا من تاريخ الإنسان أيضًا.
معرض "فيك نيوز" في مدريد
حول الأخبار الزائفة وتاريخها، يقدّم معرض "فيك نيوز" المقام حاليًا في مدينة مدريد، والذي سيستمر حتى يوم 19 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، نبذة عن تاريخ الأخبار الزائفة وكيف تتم صناعتها.
يُنظّم المعرض برعاية الصحفي ماريو تاسكون بالتعاون مع المكتبة الوطنية وجامعة CEU سان بابلو ومؤسسة maldita es المتخصصة في مكافحة الأخبار الزائفة. ويهدف إلى معالجة الظاهرة وتتبع خلفيتها التاريخية، وقبل كل شيء جعل المشاهد يفكر في عاداته الاستهلاكية من حيث المعلومات والتحيزات التي تجعله يثق في بعض المصادر أكثر من غيرها.
كما يقدم المعرض تحليلًا تاريخيًا شاملًا، من العصور القديمة وحتى يومنا هذا، لتطور وسائل الإعلام ونشر ودعم الأكاذيب المصمّمة لأغراض سياسية.
لماذا تنتشر الأخبار الزائفة بسرعة كبيرة؟
ولأن الأخبار الزائفة أصبحت جزءًا من المحادثة العامة حاليًا بأشكال مختلفة، ولمعرفة ما هي بالضبط؟ ولماذا تنتشر بهذه السرعة وتفرّق أحيانًا في قراراتنا الشخصية والجماعية؟ وكيف تتلاعب بالعمليات الانتخابية والديناميكيات الاجتماعية؟ وماذا يمكننا أن نفعل لمكافحتها؟ وما هي الأدوات التي يمتلكها الجمهور لتمييزهم عن بعضهم البعض؟
يقدم المعرض، بطريقة إكلينيكية وتعليمية جميع الإجابات ويبدأ من الباب، إذ يتم استقبال الزائر بدرج كبير مضيء يؤدي بشكل رمزي إلى عدم الوصول إلى أي مكان، حيث يتم تحديد وتمييز المفاهيم المختلفة التي تشكل جزءًا من الظاهرة، مثل إزالة السياق والدعاية والمعلومات المضللة والأخبار الوهمية والتزييف العميق، ولكن يجب عزلها لفهم أفضل للمشكلة.
وبالطريقة نفسها يُظهر درج آخر أخبار ليست حقيقية، ويوضح عملية تحويل جميع القضايا إلى أعماق، وكيف يزيد من الاستقطاب ويخبئ الحقائق ويبتكر المشاكل ويعزل المستقبلات في غرف الصدى الخاصة بالناس. ولفهم ذلك، يكفي التفكير في تلك الرسائل التي يتم إرسالها عدة مرات والتي تظهر يوميًا على هواتفنا المحمولة.
أعمال فنية تحاكي ظاهرة الأخبار الزائفة
ومن خلال أكثر من 100 عمل فنيّ لقطع تاريخية، وأعمال أخرى لفنانين معاصرين، يتعمق المعرض في ظاهرة الأخبار المزيفة واتساعها الكامل في عالم يتم فيه إنشاء المعلومات ونشرها بشكل أسرع من أي وقت مضى. من بينها هناك قطع تشير إلى قضايا مثل التزييف العميق أو إلى أهمية البيانات في بيئة معلومات مضللة بطريقة مختلفة.
وتستكشف إحدى التركيبات في المعرض بشكل بياني الآليات المختلفة التي تقود الإنسان يوميًا إلى اتخاذ قرارات غير صحيحة ومتحيزة، مثل الإجماع الخاطئ الذي يجعلنا نعتقد أن آرائنا هي الأغلبية، وتأكيد معتقداتنا بحثًا عن المعلومات التي تناسبنا، والميل لقبول تعليمات السلطة دون التشكيك بها أو الاعتقاد بأن وسائل الإعلام تؤثر على الآخرين أكثر من أنفسنا.
ويعمل المعرض على إجراء تمرين يمكن من خلاله الجلوس أمام قرص مضيء يعرض كل هذه التحيزات بأمثلة معروفة، ويوضح أن استكشاف الذات الناتج عن هذا هو أحد الفضائل الرئيسية للأخبار الكاذبة. لأن التمرين هنا يفرض التساؤل عن كيفية ملاحظتنا للواقع ولماذا نثق في ما نراه أو نقرأه أو نسمعه.
الصور المخادعة والمفبركة
يُظهر المعرض أمثلة على ممارسات الصور المخادعة التي تكون مفبركة وزائفة، منذ اختراع التصوير الفوتوغرافي حتى يومنا هذا. مثل صورة رسمية لأبراهام لينكون تُظهر كيف تم لصق رأسه على جسم أكثر إمتاعًا من الناحية الجمالية من جسده، وصورة لباراك أوباما يزور مختبرًا لانتشار الخدعة التي تقول إن الولايات المتحدة لديها علاقة مع وباء كوفيد_19. وكما يعرض الصورة التي انتشرت بشكل واسع ومصنوعة باستخدام الذكاء الاصطناعي وتُظهر البابا فرانسيس يرتدي معطفًا من الريش الأبيض جعله يبدو وكأنه نجم موسيقى حضري.
صورة من المعرض لتدفق المعلومات على مواقع الإنترنت (Telefónica)
مخاطر التزييف العميق
ويخصص جزء من المعرض لعمليات التزييف العميق، التي هي أكثر أشكال التلاعب بالصور تعقيدًا وخطورة، وتنجح في عمل مقاطع الفيديو بطريقة تؤدي إلى نتائج عالية الجودة، ويكاد يكون من الصعب معرفة ما إذا هذا العمل حقيقي أم لا. إذ تُظهر العديد من مقاطع الفيديو المزيفة هذه أشخاصًا مشهورين في مواقف لم تحدث أو يقولون أشياء لم تخرج من أفواههم أبدًا. وفي المعرض يوجد أمثلة ناجحة حقًا لمورغان فريمان ودونالد ترامب وكيم كارداشيان ومارك زوكربيرغ، ضمن مشروع فتح النقاش حول نقص السياسات المتعلقة بالسيطرة على هذا النوع من التكنولوجيا.
كما يتم من خلاله تعليم الأشخاص كيفية اكتشاف التزييف العميق وإخفاقاته، مثل التغييرات في لون الجلد أو التناقضات في بعض الأشياء، وتنتهي التجربة باختبار لأولئك الذين يرغبون في تجاوز امتحانًا لمعرفة ما إذا كانوا قادرين على التمييز بين الأخبار الكاذبة والحقيقية.
المصادر:
Espacio Fundación Telefónica Madrid
اقرأ/ي أيضًا
باحثون من كامبريدج يطورون اختبارًا لقياس قابلية تصديق المعلومات المضللة
دراسة: الذكاء الاصطناعي ينتج معلومات مضللة قد تكون أكثر إقناعًا من التي يكتبها البشر