تتناقل حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، حديثًا، مقطع للدبلوماسي المصري ومدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية السابق، محمد البرادعي، مع الادعاء أنه ذهب عام 2012 إلى أهل النوبة وطالبهم بالانفصال عن مصر، وذكر ناشرو الادعاء أنَّ "البرادعى فى 2012 ذهب لأهل النوبة وقال لهم: من حقكم تنفصلوا عن مصر، وسيناء كانت بتتباع لغزة وقناة السويس لقطر والقاهرة الفاطمية لإيران والنيل لإثيوبيا عرفتوا مين دمر مخططاتهم"، وذلك في إشارة إلى أن زيارة البرادعي جاءت بعد أحداث ثورة 25 يناير/كانون الثاني عام 2011.
فيديو البرادعي قبل ثورة 25 يناير 2011
تحقق "مسبار" من مقطع البرادعي، وتبين أن الادعاء المتداول معه يحتوي على عدد من المغالطات، إذ إنه التُقط في الثاني من يناير 2011، وذلك قبل أسابيع من اندلاع الثورة المصرية في الشهر ذاته، وليس عام 2012 بعد أحداث الثورة. وكان من لقاء جمع محمد البرادعي ونشطاء من النوبة في منزله في مزرعة جرانة على طريق مصر الإسكندرية الصحراوى.
ودار بينهم نقاشات حول أهل النوبة، وتعنت الحكومة المصرية مع مطالبهم، وسط مطالبات بتدويل القضية.
هل دعا البرادعي أهل النوبة للانفصال عن مصر؟
تم اجتزاء المشهد المتداول من التقرير الكامل للقاء والذي نشرته وكالة ANA المصرية، في الثالث من يناير 2011.
وفي المشهد المتداول الذي يبدأ من كلمة أحد النشطاء النوبيين، وهو يقول "رفضنا اللي بيحصل من الحكومة، ونحن نتهم الحكومة المصرية بالعنصرية ضد النوبيين في جزئية حقوقهم وعودتهم"، مضيفًا "كلمنا الدكتور بأن احنا بدأنا نفقد الأمل وسنلجأ للمحكمة الدولية ضد الحكومة المصرية".
في حين بالعودة إلى التقرير الأصلي المنشور على وكالة ANA، يظهر أن الناشط بدأ كلامه بقول "المطالب اللي احنا اتكلمنا فيها، هي حق العودة للنوبيين على ضفاف البحيرة (بحيرة نهر النيل) وحقنا التاريخي للمكان ورفضنا اللي بيحصل من الحكومة المصرية، ثم أكمل حديثه.
ثم بدأ البرادعي كلمته، قائلًا "أنا طبعًا رحبت بأهل النوبة وأن استمع إلى شكواهم، ولديهم شكوى كما سمعت منهم تتعلق بحق العودة إلى موطنهم الأصلي، وبالطبع من حق كل إنسان يعيش على أرض مصر أن يحصل على حقوقه الطبيعية". ولم يدعُ البرادعي في كلمته النوبيين إلى الانقسام عن مصر.
ومن جانبه رد البرادعي على الادعاء المتداول، وقام بمشاركة مقطع الفيديو عبر حسابه على تويتر وعقب قائلًا "متى سنفهم أنه لا يمكن لدولة أن تقوم على الإفك والتخويف وتغييب العقول".
ما هي قضية أهل النوبة في مصر؟
تم تهجير أهل النوبة في مصر من قراهم الواقعة على ضفاف نهر النيل جنوبي محافظة أسوان، وذلك عبر أربع مراحل بسبب بناء سدود مائية، كانت الخطوة الأولى خلال بناء خزان أسوان عام 1902، والتعلية الأولى 1912 والتعلية الثانية 1933 ثم جاء التهجير الكبير بين عامي 1963 و1964 خلال بناء السد العالي.
وكانت منازل النوبيين قد غرقت بمياه النيل المختزنة خلف السد، فيما تم تهجيرهم إلى مدن جديدة بعيدة عن النوبة اعتبروها غير ملائمة، ويطالبون من وقتها بعودة ملايين النوبيين إلى موطنهم الأصلي على ضفاف النيل.
ولدى أهل النوبة عادات وتقاليد وملابس ولغة أخرى مختلفة ورثوها عن أجدادهم، ولا زالوا يحافظون عليها حتى اليوم.
جمعية نوبية تنفي مطالبة البرادي بتدويل قضية النوبيين
وبعد أيام من لقاء البرادعي مع النوبيين أصدرت اللجنة الإعلامية للجنة المتابعة النوبية في أسوان، وجماعة المبادرين النوبية بيانًا، نفت فيه ما تردد عن مطالبة البرادعي بتدويل قضية النوبة، واصفة ذلك بـ"الافتراء على البرادعى، عن قصد، ومحاولة ترويع النوبيين"، وأوضحت اللجنة في البيان الذي نشرته صحيفة المصري اليوم حينها، أن لقاء البرادعى مع النشطاء النوبيين فى الثانى من يناير 2011، جاء لعرض النوبيين "أوضاعهم ومطالبهم المشروعة وحقوقهم في أراضيهم الأصلية، التي تبيعها الحكومة المصرية للمستثمرين".
وعن ما تردد حول طرح البرادعى فكرة تدويل القضية خلال اللقاء، قال عبد الصبور حسب الله، عضو لجنة المتابعة في أسوان، في تصريحات نقلها المصري اليوم، إن البرادعي طلب مخاطبة منظمة "الفاو"، مؤكدًا أن مدير الطاقة الذرية السابق لم يطلب تدويل القضية".
وأضاف حسب الله "سوف نساعد البرادعي على جمع توقيعات 3 ملايين نوبى، على بيان الجمعية الوطنية للتغيير، التى يترأسها البرادعي، حتى نُشكل رقمًا لم يصل إليه أي سياسى". فيما أكد هانى يوسف، رئيس لجنة المتابعة في أسوان، أن البرادعى لم يطلب تدويل قضية النوبيين، مضيفًا "بل نحن المصرون على ذلك إذا لم تُحل القضية داخليًا".
البرادعي يطالب بحقوق الأقليات في مصر
وفي مارس/آذار عام 2011 وخلال وجوده في برنامج آخر كلام على قناة أون تي في مع الإعلامي يسري فودة والإعلامية ريم ماجد، قال البرادعي في ردّه على سؤال حول موقفه من الأقليات في حال انتُخب رئيسًا لمصر في الفترة التي أعقبت ثورة 25 يناير، إن على الدولة المصرية "أن تفرض مبدأ المساواة في التعامل بين جميع أبنائها، وتحمي حقوق الأقليات كالأقباط وسكّان سيناء والنوبيين"، ولم يدعُ لانفصالهم عن البلاد.
من هو محمد البرادعي؟
محمد البرادعي هو دبلوماسي وسياسي مصري حصل على جائزة نوبل للسلام عام 2005 خلال عمله مديرًا للوكالة الدولية للطاقة الذرية، ومؤسس الجمعية الوطنية للتغيير في عام 2010، وأسس حزب الدستور عام 2012، وشغل منصب نائب الرئيس المؤقت عدلي منصور، في يوليو/تموز عام 2013، بعدما أطاح الجيش بالرئيس السابق محمد مرسي.
كانت أبرز محطات البرادعي السياسية، عند عودته إلى مصر عام 2010، وجاء الحديث حينها عن احتمال ترشحه لرئاسة الجمهورية لمنافسة الرئيس السابق محمد حسني مبارك، وأعلن بعدها تشكيل الجمعية الوطنية للتغيير برئاسته، وبمشاركة نشطاء وسياسيين من كافة التيارات السياسية، للضغط على الدولة المصرية لإجراء تعديلات دستورية وتحقيق العدالة الاجتماعية.
ومع ارتفاع وتيرة الغضب الشعبي ضد نظام حسني مبارك، خرجت الجماهير في ثورة 25 يناير التي أطاحت به، وكان البرادعي من الشخصيات البارزة خلال هذه الفترة في المشهد السياسي.
المصادر:
اقرأ/ي أيضًا
البرادعي لم يصرح بأن محطة الضبعة تنتهك المعايير الدولية ويجب إيقافها