خلال لقاءٍ مع الإعلامي المصري أحمد موسى في برنامجه “على مسؤوليتي”، المذاع على قناة صدى البلد، يوم أمس الاثنين، قال الخبير العسكري المصري الدكتور سمير فرج، أثناء تعليقه على الوضع الراهن في منطقة الساحل الأفريقي، إن النيجر هي الدولة الأفقر في القارة، رغم امتلاكها أكبر احتياطي من اليورانيوم.
فهل تعد النيجر أفقر دولة في أفريقيا؟
بحث "مسبار" في حقيقة الادّعاء وتبين أنّه غير دقيق، إذ إنّ أحدث البيانات الصادرة عن مؤسسات مختصة لم تؤكد أن النيجر أفقر دولة في أفريقيا، كما صرح الخبير العسكري المصري سمير فرج، في برنامج على مسؤوليتي"، الذي يقدمه الإعلامي المصري أحمد موسى.
النيجر تاسع أفقر دولة في أفريقيا
وفق أحدث البيانات الصادرة عن منظمة World Population Review، المختصّة في تقديم بيانات حديثة حول عدد سكان العالم، فإن دولة بوروندي تتصدّر، حاليًا، قائمة البلدان الأفقر في قارة أفريقيا. واعتمدت القائمة في تصنيف البلدان على مقارنة نصيب الفرد من الدخل القومي الإجمالي لعام 2023. وحسب القائمة فإن دولة النيجر هي تاسع أفقر دولة في القارة الأفريقية.
وذكر المصدر ذاته أن الدول العشر الأكثر فقرًا في أفريقيا هي أساسًا تلك التي تعاني من عدم الاستقرار السياسي، والصراعات وانعدام التنمية الاقتصادية. وأضاف أن هذه العوامل غالبًا ما تؤدي إلى ارتفاع معدلات الفقر وانخفاض متوسط العمر المتوقع، وضعف نتائج التعليم.
المعايير المحددة لثروات البلدان
يُوضح موقع World Population Review أنّه غالبًا ما يُستخدم مقياسان لتحديد ثروة بلد ما. يتعلّق الأمر بالناتج المحلي الإجمالي للفرد وبنصيبه من الدخل القومي الإجمالي. ويقاس نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بقسمة القيمة الإجمالية لجميع السلع والخدمات التي ينتجها بلد ما، على عدد الأشخاص في ذلك البلد.
وعادة ما يكون نصيب الفرد من الدخل القومي الإجمالي متشابهًا، غير أنّه يشمل أيضا أي دخل من مصادر دولية، مثل الاستثمارات الخارجية أو التعاملات التجارية. ويُعبَّرُ في العادة عن الناتج المحلي الإجمالي والدخل القومي الإجمالي إما بالدولار الأميركي، أو بما يعادله في القوة الشرائية لجعل المقارنات بين دولة وأخرى أسهل. وكلا المقياسان هما مؤشران لمدى ثراء، أو في هذه الحالة مدى فقر البلد، حسب الموقع.
لم تُصنف النيجر كأفقر دولة في أفريقيا مؤخرًا
ووفقًا لترتيب نشره موقع Wisevoter الذي يعتمد على الأبحاث والتقارير الدولية، مثل بيانات البنك الدولي، فإن النيجر جاءت في المرتبة التاسعة أيضًا، لأفقر البلدان في أفريقيا، فيما احتلت الصحراء الغربية وبوروندي المركزين الأول والثاني.
وفي مارس/آذار الفائت، نشرت مجلة Global Finance المالية، تقريرًا عن أفقر البلدان في العالم لعام 2023. وجاءت النيجر في المرتبة السابعة من التنصيف الذي تصدرته دولة جنوب السودان. ولم تذكر أي تقارير اقتصادية حديثة أن النيجر أفقر البلدان الأفريقية، حاليًا.
تقرير البنك الدولي عن النيجر
تقع النيجر في قلب منطقة الساحل، وتتمتع باقتصاد غير متنوع، يعتمد، وفق البنك الدولي، على الزراعة بنسبة 40 في المئة من ناتجها المحلي الإجمالي.
ووفق تقرير نشره البنك الدولي عن النيجر في مارس الفائت، فإنّ مستوى الفقر المدقع الذي ارتفع إلى 41.8٪ في عام 2021 ، يؤثر على أكثر من 10 ملايين شخص، في البلاد.
وقال البنك الدولي، في المقابل إنّه من المتوقع، عام 2023، أن يتماشى نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في النيجر مع الإمكانات، وذلك بفضل بدء إنتاج وتصدير النفط على نطاق واسع، واستمرار دعم المانحين وبرنامج الإصلاح الاقتصادي، المصمم لتعزيز الإنتاجية الإجمالية، وتقوية الحوكمة الاقتصادية، ورفع الناتج المحلي الإجمالي للفرد إلى مستوى أعلى بنسبة 15 في المئة مما كان عليه عام 2021.
وأوضح التقرير أنَّه من المتوقع أن ينخفض التضخم في النيجر إلى 3,2 في المئة في عام 2023 وإلى 2,8 في المئة في عام 2024، بالإضافة إلى تراجع تضخم أسعار المواد الغذائية، قبل أن يرتفع بشكل طفيف في عام 2025، بسبب الطلب الإضافي الذي تغذّيه عائدات النفط. ونتيجة لزيادة الواردات الغذائية، سيصل عجز الحساب الجاري إلى 17 في المئة، قبل أن يتقلص إلى 11,5 في المئة مع انطلاق الصادرات النفطية.
وأكّد التقرير أن هذه التوقعات تخضع لدرجة عالية من عدم اليقين والمخاطر المتعددة، بسبب الصدمات المكثفة المرتبطة بتغيُّر المناخ، وتدهور الظروف الأمنية، التي يمكن أن تستنزف موارد إضافية، بالإضافة إلى تراجع أسعار النفط العالمية و/ أو التأخُّر في التوسع في الإنتاج، والتأخيرات في الإصلاحات الاقتصادية الهيكلية والاستثمارات التكميلية.
إنتاج اليورانيوم في النيجر
تعتبر النيجر إحدى أكبر منتجي اليورانيوم في العالم. كما أنها تمتلك اليورانيوم الأعلى جودة في قارة أفريقيا، مما يرفع من أهميتها الاستراتيجية. ويوجد في النيجر منجمان هامان لليورانيوم يوفران حوالي 5 في المئة من إنتاج التعدين العالمي من خامات اليورانيوم عالية الجودة في أفريقيا. وفي عام 2022 أنتجت النيجر حوالي ألفين و22 طنًا متريًا من اليورانيوم، وفقًا لجمعية الطاقة النووية (World Nuclear Association).
وقالت الجمعية إنّ اكتشاف اليورانيوم للمرة الأولى في النيجر كان في منطقة Azelik، عام 1957، من قبل المكتب الفرنسي للبحوث الجيولوجية والجيولوجيا (BRGM)، خلال بحثه عن النحاس. وشرعت اللجنة الفرنسية للطاقة الذرية (CEA) في إجراء المزيد من الدراسات، وتبعت ذلك اكتشافات أخرى في الحجر الرملي.
وقالت صحيفة لوموند الفرنسية، إن اليورانيوم المستخرج من النيجر يُعد موردًا طبيعيًا ضروريًا لتشغيل محطات الطاقة النووية الفرنسية، وقد تم استغلاله لأكثر من أربعة عقود من قبل مجموعة دورة الوقود النووي الفرنسية أورانو (أريفا سابقا). وتشغّل شركة متعددة الجنسيات، مملوكة، بنسبة 90 في المئة، للدولة الفرنسية ثلاثة مناجم في النيجر.
الانقلاب العسكري في النيجر
ويأتي التصريح بعد حدوث انقلاب عسكري في النيجر يوم 26 يوليو/تموز الفائت، بقيادة رئيس وحدة الحرس الرئاسي، الجنرال عمر عبد الرحمن تياني.
وأطاح تياني بالرئيس، محمد بازوم، واحتجزه في القصر الرئاسي منذ يوم الانقلاب.
وارتفعت حدة التوتر بعدما هددت الكتلة الإقليمية “إيكواس"، المكونة من 15 دولة (عبارة عن مجموعة اقتصادية لدول غرب أفريقيا) باستخدام القوة لقمع الانقلاب في النيجر، وذلك بعد توجيهها إنذارًا للانقلابيين لإعادة الرئيس محمد بازوم إلى منصبه، والعودة لشرعية الدستور والمؤسسات الديمقراطية.
ومنحت الكتلة، قبل أسبوع، المجلس العسكري بالنيجر مهلة انتهت يوم الأحد السادس من أغسطس/آب الجاري للإفراج عن الرئيس بازوم وإعادته لسدّة الحكم. ويستعد رؤساء دول المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) لعقد قمة يوم الخميس القادم، وذلك لمناقشة مواجهتهم مع المجلس العسكري في النيجر، الذي تجاوز المهلة التي حددتها لإعادة الرئيس المخلوع محمد بازوم، وسيكون احتمال التدخل العسكري مطروحًا على الطاولة.
وأعلن قادة الانقلاب اليوم الثلاثاء الثامن من أغسطس، تعيين علي محمد لمين الزين رئيس وزراء جديد في البلاد، بحسب بيان نقله التلفزيون الوطني.
المصادر:
اقرأ/أيضًا:
هل أوقفت بوركينا فاسو تصدير اليورانيوم إلى فرنسا؟
لم يُعلن عن إطلاق عملة موحّدة في قمّة بريكس التي ستقام في جنوب أفريقيا