خلال لقاء مع الإعلامي أحمد موسى في برنامجه "على مسؤوليتي" المذاع على قناة صدى البلد، في حلقة يوم الثلاثاء السابع من أغسطس/آب، تحدث الكاتب الصحفي ووزير الثقافة المصري السابق حلمي النمنم، عن الديمقراطية في مصر وكيف تختلف عن بلدان أخرى مثل أميركا وفرنسا.
وأوضح النمنم خلال حديثه، أن الانتخابات الرئاسية المصرية عام 2018 التي فاز فيها الرئيس عبد الفتاح السيسي بنسبة 97 في المئة، لم يشكك أحد في نزاهتها حينها، قاصدًا أنها جرت في ظل مناخ ديمقراطي سليم.
ما حقيقة حديث وزير الثقافة المصري السابق؟
كلام وزير الثقافة المصري السابق حلمي النمنم، عن الانتخابات الرئاسية عام 2018 غير دقيق، إذ أدانت العديد من المنظمات الحقوقية والدولية الانتخابات قبل وبعد إجراء الاقتراع، كما كشفت تقارير عن حدوث عمليات تلاعب لحشد الناس للإدلاء بأصواتهم.
منظمات حقوقية ودولية تعترض على انتخابات الرئاسة المصرية 2018
وقبل الإدلاء، أدانت 14 منظمة حقوقية دولية ومصرية، بما في ذلك منظمة هيومن رايتس ووتش واللجنة الدولية للحقوقيين ومنظمات أخرى سير العملية الانتخابية، وأكدت أن الحكومة المصرية لم تسمح حتى بوجود الحد الأدنى من المتطلبات لإجراء انتخابات حرة ونزيهة في انتخابات الرئاسة التي كانت مقررة في 26 و 28 مارس/آذار 2018. وأن حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي، قامت بقمع الحريات الأساسية واعتقلت مرشحين محتملين ومؤيديهم.
وقالت المنظمات في بيان مشترك "يجب على حلفاء مصر التحدث علنًا الآن للتنديد بهذه الانتخابات الهزلية، بدلًا من الاستمرار في تقديم دعم لا جدال فيه إلى حد كبير لحكومة تترأس أسوأ أزمة لحقوق الإنسان في البلاد منذ عقود".
فريدوم هاوس: الانتخابات جاءت في ظل اضطهاد سياسي
وقالت مؤسسة فريدوم هاوس الحقوقية، حينها، إن اضطهاد منافسي السيسي في الانتخابات الرئاسية 2018، أظهر تصميم الحكومة للقضاء على أي فرصة للتغيير السلمي في القيادة. موضحة أن المحامي الحقوقي خالد علي، الذي كان أعلن أنه سيخوض الانتخابات انسحب لاحقًا نتيجة التضيق.
وأضافت المؤسسة، أن العقيد في الجيش المصري أحمد قنصوة قد أعلن عن ترشيحه للانتخابات، لكنه اعتُقل وحُكم عليه بعد ذلك بالسجن لمدة ست سنوات بسبب إبداء آرائه السياسية بصفته ضابطًا عسكريًا في الخدمة.
وكشفت أن قنصوة سبق وقال إنه حاول الاستقالة مرارًا وتكرارًا منذ 2014، لكن تم رفضه على الرغم من الدعاوى القضائية المتعددة. كما أوضحت أن رئيس الوزراء السابق وقائد القوات الجوية أحمد شفيق عاد آنذاك إلى مصر قادمًا من الإمارات، بعد إعلان نيته الترشح، لكن أفراد مقربين من أسرته كشفوا أنه احتجز في منزله فور عودته، ثم قال في مقابلة تلفزيونية إنه سيعيد النظر في خوضه الانتخابات.
فورين بوليسي تصف انتخابات 2018 بغير الديمقراطية
وقبل فترة من الانتخابات وفي يناير/كانون الثاني 2018، نشرت مجلة فورين بوليسي الأميركية تقريرًا تحت عنوان "الانتخابات المصرية غير الديمقراطية"، قالت فيه إن "انتخابات مارس 2018 لن تؤكد بأي حال من الأحوال شعبية الرئيس عبد الفتاح السيسي بين الشعب المصري، وأن هذه الحملة الانتخابية هي مجرد امتداد للصراع الداخلي على السلطة بين الجيش وأجهزة أمن النظام، ولا علاقة لها بآليات ديمقراطية جديرة بهذا الاسم".
وأضافت المجلة الشهيرة "إذا كان هناك أي شك في أن الانتخابات الرئاسية 2018 لن تكون حرة أو عادلة، فإن إلقاء القبض على رئيس الأركان العسكرية السابق سامي عنان بعد فترة وجيزة من إعلانه الترشح للرئاسة قد أكد ذلك بوضوح".
عدم وجود ديمقراطية حقيقية في انتخابات مصر
ونقلت تقارير دولية أن الانتخابات جاءت في ظل عدم وجود ديمقراطية حقيقية، بعدما انسحب ستة مرشحين أو تمت محاكمتهم أو سجنهم، وكان على رأسهم رئيس أركان القوات المسلحة السابق سامي عنان الذي اعتقل بعد إعلانه نيته خوض الانتخابات.
وكان الخصم الوحيد الذي خاض الانتخابات ضد السيسي هو موسى مصطفى موسى رئيس حزب الغد، والذي دخل السباق قبل ساعات من الموعد النهائي، وكان حزبه قد أيد السيسي قبل إعلانه الترشح.
وقالت منظمة العفو الدولية إن السيسي لم يبذل سوى القليل من الجهد لجعل الانتخابات تبدو ديمقراطية لإرضاء المتفرجين الدوليين. ونقلت عن المحلل السياسي جاريد جيفري، في NKC African Economics، الذي ذكر في مذكرة بحثية أن "السيسي مناهض للديمقراطية بشكل لا يعتذر عنه ويعتقد أن البلاد ليست مستعدة للديمقراطية ولا أحد يهتم على ما يبدو".
حالات تلاعب في الانتخابات الرئاسية المصرية 2018
وكشف صحيفة ذا نيويورك تايمز، عن وجود حالات تلاعب في الانتخابات الرئاسية المصرية 2018، من خلال دفع مبالغ مالية وتوزيع سلع غذائية على الناس للذهاب إلى صناديق الاقتراع.
وقالت الصحيفة "مع عدم وجود خصم حقيقي لتقديم الدراما في محاولته لإعادة انتخابه، يعتمد السيسي على الحماس المطلق لمؤيديه لتوليد إقبال ذي مصداقية"، مضيفة "وحيث لا تكفي الحماسة، لديه وسائل أخرى لإغراء أو دفع الناخبين إلى صناديق الاقتراع".
ونقلت الصحيفة عن بعض الناخبين، قولهم "إنهم حصلوا على مبالغ تعادل ما يساوي بين 3 و9 دولارات للتصويت". وأنه "في عدة مناطق، وعد المسؤولون الحكوميون الناخبين بتحسين الخدمات، مثل الكهرباء أو الصرف الصحي، إذا أدلوا بأصواتهم".
وأضافت أن في محافظة مرسى مطروح المطلة على ساحل البحر المتوسط، وعدت مجموعة من رجال الأعمال 500 ناخب إرسالهم لأداء العمرة في مكة.
وقالت الصحيفة إنه تم تحذير العديد من المتقاعدين أنهم لن يحصلوا على معاشهم، إذا لم يذهبوا إلى التصويت. وأوضحت أنه خلال وجود الناس أمام لجان الاقتراع في القاهرة، قال بعض الناخبين إنهم حصلوا على أموال مقابل التصويت. كما وثقت الصحيفة عمليات توزيع سلع غذائية على الناس مقابل ذهابهم إلى الانتخابات.
وفي عام 2019 نشرت ورقة بحثية بعنوان "تزوير في انتخابات الرئاسة المصرية 2018؟"، كشفت وجود شذوذ إحصائي في نسبة المشاركة وتلاعب في فرز الأصوات، بعد الإعلان عن النتائج التي أدلت بها لجنة الانتخابات.
وفحصت هذه المذكرة عدد الأصوات الرسمية من الانتخابات بالاعتماد على بيانات مراكز الاقتراع التي نشرتها سلطة الانتخابات المصرية، وباستخدام مجموعة أدوات الطب الشرعي للانتخابات لتقدير سلسلة من اختبارات الأرقام والتوزيع.
وأشارت النتائج إلى وجود شذوذ إحصائي في نسبة إقبال الناخبين على مراكز الاقتراع الموجودة في المراكز السكانية الرئيسية في مصر والتي أعلنت عنها الجهات الرسمية، في حين تتوافق النتائج مع الروايات الصحفية عن نسبة المشاركة المنخفضة جدًا في تلك المناطق.
انتخابات الرئاسة المصرية عام 2018
وأعيد انتخاب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بنسبة 97 في المئة من الأصوات، في الانتخابات التي جرت عام 2018، وبلغت نسبة المشاركة فيها 41 في المئة على الرغم من الجهود التي بذلك لجذب أكبر عدد ممكن من المصريين إلى مراكز الاقتراع خلال الانتخابات.
وحصل السيسي على 21.8 مليون صوت مقابل أكثر من ستمائة ألف صوت لمنافسه موسى مصطفى موسى وبلغ عدد الأصوات الباطلة أكثر من 1.8 مليون صوت.
وقالت وكالة رويترز في تقرير بعنوان "السيسي يحصل على 97 في المئة، في انتخابات بلا معارضة حقيقية"، إن الانتخابات برز فيها مرشح واحد فقط أمام السيسي وهو نفسه من المؤيدين له، بعد أن أوقف جميع المتنافسين المعارضين الجادين حملاتهم، وتم القبض على المنافس الرئيسي وتعرض مدير حملته للضرب، في حين انسحب المرشحون الآخرون للرئاسة، بحجة الترهيب.
انتخابات الرئاسة المصرية 2024
يأتي هذا الحديث مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في مصر التي ستعقد خلال عام 2024، والتي بدأ الحديث عنها مؤخرًا في وسائل الإعلام.
وفي يوليو/تموز الفائت، أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات في مصر أنها "تعكف دون إبطاء على دراسة المواعيد القانونية للانتخابات الرئاسية المقبلة".
وكشفت اللجنة خلال اجتماعها الثاني لمجلس إدارة الهيئة، برئاسة المستشار وليد حمزة، لدراسة الإجراءات الإدارية واللوجستية للانتخابات، وأنها مستمرة فى تحديث وقيد الطلبات بقاعدتي بيانات منظمات المجتمع المدنى ووسائل الإعلام المحلية والأجنبية لاستخراج التصاريح اللازمة.
المصادر :
اقرأ/ي أيضًا
تصريح أحمد موسى بأنه لم يتم هدم مساجد في عهد الرئيس السيسي زائف