انتشر منذ أيام عبر مواقع إخبارية وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، خبر يدّعي ناشروه أن الجامعة الأميركية في بيروت أرسلت بريدًا لطلابها يتضمن الشروط للحصول على المنح والمساعدات المالية، ومن ضمنها أن يُسجّل الطالب في مادة الدراسات الجندرية التي "تشجع على تقبّل أو حتى الإقبال على المثلية الجنسية أو التحوّل الجنسي"، بحسب المتداولين للخبر، مستغلة بذلك الفقر والعوز الذي يعاني منه بعض اللبنانيين إثر تدهور قيمة الليرة اللبنانية.
واستندت تلك الأخبار إلى رسالة بريد إلكتروني نشرها للمرة الأولى موقع VDL الإخباري المحلي، يدعي أنها من إدارة الجامعة التي تحدد شروط الحصول على المساعدات والمنح، ويتابع التقرير "في الماضي كانت المنح والمساعدات تمنح بحسب التفوق والذكاء والعلامات، بينما اليوم قرر فضلو خوري، مدير الجامعة، نشر المثلية في لبنان وتوسيع مجتمع الميم بما تمليه عليه إدارته العليا وضميره المهني والديني".
لكن بالتدقيق في البريد المرفق، لاحظ "مسبار" أن الجامعة الأميركية في بيروت لا تفرض بناء على محتواه، شروطًا جندرية على المتقدمين للحصول على كافة المنح والبرامج. ويتضح ذلك برسالة البريد الإلكتروني المتداولة نفسها، والتي تنص على وجوب حضور مساق الدراسات الجندرية لدى المتقدمين لبرنامج "رواد الغد بحاثة الجندر" فقط.
كما تنص الرسالة على أن حضور المساقات حول دراسات المرأة والجندر، ليست ضمن المتطلبات المسبقة للقبول في البرنامج، لكن حضور مساق في أحد تلك المجالات سيكون مطلوبًا أثناء حضور البرنامج، بالإضافة إلى المحافظة على معدل تراكمي لا يقل عن 3.0 في كافة الفصول الدراسية.
الدراسات الجندرية واحد من برامج عديدة في الجامعة الأميركية
وفي بيانٍ نشرته الجامعة الأميركية في بيروت يوم 30 سبتمبر/أيلول الفائت، أوضحت أن برنامج مبادرة الشراكة الأميركية الشرق أوسطية لرواد الغد بحّاثة الجندر، الذي يتضمن قسم الدراسات الجندرية، هو برنامج للمنح الدراسية بالتعاون مع المبادرة التابعة لوزارة الخارجية الأميركية، لكن الجامعة أشارت إلى أنه مجرد واحد من العديد من برامج المنح الدراسية التي تقدمها الجامعة الأميركية في بيروت، والذي يتم من خلاله منح طلاب البكالوريوس الفرصة للتقدم إليه.
ونفت الجامعة في اتصال مع صحيفة المدن اللبنانية، المعلومات التي تتهمها بأنها تشترط التسجيل في هذا المقرر الدراسي للحصول على منحة تعليمية. كما أكدت في بيانها أن لديها "التزامًا طويل الأمد بتمكين المرأة ودراسات النوع الاجتماعي”. لافتةً إلى أنها "أول جامعة في العالم العربي أتاحت فرص التعليم للنساء، وتقوم بتخريج قيادات نسائية من المنطقة منذ نحو مئة عام".
تصاعد الجدل حول المثلية في لبنان
ويشهد مجتمع الميم في لبنان تضييقًا وحملة هجوم غير مسبوقين، إذ شهدت مظاهرة ترفع أعلام المثلية في بيروت هجومًا من قبل بعض الأشخاص الأسبوع الفائت، كما حاصرت ميليشيا "جنود الرب" المسيحية المسلحة حانةً للمثليين وهددت مرتاديها.
وفي أغسطس/آب 2023، قدّم مسؤولان لبنانيان اقتراحَيْ قانون منفصلين، يُجرّمان صراحةً العلاقات الجنسية المثلية الرضائية بين الراشدين، ويعاقبان أيّ شخص "يروّج للمثلية الجنسية" بالحبس حتى ثلاث سنوات.
وأتى تقديم الاقتراحين في أعقاب سلسلة من حوادث الاعتداء خلال العام الماضي، وحظر وزاري غير قانوني للفعاليات المتعلقة بالمثلية. كما سبق أن وثقت منظمة هيومن رايتس ووتش ومنظمات إنسانية أخرى، عشرات الانتهاكات بحق المثليين.
ورغم عدم تجريم السلوك الجنسي المثلي بالتراضي صراحةً في لبنان، تُعاقب المادة 534 من قانون العقوبات "كل مجامعة على خلاف الطبيعة" بالسجن حتى سنة واحدة، وذلك رغم سلسلة أحكام أصدرتها المحاكم بين 2007 و2018 وخلصت إلى أنّ العلاقات الجنسية المثلية بالتراضي لا تشكّل جريمة.
لكن في يوليو/تموز 2023، قدّم تسعة أعضاء في مجلس النواب اقتراح قانون لإلغاء المادة 534، وتعرّض الموقعون منذئذ لحملة مضايقات عبر الإنترنت من قبل السلطات السياسية والدينية أدت إلى سحب أحدهم توقيعه.
اقرأ/ي أيضًا
محمد رعد لم يصرّح أن كتلة الوفاء لن ترفض قانون تشريع المثلية الجنسية
الأمم المتحدة لم ترفع علم المثليين بدلًا من أعلام الدول الأعضاء