نشرت وسائل إعلام غربية، وحسابات وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، مؤخرًا، مقطع فيديو قالت إنّه لاستخدام كتائب القسام أنابيب المياه المعدنية في صناعة الصواريخ.
وأشارت إلى أنّ هذه الأنابيب يمولها الاتحاد الأوروبي رغم أنّ حماس تعترف باستخدامها لصناعة عداتها العسكري.
عاد "مسبار" إلى سياق تداول الفيديو حديثًا، ووجد أنّه جاء عقب محادثات طارئة بين وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي حول مساعداته لفلسطين، في التاسع من أكتوبر الجاري، إذ أعلن مفوض الاتحاد الأوروبي لشؤون التوسع والجوار، أوليفر فارهيلي، في منشور له على منصة إكس، أنّ المفوضية “بصفتها أكبر مانح للفلسطينيين، ستقوم بإجراء مراجعة شاملة لمخصصات المشاريع التنموية، والتي تبلغ قيمتها الإجمالية 691 مليون يورو”.
لكن، جوزيب بوريل، كبير دبلوماسيي الاتحاد الأوروبي، أعلن بعد ساعات أن المساعدات للفلسطينيين ستستمر، وأنّ هذا القرار حظي بموافقة غالبية الدول الأعضاء في الاتحاد.
وقال بوريل في تصريح صحفي له في مسقط "ليس جميع أبناء الشعب الفلسطيني إرهابيين. لذا فإن العقاب الجماعي سيكون غير عادل وغير فعال، و سيكون ضد مصالحنا وضد مصلحة السلام".
اضطراب معلوماتي عقب نشر مشاهد تدوير القسام للأنابيب
بعد إعلان بوريل، نشرت وسائل إعلام أنّ الاتحاد الأوروبي سيواصل دعمه لفلسطين، رغم تباهي حماس باستخدامها أنابيب المياه الممولة من الاتحاد الأوروبي لتحويلها إلى صواريخ.
ذا تلغراف، صحيفة بريطانية، نشرت في العاشر من أكتوبر الجاري، مقالًا بعنوان “الاتحاد الأوروبي يمول أنابيب المياه على الرغم من تباهي حماس بأنه يمكنها تحويلها إلى صواريخ”.
وفي وصفها لصورة الغلاف، قالت إنها لأعضاء من كتائب القسام (الجناح العسكري لحماس) يقومون بحفر لاستخراج أنابيب المياه المخصصة لسكان غزة".
وذكرت ذا تلغراف، أنّ الاتحاد الأوروبي "ساعد في بناء أكثر من 30 ميلًا من خطوط أنابيب المياه للفلسطينيين، على الرغم من تفاخر إرهابيي حماس بقدرتهم على صنع ترسانة من الصواريخ محلية الصنع من الأنابيب".
وأضافت أنّ بروكسل ضخت ما يقرب من 100 مليون يورو في مشاريع خطوط الأنابيب في المناطق التي تسيطر عليها حماس على مدى العقد الفائت"، وفق تحليلها للمساعدات الخارجية.
ويوم 13 أكتوبر الجاري، نشر موقع ذا تايمز أوف إنديا، مقالًا، بعنوان "فيديو صادم يظهر حماس وهي تحول أنابيب المياه في غزة إلى صواريخ، مما يثير مخاوف بشأن إمدادات المياه".
وجاء في المقال أن المجتمع الدولي يعبر عن قلقه العميق بشأن إمدادات المياه في غزة، ردًا على قيام حماس بإعادة استخدام أنابيب المياه في صنع صواريخ تستهدف المدنيين الإسرائيليين.
وأضاف المصدر ذاته أنّ "تحويل البنية التحتية الأساسية إلى أسلحة كان سببًا في إثارة المخاوف بشأن قدرة المنطقة على الوصول إلى المياه النظيفة والاستقرار الشامل".
وزعمت أن "الأمر أدى إلى إطلاق نداءات عاجلة للانتباه واتخاذ الإجراءات اللازمة".
وشاركت حسابات مساندة لإسرائيل على مواقع التواصل الاجتماعي، مقطع الفيديو وربطت عدم وجود مياه في غزة، بسرقة المقاومة لأنابيب المياه واستخدامها في صناعة الصواريخ.
وقال أحدهم "بالنسبة لأولئك الذين يبكون غزة دون مياه، انظروا كيف تقوم حماس بحفر واستخراج أنابيب المياه وإعادة استخدام نظام صرف صحي كامل في غزة لصنع الصواريخ".
عاد مسبار للبحث عن المشاهد المتداولة والتي أشارت ذا تلغراف أنها تعود إلى عام 2021، وأغفلت تاريخها مواقع إخبارية أخرى وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، ووجد أنّها منشورة ضمن إحدى حلقات برنامج التحقيقات في قناة الجزيرة "ما خفي أعظم"، في شهر سبتمبر/أيلول عام 2020.
وقدمت الحلقة وعنوانها "الصفقة والسلاح"، مشاهد وتصريحات لعناصر من المقاومة، يتحدثون فيها عن تطور صناعة السلاح، والموارد التي يستخدمونها.
وفي علاقة بالأنابيب، قال مقدم البرنامج تامر المسحال، إنّه تم العثور على خطوط طويلة من أنابيب المياه المعدنية مدفونة في مناطق المستوطنات التي انسحبت منها إسرائيل في قطاع غزة عام 2005، وأشار إلى أنّ ذلك شكل تحولًا نوعيًّا بالنسبة للمقاومة.
وأضاف المسحال أنّ "الأنابيب التي امتدت من داخل المستوطنات المحررة غربًا إلى داخل الحدود الإسرائيلية شرقًا بقيت بعيدة عن الأنظار، وشكلت لسنوات مصدرًا لسرقة إسرائيل للمياه الفلسطينية".
وقال أحد قادة المقاومة للبرنامج "وجدنا في باطن الأرض كميات كبيرة جدًا من الأنابيب المعدنية السميكة، والتي كانت عبارة عن شبكة لامتصاص وسرقة المياه الجوفية من غزة وضخها إلى الأراضي المحتلة".
وأضاف أنهم كشفوا مخطط الشبكة ومن ثم حفروا واستخرجوها ليتم توظيفها في الصناعات العسكرية.
وأظهر البرنامج لقطات من عملية تدوير الأنابيب. كما عرض مشاهد حصرية قال إنّها للقذائف الإسرائيلية التي لم تتفجر، وأعادت الكتائب تصنيعها واستخدمتها ضد أهداف إسرائيلية في مايو/أيار 2019.
ويُلاحظ في اللقطات المتداولة في البرنامج، أنّ الأنابيب التي يتم استخراجها قديمة، وليست حديثة العهد كما يشير بعض ناشري الادّعاء.
الاتحاد الأوروبي ينفي تمويله حماس
من جانبه نفى الاتحاد الأوروبي تمويله لحركة حماس، عقب الاتهامات التي وجهت إليه بعد أن تراجع عن القرار الأول المتعلق بإيقاف تمويل فلسطين، ومراجعة المساعدات.
وقالت ناتالي لوازو رئيسة اللجنة الفرعية للأمن والدفاع في البرلمان الأوروبي، إنّ المساعدة الأوروبية لا تمول حماس بأي حال من الأحوال كما يقول اليمين المتطرف".
وأضافت “السكان الفلسطينيون بحاجة إلى هذه المساعدة الإنسانية. سحب هذه المساعدة منهم، سيكون تشجيعًا للمنظمات الإرهابية”.
كما أكد بوريل، مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، أن المخصصات المالية للفلسطينيين لا تذهب إلى حماس، باعتبارها مدرجة من قبل الاتحاد الأوروبي على لائحة الإرهاب".
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين الأربعاء 11 أكتوبر الجاري، إن الدعم الإنساني الأوروبي لفلسطين "ليس موضع تساؤل".
وأضافت "لم ولن يذهب تمويل الاتحاد الأوروبي إلى حماس أو أي كيان إرهابي البتة". وأكدت على مراجعة الملف بأكمله مرة أخرى، “في ضوء تطورات الوضع على الأرض”، وفق قولها.
في المقابل أعلنت دول في الاتحاد الأوروبي، أنّها ستجري مراجعات فردية للمساعدات المالية المخصصة للجانب الفلسطيني.
ويشار إلى أن إجمالي مساعدات الاتحاد الأوروبي للفلسطينيين ضمن موازنة عام 2021 بلغت 317 مليون يورو، ولحد الآن، لا يوجد أي دليل يُشير إلى أنّ مساعدات الاتحاد الأوروبي لفلسطين، منها التي توجه إلى قطاع غزة، تذهب إلى حركة حماس بشكل مباشر أو غير مباشر.
ويتوقع الاتحاد وفق مخطته، تقديم ما يصل إلى 1.152 مليار يورو، في شكل دعم مالي في الفترة من 2021 إلى 2024.
إسرائيل تقطع المياه عن غزة خلال عملية طوفان الأقصى
ويعود انقطاع المياه الأخير في غزة، إلى قرار اتخذته سلطة الاحتلال الإسرائيلي عقب عملية طوفان الأقصى. وقد صرح وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت بأنّه ستتم قطع الإمدادات الأساسية من كهرباء وماء ووقود ومواد غذائية عن غزة. وقال "لا كهرباء ولا طعام ولا ماء ولا وقود، كل شيء مغلق"، وقال "نحن نحارب حيوانات بشرية ونتصرف وفقًا لذلك".
وليست المرة الأولى التي يتسبب فيها عدوان إسرائيلي في مشاكل في إمدادات المياه في غزة، ففي مايو 2021، واجه أكثر من 1.2 مليون فلسطيني صعوبة في الوصول إلى خدمات المياه والصرف الصحي والنظافة بسبب الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية، خلال التصعيد الذي شهده القطاع، حينها، وفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.
وذكر المصدر ذاته في تقرير له عام 2022، أنّه حتى قبل اندلاع القتال عام 2021، كان أكثر من 97 في المئة من الحوض المائي الساحلي، وهو مصدر المياه الجوفية في غزة، غير صالح للاستهلاك البشري بسبب عمليات الضخ غير المأمونة وتلوثه بمياه الصرف الصحي.
ويشير البنك الدولي على لسان عدنان غوشة، كبير أخصائيي المياه والصرف الصحي، إلى إشكاليات أخلرى تتعلق بقلة الموارد المائية. وأوضح أنّه منذ نهاية التسعينيات، تم استغلال منسوب المياه إلى حد تسرب مياه البحر إليه، مما جعل مياه الصنبور غير صالحة للاستهلاك لأنها مالحة للغاية.
وبين المختص، أنّ هذا العامل، من بين عوامل أخرى، سبب حصول 10% فقط من سكان غزة على مياه الشرب، مقارنة بـ 90% من سكان الضفة الغربية.
ووفق منظمة العفو الدولية، فإن حوالي 90 إلى 95 في المئة من إمدادات المياه في غزة ملوثة وغير صالحة للاستهلاك البشري. كما تضيف المنظمة، أنّ إسرائيل لا تسمح بنقل المياه من الضفة الغربية إلى غزة.
كما تُشير المنظمة إلى الفوارق في استهلاك المياه بين الفلسطينيين والإسرائيليين، إذ يستهلك الإسرائيليون ما لا يقل عن أربعة أضعاف استهلاك الفلسطينيين الذين يعيشون في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
اقرأ/ي أيضًا
بلا أدلة.. البروباغندا الإسرائيلية تحاول الربط بين حماس وداعش
أوجه التضليل في المقارنة بين القوة العسكرية الإسرائيلية والفلسطينية