` `

تحقيق: فريق تطوع إسرائيلي نشر روايات مضللة عن قتلى 7 أكتوبر لجمع التبرعات

إسلام عزيز إسلام عزيز
سياسة
3 فبراير 2024
تحقيق: فريق تطوع إسرائيلي نشر روايات مضللة عن قتلى 7 أكتوبر لجمع التبرعات
نشرت المنظمة روايات لم تحدث للظهور إعلاميًا (Getty)

عقب تنفيذ كتائب القسام الذراع العسكري لحركة حماس، في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، عملية طوفان الأقصى، التي استهدفت ثكنات عسكرية ومستوطنات في غلاف غزة، أفضت إلى مقتل نحو 1400 إسرائيلي وأسر عشرات الجنود والمستوطنين، ظهرت منظمة يهودية تُدعى"زاكا"، أوكلت لها مهمة جمع جثث في المناطق المستهدفة.
المنظمة نشرت معلومات وروايات حول عملها، ولاقت شهاداتها اهتمامًا إعلاميًّا، لكن تبين لاحقًا أنّها روايات مضللّة دعائية هدفها جمع التبرعات.

"زاكا": منظمة يهودية متطرفة تنشر معلومات مضللة عن السابع من أكتوبر

تشير مواقع عبرية إلى أن "زاكا" هي منظمة يهودية متطرفة تطوعية معروفة في إسرائيل، متخصصة في تحديد هوية ضحايا الكوارث والبحث والإنقاذ وانتشال الرفات البشرية.

وخلال عملها على جمع وتحديد هوية جثث قتلى السابع من أكتوبر، قال متطوعون في المنظمة، إن من بين القتلى “عائلات بأكملها، وأطفال صغار، ورضع، وحتى نساء حوامل”، وأنه عثروا "على جثثهم في حالة مروعة مشوهة ومحترقة".

وقال عضو في المنظمة أيضًا خلال تصريحات لشبكة سي إن إن "مع كل الاستعدادات ومع كل الخبرة، لم نتخيل أبدًا في أسوأ كوابيسنا أننا سنرى شيئًا مثل ما رأيناه هنا".

تقرير شبكة سي إن إن مع منظمة زكا بعد أحداث السابع من أكتوبر
تقرير شبكة سي إن إن مع منظمة زاكا بعد أحداث السابع من أكتوبر

لكن تحقيقًا لـ"صحيفة هآرتس" العبرية، كشف عن وجود إهمال وتضليل في بيانات منظمة "زاكا" عن أحداث السابع من أكتوبر. وذكرت الصحيفة أن المنظمة كانت متورطة قبل الحرب وعليها ديون بالملايين، فاستغلت الأحداث بهدف “العمل على جمع التبرعات”.

وفق التحقيق، خلال الأيام الأولى والحاسمة من الحرب، بعد عملية القسام، قرر الجيش الإسرائيلي التخلي عن نشر الجنود المدربين خصيصًا للتعرف على الرفات البشرية وجمعها في حوادث الإصابات الجماعية. 

وقال ضابط في وحدة البحث الجنوبية في الحاخامية، للصحيفة، "ليس لدي أي تفسير لماذا لم ينشروا وحدة قيادة الجبهة الداخلية وأفرادنا من الشمال". كما لم يتمكن الضباط في قاعدة الشورى من تفسير سبب عدم نشر الجيش للأفراد الذين تم استدعاؤهم بالفعل.

كما أكد ضابط في وحدة قيادة الجبهة الداخلية أنّ قادته "توسلوا إلى القيادة العليا لنشرهم لكن طلبهم قوبل بالرفض". ولم يبدأ هؤلاء الجنود بالعمل في المنطقة إلا في الأسبوع الثاني من الحرب، وحتى ذلك الحين لم يكن ذلك بشكل كامل. وفي هذه الأثناء، كان متطوعو زاكا هناك، وفق هآرتس.

ذكرت المنظمة روايات عن فظائع لم تحدث لجمع التبرعات

وبعد الحصول على عدة شهادات، تبين للصحيفة أنّ منظمة "زاكا" تنشر “روايات عن فظائع لم تحدث أبدًا، وتنشر صورًا حساسة وتتصرف بشكل غير احترافي، كجزء من الجهود المبذولة للظهور إعلاميًا”.

تحقيق هآرتس، كشف أن جميع القواعد المهنية للعمل انتهكت منذ السابع من أكتوبر، حيث ملأت مقاطع الفيديو والصور، حسابات منظمة زاكا القدس على مواقع التواصل الاجتماعي، منها صفوف من الجثث في أكياس، وبقع الدم، وأكثر من ذلك بكثير. وتبين أنّها كانت تهدف بذلك إلى جمع التبرعات في توقيت حساس.

ومن بين الأمثلة التي ذكرها التحقيق عن النشاط الدعائي للمنظمة، منشور شاركته بتاريخ 29 أكتوبر، يظهر صورًا عائلية ملطخة بالدماء مع تعليق "صوت دماء إخوتي يصرخ إلي من الأرض".

وفق الصحيفة، واجهت المنظمة الإفلاس قبل السابع من أكتوبر. ومنذ ذلك الحين، ذكر مصدر في زاكا، أنهم جمعوا أكثر من 50 مليون شيكل (13.7 مليون دولار).

وقالت مصادر لهآرتس، إنه كان هناك ثمن لاختيار زاكا تحديدًا. كما كشف أحد الضباط في حديثه عن عمل المنظمة "لقد تلقينا حقائب دون وثائق، وفي بعض الأحيان كانت بها أجزاء من أجساد لا علاقة لها ببعضها البعض". وأضاف "مثل هذه المشاكل جعلت عملية تحديد الهوية صعبة للغاية". كما أشار إلى أن "بعض الحقائب جاءت بعد أيام عديدة من اندلاع الحرب".

بينما قال جندي يخدم في الحاخامية العسكرية ومتطوع في الوقت نفسه في منظمة زاكا، "كان هناك فرق ملحوظ بين احترافية الجنود ومتطوعي زاكا".

أعضاء في منظمة زكا بعد أحداث السابع من أكتوبر (Getty)
أعضاء في منظمة زاكا بعد أحداث السابع من أكتوبر (Getty)

في شهادته يقول أحد الجنود للصحيفة، "لقد سألنا القادة عن سبب عدم السماح لنا بالدخول، وفي كل مرة كنا نحصل على إجابة مختلفة. وفي إحدى المرات قالوا لنا: لقد تم تدريبكم على مواجهة الزلازل". مضيفًا “مرة أخرى، قالوا إنهم لا يريدون المخاطرة بحياة الجنود”، وفي سياق آخر "أوضحوا لنا أن القائد العام أوكل المهمة إلى فريق الإنقاذ الوطني التابع للجيش الإسرائيلي، والذي كان أحد أعضائه هو أيضًا عضو كبير زاكا".

رواية زائفة عن مقتل امرأة حامل في أحداث السابع من أكتوبر

قال أحد متطوعي زاكا وهو يبكي في شهادة سابقة "رأينا امرأة تبلغ من العمر حوالي 30 عامًا، كانت مستلقية على الأرض غارقة في بركة كبيرة من الدماء"، مضيقًا “لقد قمنا بتسليمها لوضعها في الحقيبة”.

وأكمل "كانت المرأة حاملًا وبطنها منتفخة، وكان الطفل لا يزال ملتصقًا بالحبل السري عندما طُعنت، وأصيبت برصاصة في مؤخرة رأسها. ولا أعرف إذا كانت قد عانت ورأت طفلها مقتولًا أم لا".

لكن، تبين لاحقًا أن هذه الحادثة، التي زعم متطوع زاكا أنها وقعت في كيبوتس بئيري، مختلقة. وهي واحدة من عدة قصص تم تداولها دون أي أساس. ولا يوجد دليل على وقوعها، ولم يسمع أحد في الكيبوتس عن هذه المرأة. كما اعترف مسؤول كبير في زاكا في حديث مع صحيفة هآرتس، أن المنظمة تعلم أن الحادثة لم تقع.

وكانت صفحات وحسابات إسرائيلية نشرت مقطع فيديو عنوانه "واحد من أكثر مقاطع الفيديو الإرهابية الرهيبة المعروفة للبشرية". ادّعت أنّه التقط يوم السابع من أكتوبر، ويُظهر بحسب زعم ناشريه مقاتلين من حركة حماس يقتلون امرأة حامل ويمثلون بجثتها ويقتلون جنينها، خلال تنفيذهم عملية طوفان الأقصى. ليتبين أن المشهد مأخوذ من مقطع مصوّر منشور على موقع ميكسيكي منذ عام 2018، ويحمل عنوان "فيديو مرعب حيث قام قتلة مايو زامبادا بإزالة قلب أحد الأشخاص وقطع رأس شخص آخر".

تحقيق مسبار عن فيديو نشرته حسابات إسرائيلية حول مقتل حماس امرأة حامل
تحقيق مسبار عن فيديو نشرته حسابات إسرائيلية حول مقتل حماس امرأة حامل

واتُهمت منظمة "زاكا" بنشر معلومات كاذبة من قبل. وفي ديسمبر/كانون الأول 2022، ذكرت صحيفة هآرتس أن زاكا قامت بتضخيم عدد المتطوعين المعلن عنه لسنوات من أجل الحصول على المزيد من التمويل.

مزاعم إسرائيل عن هجوم القسام 

يأتي هذا التحقيق، مع انتشار العديد من الادعاءات الإسرائيلية التي أعقبت عملية طوفان الأقصى. وسبق وفنّد "مسبار" ادّعاءات مضللة أخرى نشرتها حسابات ووسائل إعلام إسرائيلية، منها تقرير لقناة i24، ضللت فيه وسائل إعلام عالمية بعدما نشرت خبر ارتكاب مقاتلي حماس مجزرة بحق 40 رضيعًا إسرائيليًا، ليتبين أنّ الخبر مفبرك ولا أساس له.

ومن الادعاءات التي روجتها حسابات إسرائيلية وتحقق منها مسبار، تصريحات لضابط إسرائيلي يزعم أنّ حماس قتلت أطفالًا وعلقتهم على حبال الغسيل خلال هجوم السابع من أكتوبر، لتبين أن التصريحات زائفة ونفاها الصحفي الذي أجرى اللقاء. 

اقرأ/ي أيضًا

تدعم قطع الدعم عن الأنروا: منظمات دولية تنشر تقارير غير دقيقة تتقاطع مع الرواية الإسرائيلية

ما الحيثيات المتعلقة بمقطع فيديو أظهر نازحين من خانيونس يهتفون ضد حماس؟

اقرأ أيضاً

الأكثر قراءة