تواصل حسابات إسرائيلية وداعمة لإسرائيل، التروّيج لمزاعم تعرض إسرائيليات للاغتصاب من قبل عناصر من حركة حماس أثناء عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الفائت، والتي استهدفت فيها كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس ثكناتٍ عسكرية ومستوطنات إسرائيلية في منطقة غلاف غزة.
واستخدمت هذه الحسابات، مشاهد، تحاكي بعضها ادعاء تعرضهن للاغتصاب، وتجاهلًا مفترضًا من المؤسسات الدولية للأمر.
مشاهد تمثيلية تدعي تعرض إسرائيليات للاغتصاب
على الرغم من عدم وجود أي أدلة تُثبت المزاعم الإسرائيلية بشأن تعرض إسرائيليات للاعتداء الجنسي، إلا أن الحسابات الرسمية الإسرائيلية تُشارك مشاهد تمثيلية مُعتبره أنها تُحاكي تعرضهن للاغتصاب. إذ نشر حساب السفارة الإسرائيلية في أميركا على منصة إكس، في 29 نوفمبر/تشرين الثاني الفائت، مقطع فيديو لمظاهرة إسرائيلية أمام مقر الأمم المتحدة وقالت إنّها جاءت احتجاجًا على صمت المجتمع الدولي بشأن العنف الجنسي في السابع من أكتوبر الفائت.
وتظهر في المقطع مجموعة من النساء، لُطخت ملابسهن ببقع حمراء، كدلالة على وقوع اعتداءات جنسية.
وفي ذات السياق نشر حساب وزارة الخارجية الإسرائيلة على موقع فيسبوك، في 17 نوفمبر الفائت، مشهدًا تمثيليًا يُظهر سيدة إسرائيلية تحاول التبليغ عن تعرضها للاغتصاب على يد فلسطيني من حركة حماس. لكن المؤسسة التي توجهت إليها ترفض تسجيل الحادثة بحسب المشهد، لأنّها اعتبرت أن "كافة أشكال العنف التي يتعرض لها أي إسرائيلي تُعد ضمن المقاومة المشروعة".
لكن بالبحث عن المواقف الدولية، تبين لـمسبار أنّ المنظمات الحقوقية والدولية أبدت اهتمامًا بالادعاءات الإسرائيلية حول وقوع حالات اعتداء جنسي. إذ أعربت الأمم المتحدة للمرأة في ديسمبر/كانون الأول الفائت، عن قلها إزاء الروايات المتعلقة بالاعتداء الجنسي خلال عملية السابع من أكتوبر الفائت. وأكدت في بيانٍ رسمي عن ضرورة تشكيل تحقيقٍ شامل في جميع الروايات التي تتحدث عن وقوع اعتداءٍ جنسي مع اهتمام كبير لتحصيل حقوق الضحايا.
وأعلنت منظمة الأمم المتحدة أواخر يناير/كانون الثاني الفائت، عن زيارة مندوبة الأمم المتحدة الخاصة بشأن العنف الجنسي لإسرائيل، بهدف جمع معلومات حول العنف الجنسي الذي ورد ارتكابه في عملية طوفان الأقصى.
ومن جهتها أكدت منظمة هيومن رايتس ووتش، ضرورة جمع كافة المعلومات المرتبطة بوقوع حالات اعتداء جنسي لتحقيق العدالة والمساءلة، كما أعلنت لجنة التحقيق الدولية التابعة لمجلس حقوق الإنسان عن فتح تحقيق في التقارير الواردة بخصوص العنف الجنسي.
وكان مسبار قد فند سابقًا العديد من الادعاءات الإسرائيلية والغربية، التي زعمت تعرض إسرائيليات لاعتداء جنسي، خلال عملية طوفان الأقصى، في السابع من أكتوبر الفائت.
مقاتلة كردية وليست إسرائيلية تعرضت للاغتصاب
نشر موقع "مجزرة حماس" الإسرائيلي في نوفمبر الفائت، صورة لجثة ادّعى أنها تعود لضحية إسرائيلية بعد اغتصابها في السابع من أكتوبر. وتطابق المشهد في الصورة مع وصف الدكتورة الإسرائيلية كوخاف ليفي، خلال مشاركتها في جلسة إلكترونية نظمتها جامعة كلية الطب في جامعة هارفارد الأميركية، يوم 12 نوفمبر الفائت، تحت عنوان "إرهاب لا يمكن وصفه"، عن العنف المبني على النوع الاجتماعي في السابع من أكتوبر.
وفي سياق حديث ليفي عن الجرائم المبنية على الجنس، التي اكتشفتها الجهات الإسرائيلية، وصفت مشهدًا ادعت أنه تم توثيقه، لجثة امرأة شابة، تمت تعرية الجزء السفلي من جسدها وتمزيق ملابسها الداخلية وتعليقها من إحدى رجليها، مضيفة أن المشهد التقط في موقع مهرجان نوفا الموسيقي.
ولكن بالبحث حول المعلومات المتداولة، اتضح أن الصحافي الاستقصائي الأميركي ماكس بلومنثال، كان أول من كشف اختلاق الاحتلال الإسرائيلي لهذه القصة، إذ وجد أن الموقع الذي سُمي "مجزرة حماس"، والذي أنشأته جهات إسرائيلية لنشر مشاهد من حفل سوبر نوفا الموسيقي خلال عملية طوفان الأقصى، كان قد نشر الصورة نفسها يوم 13 نوفمبر، ولكن بلومنثال توصل إلى أنها قديمة ومنشورة منذ مايو/أيار 2022، على أنها لجثث مقاتلات كرديات، ولا علاقة لها بعملية طوفان الأقصى.
ادعاء مضلل حول تعرض أسيرتين كانتا لدى حماس لاعتداء جنسي
كما شاركت حسابات إسرائيلية وأخرى داعمة لإسرائيل في فبراير الجاري، معلومات نُسبت إلى تقرير مجهول المصدر، تُفيد بتعرض أسيرتين كانتا لدى حماس للاعتداء الجنسي. وادّعت أنّ احداهما أسيرة تبلغ من العمر 13 عامًا، تم إجهاضها، وأخرى عُثر لديها على 67 حيوانًا منويًا مختلفًا.
وكشف مسبار، حينها، أن الادّعاء مضلل، ولم ينشر أي تقرير قصة الاعتداءين المزعومين، كما لم يتم الإبلاغ عن أي حالة حمل، عقب الإفراج عن الأسيرات الإسرائيليات لدى المقاومة الفلسطينية، في مراحل صفقات التبادل التي تمت بين إسرائيل وحركة حماس في أواخر نوفمبر الفائت. ولم تنقل أي وسيلة إعلام موثوقة خبر العثور على 67 حيوانًا منويًّا لدى أسيرة مفرج عنها أو إجهاض أخرى.
كما اتضح أنّ مصدر المعلومات المُتداولة، تصريح ناشطة فرنسية، كانت قد اعتذرت عنه، لاحقًا.
وفي ذات السياق، ادعت حسابات تروج للرواية الإسرائيلية أواخر نوفمبر الفائت، أن الأسيرة الإسرائيلية مايا ريغيف تعرضت للاغتصاب أثناء احتجازها لدى حركة حماس، وأنها ستواصل علاجها في باريس بعد أن عجز الأطباء في إسرائيل عن علاجها جسديًا ونفسيًا وذلك وفقًا لتقارير طبية، بحسب الادعاء.
وأوضح مسبار، حينها، أن التقارير الطبية الخاصة بالأسيرة الإسرائيلية المُفرج عنها لم تذكر تعرضها لاعتداء جنسي أو أنها تحتاج للعلاج في باريس، وبحسب وزارة الصحة الإسرائيلية فإن الأسيرة في حالة صحية مستقرة.
البروباغندا الإسرائيلية
تُعتبر المزاعم المتعلقة بالاعتداء الجنسي والاغتصاب، واحدة من أبرز الروايات التي تعمل إسرائيل على الترويج لها منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وقد تبنتها شخصيات سياسية، دون أدلة.
إذ صرح الرئيس الأميركي جو بايدن، في عدة لقاءات صحفية، باغتصاب مقاتلين من حركة حماس لنساء إسرائيليات خلال عملية طوفان الأقصى، دون أي إثبات.
في المقابل، نشر مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، في 19 فبراير/شباط الجاري، تقريرًا، يسلط الضوء على "الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان" التي تتعرض لها النساء الفلسطينيات على أيدي عناصر الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة والضفة الغربية، منذ السابع من أكتوبر 2023.
وأفاد التقرير، بأن نساءً وفتياتٍ فلسطينيات تعرضن للإعدام تعسفيًّا في غزة، غالبًا مع أفراد أسرهن، بما في ذلك أطفالهن، بينما أعربت مجموعة من خبراء حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، عن قلقها البالغ تجاه ممارسات أخرى مهينة ولا إنسانية، مثل حرمان النساء الفلسطينيات من الفوط الصحية والغذاء والدواء، وتعرضهنّ للضرب المبرح، واحتجازهن في غزة في أقفاص تحت المطر والبرد دون طعام.
اقرأ/ي أيضًا:
وسائل إعلام غربية تتجاهل تقريرًا أمميًّا حول العنف الجنسي الذي يمارسه جنود الاحتلال ضد الفلسطينيات
بلا أدلة.. البروباغندا الإسرائيلية تحاول الربط بين حماس وداعش