` `

حملة UNDO تستهدف السوريين في لبنان بمعلومات مضللة وقصص مُختلقة

فراس دالاتي فراس دالاتي
سياسة
3 مارس 2024
حملة UNDO تستهدف السوريين في لبنان بمعلومات مضللة وقصص مُختلقة
حمّلت الحملة اللاجئين السوريين مسؤولية الانهيار الاقتصادي في البلاد (فيسبوك)

تنتشر في شوارع لبنان، لوحات إعلانية ضخمة لحملة إعلانية أُطلق عليها اسم "UNDO The Damage Before It's Too Late"، وتعني "تراجعوا عن الضرر قبل فوات الأوان"، تستهدف وجود اللاجئين السوريين في لبنان، وتحمّلهم مسؤولية الانهيار الاقتصادي الذي تعيشه البلاد، طوّرتها شركة "Phenomena" للخدمات التسويقية، وموّلتها قناة mtv، وغرف الصناعة والتجارة والزراعة اللبنانية، ومنظمة بيت لبنان العالم غير الحكومية.

كما أطلقت الشركة نسخة رديفة من الحملة على وسائل التواصل الاجتماعي، إذ نشرت شركة "Phenomena" على حساباتها منذ أيام، منشورات ومقاطع فيديو عن الحملة، بالإضافة للقاءات ومشاركات من قبل قناة mtv ومنظمة بيت لبنان العالم. واعتمدت الحملة بشكلٍ كبير على معلوماتٍ مضللة وصور ومقاطع فيديو مجتزأة من سياقات مختلفة استُخدمت لخدمة أهداف الحملة.

ما هو عدد اللاجئين السوريين في لبنان؟

تتعمد الحملة في منشوراتها تضخيم عدد اللاجئين السوريين في لبنان أضعاف ما هو عليه. إذ ترفق جميع مقاطع الفيديو التي تنشرها بوصف "في مواجهة الحقيقة المروعة المتمثلة في أن اللاجئين السوريين يشكلون أكثر من 40% من سكان لبنان، يجب علينا جميعًا أن نتّحد ونتحرك بمسؤولية لتصحيح الوضع بشكل عاجل قبل فوات الأوان"، وفي مقطع فيديو آخر، يقول الراوي "سكان لبنان نصّين، نص سوريين. نازحين. ونص لبنانية، عم يهاجروا".

حملة UNDO النازحين السوريين

وهذا ادعاءٌ مضلل ينطوي على مبالغة، فبحسب بيانات صندوق الأمم المتحدة للسكان، بلغ عدد سكان لبنان في عام 2023 خمسة ملايين وأربعمائة ألف نسمة، وهي أرقام تتقاطع تقريبًا مع نتائج موقع Macrotrends للإحصائيات، الذي قدّر عدد سكان لبنان عام 2023، بـ 5,353,930 نسمة، ونتائج موقع Worldometer الإحصائي الذي قدّر العدد نفسه استنادًا لتقرير صادر عن شعبة السكان في دائرة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية التابعة للأمم المتحدة.

أما بالنسبة لعدد اللاجئين السوريين في لبنان، فبحسب الناطقة الرسمية باسم المفوضية السامية لحقوق اللاجئين في لبنان، دلال حرب، يبلغ عدد اللاجئين السوريين المسجلين حاليًا لدى المفوضية 795,322 لاجئًا، فيما تشير آخر تقديرات المفوضية التابعة للأمم المتحدة إلى أن العدد يبلغ نحو 815 ألف لاجئ. أي ما يعادل 15 في المئة من سكان لبنان.

فيما يستند ادعاء الـ 40 في المئة إلى أرقام نشرها الأمن العام اللبناني العام الفائت، تفيد بأن عدد اللاجئين السوريين في لبنان مليونين و80 ألفًا، من دون توضيح الآلية التي اعتمدها وصولًا إلى هذا الرقم أو مصدره، وبلا تقديم تفاصيل إن كان هذا الرقم يشمل المسجلين وغير المسجلين أو العائدين أو الحاصلين على إقامة موقتة.

قصة مُختلقة وصور تعبيرية تستخدمها حملة UNDO

انطلقت الحملة من مقطع فيديو مدته 50 ثانية، تدّعي شركة "Phenomena" أنه يحكي قصة عائلة نازحة سورية مكوّنة من 10 أفراد، لا يظهرون في الخلفية، بل فقط صوتٌ في الخلفية يُدّعى أنه يعود للأب، وصورًا ثابتة متتابعة لأفراد تلك العائلة. 

تتكوّن هذه العائلة المُفترضة من الأب إبراهيم (43 عامًا)، وأولاده مرام (7 أعوام) وعمر (6 أعوام) وياسمين (5 سنوات) ومراد (4 سنوات) ومروة (3 سنوات) ولميس (سنتان) ومُرشد (سنة واحدة)، بالإضافة إلى زوجته عفاف (27 سنة)، الحامل بجنين لم يُعرف جنسه بعد، لكن المقرر أن تتم تسميته بـ "بشار" إن كان ذكرًا، أو "أسماء" إن كانت أنثى، وهي أسماء رئيس النظام السوري وزوجته، وهذا أسلوب انتُهج في عدد من الحملات العنصرية السابقة ضد السوريين لوصمهم بالولاء للنظام رغم "استغلال موارد لبنان".

وبالبحث، تبيّن أن جميع الصور والمقاطع التي ظهرت في الفيديو لم تكن من لبنان، وليست لأشخاصٍ يحملون الأوصاف التي وردت فيه. إذ إنَّ لقطة الخيام التي تظهر في بداية المقطع هي جزء من "لقطة كبيرة لمجموعة من الخيام في مخيم للاجئين في الأردن"، نشره المصور أحمد سلطان على موقع شاترستوك للمواد البصرية عام 2020.

حملة UNDO النازحين السوريين
صورة متعلقة توضيحية

وصورة الأب، المدعو "إبراهيم"، هي في الواقع صورة للاجئ سوري في تركيا، نشرها مستخدم باسم "Alfa Net" على موقع شاترستوك عام 2022 مع وصف "أورفا، تركيا. منطقة حليليه. مقاطعة ينيس. اللاجئون السوريون الذين فروا من الحرب الأهلية في بلادهم ولجأوا إلى تركيا".

حملة UNDO النازحين السوريين
صورة متعلقة توضيحية

أما صورة الابنة الكبرى، مرام ذات السبع سنوات، الظاهرة في الفيديو هي في الواقع صورة لطفلة سورية في أحد مخيمات اللجوء في الأردن، التقطها مليح جودت تكسن كوكايلي الطالب في كلية الفنون الجميلة قسم التصوير الفوتوغرافي في جامعة كوكايلي التركية يوم 15 يوليو/تموز عام 2015، واستُخدمت في تقرير لمنظمة الصحة العالمية حول صحة اللاجئين عام 2020.

حملة UNDO النازحين السوريين
صورة متعلقة توضيحية
صورة متعلقة توضيحية
تقرير منظمة الصحة العالمية عام 2020 حول الأوضاع الصحية للاجئين

وصورة الابن المدعو عمر، صاحب الست سنوات هي في الواقع صورة لطفل سوري في أحد مخيمات اللجوء في ريف حلب شمالي سوريا قُرب الحدود السورية-التركية، نشرها المصور السوري محمد باش في أكتوبر/تشرين الأول عام 2022 على موقع شاترستوك.

حملة UNDO النازحين السوريين
صورة متعلقة توضيحية

وصورة الطفلة المدعوة ياسمين ذات الخمس سنوات هي صورة تعود لطفلة لاجئة سورية في منطقة غازي عنتاب جنوبي تركيا، نشرها حساب باسم "kafeinkolik" على موقع شاترستوك يوم 17 يوليو 2015.

حملة UNDO النازحين السوريين
صورة متعلقة توضيحية

أما صورة الطفل المدعو مراد صاحب الأربع سنوات، فهي تعود لطفل في مخيم لاجئين سوريين في منطقة سروج في مقاطعة سانليورفا جنوبي تركيا، نشرها حساب باسم "question123"، يوم 18 فبراير/شباط 2015 على موقع شاترستوك.

حملة UNDO النازحين السوريين
صورة متعلقة توضيحية

وصورة الطفلة المدعوة مروة ذات الثلاث سنوات، هي صورة لطفلة لاجئة سورية نشرها المصور السوري محمد باش يوم 7 فبراير 2023 على موقع شاترستوك وأرفقها بوصف "صورة لأطفال لاجئين يعيشون في الريف. الأوضاع الإنسانية للاجئين السوريين مأساوية. إدلب، سوريا".

حملة UNDO النازحين السوريين
صورة متعلقة توضيحية

أما صورة الطفل المدعو مرشد، صاحب العام الواحد، فهي من تصوير السوري محمد باش كذلك. إذ نشرها على موقع شاترستوك يوم 19 يناير 2023، وأرفقها بوصف "الأوضاع الإنسانية الصعبة التي يعيشها اللاجئون السوريون بسبب الفقر واستمرار الحرب. إدلب، سوريا".

حملة UNDO النازحين السوريين
صورة متعلقة توضيحية

وصورة الزوجة الحامل المزعومة، المدعوة عفاف، فتعود إلى سيدة سورية لاجئة في مخيم الزعتري في الأردن، نشرتها صحيفة ميلووكي إنديبيندنت الأميركية المحلية يوم 14 فبراير 2023، ضمن فيتشر صحفي غطّى مهمة الجمعية الطبية السورية الأمريكية (SAMS) إلى الأردن بعنوان "البعثة الطبية إلى الأردن: رحلة من ميلووكي لمساعدة اللاجئين السوريين".

حملة UNDO النازحين السوريين
صورة متعلقة توضيحية
تقرير صحيفة ميلووكي إنديبيندنت الأميركية الذي غطّى مهمة الجمعية الطبية السورية الأمريكية إلى مخيم الزعتري في الأردن
تقرير صحيفة ميلووكي إنديبيندنت الأميركية الذي غطّى مهمة الجمعية الطبية السورية الأمريكية إلى مخيم الزعتري في الأردن

الحملات ضد اللاجئين السوريين في لبنان

الحملات ضد اللاجئين السوريين في لبنان ليست جديدة، إذ يعود هذا الملف إلى الواجهة كل بضعة أشهر مع حملة جديدة، حيث تحمّل الجهات التي تُطلق تلك الحملات، اللاجئين السوريين مسؤولية تدهور الأوضاع الاقتصادية التي تعيشها البلاد.

كما ساد خوفٌ بين اللاجئين السوريين العام الفائت إثر الكشف عن تسليم المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بيانات اللاجئين السوريين للأمن العام اللبناني على اعتبارها "شأن لبناني سيادي"، بالتزامن مع حملة ترحيل قادتها الأجهزة الأمنية والجيش اللبناني لعشرات السوريين الموجودين في لبنان الذين سلمتهم مديرية المخابرات في الجيش اللبناني "إلى فوج الحدود البرية الذي يتولى وضعهم خارج الحدود اللبنانية". وسط تنديد جماعات ومراكز حقوقية لانتهاكات حقوق الإنسان وقوانين اللاجئين.

اقرأ/ي أيضًا

هل عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم آمنة فعلاً؟

صورة قديمة وليست لمظاهرة لبنانيين في باريس للمطالبة بترحيل السوريين

الأكثر قراءة