في 28 مارس/آذار الفائت، أعلن مالك منصة إكس إيلون ماسك عن منح الحسابات التي يتابعها أكثر من 2500 متابع، ميزات الاشتراك المدفوع "بريميوم"، ومنها علامة التوثيق الزرقاء مجانًا، إلى جانب منح الحسابات التي تضم أكثر من خمسة آلاف متابع ميزات "بريميوم بلس" مجانًا. وذلك دون تقديمهم طلبات لتوثيق حساباتهم.
يُعد الإجراء الذي اتخذه ماسك، تعديلًا لقرار اتخذه في إبريل/نيسان عام 2022، بسحب علامة التوثيق القديمة التي منحت للحسابات التي تم التحقق منها سابقًا، وجعل طريقة التوثيق تعتمد على خدمة الاشتراك في "Twitter Blue" مدفوعة الأجر، والتي تُضيف علامة التوثيق الزرقاء إلى حساب المستخدم. ولم يُعلن ماسك عن أسباب اتخاذه هذه الخطوة، كما لم تعلن منصة إكس، عن عدد الحسابات التي قد تحصل على علامة التوثيق المجانية عقب هذا الإعلان.
خدمة الاشتراك المدفوعة للحصول على علامة التوثيق
لم تكن عملية الاشتراك في خدمات منصة إكس المدفوعة في الفترة الأخيرة، عقب امتلاك إيلون ماسك للمنصة، معقدة، حيث يمكن للحسابات الوهمية تجاوز المعايير المفروضة بسهولة والحصول على شارة التوثيق الزرقاء بمجرد دفع الاشتراك الشهري، ولكن الإعلان الأخير لمالك المنصة ماسك جعل عملية الحصول على شارة التوثيق أكثر سهولة.
يوفر المستويان من الخدمة المدفوعة عددًا من المزايا على غير الحسابات العادية، حيث يمنح السعر الأرخص بريميوم للمستخدمين عددًا أقل من الإعلانات وموضعًا أكثر بروزًا في التنظيم الخوارزمي للموقع، فيما يوفر السعر الأعلى وهو بريميوم بلس إمكانية الوصول إلى برنامج الدردشة الآلي Grok والذي يعمل بالذكاء الاصطناعي، إلى جانب العديد من المزايا الأخرى.
ولا تأخذ منصة إكس في الاعتبار نشاط المستخدمين أو شهرتهم أو مكانتهم كمعايير لمنح علامة التوثيق، وهو ما يجعل من الصعب على المستخدمين التمييز بين الحسابات الموثوقة وغير الموثوقة.
ومنذ البدء في تغيير معايير الحصول على علامة التوثيق الزرقاء، بدأت العديد من الحسابات الوهمية في الانتشار، وفي تقريرٍ لها في منتصف العام الفائت، قالت ذا نيويورك تايمز إنه خلال 24 ساعة فقط، عقب تغيير المعايير وتسهيل الحصول على علامة التوثيق مقابل اشتراك شهري، آنذاك، ظهر ما لا يقل عن 11 حسابًا وهميًا جديدًا بعلامة التوثيق الزرقاء، ينتحلون صفة قسم شرطة لوس أنجلوس، وحساب آخر تظاهر بأنه عمدة مدينة نيويورك، حيث وعد بإنشاء إدارة للمرور ومواقف السيارات وخفض تمويل الشرطة بنسبة 70 في المئة.
تعزز شارة التوثيق الزرقاء الشعور بالثقة والمصداقية لدى المستخدمين بصفة آلية وتجعلهم يعتقدون أن أصحاب الحسابات يشكلون مصدرًا موثوقًا ومعتمدًا في أغلب الأحيان، وذلك بناءً على الهدف الذي اشتهرت به هذه العلامة منذ ظهورها والشروط التي كانت مفروضة للتحقق من هوية الحسابات، قبل توثيقها.
وتٌمكن خوارزميات منصات التواصل الاجتماعي، الحسابات الموثقة، من الوصول لعدد أكبر من الجمهور، خاصة عندما يتوافق محتواها مع الاتجاهات السائدة، وهو ما يشكل خطرًا أكبر على انتشار المعلومات المضللة من خلال حسابات موثقة بالعلامة الزرقاء.
دراسة: ربع المنشورات المضللة حول أوكرانيا واللقاحات وتغير المناخ نشرتها حسابات موثقة
وفي ذات السياق، وجدت دراسة لمركز مكافحة الكراهية الرقمية Quant Lab أن أكثر من ربع التغريدات حول أوكرانيا واللقاحات وتغير المناخ نشرتها الحسابات الموثقة المُستفيدة من ميزات بيريميوم مقابل الاشتراك الشهري المدفوع بثمانية دولارات، على منصة إكس، تحتوي على معلومات زائفة أو مضللة.
حسابات موثقة تنتحل صفات جهات أخرى وتنشر التضليل
وفي 11 نوفمبر/تشرين الثاني الفائت، انتحل حساب على منصة إكس، صفة شركة الأدوية العالمية "Eli Lilly" وهويتها البصرية وحصل على علامة التوثيق الزرقاء، وادعى في منشور له حينها، أن دواء الأنسولين أصبح مجانًا. وذلك بعد ساعات قليلة من حصوله على علامة التوثيق مقابل الاشتراك بثمانية دولار، حينها. وحازت التغريدة المزيفة على حوالي 11000 إعجاب، وأكثر من 1500 إعادة نشر.
وعرّض الادعاء، حينها، الشركة لخسارة مالية ضخمة قُدرت بمليارات الدولارات، وانخفضت أسهمها بنسبة 4.37 في المئة، إذ يعتبر الأنسولين المحرك الأكبر لإيراداتها.
وخلال الاشتباكات في السودان، ساهمت علامة التوثيق الزرقاء في تضخيم وتوسيع انتشار الأخبار الزائفة والمضللة على منصة إكس، إذ نشر حساب وهمي موثق بالعلامة الزرقاء يحمل اسم قوات الدعم السريع ادعاءً يفيد بمقتل نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو متأثرًا بإصابة تعرض لها.
وحظى الادعاء بانتشار واسع، حيث حصل على 1.7 مليون مشاهدة خلال فترة زمنية قصيرة، قبل أن يتم تعليق الحساب.
حسابات موثقة بالعلامة الزرقاء تروج للتضليل خلال الحرب على غزة
وخلال الحرب الإسرائيلية على غزة، أيضًا، لعبت الحسابات الوهمية الموثقة دورًا بارزًا في انتشار معلومات مضللة حول الحرب، إذ أجرت شركة NewsGuard دراسة لتحليل المنشورات المضللة في أكتوبر الفائت، وكشفت الدراسة أن 186 منشورًا مضللًا من أصلِ 250 منشورٍ، شاركته حسابات موثقة بالعلامة الزرقاء على منصة إكس، وذلك خلال الأسبوع الأول من الحرب الإسرائيلية فقط. وهو ما يُشكل 74 في المئة من عينة الدراسة. وتلقت المنشورات المضللة، حوالي 1.35 مليون مشاركة وتمت مشاهدتها بشكل تراكمي أكثر من 100 مليون مرة في فترة أسبوع واحد.
اقرأ/ي أيضًا:
تقرير لمايكروسوفت يحذر من إمكانية تأثير الصين في انتخابات دول عن طريق الذكاء الاصطناعي
التضليل في ترويج السلع باستخدام الصور المولدة بالذكاء الاصطناعي
