أكدت لجنة المراجعة المستقلة حول وكالة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، أن السلطات الإسرائيلية لم تقدم بعد دليلًا على ادعاءاتها بأن موظفي الأمم المتحدة متورطون مع منظمات إرهابية.
اللجنة التي أصدرت تقريرها المكون من 54 صفحة، يوم أمس الإثنين 22 إبريل/نيسان، أعلنت أن إسرائيل اتهمت عددًا كبيرًا من موظفي الأونروا بأنهم أعضاء في منظمات إرهابية. ومع ذلك، "لم تقدم بعد أدلة داعمة لذلك".
وأضاف التقرير أن وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين "لا يمكن الاستغناء عنها ولا غنى عنها للتنمية البشرية والاقتصادية للفلسطينيين".
ورد "تقرير كولونا" الذي سمي على اسم وزيرة الخارجية الفرنسية السابقة كاثرين كولونا، رئيسة لجنة التحقيق، في أعقاب مزاعم إسرائيلية بأن 12 موظفًا في الأونروا شاركوا في هجمات حماس ضد إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة إلى إنشاء مجموعة المراجعة المستقلة في فبراير/شباط الفائت، بهدف "تقييم ما إذا كانت الوكالة تفعل كل ما في وسعها لضمان الحياد والرد على مزاعم الانتهاكات الجسيمة عند ارتكابها".
وقامت ثلاثة معاهد بحثية إسكندنافية بدعم عمل اللجنة، وهي معهد راؤول والنبرغ في السويد، ومعهد ميشيلسن في النرويج، والمعهد الدنماركي لحقوق الإنسان.
بحسب ما جاء في التقرير، فإن الأونروا، التي توظف 30 ألف شخص وتخدم 5.9 مليون لاجئ فلسطيني في الضفة الغربية والأردن ولبنان وسوريا وغزة التي تشهد حربًا، لديها آليات عديدة تهدف إلى ضمان احترام المبادئ الإنسانية، بما في ذلك مبدأ الحياد.
كما وجد التقرير النهائي أن الأونروا، التي أنشأتها الجمعية العامة في عام 1949، لديها أدوات واسعة النطاق لضمان بقائها غير متحيزة في عملها، وأنها تقوم بشكل روتيني بتزويد إسرائيل بقوائم الموظفين و"لم تبلغ الحكومة الإسرائيلية الأونروا بأي مخاوف متعلقة بأي من موظفي الأونروا بناءً على قوائم الموظفين هذه منذ عام 2011”.
وفي مراجعتها للآليات القائمة، التي استمرت تسعة أسابيع، أجرت مجموعة المراجعة أكثر من 200 مقابلة، واجتمعت مع السلطات الإسرائيلية والفلسطينية واتصلت مباشرة بـ 47 دولة ومنظمة، وقدمت مجموعة من 50 توصية حول قضايا تتراوح بين التعليم وعمليات التدقيق الجديدة للآليات القائمة وتعيين الموظفين.
وجاء في التقرير أن "انتهاكات الحياد من قبل موظفي الأونروا غالبًا ما تأخذ شكل منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، لا سيما في أعقاب حوادث العنف التي تؤثر على الزملاء أو الأقارب"، وأوصى بأن تبذل الوكالة المزيد من الجهد لخلق مساحة للعاملين لمناقشة الأحداث المؤلمة.
كما أشارت المجموعة إلى أن نقص التمويل يعيق بشكل كبير جهود المنظمة لدعم الحياد.
الادّعاءات الإسرائيلية عرقلت عمل الأونروا
ووفقاً للتقرير، أدت ادعاءات إسرائيل ضد الأونروا إلى تعليق التمويل الذي يصل إلى حوالي 450 مليون دولار.واعتبرت أن التأثير المباشر لهذه الادعاءات تسبب في عرقلة قدرة الأونروا على مواصلة عملها، باعتبارها تعمل فقط على التبرعات الطوعية.
وفي إبريل/نيسان، حظرت واشنطن تمويل الأونروا حتى عام 2025 على الأقل، لكن مانحين آخرين تعهدوا بتمويل إضافي واستأنفت دول أخرى تمويلها.
وأوصى التقرير الجديد بزيادة وتيرة وتعزيز شفافية اتصالات الأونروا مع المانحين بشأن وضعها المالي وبشأن مزاعم الحياد والانتهاكات. واقترحت مجموعة المراجعة إجراء تحديثات منتظمة و"إحاطات بشأن النزاهة" للجهات المانحة المهتمة بدعم الأونروا في ما يتعلق بالنزاهة والقضايا ذات الصلة.
مدارس الأونروا عملت على ضمان الحياد في التعليم
وتفي وكالة الأمم المتحدة بالتزامها بضمان حياد منشآتها البالغ عددها 1000 منشأة، بما في ذلك المدارس ومراكز الرعاية الصحية والمستودعات، وفقًا للتقرير، الذي ذكر أيضًا أن "التحديات الأمنية والقدرات قد تعرقل" آليات العناية الواجبة الحالية.
وقالت مجموعة المراجعة إن الأونروا "عملت باستمرار على ضمان الحياد في التعليم" حيث أنها توفر التعليم الابتدائي والإعدادي لنحو 500 ألف تلميذ في 706 مدارس مع 20 ألف موظف تعليمي، بما في ذلك في غزة، حيث أصبح جميع الأطفال خارج المدارس بسبب الحرب.
وخلال التحقيق في "الانتقادات المستمرة، بشكل رئيسي من إسرائيل"، حول الوجود المزعوم لخطاب الكراهية والتحريض على العنف ومعاداة السامية في المواد التعليمية للسلطة الفلسطينية، قامت مجموعة المراجعة بدراسة ثلاثة تقييمات ودراسات دولية رئيسية.
أظهر اثنان منها وجود محتوى متحيز وغير متوافق مع المعايير، ولكن لم يقدم دليلًا على وجود إشارات معادية للسامية. وأشار التقرير الثالث، إلى وجود مثالين على محتوى معادٍ للسامية، لكنه لفت إلى أن أحدهما تمت إزالته بالفعل وتم تعديل الآخر بشكل كبير.
وعلى هذا النحو، أوصى التقرير بعدة إجراءات، بما في ذلك مراجعة محتوى جميع الكتب المدرسية مع الدول المضيفة وإسرائيل والسلطة الفلسطينية.
الأونروا ترحب بالتقرير وإسرائيل تتهمه بالتحيز
رحب المدير العام للأونروا فيليب لازاريني بنتائج التقرير وتوصياته. وقال في بيان يوم الاثنين إنّ "الأونروا تعمل على تطوير خطة عمل تتضمن جدولًا زمنيًّا وميزانية للمضي قدمَا بتوصيات التقرير" .
وأضاف أن تنفيذ بعض التوصيات سيتطلب مشاركة واسعة النطاق مع الموظفين والشركاء، بما في ذلك الدول الأعضاء والدول المضيفة والدول المانحة، مضيفًا أن وكالة الأمم المتحدة تتطلع إلى التعاون مع جميع أصحاب المصلحة.
في المقابل، وردًا على التقرير زعمت إسرائيل، دون دليل، أن أكثر من 2135 موظفًا في الأونروا ينتمون إما إلى حماس أو الجهاد الإسلامي، وأن "خمس مديري مدارس الأونروا هم أعضاء في حماس".
وجاء في البيان الصادر عن أورين مارمورشتاين، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية، أن "تقرير كولونا يتجاهل خطورة المشكلة، ويقدم حلولًا تجميلية لا تتعامل مع النطاق الهائل لتسلل حماس إلى الأونروا". من جانبها قالت وسائل إعلام عبرية إنّ التقرير متحيز ضد إسرائيل.
وقالت كولونا من جهتها إنه "ليس من ضمن صلاحياتها فحص الأدلة ضد الموظفين الأفراد فيما يتعلق بالسابع من أكتوبر". واعتبرت في حديثها للصحفيين أن تلك كانت "مهمة منفصلة".
وأوضحت أنّها طلبت من إسرائيل أن تأخذ التقرير بعين الاعتبار، "مهما كانت التوصيات التي نقدمها - إذا تم تنفيذها - ستكون مفيدة"، وفقها.
ويشار إلى أنّ الأمين العام أنطونيو غوتيريش فريقًا مستقلًا للمراجعة، بقيادة كولونا للتحقيق في عملية ضمان الحياد في عمل الأونروا. وفي الوقت نفسه، أمر مكتب المراقبة الداخلية بالتحقيق في صحة ادعاءات إسرائيل ضد 12 موظفًا في الوكالة.
في البداية، تواصل محققو مكتب خدمات الرقابة الداخلية مع الدول الأعضاء المعنية، وقاموا بزيارة مقر الأونروا في الأردن واستعرضوا المعلومات الأولية التي تلقتها الوكالة من السلطات الإسرائيلية ومن مجموعة متنوعة من المصادر، بما في ذلك تلك التي تم نشرها عبر وسائل الإعلام وغيرها من المنافذ العامة، ومازال تحقيق الهيئة مستمرًا.
اقرأ/ي أيضًا
تدعم قطع الدعم عن الأونروا: منظمات دولية تنشر تقارير غير دقيقة تتقاطع مع الرواية الإسرائيلية