ادّعى المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، في منشورٍ على حسابه الشخصي في موقع إكس، أنّ الأخبار المتداولة حول دفن الجيش الإسرائيلي جثامين فلسطينيين خلال اقتحامه مجمع ناصر الطبي عارية من الصحة، زاعمًا أن الجيش عمل على فحص الجثامين التي دفنها الفلسطينيون سابقًا خلال الحرب، في محيط المجمع لتحديد مكان الأسرى الإسرائيليين والتأكد من عدم وجود جثث لهم في المقابر فقط. وقال أدرعي إن عملية الفحص تمت بطريقة منظمة تُحافظ على كرامة المتوفى، وأن الجيش أعاد الجثث التي ليست للأسرى إلى مكانها بشكلٍ لائق.
الدفاع المدني يدحض ادعاءات أفيخاي أدرعي
ردًا على ادعاءات أفيخاي أدرعي حول عدم دفن الاحتلال لفلسطينيين في مستشفى ناصر ومحيطه في مدينة خانيونس جنوبي القطاع، قال مدير الإمداد في الدفاع المدني في غزة محمد المغير، إن الدفاع المدني رصد ثلاثة مقابر تكدست بها جثامين المواطنين في المستشفى، المقبرة الأولى أمام المشرحة، والثانية خلفها والثالثة شمالي مبنى هند الدغمة. وأكد المغير أنه تم رصد مؤشرات لشبهات تنفيذ جيش الاحتلال إعدامات ميدانية بحق عدد من الفلسطينيين إضافة إلى وجود شكوك بممارسة التعذيب الجسدي على بعضهم ودفن عدد منهم وهم أحياء.
مُضيفًا "تم انتشال الجثث التي دفنت في المقابر الثلاث والتي بلغ عددها 392 جثة، 165 جثة منها فقط تم التعرف عليها، فيما لم يتم التعرف على 227 جثة وصنفت على أنها مجهولة"، وأشار المغير إلى أن سبب ارتفاع الجثث المجهولة، يعود إلى قيام جيش الاحتلال بتغيير مظاهر العلامات الخاصة بالتعرف على الجثث، وتشويهها ووضعها في أكياس يُشتبه في أنها تزيد من سرعة تحللها.
وأكد المغير لمسبار بأن الاحتلال تعمد دفن الجثث على عمق يزيد عن ثلاثة أمتار، إلى جانب استعمال أكفان لونها أسود وأزرق، وهي عبارة عن أكياس نايلون بلاستيكية ترفع درجة حرارة الجثة وتسرع عملية تحللها بما يساعد الاحتلال على إخفاء الأدلة التي تُثبت جرائمه.
كما أشار إلى رصد تكبيل أيدي بعض المواطنين بمرابط بلاستيكية قبل دفنهم، إضافة إلى وجود علامات إصابات بطلق ناري في الرأس ما يؤكد تنفيذ الاحتلال لإعدامات ميدانية في المستشفى، وذلك إلى جانب اكتشاف جثث مفتوحة البطن تمت خياطتها بطريقة تختلف عن الطرق الاعتيادية لخياطة الجروح في قطاع غزة، مما يُثير شبهات حول سرقة أعضاء الجثامين.
ومن الحالات التي رصدها الدفاع المدني هي جثة مواطن يرتدي ملابس خاصة بغرف العمليات، كذلك جثة طفلة مبتورة اليد والأرجل ترتدي أيضًا ملابس غرف العمليات.
تقرير للأمم المتحدة يُشير على أن أيدي الضحايا كانت مقيدة
وفي تقرير له بتاريخ 23 إبريل/نيسان الجاري، أوضح مكتب الأمم المتحدة أن جثث الضحايا كانت مُقيدة الأيدي ومجردة من الملابس.
وقالت المتحدثة باسم مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان رافينا شمداساني خلال مؤتمر صحفي في جنيف، إن المفوضية تلقت تقارير عن انتشال مئات الجثث كانت قد دفنت عميقًا في الأرض، مغطاة بالنفايات في مستشفى ناصر في خان يونس وفي مستشفى الشفاء بمدينة غزة.
وأضافت شمداساني أن "من بين المتوفين كبار سن ونساء وجرحى، فيما تم العثور على آخرين مقيدي الأيدي ومجردين من ملابسهم".
المرصد الأورومتوسطي يُطالب بتشكيل لجنة تحقيق
بدوره، طالب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان بتشكيل لجنة تحقيق دولية في المقابر الجماعية والعشوائية التي أنشأها جيش الاحتلال في غزة، والتي تضم جثامين آلاف الضحايا منذ بداية الحرب على غزة، وطالب بإرسال فرق فنية متخصصة لمعاينة الجرائم والتعرف على الضحايا.
وأشار الأورومتوسطي إلى أن فرق الدفاع المدني انتشلت مئات الجثامين من مقابر جماعية في مستشفى ناصر، وسبقه انتشال مئات الجثامين من مجمع الشفاء، وقال المرصد أن هذه المقابر جزء من الجرائم التي يرتكبها الاحتلال خلال حربه الجارية على غزة.
وبين الأورومتوسطي أن فرقه الميدانية واكبت انتشال عشرات الضحايا من المقابر الجماعية في مجمع الشفاء الطبي، وعاينت استخراج جثامين ضحايا مقيدي الأيدي وآخرين جرحى لم تُقدم لهم الرعاية الصحية، وجرى إعدامهم رغم حالتهم الصحية.
وأكد المرصد أن جثث الضحايا التي انتشلت تبين أنها متحللة، وجزء منها كانت عبارة عن أشلاء وأجساد ممزقة وأخرى دون رؤوس، بعد دهسها بالجرافات الإسرائيلية. مؤكدًا أن تقديراته تُشير إلى وجود أكثر من 13 ألف فلسطيني في عداد المفقودين تحت الأنقاض، أو قتلى في مقابر جماعية عشوائية، أو أخفوا قسرًا في سجون ومراكز اعتقال إسرائيلية، وبعضهم تعرض للقتل داخلها.
وسائل إعلام وشهادات تتعارض والرواية الإسرائيلية
وثقت وكالة الأناضول يوم 20 إبريل الجاري، عملية انتشال 190 جثة فلسطيني من ساحات مستشفى ناصر، ونقلت بأن النساء والأطفال يُشكلون الغالبية في الجثث التي تم العثور عليها في المقابر الجماعية.
ورصدت الوكالة توافد وانتظار العائلات التي تبحث عن جثث أبنائها، وصرح أحد الفلسطينيين بأن الاحتلال قام بتغيير ملابس الجثث التي سبق وأن دفنها الأهالي، وألبسهم ملابس عليها نجمة إسرائيل إلى جانب رسم تعبيرات وجوه ضاحكة على الجثث، خلافًا لادعاء أدرعي أن عملية نبش المقابر كانت فقط للبحث عن الأسرى الإسرائيليين بطريقة تحافظ على كرامة الميت، إذ قال عبد الله أبو مصطفى وهو أحد الشهود ووالد أحد الضحايا للأناضول "تفاجأنا أن الجيش أخرج كافة الجثامين وغير الأكفان، ووضع عليها نجمة إسرائيل ووجوه ضاحكة".
وعلى عكس ما ادعاه الناطق باسم جيش الاحتلال، فقد وثقت وكالة الأناضول عملية استخراج جثث دفنت بطريقة عشوائية ومكدسة.
كما وثقت قناة الجزيرة الإخبارية انتشال فرق الدفاع المدني في غزة لـ73 جثة من مقبرة جماعية أمام مبنى هند الدغمة التابع لأمراض الكلى في مجمع ناصر الطبي، يوم 22 إبريل الجاري، وهي المقبرة الثانية التي عثرت فرق الدفاع المدني عليها. ويُقدر عدد الجثامين التي يجري البحث عنها بالمئات.
ووثق الصحفي في قناة الغد إبراهيم قنن مرحلة اكتشاف عدد من المقابر الجماعية في مجمع ناصر، وأضاف أن المقابر تضم أكثر من 400 جثمان.
وأشار قنن إلى الصعوبة البالغة في التعرف على هوية الجثامين بعد أن أصبحت متحللة، ورصد أيضًا توافد الأهالي على مجمع ناصر الطبي في محاولة لإيجاد جثامين أبنائهم.
ادعاء إسرائيلي سابق بأن الاحتلال لم يستهدف المدنيين خلال اقتحامه مجمع الشفاء
وفي الأول من إبريل الجاري، انسحب جيش الاحتلال الإسرائيلي من داخل مجمع الشفاء الطبي، بعد حصار واقتحام استمر لمدة أسبوعين، أسفر عن وقوع مئات الضحايا والإصابات، إلى جانب اعتقال المئات من النازحين والكوادر الطبية.
ووثقت تقارير إخبارية العثور على جثامين لضحايا، كانت ملقاة على الأرض في المجمع ومحيطه.
وعقب اقتحام المجمع وحصاره، ادعى رئيس أركان جيش الاحتلال هرتسي هاليفي أن العملية العسكرية في المجمع "حققت هدفها وأدت إلى اغتيال قادة واعتقال مسلحين من الفصائل الفلسطينية"، وأضاف خلال اجتماعٍ عقده في المجمع مع جنود الاحتلال، آنذاك، أن "العملية نُفذت بشكلٍ صحيح ومهنية ولم تستهدف الفرق الطبية أو المرضى".
وكشف مسبار حينها، أن الادعاء الإسرائيلي مضلل، وأن الاحتلال تعمد استهداف النازحين والطواقم الطبية في مجمع الشفاء الطبي وتنفيذه لعمليات إعدام لأكثر من مئتي نازح وخمسة أطباء بمجمع الشفاء، إلى جانب إعدام 13 طفلًا بإطلاق النار عليهم بشكل مباشر.
اقرأ/ي أيضًا:
ادعاءات مضللة روّج لها أفيخاي أدرعي خلال العدوان الإسرائيلي على غزة
ادعاء مضلل عن تقديم الجيش الإسرائيلي أسطوانات أكسجين ومعدات طبية لمستشفى الأمل