` `

الحسابات العربية التي تقود حملات التضليل الكبرى على موقع إكس

فراس دالاتي فراس دالاتي
تكنولوجيا
13 مايو 2024
الحسابات العربية التي تقود حملات التضليل الكبرى على موقع إكس
تحليل كمي لمسبار لأكبر حسابات التضليل العربية على موقع إكس (Getty)

يمكن أن تتخذ المعلومات المضللة والزائفة أشكالًا عديدة وتؤثر على العديد من المجالات. ولسنوات، كانت الطريقة المعتادة لنشرها على وسائل التواصل الاجتماعي هي استخدام مئات أو آلاف الحسابات، التي يسيطر عليها برنامج واحد، لنشر نفس الرسالة أو الرابط أو الإعجاب بمنشورات أو إعادة مشاركة منشورات معينة على نطاق واسع. يمكن لهذا "السلوك الزائف المنسق" (CIB)، أن يخدع خوارزميات التنظيم والاقتراح على شبكة اجتماعية مثل فيسبوك أو إكس، ويجعلها تعتقد أن هناك موجة من الاهتمام أو الدعم لوجهة نظر معينة. لتقوم الخوارزمية بعد ذلك بترويج هذه المنشورات لمستخدمين حقيقيين، والذين يمكنهم بعد ذلك مشاركتها مع متابعيهم.

اعتادت الشركات المالكة لوسائل التواصل الاجتماعي أن يكون من السهل إلى حد ما اكتشاف حملات السلوك الزائف المنسق وإغلاقها بشكلٍ مبكر. لكن منذ عام 2022، اتخذت حملات التضليل شكلًا جديدًا. فصارت تديرها كيانات غير مرتبطة مباشرةً بالحكومات، مثل شركات التسويق أو مزارع المتصيدين، وتنشرها في مجموعة من الشبكات الاجتماعية ومنصات التدوين وإنشاء مواقع ويب مزيفة بالكامل. ووفقًا لمؤسسة نيوز غارد، وهي منظمة أميركية تراقب المعلومات المضللة. تتميز هذه الحسابات والمواقع، التي يُطلق عليها أحيانًا اسم "البذور" بنشر محتوى إخباري أو عمومي غير ضار بشكلٍ عام، ولكن مع خلط المعلومات المضللة بين السطور والتدوينات لتمريرها نحو الفضاء العام.

لكن مؤخرًا، صار يعتمد نشر وتوزيع المعلومات المضللة بدلًا من ذلك على عدد قليل من تلك "البذور"، وهي حسابات وسائل التواصل الاجتماعي التي تضم أعدادًا كبيرة من المتابعين. عادةً ما تقوم تلك الحسابات ببناء متابعين من خلال النشر عن كرة القدم، أو الأخبار الترفيهية أو المحتوى الخاص بفئة معينة من الجمهور، أو من خلال الظهور فجأة وشراء أعداد كبيرة من المتابعين الوهميين لإضفاء نوع من الموثوقية. وبعد ذلك يبدؤون بخلط المعلومات المضللة من المصدرين، عن طريق الارتباط بمحتوى أو إعادة نشره. 

لتحقيق فهم أكبر لآلية عمل تلك الحسابات التي تقف وراء عدد كبير من حملات التضليل المنسقة على وسائل التواصل الاجتماعي الناطقة بالعربية، حلّل "مسبار" جميع الحسابات التي رصد نشرها لمعلومات زائفة أو مضللة خلال الفترة الممتدة من إبريل 2023 وحتى إبريل 2024، ووجد أنماطًا ثابتة ودلائل على وجود استراتيجيات موضوعة مسبقًا لنشر التضليل. وفيما يلي الحسابات التي رُصدت باستمرار، وكرّست جميعها النشر على موقع إكس.

Dr.Sam Youssef Ph.D.,M.Sc.,DPT.

حساب سام يوسف على موقع إكس
حساب سام يوسف على موقع إكس

بحسب البيانات التي حللها مسبار لكافة مواد تدقيق المعلومات التي نشرها خلال الفترة المذكورة، كان حساب المدعو سام يوسف هو الحساب الأكثر نشرًا للمعلومات المضللة بواقع 116 ادعاء نشرها على موقع إكس، وحصلت على ما يقارب الـ 15 مليون مشاهدة. ويمتلك الحساب 582 ألف متابع، وينشر على مدار الساعة.

يدّعي الحساب أنه لمؤلف ومحرر الشؤون الأميركية والدولية (دون تحديد الصحيفة أو المجلة أو دار النشر)، كما يصف نفسه بالناشط السياسي والحائز على دكتوراه في علم النفس وباحث دكتوراه أكاديمي دكتوراه في طب الأعصاب (رغم عدم وجود أي بحث علمي منشور على الإنترنت باسمه).

يعتمد الحساب في معظم منشوراته على إعادة نشر ومشاركة الأخبار ومقاطع الفيديو من صحفات الأخبار ووكالات الأنباء، لكنه يمرر منشورًا مضللًا من كتابته بين مجموعة منشورات، أو يعيد نشر قصة مضللة بهدف تضخيمها، وفي معظم الادعاءات التي رصدها مسبار خلال المدة المدروسة وعمل على تفنيدها، كان الحساب من أوائل الحسابات التي نشرت القصة في مراحلها الأولى.

روزان قباص آل سالم. يهودية يمنية

حساب روزان قباص على موقع إكس
حساب روزان قباص على موقع إكس

الحساب الثاني في قائمة الحسابات الأكثر نشرًا للادعاءات التي فندها مسبار هو حساب المدعوة "روزان قباص آل سالم"، بواقع 43 ادعاء نشرتها على موقع إكس وحصلت على ما يقارب الـ 8 مليون مشاهدة. ويمتلك الحساب 389 ألف متابع وينشر على مدار الساعة.

تدعي الشخصية صاحبة الحساب أنها باحثة في اللغة والفكر العربي، وعضوة في حركة ناطوري كارتا اليهودية المناهضة للصهيونية، رغم عدم وجود أي أثر للشخصية على الإنترنت في اللغات العربية والإنجليزية والعبرية خارج هذا الحساب.

يتميز الحساب بنشر القصص المضللة المتعلقة بتطوع الأجانب في الجيش الإسرائيلي، مثل صورة المجندتين الفرنسيتين اللتين تعرضتا للاغتصاب بعد تطوعهما بالمشاركة في الحرب على غزة، والتي فندها مسبار، وعشرات القصص المشابهة التي تابعها مسبار وبيّن أن لا أساس لها من الصحة؛ التي تنتشر لأول مرة عبر الحساب ثم يعاد ترويجها ونشرها من قبل حسابات أخرى.

وسبق لمسبار أن رصد هذا السلوك في حملة تأثير روسية، استهدفت مسبار وعشرات منصات تدقيق المعلومات الأخرى ضحيةً لها في السابق، والتي تعتمد على نشر ادعاءات عشوائية ومثيرة للجدل يكون من الواضح في أغلب الأحيان أنها زائفة. وبحسب خبراء، فإن هذه الحملات هدفها "تشتيت انتباه مدققي الحقائق بتلك الادعاءات، مما يؤثر على قدرتهم على القيام بعملهم الفعلي المتمثل في تعزيز الحقائق والأدلة"، و"مضايقة مدققي المعلومات، الذين يضطرون بطريقة ما إلى التحقق من هذه الأخبار المزيفة مما يؤدي إلى تضخيم الرواية التي تسعى تلك الحسابات لنشرها".

Hoda_jannat

صورة متعلقة توضيحية
حساب هدى جنات على موقع إكس

جاء حساب "هدى جنات" على موقع إكس في المرتبة الثالثة على قائمة الحسابات الأكثر نشرًا للادعاءات التي فندها مسبار خلال المدة المدروسة، بواقع 40 ادعاء حصلت على ما يقرب من الـ 600 ألف مشاهدة، جاء معظمها خلال الحرب الإسرائيلية الجارية على قطاع غزة، وركزت بشكل أساسي على شيطنة الفلسطينيين وتضخيم الرواية الإسرائيلية للأحداث. ويمتلك الحساب 59.1 ألف متابع.

تدعي الشخصية صاحبة الحساب أنها صحافية تعمل لدى صحيفة ذا غارديان البريطانية وحاصلة على شهادة دكتوراه في الإعلام والفلسفة، رغم عدم وجود اسمها في أرشيف الصحيفة على الإنترنت ولا وجود لأبحاث أكاديمية منشورة باسمها على الإنترنت. ولا تذكر حساباتها معلومات أخرى عنها كالموقع الجغرافي أو المنطقة التي تعيش فيها، أو أيُّ بيانات شخصية تشير إلى هويتها، فيما وصفتها حسابات إسرائيلية سابقًا، كـ "إسرائيل بالعربية" بالكاتبة السورية، وعثر مسبار في تحقيق سابق على صورة الحساب الشخصية ضمن منتديات باكستانية.

وأشار مسبار في تحقيق سابق إلى احتمالية ارتباط الحساب بالصحفي الإسرائيلي إيدي كوهين، وذلك بسبب إعادة حساب هدى جنات تغريد ونشر معظم الادعاءات المؤيدة لسياسات إسرائيل والمعادية للعرب التي ينشرها كوهين، كما يعمل الحساب على تضخيم الادعاءات الإسرائيلية من خلال إعادة تغريدها عدة مرات في اليوم الواحد، الأمر الذي يشتت خوارزميات التوزيع ويجعلها تعتقد أن هناك اهتمامًا بالقصة، فتزيد من انتشارها.

حقيقة الحدث 

حساب حقيقة الحدث على موقع إكس
حساب حقيقة الحدث على موقع إكس

الحساب الرابع ضمن قائمة الحسابات الأكثر نشرًا للادعاءات الزائفة والمضللة التي رصدها مسبار خلال المدة المدروسة، هو حساب "حقيقة الحدث" والذي يضع في صندوق الوصف عبارة "نضع بصمتنا  على الحدث.. فترى الحدث من زاوية أقرب إلى الحقيقة"، بواقع 25 ادعاءً حازت على ما يقارب 250 ألف مشاهدة. ويمتلك الحساب 314.6 ألف متابع.

لا يوجد أي معلومات عن هوية أصحاب الحساب أو الموقع الجغرافي الذي يدار منه أو موقع إلكتروني مرتبط به. لكن يشبه سلوك الحساب السلوك الذي ينتهجه حساب "الدكتور سام يوسف"، فهو يعيد نشر مختلف مقاطع الفيديو والأخبار من الحسابات الأخرى، ويمرر بينها الأخبار والمعلومات المضللة، كما يتميز الحساب بإعادة نشر كل ما يُنشر تقريبًا على حساب آخر يدعى "أحداث سرية ...سري للغايه صاادم Classified"، وهو حساب مشهور على موقع إكس بنشر وترويج نظريات المؤامرة، خصوصًا فيما يتعلق بلقاحات كورونا والأرض المسطحة.

الأحداث الأمريكية

حساب الأحداث الأمريكية على موقع إكس
حساب الأحداث الأمريكية على موقع إكس

جاء حساب "الأحداث الأمريكية" في المرتبة الخامسة ضمن قائمة الحسابات الأكثر نشرًا للادعاءات الزائفة والمضللة التي رصدها مسبار خلال فترة الدراسة، بمجموع 21 ادعاءً حصلت على ما مجموعه أكثر من 3 مليون مشاهدة. ويمتلك الحساب مليوني متابع وينشر على مدار الساعة.

لا يرتبط الحساب بأي وكالة أنباء أو موقع إخباري، لكنه ينشر عناوين قصيرة وصور تعبيرية فقط دون الإحالة إلى موقع خارجي، وتتراوح الأخبار التي ينشرها بين السياسية والاقتصادية والعسكرية والاجتماعية والفنية. وبحسب ما رصده مسبار، فإن الحساب يعتمد على إقحام الأخبار المضللة والزائفة بين الأخبار الحقيقية، ويعمد إلى إسنادها إلى شبكات ووكالات عالمية معروفة، مثل سي إن إن وبي بي سي لإضفاء صبغة من الصدقية عليها.

يرتبط الحساب بمجموعة حسابات أخرى مشابهة، مثل الأحداث الصينية، الأحداث العربية، الأحداث الاقتصادية والأحداث العالمية وغيرها. فجميع تلك الحسابات تعيد نشر ما تنشره بين بعضها البعض، وتربط بينهم جميعًا شركة "مرسول" السعودية لخدمات التوصيل، الراعي الرسمي لها.

Screen Mix

حساب Screen Mix على موقع إكس
حساب Screen Mix على موقع إكس

حل حساب "Screen Mix" سادسًا ضمن قائمة أكثر الحسابات نشرًا للادعاءات المضللة التي فندها مسبار، بواقع 21 ادعاءًا حصل جميعها على ما يقارب الـ 3 مليون مشاهدة. ويعد الحساب الأعلى متابعة ضمن قائمة ناشري الادعاءات المضللة المتواترين بواقع 2.5 مليون متابع.

يتعمد حساب "Screen Mix" نشر عشرات المقاطع والأخبار الخفيفة يوميًا، مثل أخبار الرياضة والفن والمشاهير، وهي أنواع المحتوى التي تستقطب النسبة الأعلى من الجمهور، بحسب عدد من تحليلات المحتوى الرقمي على الإنترنت، ويمرر بينها الشائعات والأخبار الزائفة إما من خلال نشرها بشكلٍ مباشر أو إعادة نشرها من حسابات أخرى.

رغم أنها من أشهر الصفحات على الإنترنت الناطق بالعربية، إلا أن هوية مشغليها ما زالت مجهولة. ويربط الحساب نفسه بموقع "screenmix.net" الإلكتروني، إلا أن مسبار لم يستطع الوصول إلى الموقع، كما يشير الحساب إلى إمكانية التواصل عبر بريد على ScreenMix@PandorasBoxeg.com للأغراض الإعلانية، لكن مسبار لم يستطع العثور على الموقع الآخر أيضًا المرتبط بعنوان البريد.

الموجز الروسي | Russia news

حساب الموجز الروسي على موقع إكس
حساب الموجز الروسي على موقع إكس

جاء حساب "الموجز الروسي | Russia news" في المرتبة السابعة ضمن قائمة الحسابات الأكثر نشرًا للأخبار المضللة باللغة العربية. بواقع 21 ادعاءً شاهدها حوالي الـ 200 ألف مستخدم على موقع إكس. ويمتلك الحساب 339 ألف متابع، وينشر على مدار الساعة.

تأسس الحساب في شهر مارس/آذار 2022، بعد أيامٍ فقط من إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "العملية العسكرية" في أوكرانيا، التي تطورت إلى إعلان حربٍ بشكلٍ رسمي في مارس الفائت. ورغم أن الحساب يعرّف بنفسه أنه "ناقل للأخبار الروسية ومن مختلف مناطق النزاعات الجيوسياسية في العالم"، فإنه مكرّس لنشر الدعاية الروسية فيما يتعلق بالحرب في أوكرانيا والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الادعاءات المناهضة للغرب بطبيعتها. 

وتعد روسيا من أهم اللاعبين الدوليين فيما يتعلق بحملات التأثير والتضليل، وازداد تركيزها على المحتوى باللغة العربية منذ بداية الحرب على أوكرانيا. وبحسب تحليل لموقع ذا نيو أراب، فإن ما يجعل المشهد الإعلامي لروسيا في الشرق الأوسط جذابًا بشكل خاص يرجع بشكل أساسي إلى ثلاثة عوامل. أولًا، قلة القوى السياسية في المنطقة التي تشتكي من النفوذ الروسي فيها "باستثناء بعض المعارضين السوريين"، وثانيًا، شيوع فكرة انحياز الإعلام الغربي ضد العرب والمسلمين لدى شريحة كبيرة من الجمهور العربي، الأمر الذي تستغله الدعاية الروسية. وثالثًا، ضعف الحريات الصحفية وهيمنة وسائل الإعلام الحكومية، ما يعزز اعتماد الكثيرين على أخبار وسائل التواصل الاجتماعي، وهو المجال الذي تفلح روسيا فيه.

سارة أردوغان.. تركيا

حساب سارة أردوغان على موقع إكس
حساب سارة أردوغان على موقع إكس

احتل حساب "سارة أردوغان.. تركيا" المرتبة الثامنة ضمن قائمة الحسابات الأكثر نشرًا للادعاءات الزائفة والمضللة التي فنّدها مسبار خلال مدة الدراسة، بواقع 20 ادعاءً شاهدها أكثر من 300 ألف مستخدم. ويمتلك الحساب 151.8 ألف متابع، وينشر على مدار الساعة.

كما تفعل معظم الحسابات المضللة، يعتمد حساب "سارة أردوغان" على نشر وإعادة نشر الصور والمقاطع الحقيقية، لتُمرر بينها الأخبار والمعلومات الزائفة. لكن تمتاز منشورات هذا الحساب بأن معظمها يحمل مشاعر (Sentiment) عالية، مثل مشاهد أطفال مصابين وعائلات مشردة، وهو ما يزيد احتمالية انتشار هذا النوع من المحتوى، بحسب تحليل لمؤسسة "أتينشن إنسايت" المعنية بدراسة سلوك مستخدمي وسائل التواصل، كما أنه يعيد نشر معظم منشورات حساب "روزان قباص آل سالم"، ما يساهم في تضخيم انتشار الادعاءات التي ينشرها الأخير.

الصين بالعربية

حساب الصين بالعربية على موقع إكس
حساب الصين بالعربية على موقع إكس

أما حساب "الصين بالعربية" فقد حلَّ تاسعًا في قائمة أكثر الحسابات رصدًا من قبل مسبار لنشرها أخبارًا مضللة، إذ نشر خلال مدة الدراسة 20 ادعاءً وصلت إلى نحو 300 ألف مستخدم. ولدى الحساب 652 ألف متابع. وينشر عشرات الأخبار والمقاطع في الساعة الواحدة.

كما هو الحال بالنسبة لحساب "الموجز الروسي"، لا يرتبط الحساب بأي موقع إخباري أو وكالة أنباء، لكنه يعرّف بنفسه بأنه ينقل "أخبار الصين والصراع الدولي على المنطقة الوسطى (أوراسيا)"، ويركز على نشر الادعاءات المؤيدة لسياسات حكومة بكين أو تلك المناهضة للولايات المتحدة والغرب.

رؤى لدراسات الحرب

حساب رؤى لدراسات الحرب على موقع إكس
حساب رؤى لدراسات الحرب على موقع إكس

حل حساب "رؤى لدراسات الحرب" في المرتبة العاشرة لقائمة الحسابات الأكثر تضليلًا على موقع إكس، بحسب ما رصده مسبار، بواقع 19 ادعاء شاهدها أكثر من 350 ألف مستخدم. ويمتلك الحساب 381.3 ألف متابع، وينشر بصورة يومية.

يُعرّف الحساب نفسه بعبارة "ننشر أخبار وتفاصيل الحروب من الأطراف المتنازعة، نناقش، نحلل، ونعرض جميع (الرؤى)، الأبحاث في قائمة المفضلة، ننشر لقطات تاريخية وفكاهية ومستجدات العالم اليومية". ويضع صورة لمكتب عليها شعار "رؤى". لكن بالبحث تبيّن لمسبار أنها صورة تعبيرية سبق وأن استخدمتها عدة شركات استشارية وتسويقية على الإنترنت.

يعد حساب "رؤى لدراسات الحرب" من أكثر الحسابات تداخلًا في الرواية، إذ ينشر مقاطع معادية لروسيا ثم أخبارًا مضللة تستهدف أوكرانيا، وينشر ما يؤيد الرواية الإسرائيلية وما يهاجمها، إلى جانب عدد من الأنماط الأخرى.

وبحسب الموقع الإلكتروني الذي يحمل نفس الاسم والشعار، فإن "مركز رؤى لدراسات الحرب" تأسس عام 2019 في شمال سوريا، وهو مؤسسة بحثية مستقلة متخصصة في مجالات الدراسات الاستراتيجية والعسكرية" و"يهدف إلى أن يكون مصدرًا رئيسيًا ومهنيًا لفهم الأحداث الجارية في العالم وتأثيرها على إعادة هيكلة النظام الدولي". ولا يوجد ضمن الموقع أي دراسات أو أبحاث حقيقية، كما لا توجد أي إشارة إلى أعضائه وأفراد إدارته.

كيف يمكن الكشف عن هذه الحسابات مستقبلًا؟

اكتشاف حسابات “البذور” وحسابات التوزيع يعد الأكثر صعوبة في مجال تدقيق المعلومات. إذ تنشر تلك الحسابات رواية معينة، لكن المقالات والمشاركات المنشورة والمشاركات الموزعة التي تروج لها، قد تستخدم جميعها صياغات مختلفة. تحاول شركة فالينت بروجيكتس حل هذه المشكلة باستخدام الذكاء الاصطناعي: حيث يستقبل نظامها، المسمى آريادني، خلاصات من المنصات الاجتماعية ويبحث عن الروايات والمشاعر الأساسية المشتركة لاكتشاف السلوكيات المنسّقة غير العادية، مع رصد وتحليل المشاعر بشكلٍ لم يكن ممكنًا من قبل.

وهناك طريقة أخرى لتحديد حسابات الناشرين تم وصفها في ورقة عمل حديثة من مركز بروكينجز الأميركي للأبحاث. إذ قامت الباحثة مريم سعيدي، الخبيرة الاقتصادية في جامعة كارنيجي ميلون، وزملاؤها بتحليل 62 مليون تغريدة من موقع إكس مكتوبة باللغة الفارسية، تتعلق بموجة الاحتجاجات المناهضة للحكومة في إيران، والتي بدأت في سبتمبر/أيلول 2022. وركز التحليل على حسابات الموزعين (التي يسميها الباحثون بـ "الدجالين") التي بدأت بالتظاهر بأنها تقف إلى جانب المتظاهرين، لكنها انقلبت بعد ذلك إلى نشر معلومات مضللة تشوه سمعة الاحتجاجات.

بدأ الباحثون بالتعرف على مئات من الحسابات "الدجالة" يدويًا. ثم قاموا بتدريب خوارزمية تصنيف لتحديد المزيد من المحتالين ذوي الخصائص المماثلة، بما في ذلك نشاط النشر الخاص بهم، ونمط متابعيهم، واستخدامهم لعلامات تصنيف معينة، ومدى حداثة إنشاء الحساب، وما إلى ذلك. وتمكن الباحثون بعد ذلك من تكرار تحديد هذه الحسابات الدجالة، بدقة بلغت 94 في المئة، من خلال تحليل الشبكة وحده، أي من خلال فحص علاقتها بالحسابات الأخرى فقط، بدلًا من محتوى منشوراتها.

ويشير هذا، كما يقول الباحثون، إلى أنه من الممكن تحديد "الحسابات ذات الميل الكبير للانخراط في حملات التضليل، حتى قبل أن تفعل ذلك". ويقترحون أن منصات وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن تستخدم هذا النوع من أساليب تحليل الشبكة لحساب "درجة الدعاية" لكل حساب، وجعلها مرئية للمستخدمين، للإشارة إلى ما إذا كان من المحتمل أن يكون مصدرًا للتضليل. يقترح الباحثون أنه يمكن تحسين خوارزمية الكشف عن المحتالين، باستخدام أشكال أكثر تقدمًا من الذكاء الاصطناعي، مثل معالجة اللغة الطبيعية والتعلم العميق.

لا شك أن شركات التكنولوجيا ووكالات الاستخبارات تقوم بالفعل بهذا النوع من التحليل، لكن كما تتطور أساليب الكشف تتطور معها أساليب التضليل، لذا لا يمكن استخدام طريقة واحدة للكشف تلقائيًا عن كل المعلومات المضللة، فالتكتيكات المستخدمة غالبًا ما تكون مخصصة لحملات محددة وتعتمد على محللين بشريين للتحقق من النتائج وتقديم التفاسير والفروق الدقيقة، ويبقى تدقيق المعلومات جهدًا جمعيًا غير منوط بفرد أو مؤسسة واحدة.

اقرأ/ي أيضًا

أبرز الأساليب الحديثة لحملات التضليل الممنهجة وطرائق كشفها

ما هو التضليل المغرض؟ وهل ساهمت جهود مكافحته في زيادة انتشاره؟

الأكثر قراءة