` `

شبكة حسابات تعمل بالذكاء الاصطناعي تروّج للرواية الإسرائيلية خلال الحرب على غزة

فريق تحرير مسبار فريق تحرير مسبار
سياسة
2 يونيو 2024
شبكة حسابات تعمل بالذكاء الاصطناعي تروّج للرواية الإسرائيلية خلال الحرب على غزة
تعمل البوتات الإسرائيلية على التشكيك في الرواية الفلسطينية (Getty)

مع استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، تزايدت حملات الترويج الإسرائيلية في مواقع التواصل الاجتماعي للتأثير على الرأي العام ونشر معلومات مؤيدة للدعاية الإسرائيلية. في 29 مايو/أيار الفائت، أزالت شركة ميتا المالكة لموقعي فيسبوك وانستغرام شبكة من مئات الحسابات المزيفة، التي كانت مرتبطة بشركة إسرائيلية. إذ أنشأت الشركة التي تدعى STOIC ويقع مقرها في تل أبيب، شبكة من الحسابات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي للترويج للدعاية الإسرائيلية وبث مزاعم مضللة خاصة بين الجمهور العربي.

بالتزامن مع إعلان "ميتا" أعلنت OpenAI المالكة لبرمجية الذكاء الاصطناعي ChatGPT الخميس 30 مايو الفائت، أنها حظرت أيضًا شبكة من الحسابات تعود للشركة الإسرائيلية نفسها، إذ استخدمت الشبكة الإسرائيلية نماذج الذكاء الاصطناعي لإنشاء مقالات وتعليقات مؤيدة لإسرائيل عبر منصات متعددة لاسيما فيسبوك وانستغرام. وقالت الشركة إنها عطلت النشاط الذي ينطلق من الشبكة ضمن عملية أطلقت عليها اسم “Zero Zeno”، وأنشأت بعض الحسابات المزيفة لتبدو وكأن من يديرها طلاب يهود ومواطنون أميركيون من أصل أفريقي. 

ماذا نعرف عن شركة STOIC

تُعرّف الشركة عن نفسها كما جاء في موقعها الإلكتروني بأنها شركة تأسست في العام 2017 وتختص في إدارة الحملات الانتخابية بطريقة مبتكرة، وتحليل الأعمال والبيانات، وتقديم المساعدة للعملاء في اتخاذ القرارات الاستراتيجية القائمة على البيانات.

الشكل: موقع شركة STOIC الرسمي
الشكل: موقع شركة STOIC الرسمي

إلا أن شركة STOIC متورطة في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة من خلال نشر محتوى مناهض للفلسطينيين وغيرهم من الدول مثل دولة قطر، حيث قالت OpenAI: أن الشبكة بدأت عملها في شهر مايو، من خلال إصدار تعليقات مولدة آليًا تركز على الهند، وانتقاد حزب "بهاراتيا جاناتا" الحاكم في جمهورية الهند، مضيفة أنها حظرت مجموعة من الحسابات التابعة للشبكة التي يتم تشغيلها من إسرائيل والتي كانت تستخدم لإنشاء المحتوى وتحريره للتأثير بشكلٍ إيجابي لمصلحة الرواية الإسرائيلية. وكانت الحملة قد استهدفت الجماهير في كندا والولايات المتحدة وإسرائيل بمحتوى باللغتين الإنجليزية والعبرية، كما استهدفت الحملة بث مزاعم كاذبة ضد المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية عبر منصات ومواقع التواصل الاجتماعي المختلفة.

فيما قالت META من جانبها إنّ الشبكة والتي مقرها إسرائيل نشرت تعليقات أنشأها الذكاء الاصطناعي تشيد بالجيش الإسرائيلي على صفحات المؤسسات الإعلامية والشخصيات العامة، وقالت الشركة إنها أزالت العديد من تلك الشبكات قبل أن تتمكن من بناء جمهور كبير.

بعض الخدمات التي تعرضها شركة STOIC  على موقعها الإلكتروني
بعض الخدمات التي تعرضها شركة STOIC  على موقعها الإلكتروني

كيف روّجت شركة STOIC لمحتوى مؤيد لإسرائيل؟

استنادًا إلى التحقيقات التي أجرتها شركة OpenAI حددت الشركة مجموعة من الاتجاهات في كيفية استخدام STOIC السري لنماذج الذكاء الاصطناعي مثل نظام ChatGPT. الذي استخدم بشكل مكثف لتوليد المحتوى، إذ تمكنت الشركة الاسرائيلية من إنتاج نصوص (وأحيانًا صور) بكميات أكبر وبأخطاء لغوية أقل مما يمكن أن يحققه المشغلون البشريون وحدهم. على الرغم من ذلك، لم تعتمد هذه العمليات على الذكاء الاصطناعي بشكلٍ حصري، بل استخدمت الشركة أساليب مختلطة وكان المحتوى المولّد بواسطة الذكاء الاصطناعي مجرد نوع واحد من بين عدة أنواع من المحتويات التي تم نشرها، إلى جانب النصوص المكتوبة يدويًا أو صور “الميم” المضحكة المقتبسة من الإنترنت، لجعل المحتوى أقرب من البشر، وهو ما يؤدي إلى صعوبة اكتشاف هذا النوع من المحتوى التضليلي.

بوتات إسرائيلية على وسائل التواصل الاجتماعي

البوتات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي هي حسابات آلية تقوم بعمل مهام تلقائية على الإنترنت، وتطورت لتستخدم الذكاء الاصطناعي في توليد المحتوى والتفاعل مع المستخدمين. عمومًا لدى هذه الحسابات ميزات عديدة مثل أتمتة المهام الروتينية، التفاعل السريع مع المستخدمين، وإدارة الحملات التسويقية بفعالية. ومع ذلك، فإن لاستخدامها السلبي أخطار تشمل نشر المعلومات المضللة، التلاعب بالآراء، وانتهاك الخصوصية. تقول شركات التواصل الاجتماعي إنها تكافح تدفقًا هائلًا للمحتوى المزيّف المولد بالذكاء الاصطناعي يتزايد باستمرار، ومن بين هذا المحتوى المزيّف برزت البوتات المسيّرة باستخدام الذكاء الاصطناعي. 

في مارس/آذار الفائت رصد تقرير مئات من حسابات وسائل التواصل الاجتماعي والتي هي بوتات في حقيقتها ومسيّرة بالذكاء الاصطناعي وتعمل لتعزيز "المصالح الإسرائيلية" بين الجماهير الغربية، بما في ذلك المشرعين الأميركيين، كما تعمل على بث مزاعم دعائية بدون أدلة، منها مزاعم مضللة ضد وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).

من ناحية أخرى رصد الباحثان اللبنانيان رالف بيضون وميشيل سمعان، من خلال مؤسستهم المختصة في مراقبة نظم المعلومات، منذ السابع من أكتوبر العام الفائت، "بوتات إسرائيلية" تبث منشورات مؤيدة لإسرائيل على وسائل التواصل. ووفقًا لبيضون وسمعان كانت "تتعرض كل تغريدة تقريبًا للهجوم من قبل العديد من الحسابات، وجميعها تتبع أنماطًا متشابهة جدًا، وجميعها تبدو بشرية تقريبًا". لكنهم ببساطة بوتات وليسوا بشرًا.

كيف تعمل حسابات البوت؟

وفقًا لبيضون، تهدف البوتات المؤيدة لإسرائيل التي اكتشفوها بشكل رئيسي إلى بث الشك والارتباك حول الرواية المؤيدة لفلسطين، بدلاً من جعل مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي يثقون بها. تستخدم جيوش البوتات -التي تتراوح أعدادها من الآلاف إلى الملايين- في حملات التضليل الواسعة النطاق للتأثير على الرأي العام. ومع تطور البوتات، يصبح من الصعب التمييز بين محتوى البوتات والمحتوى البشري. 

ووفقًا لتحقيق أجرته مؤسسة influeanswers فإن البوتات على وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت أكثر تطورًا بفضل نماذج الذكاء الاصطناعي، إذ يمكن لأي شخص استخدام هذه النماذج لإنشاء موجهات بسيطة للرد على التعليقات، مما يجعل البوتات الفائقة سهلة النشر نسبيًا. 

نموذج رصده مسبار لحسابات يرّجح أنها مسيّرة بواسطة الذكاء الاصطناعي
نموذج رصده مسبار لحسابات يرّجح أنها مسيّرة بواسطة الذكاء الاصطناعي

تدفق متزايد للبوتات الوهمية على وسائل التواصل

وفقًا لدراسة أجرتها شركة Imperva الأميركية للأمن السيبراني. وصل نشاط البوتات السيئة إلى أعلى مستوياته إذ شكلت 34 بالمائة من حركة المرور على الإنترنت، في حين شكلت البوتات الجيدة نسبة 15 بالمائة المتبقية.

آلية عمل البوتات المسيّرة بواسطة الذكاء الاصطناعي
تزايد حركة البوتات المسيّرة بواسطة الذكاء الاصطناعي

الخطوة 1: تحديد الهدف

تستهدف البوتات الفائقة المستخدمين ذوي القيمة العالية، مثل الحسابات الموثوقة أو التي لديها وصول واسع، باستخدام كلمات رئيسية أو هاشتاغات محددة، ففي حالة البوتات المؤيدة للرواية الإسرائيلية ترصد الحسابات التي تستخدم وسومًا ضد الرواية الإسرائيلية مثل # #Gaza #Ceasefire.

الخطوة 2: إنشاء استجابة موجهة

يتم توليد استجابة للمنشور المستهدف عن طريق إدخال محتواه في نموذج لغة كبيرة مثل ChatGPT.

الخطوة 3: الرد على منشور

يمكن للروبوتات توليد ردود في ثوانٍ، مع إضافة تأخيرات بسيطة لتبدو أكثر بشرية. إذا استجاب المستخدم، يستمر البوتات في التفاعل بشكل لا نهائي.

ويمكن أن تعمل عدة بوتات من حسابات مختلفة في الوقت نفسه، وهو ما يمكن ملاحظته في مثال بوتات انتشرت مؤخرَا بكثافة وروّجت للرواية الإسرائيلية، ورصدها مسبار إذ يمكن ملاحظة الفيديو الذي يظهر حسابات روبوتات تنشر بانتظام تعليقات مؤيدة لإسرائيل على منصة انستغرام:

كما يمكن التعرف على البوتات المسيّرة بالذكاء الاصطناعي من خلال عدة علامات مميزة وفقًا لمؤسسة influeanswers:

1. الصورة الشخصية: قد تكون الصورة الشخصية لا تحتوي معالم بشرية وتبدو مولّدة بالذكاء الاصطناعي أو مسروقة من الإنترنت.

2. الاسم: قد يحتوي الاسم على أرقام مشبوهة أو يتبع تنسيق غير منتظم في الحروف الكبيرة والصغيرة.

3. المعلومات الشخصية: تضمن السيرة الذاتية عادةً معلومات قليلة شخصية.

4. تاريخ الإنشاء: يكون تاريخ الإنشاء حديثًا أو بدأ الحساب بالنشاط مؤخرًا، وهذا يمكن ملاحظته في الحسابات التي نشطت بالتزامن مع الحرب على غزة.

5. متابعة الحسابات: تتابع البوتات بعضها الآخر لزيادة عدد المتابعين.

6. التغريدات: قد تكون التغريدات عشوائية تمامًا لتبدو أكثر بشرية، مثل نشر فيديو لقطة ومن ثم يتبعها تغريدة مناقضة تمامًا. ولكن يجب استخدام هذه العلامات بحذر، إذ إن بعض الحسابات الحقيقية قد تظهر بعض هذه السلوكيات.

سمات أخرى يمكن من خلالها التعرف على البوتات على وسائل التواصل الاجتماعي:

1. النشاط: تتميز البوتات بالرد السريع على المنشورات، غالبًا في غضون 10 دقائق أو أقل.

2. التردد: نظرًا لعدم حاجتها للراحة، فإن البوتات قد تقوم بنشر مواضيع كثيرة، في كثير من الأحيان على مدار اليوم.

3. اللغة: قد تتميز البوتات بنشر نصوص "رسمية بشكل غريب" أو بنية جمل غير عادية.

4. الأهداف: تستهدف البوتات غالبًا حسابات محددة مثل الحسابات الموثقة أو تلك ذات العدد الكبير من المتابعين، وتستهدف المواضيع الكبيرة والاشكالية، كالحملة المضللة على وكالة "الأونروا".

منذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023، استخدمت إسرائيل وسائل عديدة بشرية وغير بشرية لتمرير روايتها والدفاع عن حربها العنيفة. رصد مسبار العديد منها كتوظيف مؤثرين في وسائل التواصل الاجتماعي لبث دعاية مؤيدة لإسرائيل، أو نشر صور مضللة مولدة بالذكاء الاصطناعي، وتوظيف شبكة من الحسابات الوهمية واستخدام الحسابات المسيّرة بالذكاء الاصطناعي. 

اقرأ/ي أيضًا

إسرائيل تستغل أنّ بوستر "كل العيون على رفح" مولد بالذكاء الاصطناعي لتشكك بمأساة الفلسطينيين

الاستراتيجيات النفسية للإعلام الإسرائيلي: تركيز على كسب التعاطف وتضليل الرأي العام

اقرأ أيضاً

الأكثر قراءة