أجرت صحيفة ذا نيويورك تايمز الأميركية مقابلة صحافية مع إبراهيم العرجاني، ونشرتها يوم 20 يونيو/حزيران الجاري، إضافة إلى تقرير صحافي خاص عن أزمة دفع الفلسطينيين أموال طائلة للخروج من غزة، وجاء في أحد تصريحاته للصحيفة أن الشركة تتقاضى أموالًا لنقل أهالي قطاع غزة إلى مصر عبر معبر رفح الحدودي، في مقابل مبالغ مالية تقدر بـ 2500 دولار للفرد، حسب تصريح إبراهيم العرجاني للصحيفة.
بعد نشر الصحيفة مقابلتها مع العرجاني تداولت حسابات وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي ادعاءً يفيد بأنّ العرجاني لم يصرّح للصحيفة سواء بمقابلة أو اتصال هاتفي أو رسالة، بما جاء في التقرير.
وأضاف الادّعاء أن التقرير ذكر نصًّا أنه "لم يرد المسؤولون في شركة هلا على الأسئلة المرسلة عبر البريد الإلكتروني" وأن "إبراهيم العرجاني، الذي أدرجت شركته (العرجاني جروب) شركة هلا كإحدى شركاتها والذي يصف نفسه بأنه أحد المساهمين فيها، اعترض على أن الشركة فرضت تلك المبالغ"، وهو ما لم يرد تمامًا في التقريريْن المنشورين عن إبراهيم العرجاني، في صحيفة نيويورك تايمز الأميركية.
تحقق "مسبار" من الادعاء وتبيّن أنه مضلل، إذْ نشرت صحيفة نيويورك تايمز تصريحات العرجاني بعد مقابلة معه في مكتبه بالقاهرة حسبما جاء في التقريرين المنشورين.
وتواصل فريق مسبار مع صحيفة ذا نيويورك تايمز، للاستفسار عن المقابلة المذكورة، والتي أكّدت لمسبار أنَّ المقابلة أُجريت بالفعل في مكتب إبراهيم العرجاني في القاهرة، يوم الإثنين، العاشر من يونيو الجاري، وأنّ العرجاني تحدث لمدة ساعتين كاملتين، وذكر بالتفصيل نشاطات شركة هلا للسياحة. وأضافت الصحيفة أن الصورة المتضمنة في المقال، هي صورة ملتقطة في مكتب مجموعة العرجاني بالقاهرة. ونشرت الصحيفة يوم الثلاثاء 25 يونيو الجاري تحققًا يفيد بالمعلومات المذكورة أعلاه.
أما عدم رد المسؤولين في شركة هلا على بريد الصحيفة الإلكتروني، فقد جاء في سياق آخر غير لقاء الصحيفة مع العرجاني، كذلك جاءت تصريحات المصادر التي لم تكشف عن أسمائها في سياق ثالث يكشف عن علاقة تربط الحكومة المصرية بشركة هلا للسياحة.
ولم يذكر التقريران أن العرجاني قد اعترض على تحصيل الشركة مبالغ مالية من الفلسطينيين للخروج من القطاع خلال الحرب الجارية، وهي التهمة التي ذكرتها عدة تقارير صحفية محلية وعالمية منذ السابع من أكتوبر الفائت، مع تضمين أدلة وشهود.
العرجاني يصرح بأنّ شركة هلا تحصل آلاف الدولارات من الفلسطينيين لعبور رفح
ذكر تقرير صحيفة ذا نيويورك تايمز بعنوان "من هو المليونير المصري المتهم بتحصيل مبالغ مالية من الفلسطينين لتهريبهم من غزة؟" عن ثلاثة مصادر مطلعة ودبلوماسيين لم يذكر أسماءهم، أن إبراهيم العرجاني، صاحب ورئيس مجموعة شركات (العرجاني جروب)، التي تعمل في مجالات البناء والتشييد والعقارات والأمن، "تربطه علاقات وثيقة بمسؤوليين مصريين كبار"، بالإضافة إلى أنه "يستخدم هذه النفوذ لتعزيز مصالحه التجارية".
وأشار التقرير إلى أن شركة هلا التي كانت ضمن قائمة الشركات المملوكة للعرجاني قبل أن تتم إزالتها مؤخرًا، أصبحت "وجهة الفلسطينيين الباحثين عن مخرج من قطاع غزة الذي مزقته الحرب، وهي كذلك متهمة بابتزاز مبالغ مالية كبيرة من "الفلسطينيين اليائسين" حسب تعبير الصحيفة، وأن العرجاني قد صرح في لقاء خلال الشهر الجاري أن "دوره في الشركة محدود وهو مجرد حامل أسهم ضمن آخرين".
وضح التقرير أن المسؤولين في شركة هلا لم يردوا على الأسئلة التي أرسلتها الصحيفة عبر البريد الإلكتروني، وكان من هذه الأسئلة استفسار عن سبب حذف شركة هلا من قائمة الشركات المملوكة لمجموعة (العرجاني جروب).
وجاء ضمن تصريحات العرجاني في لقائه مع الصحيفة أن "شركة هلا مجرد شركة سياحة أُنشئت عام 2017 بهدف توفير خدمة مميزة، للمسافرين الفلسطينيين الراغبين في تجربة سفر راقية خلال عبورهم رفح".
يذكر التقرير أن الأشخاص الذين دفعوا لخدمات شركة هلا صرحوا أن معظم أهالي غزة دفعوا 2500 دولار لمن هم دون السادسة عشر، و5000 دولار لمن يزيد عمرهم عن ذلك، أما العرجاني فقد صرح للصحيفة أن الشركة "تحصل مبلغ 2500 دولار من البالغين فقط، وتعفي الأطفال".
في تقرير آخر للصحيفة بعنوان "عندما يصبح المَهْرب الوحيد من الحرب في غزة هو الدفع" نُشر في 20 من يونيو الجاري، صرح العرجاني أن "هذا المبلغ ضروري لأن خدمات شركة هلا مميزة، وأن أسعار الخدمة ارتفعت بشدة بسبب الحرب"، وأنه يساعد الفلسطينيين فقط عندما "يرغبون في السفر من خلال الصالة المميزة، ويحصلون على وجبة إفطار، ويستقلون سيارة بي إم دبليو، ويحصلون على استراحة ثم يذهبون إلى وجهتهم".
فيما وضّح عدد من الفلسطينيين الذين استخدموا خدمة هلا للخروج من قطاع غزة، أنه تم نقلهم إلى القاهرة في سيارات ميكروباص عادية وحصلوا على طعام بسيط، حسبما ذكر التقرير.
تقارير صحافية محلية وعالمية عن نشاطات شركة هلا في معبر رفح
كشف تقرير لصحيفة التايمز البريطانية المنشور بتاريخ 27 أبريل/نيسان الفائت، أن شركة هلا ربما تكون قد حققت أرباحًا تقارب 90 مليون دولارًا خلال بضعة أسابيع، نظير فرض رسوم بآلاف الدولارات على سكان قطاع غزة الفارين من الحرب، واستند التقرير في روايته إلى شهود من سكان القطاع.
ومن جهتها نفت السلطات المصرية تمامًا هذه الادّعاءات، إذ قال ضياء رشوان رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، في العاشر من يناير/كانون الثاني الفائت، إنّ بعض وسائل الإعلام، تداولت "ادّعاءات كاذبة تتعلق بما يتم تحصيله من رسوم على المسافرين عبر منفذ رفح، معتمدة على مصادر مجهولة".
ونفى رشوان تحصيل أي رسوم إضافية على القادمين من قطاع غزة و"ادعاءات تقاضي أي جهة غير رسمية لأي مقابل مادي نظير العبور إلى الأراضي المصرية". وهو ما يتعارض مع ما صرح به رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، هذا الشهر لصحيفة نيويورك تايمز.
مسبار يتحصل على إفادات لفلسطينيين دفعوا آلاف الدولارات لعبور رفح
في مقابلة أجراها “مسبار” مع المواطنة الفلسطينية س.ع (التزمنا عدم الإفصاح عن الاسم الحقيقي للمواطنة، حفاظًا على سلامتها)، ذكرت السيدة البالغة من العمر 43 عامًا، أنها دفعت لصالح شركة هلا مبلغ خمسة آلاف دولار مقابل خروجها من قطاع غزة، وخرجت بالفعل إلى مصر في شهر أبريل/نيسان الفائت.
فيما أكد الشاب عماد (اسم مستعار، التزمنا عدم الإفصاح عن الاسم الحقيقي للمواطن، حفاظًا على سلامته) لمسبار، أنه دفع ستة آلاف دولار للخروج من قطاع غزة، منها خمسة آلاف لصالح شركة هلا، وألف دولار لصالح وكيل ليقوم بتسجيله في الشركة من مصر، بسبب عدم وجود قريب درجة أولى له في مصر ليقوم بتسجيله. وخرج بالفعل في كشف الشركة في أبريل أيضًا.
كما حصل “مسبار” أيضًا على صورة لوصل مالي تابع لشركة هلا للسياحة الواقعة في مدينة نصر بالقاهرة، إذ استلمه وكيل أحد المسجلين من الشركة، عقب دفعه المبلغ المالي المطلوب منه وهو خمس آلاف دولار، للعبور من معبر رفح الحدودي.
من هو إبراهيم العرجاني؟
ظهر اسم إبراهيم العرجاني في وسائل الإعلام المصرية عام 2008، بعد أن أطلقت الشرطة المصرية النار على شقيقه واثنين من أصدقائه، خلال اعتصام لبدو سيناء، حيث قالت الشرطة إنهم كانوا مسلحين، وهو ما نفاه العرجاني بشدة.
وبعد العثور على جثث المقتولين في مستودع قمامة، قام العرجاني باختطاف عشرات من قوات الشرطة. وتمكنت الشرطة من تحرير المختطفين بعد يوم واحد، وتم القبض على العرجاني وظل في السجن حتى الإفراج عنه في يوليو/تموز 2010، وبدأ عقب خروجه تأسيس مجموعته التجارية بدأً بشركة (أبناء سيناء للتشييد والبناء).
وبعد عدوان الاحتلال الإسرائيلي الواسع النطاق على قطاع غزة عام 2014، تلقت مصر دعوة لحضور مؤتمر إعادة إعمار قطاع غزة، سيطرت وقتها الشركة حصرًا على جهود النقل والشحن إلى غزة عبر معبر رفح.
خلال السنوات التالية، توسعت أعمال العرجاني وأصبحت تشمل عددًا من الشركات تحت اسم "العرجاني جروب، وتعمل في مجالات الإنشاءات، والعقارات، والنقل والسياحة، وتوسع كذلك نشاط اتحاد قبائل سيناء وأصبح يضم عددًا كبيرًا من أبناء القبائل وممثلين عنها إلى جانب العرجاني.
إقرأ/ي أيضًا
تقرير أممي يُرجّح مقتل مستوطنين بنيران الجيش الإسرائيلي بعد تطبيقه برتوكول هانيبال في 7 أكتوبر
أبرز الأخبار الزائفة حول أزمة دخول المساعدات الإنسانية عبر معبر رفح
