أعلنت شركة ميتا، الشركة الأم لموقعي فيسبوك وانستغرام، إزالة المزيد من المنشوارت التي تستهدف "الصهاينة"، عندما يُستخدم التعبير للإشارة إلى اليهود أو الإسرائيليين بدلًا من مؤيدي الحركة السياسية.
وقالت ميتا في بيانٍ نشرته يوم أمس الثلاثاء التاسع من يوليو/تموز، إن مصطلح "الصهيونية" في النشر يُستخدم للتحريض والعنف أو إنكار الوجود ضد اليهود أو الإسرائيليين، ولهذا جاء التحديث الجديد والتقييد على المصطلح في قواعد النشر على منصاتها.
وأضافت أنه وعلى الرغم من عدم وجود إجماع على ما يعنيه الناس عند استخدامهم للمصطلح، إلا أنها قررت فرض التقييد عليه عقب تحقيقٍ أجرته كشف بحسب وصفها، أنه يُستخدم للإِشارة إلى اليهود أو الإسرائيليين في سياق خطاب كراهية تجاههم، وهو ما ترفضه سياسة الشركة في منصاتها، على اعتبار أن سمات (الدين والهوية)، محمية بموجب قواعدها.
اتهامات لشركة ميتا وبالتحيز لإسرائيل
تأتي قرارات ميتا الأخيرة في ظل الحرب الإسرائيلية الجارية على قطاع غزة، منذ أكتوبر/تشرين الأول الفائت. وتواجه الشركة اتهامات بتبني سياسات متحيزة لإسرائيل وضد المحتوى الفلسطيني. كما تُتّهم ميتا بتبرير تقييد استخدام مصطلح "الصهيونية" كشكل من أشكال معاداة السامية، باعتباره رمزًا لمهاجمة اليهود، عن طريق الخلط بين الصهيونية واليهودية وإسرائيل.
وسبق أن أرسلت ميتا بريدًا إلكترونيًّا إلى مجموعات المجتمع المدني في 30 يناير/كانون الثاني الفائت، قالت فيه أنها تُعيد النظر في سياسة خطاب الكراهية الخاصة بها، وخاصة فيما يتعلق بمصطلح "صهيوني". وطلبت الشركة تعليقات من المجتمع المدني وجماعات الحقوق الرقمية حول التغيير المحتمل في سياستها.
بدورها، طالبت منظمة العفو الدولية، عند مراجعتها المقترحة لسياسات المحتوى الخاص بمنصات ميتا بشأن استخدام مصطلح "الصهيونية" ومشتقاتها، من الشركة، التأكد من أن سياساتها ليست تمييزية أو مُتحيزة ضد الأصوات المؤيدة للفلسطينيين.
وقالت المنظمة إن فرض حظر على مصطلح "الصهيونية" وانتقادها سيكون تعسفيًا بحق حرية التعبير، وقد يؤدي إلى خنق الانتقادات التي تُحاول لفت الانتباه إلى الجرائم التي ارتكتبها القوات الإسرائيلية في قطاع غزة، أو إلى نظام الفصل العنصري الإسرائيلي ضد الفلسطينيين.
وأضافت أن ميتا لا يجب عليها أن تحد من انتقاد الأفعال غير المشروعة لدولة ما وتحد حرية التعبير، تحت ستار الكفاح ضد التمييز والعنصرية.
تقييد المحتوى الفلسطيني وزيادة الحذف التلقائي
ومن الجدير بالذكر أن شركة ميتا تواصل التضييق على الأصوات المؤيدة لفلسطين عبر منصاتها، إذ خفضت الحد الأدنى للثقة في المحتوى الفلسطيني من 80 بالمئة إلى 25 بالمئة، وفقًا للإحاطة الشاملة التي أصدرها المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي (حملة)، في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني 2023، حول واقع الحقوق الرقمية الفلسطينية منذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وأدى خفض الثقة في المحتوى الفلسطيني إلى زيادة الحذف التلقائي للمحتوى العربي "المخالف".
كما وثق مركز حملة عبر مرصد حُر، ما مجموعه 627 انتهاكًا على منصات ميتا، منها 344 تحريض على العنف أو خطاب كراهية تجاه الفلسطينيين، و283 تقييد أو إزالة.
ميتا تتعمد إسكات الأصوات المؤيدة لفلسطين خلال الحرب على غزة
ومن جانبها، قالت منظمة هيومن رايتس ووتش في ديسمبر/كانون الأول الفائت، إن سياسات وأنظمة الإشراف على المحتوى في شركة ميتا، أسكتت بشكل متزايد الأصوات الداعمة لفلسطين في فيسبوك وانستغرام، خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة
وأشارت هيومن رايتس ووتش في تقريرها إلى أنماط الإزالة غير المبررة للخطاب المحمي وقمعه، حتى التعبير السلمي المؤيد لفلسطين والنقاش حول الحقوق الإنسانية للفلسطينيين، ووجدت المنظمة أن المشكلة تكمن في سياسيات ميتا والتي يشوبها تناقضات وأخطاء واعتماد كلي على الأدوات للإشراف على المحتوى، إذ أزالت ميتا عشرات المنشورات التي توثق الإصابات والوفيات الفلسطينية التي لها قيمة إخبارية. وأضافت المنظمة في تقريرها أن ميتا أساءت تطبيق سياساتها بشأن المحتوى العنيف والصادم والعنف والتحريض وخطاب الكراهية.
وقالت ديبرا براون، المديرة بالإنابة لقسم التكنولوجيا وحقوق الإنسان في هيومن رايتس ووتش، إن “رقابة ميتا على المحتوى الداعم لفلسطين تزيد الأمور سوءًا مع الفظائع وأشكال القمع المروّعة التي تخنق أصلا تعبير الفلسطينيين”.
ولا تقتصر سياسات التمييز التي تتبعها ميتا على الحرب الإسرائيلية الجارية فقط، بل تُتّهم ميتا منذ سنوات بالتحيز لإسرائيل والتضييق على الفلسطينيين، إذ نشرت هيومن رايتس ووتش عام 2021، تقريرًا وثّقت فيه رقابة فيسبوك على مناقشة القضايا الحقوقية المتعلقة بفلسطين وإسرائيل، وحذرت من أن ميتا تُسكت العديد من الأًصوات تعسفيًا من دون تفسير، ما أثر بشكل سلبي على حقوق الإنسان بالنسبة للمستخدمين الفلسطينيين.
وفي سياقٍ مشابه، أعلنت ميتا في فبراير/شباط الفائت عن فرض قيود جديدة على المحتوى السياسي على منصة انستغرام، ضمن خاصية تهدف إلى تقليل ظهور المحتوى السياسي للمستخدمين. تعتمد هذه الخاصية على خوارزميات تحدد ما إذا كان المحتوى سياسيًا وتعمل على تقليل انتشاره بناءً على معايير تتعلق بالمحتوى النصي والمرئي، وفقًا لميتا.
وأثارت هذه الخاصية انتقادات واسعة من المستخدمين الذين اعتبروا أنها ستقوض حرية التعبير والمشاركة السياسية، مما قد يؤثر على توجهات الرأي العام في القضايا الهامة حول العالم، خاصةً مع تزامن إطلاق الخاصية مع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والتخوفات من أن تُخلق هذه الخاصية تقييدات جديدة على المحتوى الفلسطيني.
تُظهر قرارات ميتا الأخيرة المتعلقة بإزالة الخطاب المستهدف لـ "الصهاينة" كرمز لليهود والإسرائيليين انعكاسًا لممارسات الرقابة المعقدة والمتباينة التي تنتهجها الشركة، في ظل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وتُثير هذه القرارات والتغييرات تساؤلات حول تحيزات ميتا وتأثيرها على حرية التعبير والحقوق الرقمية للمستخدمين الفلسطينيين.
اقرأ/ي أيضًا
ميتا تعتذر عن وسم حسابات فلسطينية على انستغرام بكلمة "إرهابي"
فيسبوك يوافق على نشر إعلانات تحرض على العنف ضد الفلسطينيين وقتلهم