نقلت وسائل إعلام خبرًا يوم الاثنين الثامن من يوليو/تموز الجاري، مفاده أنّ روسيا قصفت إحدى أكبر مستشفيات الأطفال في العاصمة الأوكرانية كييف، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 40 شخصًا. وجاء الهجوم كضربة جوية استهدفت عدة مناطق حيوية في العاصمة الأوكرانية، منها مستشفى أخمديت، الذي يعالج 20 ألف طفلًا مريضًا بالسرطان سنويًّا.
اتهمت أوكرانيا روسيا بأنها هي من قصفت المستشفى، إذ قالت إنها عثرت على شظايا صاروخ روسي بين الأنقاض. أما روسيا فوجّهت الاتهام نحو أنظمة الدفاع الأوكرانية، في إشارة إلى أن شظايا صاروخ دفاع جوي أوكراني هو ما تسبب في الحادث.
غطت الصحف العالمية والمحلية الهجوم على المستشفى، فيما وصفته بعض المواقع الإخبارية ووكالات الأنباء العالمية بـ"الهجوم الروسي المرعب على مستشفى للأطفال في كييف"، و"الهجوم المميت". وأدان الهجوم عدد كبير من المسؤولين الدوليين، كما انعقد اجتماع لمجلس الأمم المتحدة للأمن بخصوص الهجوم الروسي، في اليوم الذي قُصف فيه المستشفى.
لاحظ مسبار تشابه الهجوم الروسي على مستشفى الأطفال الأوكراني في كييف، مع هجوم قوات الاحتلال الإسرائيلي على مجمع الشفاء الطبي بقطاع غزة، في 14 نوفمبر/تشرين الثاني من العام الفائت. إذ اقتحم المستشفى الذي ضم آلاف المرضى والمصابين، ودمّر المرافق الحيوية للمجمّع، بزعم أنّ لديه معلومات استخباراتية عن شبكة أنفاق تحت أرضية المستشفى.
يقارن هذا المقال المعايير الصحفية في تغطية بعض الصحف الغربية للحدثين، قصف المسشتفى الأوكراني واقتحام مستشفى الشفاء في قطاع غزة.
ذا غارديان تصف القصف الروسي على مستشفى الأطفال بالمرعب
نشرت صحيفة ذا غارديان البريطانية يوم الثامن من يوليو الجاري، مقالًا بعنوان "لا كلمات تصف هذا: رعب يطغى قصف روسي لمستشفى أطفال بأوكرانيا". وفي مفتتح المقال، جاءت عبارة "شهود عيان يعبّرون عن صدمتهم واشمئزازهم من قصف روسيا لأكبر مستشفى أطفال في أوكرانيا".
وفي متن المقال ذكرت الصحيفة "جلس الأطفال في صمت وذهول، وكانت أجسادهم الهشة لا تزال مقيدة بالحقن الطبية خارج مستشفى أوخماتديت للأطفال، وسط كييف، حيث أقيمت عيادة ميدانية". وتضيف "لم يمضِ وقت طويل حتى خرجوا من ملجأ المستشفى المظلم المغبر، وكانت أعينهم لا تزال تتكيف مع الضوء"، و"اندفعت امرأة مسرعة وهي تحتضن طفلًا ملطخًا بالدماء".
أما فيما يخص تغطية الصحيفة البريطانية لاقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلية مجمع الشفاء الطبي في قطاع غزة، في شهر نوفمبر من العام الفائت، نقلت الصحيفة الخبر تحت عنوان "الجيش الإسرائيلي يعلن عن دخوله أكبر مستشفى بقطاع غزة"، إذ يلاحظ هنا استخدام الصحيفة لمصطلح "دخول" بدلًا عن "اقتحام" أو "عملية عسكرية"، بالإضافة للاستشهاد بمزاعم جيش الاحتلال الإسرائيلي.
انتقالًا لمتن المقالة، وجد مسبار أن الصحيفة لا تستخدم لغة تعبيرية لنقل الحدث الإنساني المأسوي الذي عايشه أطباء ومرضى مجمع الشفاء الطبي في قطاع غزة، لمدة عشرة أيام، كما هو الحال في نقل خبر القصف الروسي على المستشفى الأوكراني. إذ جاء في الخبر نقلًا عن جيش الاحتلال الإسرائيلي "إن قوات الجيش الإسرائيلي تنفذ عملية عسكرية دقيقة تستهدف أفرادًا من حركة حماس، الكائنين في جزء معين من المجمع الطبي للشفاء"، حسبما أورد الحساب الرسمي لقوات الاحتلال على موقع التواصل الاجتماعي إكس.
من جهة أخرى نقلت الصحيفة عن لسان مسؤولين في وزارة الصحة الفلسطينية، أنّ جيش الاحتلال أبلغ مسؤولي المستشفى أنه سوف ينفذ عملية عسكرية بداخلها.
تغطية رويترز لخبر اقتحام الاحتلال الإسرائيلي مجمع الشفاء الطبي
من جهتها، غطت وكالة رويترز خبر اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي أكبر مستشفى في قطاع غزة، بالاعتماد على ما أعلن عنه جيش الاحتلال، وكتبت في العنوان “ قوات الجيش الإسرائيلي تنفذ عملية في مستشفى الشفاء”.
لاحظ مسبار أن الوكالة لم تذكر أنّ مجمع الشفاء يضم آلاف المرضى، منهم من كانوا في حالات خطرة قبل اقتحام قوات الجيش الإسرائيلي له. ومنهم من ظل عالقًا أثناء العملية العسكرية التي أجرتها القوات الإسرائيلية في داخله.
وفي متن الخبر، أفادت رويترز نقلًا عن قوات جيش الاحتلال أنّ "قواته نفذت عملية عسكرية يوم الأربعاء ضد حماس الكامنة داخل مستشفى الشفاء، وهو أكبر مستشفى في غزة". وأضافت أن الجيش قال في بيان رسمي "بناءً على معلومات استخباراتية وضرورة عملياتية، تنفذ قوات الجيش الإسرائيلي عملية دقيقة وتستهدف قوات حماس في منطقة محددة في مستشفى الشفاء". ونتبين هنا أن الوكالة لم تنقل أي صورة للحدث من الجانب الفلسطيني، واكتفت بتغطية الحادث من الجانب الإسرائيلي فقط.
أما على الصعيد الآخر، ففي تغطية الوكالة لخبر قصف روسيا أكبر مستشفى أطفال بأوكرانيا، نجد أنّه عنونته بـ"أم تحمي ابنها وسط فوضى قصف مستشفى كييف"، وتحت العنوان نشرت صورًا لأمهات ممسكات لأطفالهن الرضع.
أما بالنسبة لمقدمة المقال، استخدمت الوكالة في عرضها للخبر أسلوب يميل أكثر للتعبيرية، إذ قالت “بعد لحظاتٍ من سقوط صاروخ روسي على مستشفى في كييف، حيث كان طفلها الرضيع يُعالج، سارعت سفيتلانا كرافشينكو لتغطية الطفل البالغ من العمر شهرين بقطعة قماش لحمايته من الحطام والغبار المنتشر في الهواء”. وأضافت “تحدثت السيدة البالغة من العمر 33 عامًا بصوتها المرتجف أثناء خروجها من ملجأ، بعد واحدة من أسوأ الضربات الجوية الروسية على كييف منذ أشهر”.
تغطية أسوشييتد برس لقصف المستشفى الأوكراني واقتحام مجمع الشفاء
في مثال آخر، نقلت وكالة أسوشييتد برس خبر اقتحام قوات الاحتلال لمجمع الشفاء الطبي، بالقول"القوات العسكرية الإسرائيلية تداهم أكبر مستشفى في غزة في إطار العملية العسكرية ضد حماس".
أما عنوان خبر قصف روسيا لأكبر مستشفى أطفال أوكراني في العاصمة كييف "القصف الروسي الأعنف على كييف منذ أربعة أشهر يقتل 31 شخصًا على الأقل ويصيب مستشفى للأطفال".
أما في متن المقال، لم تذكر الوكالة الجانب الروسي إلا مرة واحدة، إذ قالت أنّ وزارة الدفاع الروسية نفت استهدافها مستشفى الأطفال في أوكرانيا، ولم تذكر توجيه روسيا الاتهام للدفاعات الجوية الأوكرانية، التي ادّعت روسيا أنها سبب الانفجار.
ذا نيويورك تايمز تتبنى الرواية الإسرائيلية في تغطيتها خبر اقتحام مجمع الشفاء الطبي
افتتحت صحيفة ذا نيويورك تايمز الأميركية تقريرها عن الاقتحام بالقول "دخل مستشفى في غزة لاستئصال حماس"، وعليه لم تذكر الصحيفة اسم المستشفى في العنوان، ولم تأتِ بمعلومات عن مدى سعته وأهميته من حيث الحجم والدور الحيوي الذي يلعبه المجمع وسط الحرب الدائرة في القطاع.
وبررت الصحيفة دخول المستشفى من خلال استشهادها في عنوان فرعي بالرواية الإسرائيلية، التي تقول بأنّ هناك أسلحة في المستشفى تابعة لحركة حماس، ولذلك اقتحمت قوات الاحتلال المجمع.
من ناحية أخرى، خلال تغطية الصحيفة لخبر القصف الروسي على أكبر مستشفى أطفال في أوكرانيا، ذكرت في عنوانها أن روسيا قصفت مستشفى أطفال في أوكرانيا، ضمن عملية إطلاق 40 صاروخًا روسيًا على مناطق متفرقة، وهو أكبر مستشفى أطفال في البلاد، حسب عنوان الصحيفة.
اقرأ/ي أيضًا
من خلال مذكرة مسربة: ذا انترسبت تكشف انحياز ذا نيويورك تايمز لصالح الرواية الإسرائيلية
الاحتلال استهدف النازحين والطواقم الطبية في مجمع الشفاء خلافًا للمزاعم الإسرائيلية