` `

مواصلة استهداف المدنيين في الممرات والمناطق التي يزعم أنّها آمنة خلافًا للادعاءات الإسرائيلية

أحمد كحلاني أحمد كحلاني
أخبار
12 يوليو 2024
مواصلة استهداف المدنيين في الممرات والمناطق التي يزعم أنّها آمنة خلافًا للادعاءات الإسرائيلية
استهداف المدنيين في المناطق التي تدعي إسرائيل أنها آمنة (Getty)

يواصل الاحتلال الإسرائيلي منذ بداية حربه على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الفائت، في الترويج إلى أن حربه هدفها “القضاء على مقاتلي حماس وبقية الفصائل، دون نية لاستهداف المدنيين، وخاصة الأطفال والنساء". 

وزعم الاحتلال أنه وفر لهم ممرات ومناطق آمنة تحتوي على الأكل والماء والدواء، وأنه يعمل على توسيع هذه المناطق كلما سنحت الفرصة.

وفي السياق، دعا وزير الجيش الإسرائيلي يوآف غالنت منذ بداية الاجتياح البري لقطاع غزة، المدنيين، إلى الإخلاء والتوجه إلى جنوبي القطاع حيث توجد منطقة آمنة مخصصة للمدنيين في المواصي.

التقسيم الجغرافي للمناطق لم يوقف قتل المدنيين

قسمت سلطة الاحتلال قطاع غزة إلى "بلوكات صغيرة" مرقمة، ادّعت أنها وسيلة لتجنب إيقاع خسائر في أرواح المدنيين. ونشرت باستمرار خريطة تتضمن قائمة المناطق "البلوكات" التي ستكون هدفًا لتحركاته العسكرية، وطلب من المدنيين إخلاءها خلال فترة معينة وعبر مسار محدد. وعادة ما تتضمن الخريطة التي ينشرها الاحتلال منطقة يأمر المدنيين بالتوجه ويدعي أنها آمنة وليست هدفًا لعملياته العسكرية.

خارطة الجيش الإسرائيلي لإخلاء المناطق المستهدفة إلى "الآمنة"
خريطة الجيش الإسرائيلي لإخلاء المناطق المستهدفة نحو "الآمنة"

تتبع مسبار واقع “المناطق الآمنة” والمسارات المؤدية لها، ووجد أنها لا تتوافق مع مزاعم الاحتلال، إذ شهدت هذه المناطق استهدافات جوية وبرية وبحرية لجيش الاحتلال، أدت إلى وقوع خسائر كبيرة في أرواح المدنيين بينهم نساء وأطفال وكبار السن.

نشر حساب المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي للإعلام العربي، أفيخاي أدرعي، يوم 22 مايو/أيار الفائت، على منصة إكس، بيانًا ادعى فيه أن الجيش الإسرائيلي قام بتوسيع منطقة الخدمات الإنسانية في المواصي، ونشر خريطة توضح قائمة البلوكات التي تعتبر ضمن المنطقة الآمنة. 

لكن بعد يومين فقط، في 24 مايو الفائت، استهدف الجيش الإسرائيلي المنطقة التي ادعى أنها آمنة، وقصف منطقة تضم مخيمًا للنازحين في مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، ما أدى إلى إصابة خمسة فلسطينيين وتدمير خيام النازحين.

تقرير عن قصف الاحتلال لمنطقة زعم سابقًا أنها آمنة
تقرير عن قصف الاحتلال لمنطقة زعم سابقًا أنها آمنة

وبعد أربعة أيام من الإعلان الإسرائيلي ذاته، في 26 مايو، ارتكب الاحتلال مجزرة بحق المدنيين شمال غربي رفح، إذ استهدف خيام النازحين بالقرب من مخازن الأونروا، وهي المنطقة التي حددها الاحتلال سابقًا بأنها منطقة "آمنة"، مما أدى إلى ارتقاء 40 ضحية من النازحين، بينهم أطفال، وإصابة 65 آخرين.

تقرير حول الجريمة التي ارتكبها الاحتلال في منطقة ادعى أنها "آمنة"
تقرير حول استهداف الاحتلال في منطقة ادعى أنها "آمنة"

ولاقى الاستهداف الإسرائيلي إدانة واسعة من عدة دول ومنظمات دولية عقب قصف تجمعات لخيام النازحين في رفح. وأعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، حينها، عن غضبه، داعيًّا إلى وقف هذا الاستهداف. كما دعا رئيس المجلس الأوروبي، شارل ميشيل، إسرائيل، إلى احترام قرار محكمة العدل ووقف هجومها العسكري.

ومن جانبه، قال مسؤول السياسية الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيف بوريل، حينها، إن الأخبار الواردة من رفح عن الهجمات الإسرائيلية والتي أدت إلى مقتل العشرات من النازحين من ضمنهم أطفال، مروعة، مؤكدًا أنه لا يوجد مكان آمن في غزة.

وعلى الرغم من الإدانات الدولية والأممية، إلا أن الجيش الإسرائيلي يستمر بارتكاب مجازر بحق المدنيين في قطاع غزة، ويواصل استهداف خيام النازحين، التي يدعي في كل مرة أنها “آمنة”.

ففي يونيو/حزيران الفائت، استهدف خيام النازحين في منطقة المواصي بمدينة رفح جنوبي القطاع، ما أسفر عن ارتقاء 18 ضحية وإصابة 35 آخرين، وحول الاستهداف للخيام، أفاد مراسل وكالة الأناضول، نقلُا عن شهود عيان، أن القصف نفذته دبابتان من نوع ميركافا بعد اعتلائهما تلة مقابلة لمنطقة الشاكوش، وهو ما تسبب في احتراق خيام النازحين.

تقرير عن استهداف اسرائيلي لنازحين في منطقة المواصي
تقرير عن استهداف إسرائيلي لنازحين في منطقة المواصي

كما استهدف الجيش الإسرائيلي في 29 يونيو الفائت، منطقة المواصي بإطلاق النار والقصف المدفعي للنازحين، وحاصرت دبابات الجيش جثامين المواطنين وفقًا لمراسل قناة الجزيرة، مُشيرًا إلى أنها المنطقة التي يدعي الاحتلال باستمرار بأنها منطقة "إنسانية آمنة"، ما جعل النازحين يتوافدون عليها بكثافة.

وفي سياق إطلاق النار على النازحين في منطقة المواصي، وثق الصحفي أنس الشريف، مقطع فيديو يُظهر محاولة احتماء النازحين والأطفال في الخيام من الاستهداف الإسرائيلي وإطلاق النار.

شهادات توثق عمليات اختطاف وقتل في "الممرات الآمنة"

ونشر الجيش الإسرائيلي مشاهدًا يزعم فيها بأنه يحمي المدنيين، خلال النزوح نحو الجنوب، من بينها صورة تُظهر أحد جنوده وهو يتحدث مع مسن فلسطيني يُدعى بشير حجي يبلغ من العمر 79 عامًا وهو من سكان حي الزيتون في مدينة غزة، أثناء عبوره طريق صلاح الدين، وادعى الاحتلال أنه يعمل على مساعدة المدنيين وتوفير الحماية لهم أثناء نزوحهم. إلا أن المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، وثق تعرض المسن بشير حجي إلى عملية إعدام ميداني من قبل جنود الاحتلال.

 وأفادت حفيدة المسن بأن جدها الذي ظهر في الصورة، تعرض لإطلاق عدة أعيرة نارية عليه في الرأس والظهر، خلال عبوره عبر طريق النزوح الذي حدده الاحتلال.

الجيش الإسرائيلي يقتل المسن بشير حجي عقب التقاط صورة لجندي على أنه يساعده على النزوح
الجيش الإسرائيلي يقتل المسن بشير حجي عقب التقاط صورة له مع جندي زعمت أنه كان يساعده عند النزوح

وفي شهادة أخرى، أفاد المحامي الناجي، علام حجازي، في 12 يونيو الفائت، لقناة الجزيرة، والذي اعتقلته قوات الاحتلال خلال مروره من “الممر الآمن” وقضى ثمانية أشهر في سجون الاحتلال، إن الجيش الإسرائيلي يمارس بحق المختطفين من القطاع، أبشع أنواع التعذيب، واصفًا السجون الإسرائيلية (بالمسلخة) من شدة التعذيب، وفي حديثه عن واقع السجون التي ينقل إليها المختطفون من قطاع غزة، أشار إلى الظروف المأساوية للأسرى الفلسطينيين، من عدم توفر الطعام أو الشراب أو الدواء، وأضاق بأن الأسرى لا يتوفر لديهم أغطية حتى في الشتاء.

في بيانٍ آخر، نشر الاحتلال خريطة قال من خلالها إن جيشه قام بفتح ممر إنساني آمن للسماح لسكان خان يونس بالانتقال إلى المنطقة الآمنة بالمواصي، وأشار إلى أن جيشه يتجنب استهداف المدنيين، ورغم توثيق جرائمه، ادعى الاحتلال مرة أخرى في البيان أنه يقوم بمساعدة المدنيين خاصة المرضى وكبار السن.

إلا أن عدة تقارير صحفية كشفت عن تحويل الاحتلال الممرات الآمنة إلى مصيدة ونقطة للإخفاء القسري للمدنيين، فبعد أن أمر سكان خان يونس بالانتقال إلى المواصي، حول الاحتلال الممر الآمن الذي أشار إليه إلى نقطة تفتيش عسكرية متكاملة. 

وقال شهود عيان إن المحققين الإسرائيليين أمروا باستجواب المدنيين المارين بعد تجميعهم على دفعات وتسجيل قزحية أعينهم وبيانات كل شخص منهم، ويستمر التحقيق مع المدنيين ما بين الساعتين والخمس ساعات قبل اعتقال بعضهم ونقلهم إلى جهة مجهولة، حتى الأطفال والنساء وذوي الإعاقة.

وخلص تحقيق صحفي أجرته شبكة إن بي سي نيوز، إلى أن إسرائيل قصفت مناطق في جنوبي غزة كانت قد حددتها سابقًا على أنها مناطق آمنة للمدنيين. 

وأكد مدير برامج منظمة هيومن رايتس ووتش أن المدنيين يفرون إلى الأماكن التي طلبت منهم الحكومة الإسرائيلية الذهاب إليها، ثم يتعرضون للقصف ويقتلون.

تحقيق لشبكة إن بي سي نيوز حول استهداف الجيش الإسرائيلي للمناطق التي يدعي أنها آمنة
تحقيق لشبكة إن بي سي نيوز حول استهداف الجيش الإسرائيلي للمناطق التي يدعي أنها آمنة

اقرأ/ي أيضًا:

رغم النفي الرسمي: شهادات جنود إسرائيليين تؤكد استهداف المدنيين خلال الحرب على غزة

تحقيق جديد يكشف أدلة حول دور إسرائيل في مقتل الطفلة هند رجب

الأكثر قراءة