بعد لحظات من إطلاق النار على الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، في التجمع الانتخابي له في بتلر بولاية بنسلفانيا، أمس السبت، سرعان ما انتشرت نظريات المؤامرة والادعاءات الزائفة والمضللة والتأكيدات غير المدعومة على مواقع التواصل الاجتماعي حول الحادث، مع استمرار تحقيقات السلطات في ملابسات محاولة الاغتيال.
اتهامات لبايدن ومعلومات خاطئة عن منفذ الحادث
انتشرت نظريات المؤامرة عن الهجوم، بدءًا من التكهنات حول هوية مطلق النار إلى الادعاءات حول ما إذا كان الحادث قد تم التخطيط له مسبقًا. واستفاد منظرو المؤامرة وبعض السياسيين من عدم توفر الكثير من التفاصيل عن الحادث، وروّجوا لادعاءات غير مؤكدة ولم يتم التحقق منها.
وحسب وسائل إعلام أميركية، فإن منشورات انتشرت بشكل واسع، بما في ذلك بعض ما كتبه سياسيون يشغلون مناصب منتخبة، دون دليل، على أن الرئيس جو بايدن هو من أمر بإطلاق النار في تجمع دونالد ترامب. وذكر آخرون أن الحادث مُفبرك، وتم تداول منشورات تخطئ في التعرف على مطلق النار.
اتهم العديد من السياسيين بايدن أو حملته بالوقوف "بشكل مباشر" وراء إطلاق النار الواضح، دون تقديم أدلة. وقال النائب في ولاية جورجيا، مايك كولينز، في حسابه على موقع إكس "أرسل جو بايدن الأوامر"، بينما كتب السيناتور عن ولاية أوهايو، جي دي فانس، وهو أحد أبرز المنافسين على منصب نائب الرئيس لترامب، أن خطاب حملة بايدن "أدى مباشرة إلى محاولة اغتيال الرئيس ترامب".
وأشار ممثل تكساس روني جاكسون إلى شخصيات يسارية لم يسمها، واتهمها بـ "المسؤولية المباشرة" عن الأحداث التي وقعت في تجمع حملة ترامب.
تداول صورة صانع محتوى إيطالي على أنها لمنفذ الهجوم على ترامب
نشرت حسابات مؤيدة لليمين المتطرف صورة ضمن منشورات حول مطلق النار على تجمع ترامب، على أنها لرجل يُدعى مارك فيوليتس، ووصفته بأنه "متطرف معروف في أنتيفا"، في إشارة إلى الحركة اليسارية غير المنظمة. وبالتحقق من الصورة تبين أن الصورة المنشورة مضللة وأنها تعود إلى كاتب رياضي وصانع محتوى فيديو إيطالي معروف على مواقع التواصل الاجتماعي، يُدعى ماركو فيولي، والذي نفى أي تورط له في إطلاق النار.
ونشر فيولي على حسابه في موقع انستغرام أن هذه الأخبار كاذبة، وكتب باللغة الإيطالية "أنفي بشدة أن أكون متورطًا في هذا الموقف. استيقظت في منتصف الليل من الإخطارات العديدة التي تلقيتها على انستغرام وإكس، أنا في إيطاليا، وأنا في روما ولم يكن لدي أي فكرة عما حدث".
هوية مطلق النار على دونالد ترامب
جاء الادعاءات اليمنية حول منفذ الهجوم، قبل أن يحدد مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) في وقت مبكر من اليوم الأحد، هوية مطلق النار، التي قالت إنه يُدعى توماس ماثيو كروكس، يبلغ 20 عامًا، ومن سكان بيثيل بارك في ولاية بنسلفانيا، وأضافت الوكالة أن التحقيق ما يزال جاريًا.
وبحسب وسائل إعلام أميركية، فإنه تم تسجيل كروكس للتصويت باعتباره جمهوريًّا، وفقًا لقائمة في قاعدة بيانات الناخبين في بنسلفانيا، والتي تطابقت مع اسمه وعمره وعنوانه في بيثيل بارك الذي كانت سلطات إنفاذ القانون تبحث عنه فجر الأحد، وكانت الانتخابات الرئاسية هذا العام هي الأولى التي يبلغ فيها كروكس سنًا كافيًا للإدلاء بصوته.
تقارير: مواقع التواصل تغرق بمزاعم لا أساس لها حول تجمع ترامب
وقالت صحيفة ذا نيويورك تايمز، إن الادعاءات التي لا أساس لها حول ما حدث في تجمع ترامب في ولاية بنسلفانيا، غمرت مواقع التواصل الاجتماعي على الفور بعد أن نُقل الرئيس السابق من المسرح بعد إطلاق أعيرة نارية.
وأضافت الصحيفة أنه وبدون تقديم دليل، ألقت منشورات باللوم على شخصيات غامضة من اليسار في استهداف ترامب، واستندت على أفكار بأنّ "الدولة العميقة"، أو عصابة داخل الحكومة، كانت تسعى إلى منع ترامب من العودة إلى البيت الأبيض. وظهرت هذه الادعاءات التي لم يتم التحقق منها على منصات عديدة بما في ذلك Gab وTruth Social وParler، التي يفضلها أعضاء اليمين المتطرف.
وذكر موقع بلومبرغ، أن المعلومات المضللة أغرقت مواقع التواصل الاجتماعي بعد إطلاق النار على تجمع ترامب في بنسلفانيا. وأفاد الموقع أنه في أعقاب الأحداث الكبرى، قد لا تكون حقائق الحدث دائما واضحة على الفور. مضيفًا في تقرير له، أن سلطات إنفاذ القانون، بما في ذلك الخدمة السرية ومكتب التحقيقات الفيدرالي وشرطة ولاية بنسلفانيا ووزارة العدل، تواصل التحقيقات في دوافع إطلاق النار.
خبراء يحذرون من تداول المعلومات المضللة بعد حادث تجمع ترامب
حث خبراء المعلومات المضللة على توخي الحذر بعد إطلاق النار على ترامب، وحذروا الناس من القفز إلى الاستنتاجات. ونقلت ذا نيويورك تايمز في هذا الإطار ما كتبته روبرتا براغا، مؤسسة معهد الديمقراطية الرقمية للأميركيتين، إذ قالت "نحن على وشك رؤية الكثير من المعلومات المضللة تنتشر حول من يقف وراء إطلاق النار ومن نفذه والأحداث التي أدت إلى هذه اللحظة. انتبه للغة العاطفية".
ووصفت الباحثة في مجال التضليل أماندا روجرز، الضجيج المستقطب والمضطرب والمدفوع بالمؤامرة في الردود على مواقع التواصل الاجتماعي حول إطلاق النار على دونالد ترامب بأنه "دوامة من الهراء مكتفية ذاتيًا".
وأضافت أن النطاق جديد ومثير للقلق، مشيرة إلى أنّ الحديث على مواقع التواصل الاجتماعي يركز على دوافع مطلق النار وتأثيره على الانتخابات، موضحة أن البعض يريد تحويل لحظة كهذه إلى دعوة أوسع للعنف، وسوف ينشرون الأكاذيب للوصول إلى هناك، نقلًا عن صحيفة ذا غارديان.
بينما قال جوناثان كوربوس أونج، الباحث في المعلومات المضللة وأستاذ الاتصالات في جامعة ماساتشوستس، إن الطبيعة العاطفية والتاريخية لهذه اللحظة تفسح المجال للتلاعب الذي يؤكد التحيزات الموجودة، و"التي تثير مشاعر قوية للغاية من الخوف أو القلق. أعتقد أن هذا ما يجب أن ننظر إليه. وكن حذرا".
استمرار التحقيقات في حادث إطلاق النار على تجمع ترامب
وقال مكتب التحقيقات الفيدرالي في بيان إنه يواصل التحقيق في حادث إطلاق النار على تجمع ترامب بكامل موارده، جنبًا إلى جنب مع الخدمة السرية الأميركية وجهات إنفاذ القانون على مستوى الولاية. كما طلب المكتب من أي شخص لديه معلومات قد تساعد في التحقيق الاتصال بخط المعلومات.
وأوضح المكتب أن أفراد التحقيقات يوجدون في مكان الحادث في بتلر بولاية بنسلفانيا، ويواصلون العمل مع تقدم التحقيق.
وقال مشرعون جمهوريون إنهم سيبدؤون تحقيقات سريعة في كيفية تمكن شخص من الإفلات من عملاء الخدمة السرية، والصعود إلى سطح مبنى قريب من المكان الذي كان ترامب يتحدث فيه في التجمع الانتخابي وإطلاق النار في عدة أماكن.
وقال مايك جونسون، رئيس مجلس النواب الأميركي الذي يسيطر عليه الجمهوريون، إن اللجان في المجلس ستستدعي مسؤولين من جهاز الخدمة السرية ووزارة الأمن الداخلي ومكتب التحقيقات الفيدرالي لجلسات استماع قريبًا.
واستدعت لجنة الرقابة في مجلس النواب مديرة الخدمة السرية كيمبرلي تشيتل للإدلاء بشهادتها في 22 يوليو/تموز الجاري.
ترامب يعقّب على محاولة اغتياله
وقُتل أحد المشاركين في التجمع وأصيب آخران بجروح خطيرة. وأكد جهاز الخدمة السرية أن مطلق النار المشتبه به قُتل خلال مصاردته.
وقال ترامب في بيان بعد الحادث، لقد "أصيبت برصاصة اخترقت الجزء العلوي من أذني اليمنى". وأضاف "عرفت على الفور أن هناك خطأ ما، حيث سمعت صوت طلقات، وشعرت على الفور بالرصاصة تخترق الجلد. حدث نزيف كثير"، مشيرًا إلى أنه أدرك لاحقًا ما كان يحدث.
وأضاف ترامب "تعازينا لعائلة المتظاهر الذي قتل"، وأكمل "إنه أمر لا يصدق أن يحدث مثل هذا العمل في بلادنا".
اقرأ/ي أيضًا
الصورة مفبركة ومسلسل عائلة سيمبسون لم يتنبأ بوفاة ترامب
أبرز الادعاءات المضللة التي وردت في مناظرة الرئيس الأميركي جو بايدن ودونالد ترامب