` `

هل قرار السيسي بمنح اختصاصات رئاسية لرئيس الوزراء المصري سابقة قانونية؟

فريق تحرير مسبار فريق تحرير مسبار
سياسة
24 يوليو 2024
هل قرار السيسي بمنح اختصاصات رئاسية لرئيس الوزراء المصري سابقة قانونية؟
الرئيس السيسي أثناء لقاء له مع وزير خارجية أميركا في يونيو 2024 (Getty)

تتداول صفحات وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، حديثًا، خبرًا نشرته عدد من الصحف المصرية المحلية يوم 22 يوليو/تموز الجاري، بشأن تفويض الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بعضًا من اختصاصاته في سبع مجالات مختلفة إلى رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، وادّعت الحسابات أنّ التفويض يعتبر تنازلًا من الرئيس المصري عن سلطاته لرئيس وزراء الحكومة الجديدة.

الادعاء بأن تفويض السيسي لمدبولي بعضًا من اختصاصاته حدثًا جديدًا

تحقق مسبار من الادّعاء المتداول ووجد أنه غير دقيق، إذ إن الدستور المصري يمنح رئيس الجمهورية حق تفويض اختصاصاته لرئيس الوزراء، وفقًا للمادة 148 التي تنصّ على أنّ "لرئيس الجمهورية أن يفوض بعض اختصاصاته لرئيس مجلس الوزراء، أو لنوابه، أو للوزراء، أو للمحافظين، ولا يجوز لأحد منهم أن يفوض غيره، وذلك على النحو الذي ينظمه القانون". 

المادة 148 من الدستور المصري
المادة 148 من الدستور المصري

قرار تفويض الرئيس السيسي بعض اختصاصاته لرئيس الوزراء ليس حديثًا

كما تبيّن أنّ قرار التفويض، ليس حدثًا جديدًا، إذ منحه الرئيس السيسي لجميع رؤساء الوزراء الذين تولوا رئاسة الحكومة منذ انتخابه رئيسًا للجمهورية عام 2014، وكانت البداية مع رئيس الوزراء إبراهيم محلب الذي أدى اليمين الدستورية في يونيو/حزيران 2014، كأول رئيس للوزراء في عهد السيسي وتم تفويضه في سبعة مجالات في شهر أغسطس من العام نفسه. 

قرار تفويض الرئيس السيسي بعض اختصاصاته لرئيس الوزراء

وبعد قبول استقالة محلب الذي أصبح مستشارًا لرئيس الجمهورية، شكَّل رئيس الوزراء الراحل شريف إسماعيل الحكومة الثانية، وتم تفويضه في 22 سبتمبر/أيلول 2015 في نفس الاختصاصات السبعة.

تفويض شريف إسماعيل في مصر

أمّا بالنسبة إلى رئيس الوزراء الحالي الدكتور مصطفى مدبولي، ففوض له الرئيس خلال توليه للمنصب بعضًا من اختصاصاته مرتين. الأولى في 24 يونيو عام 2018، بعد أدائه القسم الدستوري بتشكيل الحكومة في الفترة الأولى خلفًا لسلفه المستقيل شريف إسماعيل، والثانية بعد إعادة اختياره من قِبل الرئيس الحالي لتشكيل الحكومة الجديدة.

تفويض رئيس مجلس الوزراء في بعض اختصاصات رئيس الجمهورية

وبالرجوع إلى الفترة التي تولى فيها رئيس المحكمة الدستورية المستشار عدلي منصور رئاسة مصر مؤقتًا، نجد أنه أصدر قرارًا مماثلًا بنفس الاختصاصات لإبراهيم محلب رئيس الوزراء، آنذاك.

قرار بتفويض محلب ببعض اختصاصات رئيس الجمهورية

ما الصلاحيات التي تمنحها تلك الاختصاصات لرئيس الوزراء؟ 

أصبح مدبولي مفوضًا بمقتضى القرار، للتصرف بشأن جمعيات الهلال الأحمر، والتصرف أيضًا فيما يخص الجبّانات (أماكن دفن الموتى) بما فيها الترخيص بإقامة مدافن، في غير الجبانات العامة، والمدافن ومواصفاتها.

ويحق لمدبولي تحويل الهيئات الاقتصادية أو المؤسسات العامة أو شركات القطاع العام المقرر لها أنظمة خاصة، إلى شركة قابضة أو شركة تابعة فقط، فضلًا عن تمكينه من التعامل مع هيئات القطاع العام وشركاته وشركات قطاع الأعمال العام، ومجال المرافق العامة والجمعيات ذات النفع العام.

ومُنح مدبولي بناءً على التفويض، الاختصاصات المخولة لرئيس الجمهورية في التأشيرات المرفقة بقوانين ربط الموازنة العامة للدولة، وكذلك التأشيرات الخاصة الواردة في موازنة بعض الجهات، كما يفوض باختيار من يقوم من الوزراء بأعمال من يتغيب منهم أو يقوم مانع به. ويكون رئيس مجلس الوزراء، الوزير المختص بتطبيق أحكام القانون رقم 10 لسنة 2009 بشأن تنظيم الرقابة على الأسواق والأدوات المالية غير المصرفية.

وتعتبر التفويضات المذكورة أعلاه عبارة عن نقل صلاحيات السيسي في بعض القوانين واللوائح إلى رئيس وزرائه مصطفى مدبولي، وهو ما يندرج تحت القانون والدستور المصري.

فعلى سبيل المثال منح قرار التفويض مدبولي اختصاصات الرئيس في قانون الطوارئ في ثلاث مواد (14،15،16)، والتي تختص بجواز تخفيف العقوبة أو تبديلها بعقوبة أقل أو إلغائها أو بعضها أو إلغاء الحكم مع حفظ الدعوى أو مع الأمر بإعادة المحاكمة أمام دائرة أخرى، أو جواز إلغاء الحكم بعد التصديق عليه ما لم تكن الجريمة جناية قتل عمد أو اشتراك فيها.

وهو ما أكده أستاذ القانون بجامعة المنصورة، الدكتور صلاح الدين فوزي، في تصريحاته لمسبار، بأن التفويض معمول به في مصر منذ زمن، وهناك قانون للتفويض صدر عام 1967 وما زال دستوريًا وقانونيًا حتى الآن. 

وأوضح أن قرار الرئيس المصري بتفويض بعض صلاحياته إلى مدبولي، لا يُعد تنازلًا على الإطلاق، بل هو استخدام لحقه الذي نص عليه الدستور، والغرض منه ما وصفه بـ"التبسيط في الإجراءات لمصلحة المواطنين".

وقال فوزي، وهو عضو بلجنة الخبراء العشرة السابقة لتعديل الدستور المصري عام 2013 إن "النظم الإدارية تعطي صلاحيات تمكن الرئيس والوزير والمحافظ وغيرهم من تفويض جزء من سلطاتهم، وذلك سعيًا إلى تبسيط الإجراءات المتطلبة لإنجاز المهام المختلفة، وتخفيف الأعباء عن المواطنين، وسرعة الإنجاز، والاختصار في الدورة المستندية (فترة التوقيع على المستندات المختلفة) بدلًا من المرور بإجراءات عديدة".

وأشار إلى أن نظام التفويض آلية وإرادة من الرئيس يستطيع استخدامها أو لا يستخدمها، وبين أن وهناك قاعدتان بالغتا الأهمية في التفويض، الأولى أنه مؤقت وليس دائمًا، والثانية أنه جزئي.

اقرأ/ي أيضًا

التصميم من عام 2022 وقناة سي بي سي المصرية لم تبث خبر وفاة السيسي حديثًا

صورة مفبركة لعرض عبارات مؤيدة للسيسي على شاشة في شارع فيصل بعد عرضها عبارات مناهضة له

الأكثر قراءة