نشرت صحيفة ذا تليغراف البريطانية الأسبوع الفائت مقالًا يدعي أنّ هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي “انتهكت قواعدها التحريرية 1500 مرة” بشأن الحرب على غزة. وكان ذلك في إشارة إلى تقريرٍ جديدٍ للمحامي الإسرائيلي تريفور أسيرون الذي زعم وجود انتهاكات متعددة لقواعد الحياد في هيئة الإذاعة البريطانية، وزعم أن هيئة الإذاعة البريطانية "متحيّزة بشدة ضد إسرائيل" في تغطيتها للحرب.
نالت القصة تغطيةً على نطاق واسع في منافذ الأخبار اليمينية البريطانية وغيرها من المنافذ الناطقة بالإنجليزية، بما في ذلك ديلي إكسبريس، ديلي ميل، ذا صن، جيويش كرونيكل وسبايكد، وكذلك على جي بي نيوز وتوك تي في البريطانية. وقد تم بثها دوليًا بتغطية في جيروزالم بوست الإسرائيلية ونيويورك بوست وفاريتي الأميركيتين.
ومع ذلك، فإن التحليل الشامل للتقارير الإخبارية البريطانية عن غزة، الذي نشره مركز مراقبة وسائل الإعلام (CMM) البريطاني –الذي يتمتع بموثوقية وسمعة عاليتين في الأوساط الصحفية– في مارس/آذار 2024، والذي توصل إلى استنتاجات مختلفة تمامًا تفيد بأنّ تحريفًا متكررًا حصل لوجهات النظر الفلسطينية عبر بي بي سي، لم يحظ بأي اهتمام على الإطلاق في وسائل الإعلام الرئيسية في ذلك الوقت، الأمر الذي يسلط الضوء على توازن القوى ونفوذ جماعات الضغط الإسرائيلية عندما يتعلق الأمر بتغطية وسائل الإعلام البريطانية للحرب على غزة.
خلل في المنهجية البحثية
لم يكن تقرير السيد أسيرون، الذي شاركته ذل تليغراف ومن ثم الوسائل العالمية الأخرى، وثيقةً مقتضبة أو قصيرة. إذ بلغ طوله 199 صفحة مع وثيقة أخرى داعمة منفصلة مكونة من 188 صفحة، ويزعم أنه استخدم الذكاء البشري والاصطناعي لتقييم نحو تسعة ملايين كلمة من إنتاج بي بي سي من 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إلى 7 فبراير/شباط 2024، إضافة إلى الكثير من الرسوم البيانية التي تحاول إثبات مدى سوء معاملة بي بي سي لإسرائيل وأنصارها.
اتبع التقرير منهجية تعتمد على مفهوم مغلوط حول الذكاء الاصطناعي، وليس أقلها ادعاء مؤلف التقرير نفسه بأن تشات جي بي تي –الذي استعان به– “ليس خاضعًا لحكم ذاتي بشري متأصل” وبدلًا من ذلك هو “وكيل غير متحيز للجمهور اليومي العادي للأخبار الذي ليس لديه رأي في الصراع”.
قد يكون الذكاء الاصطناعي ليس لديه رأيًّا بالفعل في الصراع، ولكن المستخدمين الذين يطرحون الأسئلة عليه هم من لديهم رأي، وفي كل الأحوال، فإن نماذج معالجة اللغة الطبيعية التي يستخدمها تشات جي بي تي وغيره من ربوتات الدردشة، لا تكون جيّدة إلا بقدر جودة المحتوى الذي تدرَّبت عليه، والذي يتم إنتاج نسبة كبيرة منه من قبل مؤسسات إخبارية كبرى مثل صحيفة ذا نيويورك تايمز وواشنطن بوست ووول ستريت جورنال، التي لها تاريخ حافل بالانحياز لصالح إسرائيل وتضخيم روايتها.
إن اعتماد التقرير على “تحليل التعاطف الإنساني” (الذي أجراه كل من البشر والذكاء الاصطناعي، بحسب المؤلف) غير متماسك. إذ إنَّه من المؤكد وجود كميات كبيرة من التعاطف مع الفلسطينيين في وقتٍ ما بعد السابع من أكتوبر، عندما كانوا هم الذين يتعرضون للقصف والتجويع والإجبار على مغادرة منازلهم. حتى كبريات وسائل الإعلام الرئيسية، المنحازة صراحة لإسرائيل، لم تستطع إخفاء ذلك، إذ طغت الحالة الإنسانية أكثر من السياسية في الكثير من المواضع عند الحديث عن الحرب، وإن كان ذلك من قبل أطراف بآراء متنوعة حول الصراع.
ولذلك فإن النتيجة التي توصل إليها التقرير والتي تفيد بأن “تحليل التعاطف أظهر اختلالًا واضحًا للغاية بين مؤيدي الفلسطينيين ومناهضي إسرائيل في جميع برامج الأخبار التلفزيونية الرئيسية”، ليست مفاجئة على الإطلاق وتكشف عن إحباط الأصوات المؤيدة لإسرائيل من أن أي شخص يجب أن يكون متعاطفًا مع محنة الفلسطينيين المحاصرين، بدلًا من انتهاك الحياد على مدار أربعة أشهر من التغطية.
شكوك حول التزام مُعدّي التقرير بأدنى أساسيات الصحافة
إن الخلفية التي ينتمي إليها مؤلفو التقرير تشوبها الشكوك. إذ إن تريفور أسيرون نفسه انتقد منذ فترة طويلة تغطية هيئة الإذاعة البريطانية أخبار متعلقة بإسرائيل، وقد دخل في شراكة مع سلسلة من المحامين وعلماء البيانات الإسرائيليين الذين تم تنظيمهم من خلال مجموعة تسمى “البحث من أجل وسائل الإعلام المحايدة” (RIMe).
لا توجد معلومات متاحة في المصادر المفتوحة عن هذه مجموعة RIMe بخلاف أن منسقها، الدكتور هاران شاري ناركيس، هو عالم أعصاب كانت أحدث ورقة بحثية له عن “استقرار ومرونة تمثيلات الروائح في بصيلة الشم لدى الفئران”. والأمر الآخر المثير للريبة هو عدم وجود باحثي إعلام أو صحفيين ضمن فريق البحث، ولا يوجد أي إشارة على الإطلاق فيما يقرب من 400 صفحة من الوثائق إلى دراسات، مثل دراسة “مركز مراقبة وسائل الإعلام” المُشار إليها أعلاه، التي وجدت تحيزًا منهجيًا ضد الفلسطينيين في التغطية الإعلامية السائدة لإسرائيل وفلسطين.
يستند التقرير إلى مزاعم مفادها أن تغطية هيئة الإذاعة البريطانية للأحداث في غزة اتسمت بالتحيّز وعدم الدقة والفشل في استخدام اللغة بشكل صحيح، وهو ما يشكّل ما قيل إنه "انتهاك خطير من جانب الهيئة لالتزامها بالحياد"، بحسب التقرير.
إن الحجة الحاسمة التي ساقها السيد أسيرون هي أن تغطية هيئة الإذاعة البريطانية لأحداث غزة اتسمت بحذف العديد من العبارات. ويشمل هذا "فشل هيئة الإذاعة البريطانية بشكل منهجي في الإشارة إلى حماس باعتبارها منظمة إرهابية". ولكن ليس هناك إجماعٌ صحفيٌّ دولي على ما إذا كان ينبغي وصف حماس باستخدام هذا المصطلح أم لا، وهذا ما أكده محرر بي بي سي التنفيذي منذ بداية الحرب، من منطلق أنَّ تلك التسميات تقع في نطاق القانون لا الإعلام. وفي المقابل، فإن أسيرون أظهر استياء في تقريره من ربط دولة إسرائيل بالإشارة إلى “إبادة جماعية محتملة”، في تغطية الهيئة، رغم أن ذلك يأتي وفقًا لحكم صادر عن محكمة العدل الدولية.
حتى أنّ التقرير يتضمن رسمًا بيانيًا يوضح أن هيئة الإذاعة البريطانية تميل إلى وصف الضفة الغربية بأنها محتلة بدلًا من مساواة حماس بالجماعات الإرهابية، وهو أمر آخر لا يمكن تفسيره منهجيًا نظرًا لوجود إجماع دولي وقانوني على أن الضفة الغربية محتلة بالفعل، وهذا ما يقرّ به أكبر حلفاء إسرائيل الدوليين، كالولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا.
ثم إن هناك إغفالًا آخر في التقرير، وهو أن هيئة الإذاعة البريطانية “لم تعترف بشكل كاف بما تدعي أنه افتقار حماس إلى الحرية الصحفية داخل غزة”. بينما كان الإغفال الأكثر وضوحًا في التقرير نفسه هو أنه فشل تمامًا في ذكر الاستبعاد القسري الذي فرضته إسرائيل على جميع الصحفيين الأجانب من غزة، ولم تسمح سوى بالقليل لهم بالدخول رفقة فرق من الجيش.
وفي حين يزعم التقرير أن منظمة “فريدوم هاوس” أشادت بحرية الصحافة في إسرائيل، فإنه يتجاهل ذكر أن منظمة مراسلون بلا حدود، على سبيل المثال، وضعت إسرائيل في المرتبة 101 من بين 180 دولة في تصنيفها لحرية الصحافة، مشيرةً إلى أن "أكثر من 100 صحفي قُتلوا في ستة أشهر في غزة على يد القوات الإسرائيلية، وتضاعفت حملات التضليل والقوانين القمعية في إسرائيل". ولم يذكر التقرير أيًّا من هذا.
ثم يدين التقرير هيئة الإذاعة البريطانية لعدم مساواتها في التعامل مع “جرائم الحرب” التي ارتكبتها كل من إسرائيل وحماس، وبالتالي فهي “لا تُظهِر تعاطفها مع إسرائيل”، بحسب التقرير. وعلى سبيل المثال، يعترف التقرير “بأن عدد القتلى الفلسطينيين أكبر من عدد القتلى الإسرائيليين، ولكن هذه الوفيات ليست دليلًا واضحًا على جرائم الحرب”، دون تقديم شرح لاستنتاج إشكاليّ كهذا.
يكشف ذلك الاستنتاج عن افتقار معدّي التقرير لفهم معمّق لمجال الصحافة، وهو أمرٌ ربما يكون مفهومًا نظرًا لعدم وجود أيّ من ذوي الاختصاص بينهم، إذ كانت القصة المستمرة على مدى 123 يومًا من أصل 124 يومًا من العينة الزمنية التي درسها التقرير تدور حول العدوان الإسرائيلي على غزة، مقابل يوم واحد حدث فيه هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول. لذا من غير المستغرب أن يكون هناك المزيد من القصص التي تربط إسرائيل بجرائم الحرب والإبادة الجماعية وانتهاكات القانون الدولي، والواقع اليومي للأحداث بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
في الواقع، كانت مؤسسات إخبارية عديدة، منها بي بي سي مترددةً للغاية في وصف هجوم إسرائيل بأنه “إبادة جماعية” (على عكس فعلها ذلك فيما يتعلق بغزو روسيا لأوكرانيا). ولم يتغير الوضع إلا عندما قدمت حكومة جنوب إفريقيا أدلة إلى محكمة العدل الدولية في يناير/كانون الثاني 2024 والتي وجدت بعد ذلك أن هناك حالة “معقولة” بأن الإبادة الجماعية كانت تحدث. ومع ذلك، كانت تلك بمثابة فترة استراحة قصيرة بعدها كانت قصص هيئة الإذاعة البريطانية عن الإبادة الجماعية التي تحدث في غزة قليلة ومتباعدة.
التقرير يتجاهل إغفال الإشارة للجاني في تغطية بي بي سي
يزعم التقرير أيضًا أن تقارير هيئة الإذاعة البريطانية كانت تتجاهل الاعتراف بمسألة “التهديد الوجودي لإسرائيل” وتفشل في “شرح التهديدات العسكرية لإسرائيل”. وهذا ادعاء غير مبرَّر بالنظر إلى حقيقة أن بي بي سي تخصص أكثر من ضِعفي الوقت من البث للمتحدثين باسم الجيش الإسرائيلي ووزراء الحكومة الإسرائيلية مقارنةً بالصوت الفلسطيني، (وهي حقيقة أتى التقرير بذكرها على مضض)، بالإضافة إلى ذلك هنالك إحجام من قبل هيئة الإذاعة البريطانية وغيرها من المؤسسات الإخبارية الكبرى باستمرار عن الاعتراف بسياق الاحتلال.
يواصل أسيرون انتقاد هيئة الإذاعة البريطانية لاعتمادها على أرقام وزارة الصحة الفلسطينية التابعة لحكومة حماس ذاتها عند تحديد عدد الضحايا، و"فشلها في إثارة المخاوف بشأن حماس باعتبارها مصدرًا موثوقًا للمعلومات". ولكن نظرًا لرفض الجيش الإسرائيلي إعطاء أي إشارة إلى عدد القتلى الذين كانوا ضحية لضرباته العسكرية، ولأن أرقام وزارة الصحة في غزة مقبولة على نطاق واسع في مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك الأمم المتحدة، ولأن هناك تحقيقات منهجية خلصت إلى أن هذه الأرقام هي الأقرب للدقة عند قياس الخسائر البشرية، بما في ذلك تحقيق صحيفة ليبراسيون الفرنسية ومنظمة "الحروب الجوية" (Airwars) التابعة لجامعة لندن، فإن ذلك انتقاد ينطوي على التصيّد أو الانتقائية بمعزل عن ذكر السياق أكثر من كونه نقد أو تفنيد حيادي.
أخيرًا، يدين التقرير ما وصفها بـ “اللغة الغامضة أو المبهمة” المستخدمة في الإبلاغ عن الضحايا الإسرائيليين في مقابل الضحايا الفلسطينيين، متجاهلًا العديد من الدراسات التي أُجريت، مثل تلك التي أنتجها مركز مراقبة وسائل الإعلام، والتي خلصت إلى أنه تم الإبلاغ عن الوفيات الفلسطينية في بي بي سي، وغيرها من الوسائل الإعلامية الكبرى باستخدام لغة سلبية مبنية للمجهول تغفل الجاني، أي إسرائيل في هذه الحالة.
ووجد تقرير مركز مراقبة وسائل الإعلام أن أكثر من 70 في المئة من مواضع استخدام مصطلحات مثل “فظائع” و"مجزرة" و"مذبحة" كانت تشير إلى الضحايا الإسرائيليين، في حين تم استخدام “لغة عاطفية” عند الحديث عن الضحايا الإسرائيليين وليس الفلسطينيين.
وفي تقرير آخر، قام باحثون من مجموعة وسائل الإعلام في جامعة جلاسكو بتحليل تقارير هيئة الإذاعة البريطانية عن غزة في الفترة من 7 أكتوبر إلى 4 نوفمبر 2023 ووجدوا أيضًا أن مصطلحات "القتل" و"القتل الجماعي" و"القتل الوحشي" و"القتل بلا رحمة" تم استخدامها ما مجموعه 52 مرة من قبل الصحفيين للإشارة إلى وفيات الإسرائيليين. ولم يتم استخدامها أبدًا فيما يتعلق بالوفيات الفلسطينية.
كيف يمكن المساواة بين الجاني والضحية؟
لم يكتفِ التقرير بالادعاءات السابقة، بل خلص في مواضع أخرى إلى بعض النتائج المحيّرة وغير المبنية على أي فعل استدلالي أو استنتاجي ممنهج. على سبيل المثال، يزعم التقرير أن برنامج "نيوز نايت" الذي تبثه بي بي سي "لم يعرض أي مواد إيجابية حول إسرائيل خلال الإطار الزمني لعرضه". لكن نظرة سريعة على إنتاجات برنامج نيوز نايت كفيلة بدحض هذا الادعاء.
على سبيل المثال، خصص البرنامج حلقة كاملة للحرب في 13 أكتوبر، أي بعد اندلاعها بخمسة أيام فقط، وتضمنَّت مجموعة من الأصوات المؤيدة لإسرائيل، بما في ذلك رئيس وزرائها نفسه بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت ووزير الدفاع الأميركي لويد أوستن والجنرال أمير أفيف من الجيش الإسرائيلي، والصحفية البريطانية هادلي فريمان التي تحدثت عن الحالة المقلقة للسكان اليهود في لندن.
كما يدين التقرير اختيار هيئة الإذاعة البريطانية للمشاركين في المقابلات. ويشير ملخصه التنفيذي إلى “التحيز الشديد لصالح إجراء المقابلات مع المدنيين بين الفلسطينيين، مع قلة الشخصيات الحكومية أو العسكرية. بينما كان عدد الإسرائيليين الذين أجريت معهم المقابلات أكبر كثيرًا من ممثلي الحكومة أو الجيش”. وهذا ما يشير، مرة أخرى، إلى افتقار في فهم الصحافة لدى مُعدّي التقرير، إذ تربط الدراسات الأكاديمية التقليدية استخدام المصادر المعتمدة (مثل ممثلي الحكومة والجيش) بالسلطة والنفوذ.
ولكن التقرير يعدّ ذلك مشكلة لأن “الموظفين الرسميين”، أي أولئك الذين يصدرون الأوامر بقصف غزة وقطع الماء والكهرباء والوقود عنها، من المرجح أن “يثيروا قدرًا أقل من التعاطف” مقارنة بالمدنيين الذين “يُنظَر إليهم غالباً على أنهم أبرياء وضعفاء”. كما لا يمكن اعتبار ظهور شخصيات “النخبة” الإسرائيلية في المقابلات قرار ذو مآرب من بي بي سي بقدر ما هو امتداد لحالة كل من الطرفين، إذ إنَّ إسرائيل لديها شبكة علاقات عامة أكثر شمولًا من تلك التي لدى الفلسطينيين، غير الموجودة أساسًا، وهذا ما يفسر أيضًا الظهور المتكرر للسيد حسام زملط، السفير الفلسطيني في بريطانيا، على شاشة الهيئة.
إن استنتاج التقرير بأن هيئة الإذاعة البريطانية كانت متحيزة بشكل ساحق في تغطيتها لأحداث غزة، لا يتناقض فقط مع التقارير والدراسات المتخصصة والأكاديمية الأخرى، بل يعكس أيضًا حالة من الإحباط لدى المؤلفين من وجود “تعاطف” مع السكان الفلسطينيين المدنيين الذين يتعرضون للعنف والإبادة لقرابة السنة. ويبدو أن المؤلفين يعتقدون أن اعتراف هيئة الإذاعة البريطانية ــمهما كان مقيدًا ومتقطعًاــ بوقوع هجوم مميت على غزة كان في حد ذاته انتهاكاً لقواعد الحياد.
في واقع الأمر، وعلى الرغم من الجهود الحثيثة التي تبذلها الحكومة الإسرائيلية لقمع هذه التغطية من خلال منع الصحفيين الأجانب من دخول غزة واستهداف الصحفيين المحليين وفرض رقابة عسكرية على الإعلام الإسرائيلي، وشنّ حملات الضغط حول العالم من خلال منظماتها، فإن كافة تلك المشاهد المروّعة التي شاهدها العالم على مدار الأشهر الماضية نجحت بشقّ طريقها إلى الوعي العام، والفضل في ذلك يعود إلى شجاعة والتزام الصحفيين الفلسطينيين داخل غزة أكثر منها إلى هيئة الإذاعة البريطانية، التي غالبًا ما تتردد في انتقاد إسرائيل على أفعالها، ناهيك عن التحفظ على وسمها بالإبادة الجماعية.
اقرأ/ي أيضًا
كيف رسمت منظمة ضغط إسرائيلية السياسة التحريرية لعشرات وسائل الإعلام الغربية؟
دور رابطة مكافحة التشهير في إسكات الأصوات المناهضة لإسرائيل