` `

واقع المخابز في غزة: ادعاءات إسرائيلية مضللة وسط أزمة إنسانية قاسية

أحمد كحلاني أحمد كحلاني
أخبار
17 أكتوبر 2024
واقع المخابز في غزة: ادعاءات إسرائيلية مضللة وسط أزمة إنسانية قاسية
الاحتلال يمنع دخول الوقود والمواد الضرورية لعمل المخابز في قطاع غزة (Getty)

عمدت حسابات رسمية إسرائيلية ناطقة باللغة العربية والإنجليزية خلال الفترة الأخيرة، إلى ترويج ادعاءات مضللة بخصوص عدد المخابز العاملة في كل قطاع غزة عمومًا، وفي شمال القطاع ووسطه خصوصًا. 

وقدمت إحصائيات حول عدد أرغفة الخبز التي يتم إنتاجها وتوزيعها يوميًّا في قطاع غزة خلال هذه الفترة، ووتيرة إدخال المساعدات، تتعارض مع الأرقام والمعطيات التي قدمتها وكالة الأونروا والحكومة في غزة.

في 11 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، نشر حساب وحدة تنسيق أعمال الاحتلال على منصة إكس، مقطع فيديو مرفقًا بعدد من الإحصائيات المضللة بخصوص عدد المخابز العاملة حاليًّا في قطاع غزة عمومًا وفي شمال القطاع ووسطه خصوصًا، وقال الحساب إن هناك 13 مخبزًا يعمل في قطاع غزة ينتجون 3.1 مليون رغيف خبز يوميًّا، وأضاف أنه يوجد 5 مخابز تعمل في شمال القطاع تنتج 1.3 مليون رغيف خبز يوميًّا، فيما توجد 8 مخابز في وسط القطاع تنتج 1.8 مليون رغيف خبز يوميًّا. وتابع الحساب في الادعاء أن الاحتلال نظّم عملية تزويد المخابز بالوقود في شمال القطاع، وأن إسرائيل تعمل على تسهيل الاستجابة الإنسانية للسكان المدنيين في غزة.

حساب وحدة تنسيق أعمال الاحتلال على منصة إكس
حساب وحدة تنسيق أعمال الاحتلال على منصة إكس

ونشر حساب إسرائيل بالعربية أيضًا، مقطع فيديو مرفقًا بادعاء مفاده أن المخابز في قطاع غزة تعمل على قدم وساق، وأنّ في القطاع 13 مخبزًا ينتجون أكثر من 3 مليون رغيف خبز يوميًّا، مضيفًا بأنه لا يوجد أي نقص في المواد الغذائية وأنّ مكتب منسق أعمال الحكومة يجري الترتيبات اللازمة لتزويد المخابز بالوقود. 

حساب إسرائيل بالعربية يدعي أنه لا يوجد نقص في المواد الغذائية
حساب إسرائيل بالعربية يدعي أنه لا يوجد نقص في المواد الغذائية

لاحظ مسبار أن الاحتلال روّج هذه الادعاءات بالتزامن مع تشديده إجراءات إدخال المساعدات إلى قطاع غزة، وفرضه لحصار خانق على شمال القطاع ومحاولة عزله عن بقية المناطق عسكريًّا ومنع إدخال أي صنف من المواد الغذائية أو المساعدات الإنسانية، في خطوة تهدف إلى تضليل الرأي العام العالمي وتخفيف حدة الانتقادات الدولية الموجهة ضده بسبب الحصار اللاإنساني الذي يفرضه على سكان الشمال.

تضليل إسرائيلي بخصوص إدخال المساعدات إلى شمالي قطاع غزة

أصدر المكتب الإعلامي الحكومي في غزة يوم 14 أكتوبر الجاري، بيانًا، أكد فيه تعمد جيش الاحتلال ممارسة الكذب ومحاولته تضليل الرأي العام بخصوص إدخال شاحنات الطحين إلى محافظة شمال غزة، في حين أنه يطْبق الحصار على محافظتي غزة والشمال منذ 170 يومًا، ويتعمد إغلاق جميع المنافذ الإنسانية وتعزيز سياسة التجويع الممنهج.

وأدان المكتب الإعلامي الحكومي أيضًا ارتكاب الاحتلال جرائم القتل والتجويع ضد المدنيين والنازحين وقتلهم في الشوارع في محافظة الشمال. وأدان سعي الاحتلال لإسقاط المنظومة الصحية وتحويل الشمال إلى منطقة خراب ودمار شامل، داعيًا المجتمع الدولي وكل دول العالم إلى إدانة هذه الجرائم المستمرة.

صورة متعلقة توضيحية
المكتب الإعلامي الحكومي في غزة يؤكد ارتكاب الاحتلال لسياسة التجويع شمال القطاع

في السياق ذاته، أكد الصحفي الفلسطيني في منطقة جباليا عماد زقوت في تدوينة له على منصة إكس، أنه وخلال العملية العسكرية الإسرائيلية المتواصلة في شمال غزة منذ أسبوعين، لم يدخل أي شكل من أشكال المساعدات إلى شمالي القطاع، وهو ما تسبب في فرض أوضاع إنسانية مأساوية. مشدّدًا على أن المواطنين في الشمال يستغيثون من أجل إنقاذهم من الموت جوعًا.

الصحفي الفلسطيني في منطقة جباليا عماد زقوت
الصحفي الفلسطيني في منطقة جباليا عماد زقوت يؤكد عدم دخول مساعدات للشمال

الاحتلال يتعمد استهداف المخبز الوحيد شمال القطاع

لم يكتفِ الاحتلال بتشديد إجراءات إدخال المساعدات إلى القطاع أو تطبيقه حصارًا خانقًا على الشمال فقط، بل عمد أيضًا خلال عمليته العسكرية الجارية في الشمال إلى استهداف المخابز التي مازالت تعمل على توفير الخبز للمدنيين المحاصرين. 

وأعلن برنامج الأغذية العالمي WFP التابع للأمم المتحدة، أن المعابر الرئيسية إلى شمالي قطاع غزة مغلقة، ولم تدخل أي مساعدات غذائية منذ الأول من أكتوبر الجاري، وأضاف أن المطابخ والمخابز ونقاط توزيع الأغذية في شمال القطاع اضطرت إلى الإغلاق بسبب الغارات الجوية والعمليات البرية العسكرية وأوامر الإخلاء. 

وأكد البرنامج أيضًا أنّ النيران اشتعلت في المخبز الوحيد العامل في جباليا بعد إصابته بذخيرة متفجرة، وهو مخبز يدعمه برنامج الأغذية العالمي.

برنامج الأغذية العالمي يؤكد عدم دخول مساعدات إلى الشمال من الأول من أكتوبر الجاري
برنامج الأغذية العالمي يؤكد عدم دخول مساعدات إلى الشمال من الأول من أكتوبر الجاري

كما نشر عنصر الدفاع المدني كريم الحسني، عبر حسابه في انستغرام، مقطع فيديو يوثق تعمد الاحتلال استهداف "مخبز الشلفوح"، وهو المخبز الوحيد المتبقي في شمال القطاع، ويصور الفيديو اشتعال النيران في مختلف أجزاء المخبز واحتراق كميات من الطحين (الدقيق) المخزنة في المستودع، وهي كميات تتبع برنامج الأغذية العالمي WFP، كما يظهر على الأكياس المحترقة.

صورة متعلقة توضيحية
عنصر الدفاع المدني يؤكد استهداف إسرائيل المخبز الوحيد الذي يعمل في جباليا

من جهتها، أكدت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، أن مدفعية الاحتلال قصفت، في 14 أكتوبر الجاري، بعدد من القذائف، مواقع داخل وخارج مركز توزيع المواد الغذائية التابع للوكالة في جباليا، وذلك بالتزامن مع وجود عدد من المواطنين الذين كانوا ينتظرون الحصول على مساعدات غذائية من المركز. وأضافت الأونروا أنّ التقارير الواردة إليها تشير إلى مقتل ما لا يقل عن 10 أشخاص وإصابة 40 آخرين.

أونروا تؤكد استهداف إسرائيل لمواقع داخل وخارج مركز توزيع المواد الغذائية التابع للوكالة في جباليا
أونروا تؤكد استهداف إسرائيل لمواقع داخل وخارج مركز توزيع المواد الغذائية التابع للوكالة في جباليا

استهداف المخابز في بقية مناطق القطاع 

لا يقتصر استهداف الاحتلال على شمال قطاع غزة فحسب، بل يمتد ليشمل مناطق أخرى، إذ تتعارض المزاعم الإسرائيلية بخصوص عدد ووضعية المخابز التي تعمل في القطاع مع الواقع القاسي على الأرض. وفي هذا الخصوص، أفادت وكالة وفا الفلسطينية بتوقف عدد من المخابز في مدينة دير البلح وسط القطاع، بسبب النقص الحاد في الطحين والوقود والمواد الخام الأساسية اللازمة لإنتاج الخبز، وذلك نتيجة تعمد الاحتلال إغلاق المعابر وتشديده في إجراءات إدخال المساعدات.

توقف مخابز في دير البلح عن العمل/وكالة وفا
توقف مخابز في دير البلح عن العمل/وكالة وفا

كما نقلت وكالة الأناضول عن رئيس مجلس إدارة مخابز كامل عجور في مدينة غزة، يوم 15 سبتمبر/أيلول الفائت، قوله إن خمسة مخابز من أصل ستة في مدينة غزة وشمال القطاع توقفت عن العمل بسبب منع الاحتلال إدخال الوقود والمواد الخام الضرورية لإنتاج الخبز. 

وأوضح كامل عجور، أن المخبز الوحيد الذي ما يزال يعمل مهدد أيضًا بالتوقف خلال أسبوع واحد إذا استمر الاحتلال في منع إدخال المواد الخام والوقود.

كما حذر من خطر عودة شبح المجاعة في غزة وشمال القطاع، خاصة بعد تفاقم أزمة إنتاج الخبز جراء توقف معظم المخابز عن العمل، ما يهدد بتعميق المعاناة الإنسانية للسكان.

 خمسة مخابز من أصل ستة في مدينة غزة وشمال القطاع توقفت عن العمل في سبتمبر الفائت/الأناضول
 خمسة مخابز من أصل ستة في مدينة غزة وشمال القطاع توقفت عن العمل في سبتمبر الفائت/الأناضول

تغطية مسبار للتضليل الإسرائيلي حول الأوضاع المعيشية في غزة

سبق أن كشف مسبار أن الاحتلال استخدم الأسلوب نفسه عبر الحسابات ذاتها والمنهجية ذاتها، إذ روج في فبراير/شباط الفائت، معلومات مضللة عن أوضاع المخابز في قطاع غزة، تضمنت بيانات غير دقيقة عن عدد المخابز العاملة وإنتاجها اليومي من الخبز. وقد تمكن مسبار من كشف زيف هذه الادعاءات بعد فحص المعلومات المروجة، ومراجعة بيانات منظمات تنشط في القطاع، إلى جانب شهادات وتصريحات حصرية أكدت عدم صحة ما نشره.

تحقق مسبار من ادعاءات إسرائيلية حول أوضاع المخابز في القطاع في فبراير الفائت
تحقق مسبار من ادعاءات إسرائيلية حول أوضاع المخابز في القطاع في فبراير الفائت

وفي مقال آخر، كشف مسبار بأن الاحتلال ينتهج السياسة التضليلية نفسها، ليس فيما يتعلق بعدد المخابز العاملة في قطاع غزة وإنتاجها اليومي من الخبز فحسب، بل أيضًا عبر نشر معلومات مضللة حول الوضع المعيشي والصحي بشكل عام في القطاع. شملت هذه المزاعم معلومات مضللة بشأن إمدادات الكهرباء، وادعاءات زائفة بالسماح بإدخال المساعدات الطبية إلى المستشفيات. كما روّج الاحتلال لمزاعم بأن حماس تستولي على المساعدات الإنسانية، بالإضافة إلى محاولات تشويه سمعة وكالة الأونروا، في محاولة للتنصل من مسؤوليته في تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة.

تحقق مسبار من ادعاءات مضللة للاحتلال حول الوضع الصحي وإدخال المساعدات في غزة في مارس الفائت
تحقق مسبار من ادعاءات مضللة للاحتلال حول الوضع الصحي وإدخال المساعدات في غزة في مارس الفائت

اقرأ/ي أيضًا

مزاعم إسرائيلية تخص الوضع المعيشي والصحي في قطاع غزة

حسابات إسرائيلية تشارك معلومات مضللة حول أوضاع المخابز في قطاع غزة

اقرأ أيضاً

الأكثر قراءة