نشر جيش الاحتلال الإسرائيلي، بيانًا، في أواخر ديسمبر/كانون الأول الفائت، زعم فيه استكمال عمليته العسكرية ضد ما وصفه بـ"مقر قيادة لحركة حماس الإرهابي داخل مستشفى كمال عدوان". وادعى البيان العثور على وسائل قتالية، من بينها قنابل يدوية ومسدسات وذخيرة وعتاد عسكري داخل المستشفى. كما زعم أن قواته اعتقلت أكثر من 240 شخصًا وصفهم بـ"المخربين"، مدعيًا أن بعضهم حاول التخفي بملابس المرضى والطواقم الطبية، بينما لجأ آخرون، وفق زعمه، إلى الهروب باستخدام سيارات الإسعاف.
وزعم جيش الاحتلال أيضًا، أنه التزم خلال عمليته العسكرية في مستشفى كمال عدوان بأحكام القانون الدولي المتعلقة بحماية المرافق الصحية.
إلا أن جيش الاحتلال، لم يقدم أدلة قاطعة تثبت استخدام أي من فصائل المقاومة الفلسطينية مستشفى كمال عدوان كمقر قيادة عسكري.
كذلك، أقدم الاحتلال على تنفيذ عمليات قصف وتفجير عنيف قبيل اقتحام مستشفى كمال عدوان، تلاه تخريب لمحتوياته وحرق بعض أقسامه بعد تفتيشه، ما أودى بحياة عدد من المرضى الذين كانوا يتلقون العلاج داخله. يُعد هذا السلوك انتهاكًا لأحكام القوانين الدولية التي تمنح حماية خاصة للمستشفيات، وهو ما يتناقض بشكل واضح مع ما ادعاه الاحتلال في بيانه.
الاحتلال يدّعي استخدام فصائل المقاومة للمستشفيات كمقرات قيادة عسكرية
طالبت حركة حماس بإرسال مراقبين أمميين إلى مستشفى كمال عدوان، للتحقق من حقيقة ما يجري وتفنيد أكاذيب الاحتلال ومزاعمه بشأن استخدام المستشفى لأغراض عسكرية.
وسبق أن ادعى جيش الاحتلال الإسرائيلي في أواخر أكتوبر/تشرين الأول الفائت، أن مستشفى كمال عدوان يحتوي على مقر قيادة أنشأته حركة حماس، دون أن يقدم أي أدلة.
وتفنيدًا لادعاءات الاحتلال حول استخدام فصائل المقاومة في غزة للمستشفيات كمقرات قيادة عسكرية، خلص تحقيق أجرته وكالة أسوشييتد برس، إلى أن إسرائيل لم تقدم أدلة كافية تثبت وجود مقاتلين من المقاومة داخل المستشفيات التي استهدفتها، بما في ذلك مستشفى العودة، والمستشفى الإندونيسي، ومستشفى كمال عدوان. استند التحقيق إلى شهادات جمعتها الوكالة من مرضى، وشهود عيان، وعاملين في المجال الطبي والإنساني، بالإضافة إلى مسؤولين إسرائيليين.
وفيما يتعلق بتبرير الاحتلال حصاره ومهاجمته مستشفى كمال عدوان بحجة استخدامه كمقر قيادة، أكدت الوكالة أن الاحتلال لم يقدم أدلة واضحة تدعم مزاعمه. كما أشارت إلى أن الاحتلال اكتفى بعرض بعض اللقطات المصورة لادعاء العثور على أسلحة داخل المستشفى، دون تقديم إثباتات موثوقة.
الجنائية الدولية تشكك في مزاعم الاحتلال بشأن مستشفيات غزة
وتعليقًا على الادعاءات الإسرائيلية المتكررة بشأن استخدام فصائل المقاومة في غزة للمستشفيات كمقرات قيادة عسكرية، صرّح المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لصحيفة ذا غارديان البريطانية بأن مزاعم وجود مقاتلين من حماس في مستشفيات غزة "مبالغ فيها بشكل كبير".
وشكك في صدقية الادعاءات التي استخدمتها إسرائيل لتبرير هجماتها على المرافق الصحية في غزة، وأوضح المدعي العام أن المحكمة الجنائية الدولية تواجه صعوبة كبيرة في تقييم مستوى وجود مقاومين من حماس داخل المستشفيات. وأضاف "من الواضح أن هناك أكاذيب يتم تداولها"، لكنه شدد على الحاجة إلى أدلة واضحة لإثبات أي وجود عسكري داخل هذه المستشفيات، إن وجد.
الاحتلال يدّعي التزامه بالقوانين الدولية خلال اقتحامه مستشفى كمال عدوان
ادعى الاحتلال في بيانه أنه التزم بأحكام القانون الدولي خلال اقتحامه مستشفى كمال عدوان، إلا أن واقع الحصار والاقتحام يُفند هذه الادعاءات، إذ أقدم جيش الاحتلال الإسرائيلي على إحراق عدد من أقسام المستشفى، من بينها قسم العمليات والأرشيف والمختبر والصيدلية وقسم الصيانة، كما وسّع نطاق الحريق ليشمل المستشفى بالكامل.
بالإضافة إلى ذلك، اعتدى الاحتلال على الطواقم الطبية العاملة في المستشفى، إذ أجبرهم على خلع ملابسهم رغم البرد الشديد، واعتقل عددًا منهم، ولا يزال مصيرهم مجهولًا حتى الآن.
وعلى عكس مزاعم الاحتلال، سبقت عملية الاقتحام العسكري للمستشفى عمليات قصف مكثف بالطائرات والمسيرات استهدفت عددًا من أقسامه، إضافة إلى نسف محيط المستشفى على مدى أيام قبل الاقتحام.
خداع الاحتلال للطواقم الطبية واستخدام مدير مستشفى كمال عدوان كدرع بشري
في السياق، أكد المدير العام لوزارة الصحة في غزة، منير البرش، أن قوات الاحتلال نفذت عملية خداع للطواقم الطبية العاملة في مستشفى كمال عدوان، إذ أوهمتهم بأنه سيتم نقلهم إلى المستشفى الإندونيسي، لكنها اقتادتهم إلى مدرسة الفاخورة غرب جباليا واحتجزتهم هناك.
وأضاف البرش أن من بين الطواقم الطبية التي تعرضت للخداع كان مدير مستشفى كمال عدوان، حسام أبو صفية. وكشف أن عددًا من جنود وضباط الاحتلال أجبروه على خلع ملابسه وانهالوا عليه بالضرب المبرح باستخدام الهراوات. وبعد ذلك، أجبرت قوات الاحتلال أبو صفية على ارتداء ثوب الاعتقال الأبيض وأعادته إلى المستشفى لاستخدامه كدرع بشري أثناء اقتحامها وتفتيش أقسامه.
تهجير قسري وانتهاكات جسيمة بحق المدنيين والطواقم الطبية
أما عن ظروف تهجير الاحتلال للمدنيين والمرضى والطواقم الطبية من مستشفى كمال عدوان، فقد نقلت وكالة الأناضول شهادات حول ممارسات الاحتلال تجاه النازحين الذين تم تهجيرهم. وأفادت الوكالة بأن جنود الاحتلال تعمدوا ضرب وتعذيب المصابين الذين كانوا في المستشفى، إذ ذكرت إحدى الحالات التي قام فيها جنود الاحتلال بنزع البلاتين الخارجي المزروع في قدم أحد المصابين وإسقاطه أرضًا بشكل متعمد.
كما أقدم الاحتلال على إبقاء المحتجزين شبه عراة في البرد القارس، ورش المياه عليهم بعد أن طلبوا شربها. علاوة على ذلك، تعرضت النساء الفلسطينيات اللواتي احتجزهن الاحتلال للضرب وأُجبرن على خلع حجابهن، في حين واجه كل من خضع للتحقيق شتائم وإهانات طالت كرامتهم.
من جهته، نقل المرصد الأورومتوسطي عن شهادات جمعها أن جيش الاحتلال ارتكب جرائم خطيرة ضد المدنيين، خلال اقتحامه مستشفى كمال عدوان والمناطق المحيطة به شمالي قطاع غزة. وشملت هذه الجرائم القتل العمد والإعدام الميداني، بالإضافة إلى اعتداءات جنسية وجسدية على نساء وفتيات من الطواقم الطبية والنازحات في المنطقة.
الاحتلال يدّعي القبض على 240 "مخربًا"
لا تُعد هذه المرة الأولى التي يحتجز فيها الاحتلال عددًا من المدنيين والأطباء ويزعم أنهم "مخربون". فقد سبق أن نشر الاحتلال ادعاءات مماثلة في 14 ديسمبر 2023، حين زعم في بيان مرفق بصور أنها تُظهر "استسلام أكثر من 70 ناشطًا حمساويًا مع أسلحتهم في منطقة مستشفى كمال عدوان في غزة". إلا أن مسبار تحقق حينها من هذه الادعاءات، وتبيّن أنها مضللة. إذ أظهر الفحص الدقيق للمشاهد أن الأشخاص الذين زعم الاحتلال أنهم "مخربون" كانوا في الواقع مدنيين وأطباء في مستشفى كمال عدوان، وليسوا عناصر من المقاومة.
وخلص تحقيق مسبار إلى أن الاحتلال قام بتصوير وتحرير مشاهد مختلفة للمدنيين والأطباء بعد إجبارهم على خلع ملابسهم وحمل أسلحة للتصوير، وكل ذلك تحت تهديد السلاح.
كما سبق أن روّج الاحتلال لمجموعة من الصور والمشاهد التي تظهر أشخاصًا عراة ومعصوبي الأعين، زاعمًا أنها توثق اعتقال أكثر من 100 عنصر من حماس بعد خروجهم من الأنفاق شمالي قطاع غزة. إلا أن تحقيقًا آخر أجراه مسبار خلص إلى أن الأشخاص الذين زعم الاحتلال أنهم عناصر من حماس، هم في الواقع مدنيون خضعوا لتحقيقات ميدانية.
ومن بين هؤلاء المعتقلين كان هناك عدد من الصحفيين والأطباء والأكاديميين وكبار السن، الذين تم اعتقالهم من مراكز نزوح شمالي غزة وتعريتهم في انتهاك صارخ لحقوقهم الإنسانية.
اعتقال الكوادر الطبية في مستشفى كمال عدوان
وفي هذا السياق، وبخصوص ادعاء الاحتلال القبض على 240 "مخربًا" عقب اقتحامه مستشفى كمال عدوان، أكد المدير العام لوزارة الصحة الفلسطينية في غزة منير البرش، لقناة الجزيرة الإخبارية أن الاحتلال اعتقل نحو 33 من الكوادر الطبية من داخل مستشفى كمال عدوان، بينهم مدير المستشفى، حسام أبو صفية.
وأوضح البرش أن الاحتلال احتجز 11 ممرضًا و4 مسعفين و7 إداريين واثنين من الصحفيين، بالإضافة إلى نحو 10 من عمال النظافة والصيانة. كما أشار إلى أن قرابة 10 آخرين فقدت آثارهم ولا يعرف مصيرهم حتى الآن، وهو ما يفند مزاعم الاحتلال بأن من ادعى القبض عليهم هم "مخربون".
وفي السياق، وبشأن ادعاء الاحتلال القبض على 240 "مخربًا" عقب اقتحامه مستشفى كمال عدوان، أكد المدير العام لوزارة الصحة الفلسطينية في غزة، منير البرش، لقناة الجزيرة الإخبارية، أن الاحتلال اعتقل نحو 33 من الكوادر الطبية داخل مستشفى كمال عدوان، بينهم مدير المستشفى حسام أبو صفية.
وأوضح البرش أن من بين المعتقلين 11 ممرضًا، و4 مسعفين، و7 إداريين، واثنين من الصحفيين، بالإضافة إلى نحو 10 من عمال النظافة والصيانة. كما أشار إلى فقدان آثار نحو 10 آخرين، ولا يُعرف مصيرهم حتى الآن. وأكد أن هذا يُفند مزاعم الاحتلال بأن المعتقلين هم “مخربون” أو عناصر في فصائل المقاومة الفلسطينية.
تقارير أممية تشكك في روايات الاحتلال والأدلة التي يقدمها
في تقرير أممي حديث، أكدت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان أن نمط الاعتداءات الإسرائيلية على مستشفيات غزة يثير مخاوف بالغة بشأن وقوع جرائم خطيرة. وتناول التقرير تفاصيل الدمار الذي لحق بنظام الرعاية الصحية في غزة، وحجم قتل المرضى والموظفين وغيرهم من المدنيين، واصفًا ذلك بأنه "تجاهل صارخ للقانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان".
كما استعرض التقرير السياسة التي يتبعها الاحتلال، إذ يزعم في كل مرة يهاجم فيها المستشفيات أن المقاومة تستغل هذه المنشآت المدنية كمقرات عسكرية. إلا أن التقرير خلص إلى أن الاحتلال لم يقدم سوى القليل من المعلومات لإثبات هذه الادعاءات، مشيرًا إلى أن المعلومات المقدمة كانت غامضة وفضفاضة، بل وفي بعض الحالات متناقضة.
صور نشرها جيش الاحتلال على أنها تثبت استخدام مستشفى كمال عدوان كمقر لحماس
كما حلل مسبار الصور التي أرفقها الاحتلال في بيانه، والتي زعم أنها دليل على استغلال فصائل المقاومة المنشآت المدنية، مثل المستشفيات، كمقرات عسكرية. وعند التدقيق في إحدى الصور، تبين أنها تحتوي على مسدسين، وسكين، وجهاز يبدو كمنظار رؤية ليلي، وآخر يُحتمل أنه شريط لقياس المسافة، بالإضافة إلى ثلاثة مخازن ذخيرة (أمشاط) وبعض العملات الصغيرة التي لا تصنف ضمن الاستخدام العسكري، إلى جانب عناصر أخرى صغيرة الحجم تم تظليلها من قِبل الاحتلال. أما الصورة الأخرى، فقد تضمنت عبوة شواظ.
ورغم ذلك، فإن المعدات المعروضة لا تتطابق مع الوصف المبالغ فيه الذي ورد في بيان الاحتلال، الذي زعم أن الصورة تثبت العثور على "وسائل قتالية من بينها قنابل يدوية ومسدسات وذخيرة وعتاد عسكري". إضافة إلى ذلك، لم تُقدم أي أدلة تثبت بشكل قاطع أن العناصر المعروضة في الصور تم العثور عليها فعلاً في مستشفى كمال عدوان، أو أن الصور التُقطت في المستشفى ذاته.
ووفقًا للصور التي عرضها الاحتلال الإسرائيلي لتبرير الاقتحام، فإن ما زُعم أنه معدات عسكرية لا يبدو أنها تشكل تهديدًا جديًا أو مباشرًا على قوات الاحتلال. علاوة على ذلك، لم تُقدم أدلة إضافية تثبت تأثير هذه المعدات بشكل مباشر على العمليات العسكرية في المنطقة.
من جهة أخرى، تنص القاعدة رقم 14 من القانون الدولي الإنساني العرفي على أن أي هجوم عسكري يجب أن يتوافق مع مبدأي الضرورة والتناسب. وتنص القاعدة بوضوح على أنه
“يُحظر الهجوم الذي قد يُتوقع منه أن يُسبب بصورة عارضة خسائر في أرواح المدنيين أو إصابات بينهم، أو أضرارًا بالأعيان المدنية، أو مجموعة من هذه الخسائر والأضرار، ويكون مفرطًا في تجاوز ما يُنتظر أن يُسفر عنه من ميزة عسكرية ملموسة ومباشرة”.
وكان مسبار قد فند سابقًا الذرائع الإسرائيلية بشأن وجود مقاتلين في المستشفيات لتبرير استهدافها، إذ خلص التقرير إلى أنه حتى إذا وُجدت أسلحة أو مقاتلون، لا يحق لإسرائيل رفع الحماية عن المستشفيات والمنشآت المدنية المحمية بموجب القانون الدولي إلا بعد اتخاذ جملة من الإجراءات لحماية المدنيين. كما أن أي اعتداء على المنشآت المدنية يجب أن يتوافق مع مبدأي الضرورة والتناسب، وقد ثبت أن الاحتلال انتهك هذا المبدأ في العديد من الحالات.
اقرأ/ي أيضًا
مستشفى الشفاء: أبرز ما طاولته المزاعم الإسرائيلية خلال الحرب على غزة
التضليل مرتين: وسائل الإعلام الغربية لم تصحح الادعاءات التي ثبت زيفها عن مستشفى الشفاء