تحقيق مسبار
كونها دولة إفريقية جغرافياً وعربية لغةً يحتار الكثير فيما إذا كانت السودان دولة عربية أم لا، حيث تُعد السودان من الدول التي يختلف على نسبها عند الحديث عنها كدولة إفريقية، أو عربية، أو ما بين بين. يعود الآن سؤال الهوية السودانية إلى الواجهة مع كثير من الجدل من داخل وخارج السودان. فهل السودان تعد فعلياً دولة عربية أم لا؟
دولة السودان في التاريخ
- ينتمي السودان جغرافياً إلى إفريقيا، وسكانه الأصليون هم سكان إفريقيا.
- هاجر إلى السودان من قديم الزمان عرب الحجاز واليمن وآخرون من آسيا، وأقوام من الأمم المجاورة؛ كالحبشة ومصر وبربر بلاد المغرب، واختلطوا وامتزجوا بأهله.
- الفتح الإسلامي هجرت إليه قبائل عربية حجازية ويمنية ومغربية أو بعض أفرادها، وسادت أهله الأصليين وامتزجت بهم بالزواج، فكسب الوافدون السحنة السوداء قليلاً أو كثيراً، وشيئاً من العادات.
- خرج العديد من السكان الأصليين بعدها إلى الجنوب ومن ثمَّ احتفظ جنوبي السودان بطابع السكان الأصليين كما كان عهدهم منذ آلاف السنين.
- نال السودان استقلاله عن الحكم البريطاني في الأول من يناير/ كانون الثاني1956، واختار زعماؤه السياسيون على إثر ذلك الانضمام الى جامعة الدول العربية.
هل السودان دولة عربية؟
ينقسم هذا السؤال إلى شقين، الأول يتعلق بالجغرافيا والتاريخ والثقافة، والثاني يتعلق بالانتماء الرسمي للدولة. نجيب على هذا السؤال من عدة جهات رسمية، من داخل السودان وخارجه.
-
السودان وجامعة الدول العربية
بحسب جامعة الدول العربية فإن السودان أحد أعضاءه إذ انضم إلى الجامعة العربية 19/01/1956 بعد استقلاله عن الحكم البريطاني ليختار زعماؤه الانضمام إلى جامعة الدول العربية. وكونها عضواً في الجامعة العربية فتُعتبر السودان دولة عربية. كما جاء في ميثاق جامعة الدول العربية في مادتها الأولى: "تتألف الجامعة العربية من الدول العربية المستقلة الموقعة على هذا الميثاق. ولكل دولة عربية مستقلة الحق في أن تنضم إلى الجامعة، فإذا رغبت في الانضمام قدمت طلباً بذلك يودع لدى الأمانة العامة الدائمة ويعرض على المجلس في أول اجتماع يعقد بعد تقديم الطلب"
وعلى ذلك اختار السودان أن يكون دولة عربية طواعيةً ، وأن يكون عربياً ضمن حلف عربي.
-
رئاسة الجمهورية السودانية
بحسب الموقع الرسمي لرئاسة جمهورية السودان فإن اللغة الرسمية للسودان هي اللغة العربية، إلا أن الموقع لا يذكر صراحةً أنّ السودان دولة عربية. وجغرافياً يذكر فقط أنه يقع شمال شرق أفريقيا، دون التطرق لعلاقته بالوطن العربي.
- الاسم الرسمي للدولة: جمهورية السودان
- نظام الحكم: رئاسي لامركزٌي يتكون من مستوى قومي وولائي ومحلي.
- العاصمة: الخرطوم.
- اللغة الرسمية: اللغة العربية.
- الديانة: غالبية السكان مسلمون والبعض يدينون بالمسيحية والقليل منهم لهم معتقدات محلية.
- الاستقلال: نال السودان استقلاله عن الحكم الاستعماري الثنائي البريطاني والمصري في 1 يناير 1956 م
- عدد السكان: 41,984,514 (2018 م ) بمعدل نمو سنوي ( 2.49 ) .
- الموقع: شمال شرق أفريقيا.
-
مجلس الوزراء السوداني
بحسب مجلس الوزراء السوداني فإن السودان بلد عربي إفريقي. فقد عرّف المجلس السودان على أنه: الجزء الذي يقع جنوب الصحراء الكبرى الأفريقية والذي يمتد من المحيط الأطلسي غرباً الى البحر الأحمر والمحيط الهندي شرقاً، وجمهورية السودان دولة عربية أفريقية تُمثّل نسيجاً اجتماعياً متفرداً بمختلف الثقافات والأعراض والسحنات قل أن توجد في أي مكان في العالم.
-
الوثيقة الدستورية للسودان عام 2019
في عام 2019 قام السودانيون بتوقيع الوثيقة الدستورية لاتفاق تقاسم السلطة بين المجلس العسكري الحاكم والمعارضة المدنية، والذي جاء بعد مفاوضات مُضنية بين ممثلي المعارضة التي قادت احتجاجات واسعة ضد نظام البشير والمجلس العسكري الذي أطاح به في شهر إبريل/نيسان.
ألغت الوثيقة الدستورية العمل بدستور السودان الانتقالي لعام 2005 ودساتير الولايات. وتصف الوثيقة جمهورية السودان بأنها "دولة مستقلة ذات سيادة، ديمقراطية، برلمانية، تعددية، لا مركزية تقوم فيها الحقوق والواجبات على أساس المواطنة دون تمييز بسبب العرق أو الدين أو الثقافة أو الجنس أو اللون أو النوع أو الوضع الاجتماعي أو الاقتصادي أو الرأي السياسي أو الإعاقة أو الانتماء الجهوي أو غيرها من الأسباب".
والدستور الانتقالي لا يختلف حول القومية عن الدستور السابق الذي جاء في بابه الأول: "جمهورية السودان دولة مستقلة ذات سيادة، وهي دولة ديمقراطية لا مركزية تتعدد فيها الثقافات واللغات وتتعايش فيها العناصر والأعراق والأديان.
تلتزم الدولة باحترام وترقية الكرامة الإنسانية، وتُؤسس على العدالة والمساواة والارتقاء بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية وتتيح التعددية الحزبية.
السودان وطن واحد جامع تكون فيه الأديان والثقافات مصدر قوة وتوافق وإلهام."
وبهذا التعريف، لا يذكر الدستور صراحةً قومية السودان عربية أم لا. ليظل الأمر مفتوحاً على احتمالات عديدة.
خروج السودان من جامعة الدول العربية
منذ عدة سنوات، وخاصة بعد إسقاط الرئيس البشير، بدأ العديد من الناشطين بالمطالبة بخروج السودان من جامعة الدول العربية، ليوقّع على وثيقة الخروج الآلاف من السودانيين. ويرى القائمون على الحملة أن السودان بلد أفريقي تعرّض للتفرقة العنصرية، وأن اللغة العربية ثقافة وليست عرق بشري.
غير أن آخرين يعترضون على ذلك ومشكلتهم في تحديد هوية السودان، فهم لا يرون مشكلة في انضمام السودان الى أي منظمة عالمية ومن ضمنها جامعة الدول العربية - لكن المشكلة هي أنّه إن كانت عضوية السودان في جامعة الدول العربية ستهضم حقوق بعض مواطني السودان الذين يعتبرون أنهم ليسوا عرباً. إلا أنه ليس هناك من يُنكر أن السودان بلد تسود فيه الثقافة العربية، وأن اللغة العربية هي لغة التواصل بين أغلب أهله، لكن السودان أيضاً يضم ثقافات افريقية وأعراق افريقية ولديه تاريخ قديم يعود الى بداية التاريخ.
اقرأ أيضاً: