أعلن موقع فيسبوك عن خططه لإزالة فيديوهات الزيف العميق Deepfake أو أية مقاطع فيديو تم التلاعب بها باستخدام الذكاء الاصطناعي أو التعلم الآلي.والمقصود بالـDeepfake مقاطع الفيديو التي تبدو مقنعة للغاية، ويتم التلاعب بها باستخدام الذكاء الاصطناعي.
كما أعلن الموقع أنَّ الحظر لن يكون شاملاً جميع فيديوهات "الزيف العميق"، وأنه سيتم إعفاء الفيديوهات التي تستخدم ذات التقنية بغرض المحاكاة الساخرة أو الهجاء.
وواجه هذا القرار على الفور انتقادات من بعض الخبراء والسياسيين، الذين قالوا إنَّ الشركة يجب أن تذهب أبعد بكثير من إزالة فيديوهات تم التلاعب بها إلى تقنين استخدام الوسائل التي يتم استخدامها لفعل ذلك.
ويتعرض فيسبوك لانتقادات مستمرة حول نشر المحتوى المزيف، وذلك بسبب فشله في وقف انتشار المعلومات الخاطئة، خاصة فيما يتعلق بخطاب الكراهية.
ويأتي هذا الإعلان مع قرب الانتخابات الرئاسية الأمريكية، في نوفمبر/ تشرين الثاني القادم، فمن المتوقع أن تنتج كميات هائلة من الأخبار المزيفة والمعلومات المضللة التي قد تحرف اختيارات الناخبين.
وكان "فيبسوك" رفض إزالة مقاطع فيديو تم التلاعب بها سواء على منصته أو منصة انستغرام التي يمتلكها، خلال العام الماضي؛ ومن ضمنها مقطع فيديو يُظهر رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسى بيلوسى غير متماسكة عن طريق إبطاء حديثها وجعله يبدو كما لو كانت تتعثر مراراً وتكراراً بكلماتها، ويتساءل كثيرون الآن، إذا ما ستتم إزالة الفيديو بموجب السياسة الجديدة!
وعلى الرغم من أنَّ الفيديو لم يكن متقناً من الناحية الفنية، إلا أنه أثار جدلاً عاماً حول المسؤوليات التي تتحملها شركات وسائل الإعلام الاجتماعي فيما يتعلق بنشر مقاطع الفيديو التي تم تعديلها للسياسيين على منصاتها.
وفي لقاء مع المدون والصحافي المصري وائل عباس، قال خلاله لـ "مسبار" "المحتوى المزيف في فيسبوك، لا يقتصر على الفيديو، بل يشمل آراء وأخبار ومقالات مزيفة، وليس الفيديو فقط".
وأضاف أنَّ تكنولوجيا الـDeepfake لا غنى عنها، خاصة أنه يتم استخدامها في الأفلام، فانتشارها سيحدث بصورة أكبر في المستقبل، مشيراً إلى أنها كانت تقنية أساسية خلال صناعة فيلم "Irish Man".
وأوضح أنه يحق لفيسبوك إزالة الفيديوهات لو تم إساءة استخدامها؛ كأن يتم نسب كلام معين لشخص معين على خلاف الواقع، مستدركاً "لكن لو غرضها فني أو سخرية أو إحياء شخصية ليست موجودة، فلا أعتقد من حق فيسبوك إزالتها، طالما أنَّ الذي يرفع الفيديو لم ينسب أي شيء مزور لشخص ما، وطالما أنه وفر محتوى كافي يشرح فيه الفيديو عبارة عن ماذا وما الهدف منه، ما يجعل هناك متنفساً حراً لمستخدمي الموقع"، ونوه إلى أنَّ هناك أوقات كثيرة يكون واضحاً أنَّ الفيديوهات التي يتم نشرها باستخدام تقنيات الزيف العميق، ساخرة دون إضافة عبارات توضح ذلك من قبل رافع الفيديو.
هذا وكانت إدارة شركة فيسبوك أعلنت في 14 نوفمبر/ تشرين الثاني أنّها أغلقت حتى ذلك التاريخ خمسة مليارات وأربعمئة مليون حساباً زائفاً حول العالم خلال عام 2019، مقارنة مع حوالي 3.3 مليار حساب أزالتهم عام 2018، كما تواصل إزالة أي مقطع فيديو ينتهك قواعدها المتعلقة بالعُريّ أو عنف الرسوم أو قمع الناخبين أو خطاب الكراهية.
وأوضحت الشركة في إعلانها الأخير أنه سيتم التحقق أيضاً من الفيديوهات المزيفة الخارجية التي يتم مشاركتها على الموقع، والعمل على تقييد انتشارها، وتحذير الأشخاص الذين يرون المحتوى أو يحاولون مشاركته بأنه غير صحيح.
وهنا يرى المدون عباس أنَّ الفيديوهات التي يتم تحميلها على منصة الفيسبوك يكون نصيبها أوفر من المُشاهدات، خاصة أنَّ فيسبوك يفضلها على أن تكون تمت مشاركتها من مواقع إخبارية خارجية أو موقع يتيوب، فالخوارزميات الخاصة بالموقع تجعل هذه الفيديوهات أكثر ظهوراً على المنصة من بقية الفيديوهات التي يشاركها المستخدمون.
ومن مقاطع "الزيف العميق" التي استُعملت فيها التقنيّة وحازت على ملايين المشاهدات، مقطع يَظهر الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما وهو يدلي بتصريحاتٍ ليست له، إنّما بفضل تقنية الزيف العميق يظهر تطابقٌ كبير بين حركة الشفاه والصوت، لدرجةٍ يبدو معها المقطع وكأنه فعلاً للرئيس أوباما.
ويعتمد صانعو مقاطع الفيديو المبنيّة على الزيف العميق، على تقنية ذكاءٍ اصطناعيّ اسمها GANsتقوم على إنشاء شبكتين عصبيتين اصطناعيتين؛ الأولى تستقبل بياناتٍ ومعلوماتٍ عشوائيةٍ لصورٍ أو مقاطع فيديو لشخصٍ ما، وتُنتِج اعتماداً عليها محتوىً بصرياً مزيّفاً عنه، وهنا تأتي وظيفة الشبكة العصبيّة الاصطناعية الثانية، بإعادة إنتاج النسخة المزيفة التي ولّدتها الشبكة الأولى، لكنْ بعد تدقيقها وتحسين جودتها ومعالجة العيوب فيها. لنحصل في النهاية على مقطع فيديو يصعب الحكم على محتواه إن كان حقيقياً أم مزيفاً.
المصادر:
لقاء مع المدون المصري وائل عباس