في أواخر شهر أبريل/نيسان من عام 2013، فاجأ حساب وكالة الأنباء الأميركية (أسوشيتد برس) عبرَ موقِع تويتر، الملايين من مُتابعيه بعد أن نشر تغريدة حول وقوعِ انفجار في البيتِ الأبيضِ أدّى إلى إصابةِ الرئيس باراك أوباما. أُعيدَ نشر التغريدة أكثر من أربعة آلاف مرة، وصارت إحدى أكثر التغريدات كُلفةً في التاريخ بعد أن تسبّبت في انخفاضِ أسعار الأسهم. ومع أنّ أسواق الأسهم انتعشت حالما تأكّدَ زيف التغريدة، إلّا أنّ الخسارة كانت قد وقعت. لقد كلّفت التغريدة خسائر يزيد مقدارها على 130 مليار دولار من قيمةِ الأسهم.
استشهدت إحدى الدراسات الحديثة الّتي أجراها معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بهذه الواقِعة، كما تتبّعت 126 ألف قصّة أعيد تغريدها ثلاثة ملايين حساب عبرَ موقِع تويتر، في الفترة بين 2006 و2017. ووجدَ كلٌ من سوروش فوسجي، وديب روي، وسِنان آرال، أنّ القصص الإخبارية الزائفة تنتشر بشكلٍ أسرع، في موقع تويتر، مُقارنةً بالقِصص الحقيقيّة. تنتشر الأخبار الزائفة بين ألف و100 ألف مُستخدم لتويتر سريعاً، بيدَ أنّ القِصص الحقيقيّة/المؤكّدة تستغرقُ مُدّة أطول بستِّ مرّات للوصولِ إلى 1500 شخص. كذلك، لاحظ الباحثون أنّ الأخبار الزائفة أُعيدَ تغريدها من قِبَلِ الأشخاص الحقيقيّين أكثر من الحسابات الآليّة الوهميّة.
وأشارت الدراسة إلى أنّ الزيف "انتشر بشكلٍ خطير، أبعد وأسرع وأعمق وأوسع من الحقيقةِ في جميعِ أنواع الأخبار، وأنّ آثار الأخبار السياسية الزائفة كانت أكثر وضوحاً، إذا ما قورِنت بآثارِ الأخبار الزائفة حول الإرهاب، أو الكوارث الطبيعية، أو العُلوم، أو الأساطير الشعبيّة، أو الاقتصاد. وكانت الأخبارَ الزائفة غير مألوفة بطبعها أكثر من الأخبارِ الحقيقيّة، ممّا يُشير إلى أنّ المستخدمين ميّالون إلى تبادُل المعلومات الّتي تُقدّم غير المألوف".
في الواقِع، يُمثّل تأثيرَ الأخبار الزائفة تحدّياً دائماً للحُكومات والمُنظّمات والأفراد على حدٍّ سواء. من المُتوقّع في هذا العام [2018] أن تستمرّ حملاتُ الأخبار الزائفة – سواء بدوافعٍ سياسية أو مالية – إلى جانبِ حملات الدعاية السيبرانيّة، وذلك باستخدام أساليب مُتنوّعة ومُثيرة لتتفشّى.
لمزيدٍ من التوضيح، في بحثٍ أجرته شركة "تريند مايكرو" في يونيو/حزيران 2017 على موقع تويتر حول وسم "#MacronLeaks" (تسريبات ماكرون). وجدت الدراسة أنّ الحملة تكوّنت من جمهور مُميّز يضمُّ "مؤثّرين"، وهي حسابات أشخاص حقيقيّة، بالإضافة إلى "مُتابعيهم"، الّذين يُظهِرون سُلوكيات استخدام مُشابِهة لسُلوكيات المُتابعين الحقيقيّين، لكنّهم قد يكونون أيضاً حسابات آليّة وهميّة. وبالعادة، تشتمل حملات الأخبار الزائفة عبرَ موقِع تويتر على مجموعة مُتابعين مُتشابِكين إلى حدٍّ بعيد، يُعيدون تغريد المُحتوى الزائف نفسه الّذي ينشره "المؤثّرون".
إنّ إساءةَ استخدام منصّات التواصُل الاجتماعي، مثل «تويتر»، هو ليس إلّا قِمّة جبلٍ جليدي. لقد وجد بحثٌ لشركةِ «تريند مايكرو» كذلك، اقتصادًا مُزدهرًا لأسواقٍ رماديةٍ سرّية مُخصّصة للأخبار الزائفة. على سبيل المِثال، قد يُكلّف إسكات وتشويه سُمعة صحافي مبلغ 55,000 دولار أميركي، في حينِ أنّ خلق شخص مشهور يمتلك عدد 300,000 مُتابع خِلال شهر واحد قد يُكلّف ما يصِل إلى 2,600 دولار أميركي. إنّ المجموعات السريّة الروسيّة تستخدم تقنيّة "التعهيد الجماعي" كمهنة لنشرِ الأخبار الزائفة.
(كيف يقوم المُتحكِّم بتوظيفِ أو إساءة استخدام الأسواق الرماديّة السريّة والشرعيّة لنشرِ الأخبار الزائفة)
فكِّر قبل أن تُغرِّد
بعيداً عن إرشاداتِ النشر للمُستخدِمين، يمتلك "تويتر" سياسات خاصّة بمطوّري تطبيقات الطرف الثالث، أو التطبيقات التي تستفيد من تويتر والمستخدمين وتجمع البيانات من خلال الموقع. وتأتي تلك السياسات ضدّ التغريد الآلي والأنشطة الأُخرى الّتي تعمل بمثابة قنوات توزيع للأخبارِ الزائفة بالأخصّ. ويبحث "تويتر"، بالإضافة إلى "فيسبوك" وغوغل، عن طرائق لمُكافحةِ الأخبار الزائفة، بِما في ذلك "مؤشّرات الثقة" الّتي تُمكّن المُستخدِمين من فحصِ صحّة المُحتوى الّذي يُضيفونه.
لقد صرّح موقع تويتر كذلك، أنّه سيتعاون بشكلٍ أكبر مع الخُبراء في تطويرِ آليّة "فحص صحّية"، لتوفيرِ بيئة أفضل للمُحادثات الاجتماعية. وقد قدّم "تويتر" البيانات الّتي استُخدِمت في بحثِ معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا سابق الذكر.
يُشكّل القُرّاء/المستخدِمون أنفسهم في نهايةِ المطاف خطَّ الدفاع الأوّل ضدّ الأخبار الزائفة. إنّ الانتباه إلى علامات الخبر الزائف، مثل العناوين المُهوِّلة والزائفة والّتي تهدف فقط إلى زيادة زيارات المواقع، وغيابِ مصادِر موثوقة، ليست سوى بعض أشكال الدفاع. علينا أن نقرأ ما وراء العنوان الرئيسي، وأن نتحقّق من المصادِر، وأن نخرج من "فُقّاعةِ الفرز" في أذهاننا، من خِلال الاعتماد على مجموعةٍ أوسع من المصادِر الموثوقة.
المصدر: Trend Micro.