استمرار تفشّي وباء كورونا يصحب معه استمرار انتشار مهول وسريع للمعلومات الكاذبة والأخبار الزائفة عنه، إذ تروّج في وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي شائعات خاطئة عن أعراضه وسبل الوقاية منه وتصل إلى حد معلومات عن طرق علاجه خالية من المراجع العلمية والطبيّة وإلى استغلال خوف الجمهور من أجل جني الأرباح الاقتصادية عن طريق بيع معدّات غير ضرورية ومضرّة للوقاية من الفايروس، ممّا أدى إلى انتشار الهلع والقلق بوتيرةٍ أعلى من انتشار الفايروس نفسه كما صرّحت مسؤولة منصّات التواصل الاجتماعي في منظمة الصحة العالمية، إذ أسرعت منظّمة الصحّة العالمية بالتطرّق إلى هذه الظاهرة في تقريرٍ لها في تاريخ 2 فبراير/شباط من العام الجاري وأشارت إلى أن تفشّي فايروس كورونا في نهاية عام 2019 صحب معه كم ضخم من المعلومات غير المسبوقة، بعضها دقيق وصحيح وبعضها زائف، إذ عرّفت منظمة الصحة العالمية "وباء المعلومات" بأنه صعوبة قدرة الأفراد للوصول إلى المصادر الموثوقة والإرشادات ذات المصداقية عند الحاجة.
يعبّر "وباء المعلومات" وهو ترجمةً للمصطلح باللغة الإنجليزية (Infodemic (Information + Panademic، عن الكمية الزائدة من لمعلومات حول مشكلة معيّنة بحيث يُصبح حلّها أكثر صعوبة. وعلى الرغم من أن فايروس كورونا ليس أول وباء يجتاح العالم، إلّا أنه أطلق أول وباء معلوماتي في الفضاء الرقمي، إذ لم يشهد العالم التدّفق الضخم والسريع للمعلومات الزائفة عند تفشّي فايروس سارس عام 2003 مثلًا، وتم رُصد قرابة 4000 موقع الكتروني جديد عن فايروس كورونا في حين شكّل 3% منهم منصّات للأخبار الزائفة حول الفايروس، ممّا دفع منظمة الصحة العالمية إلى التعاون مع شركات التواصل الاجتماعي لضمان وصول المستخدمين إلى مصادر المعلومات الموثوقة، إذ قامت شبكات فيسبوك وتويتر وانستغرام بتوجيه الباحثين عن كلمة "كورونا" إلى مضامين منظمة الصحة العالمية وهيئات الصحة المحلية في كل بلد، بالإضافة إلى حظر الإعلانات الخاطئة وإتاحة إعلانات مجّانية لمنظمة الصحة العالمية ومنظمات صحية غير ربحية أخرى، وقامت شركة غوغل بإطلاق "إنذار استغاثة" الذي يوجّه المستخدمين إلى المعلومات الموثوقة والصادرة عن منظمة الصحة بخصوص فايروس كورونا، وتجدر الإشارة إلى الجهد الذي تبذله منظمة الصحة العالمية في هذا الخصوص بناءً على ارتفاع الطلب للمعلومات الموثوقة إذ تقوم برصد الشائعات وتفنيدها بالأدلة العلمية عن طريق موقعها الإلكتروني أو صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي، ودعت المنظمة إلى تأطير هذه الجهود دوليًّا ومحليًّا تحت مسمّى التواصل الدولي للمخاطر الصحية وإشراك المجتمع، ممّا يدفع البلدات للتواصل بشكلٍ سريعٍ ومنتظمٍ مع السكان ويفرض عليها إعداد شبكات معلومات صحية ووسائل إعلام لإشراك المجتمعات في هذه العملية. إذ قامت عدّة دول بترجمة هذه الجهود عن طريق سن القوانين والأنظمة لمعاقبة مروّجي الشائعات أو عن طريق دعم منصّات التحقق من الأخبار. على سبيل المثال، قدّمت الحكومة البريطانية حوالي 500،000 جنيه إسترليني لمنصّة H2H والتي لديها خبرة سابقة في مكافحة الأخبار الكاذبة عن الأوبئة منذ انتشار فايروس إيبولا عام 2015، وفي سنغافورة اتخذ قرار إغلاق مواقع الانترنت المبلّغ عنها لنشرها أخبار كاذبة ومعلومات مضللة، وفي ماليزيا وتايلاند اعتقلت السلطات عددًا من مروّجي الشائعات، والتي تلّقت نقدًا كبيرًا كونها تمس في حرية الأفراد وحرية التعبير.
اعتمادًا على ما سبق، هنالك أهمية كبيرة للعامل البشري ودورنا كمستخدمين للفضاء الرقمي في حماية أنفسنا من الأخبار الكاذبة ووضع حد لانتشارها، وقد نشر مِسبار مدوّنة عن آليات وأدوات بإمكاننا اتخاذها لتفادي الأخبار الكاذبة حول فايروس كورونا وهي متابعة المصادر الموثوقة كمنظمة الصحّة العالمية وقنوات إعلام وتواصل وزارات الصحة المحليّة، والتأكد من مصادر ومصداقية المواقع، وتجنّب الأخبار المعاد تدويرها خاصّة في تطبيقات واتساب وتيليغرام والتريّث والتحقق قبل إعادة نشر المعلومات.
المصادر