` `

ألعاب مبتكرة أشبه بتطعيمات ذهنيّة ضد المعلومات المضلّلة

فريق تحرير مسبار فريق تحرير مسبار
تكنولوجيا
29 مارس 2021
ألعاب مبتكرة أشبه بتطعيمات ذهنيّة ضد المعلومات المضلّلة

من المتوقع أن يتزايد انتشار المجموعات المناهضة للتلقيح على مواقع التواصل الاجتماعي خلال الفترة المقبلة. ولمواجهة تلك المجموعات التي ضاعفت نشاطها في الوقت الذي يتم فيه تطعيم البشر في كثير من الدول ضد فايروس كورونا، ابتكر فريق من موقع The Conversation، "لقاحًا نفسيًّا" يساعد الناس على اكتشاف الأكاذيب والفبركات التي يواجهونها على مواقع التواصل.

أعربت منظمة الصحة العالمية عن قلقها بشأن المعلومات المضللة، وأكّدت أنّ ثقة النّاس في لقاحات فايروس كورونا، ستكون عاملًا حاسمًا في نجاح مهمة القضاء على الجائحة، في المقابل فإنّ المعلومات المضللة والزائفة حول تلك اللقاحات ستزعزع الثقة فيها وتؤثر سلبًا على عملية مكافحة الفايروس.

في السياق ذاته، وجدت دراسة نشرتها مجلة رويال سوسايتي، أنّ ازدياد الاعتقاد بصحة المعلومات المغلوطة حول فايروس كورونا، كان عاملًا أساسيًّا في انخفاض رغبة الناس في تلقي اللقاح، أي أنّ ثمّة علاقة مباشرة بين حملات التضليل وبين تراجع الثفة بعملية التطعيم.

وعلى اعتبار أنّ المعلومات الكاذبة حول فايروس كورونا المستجد، تشكّل خطرًا ليس فقط على نجاح جهود التطعيم، إنّما على الصحة العامة إجمالًا، يتمثّل الحل في "تلقيح النّاس ضد المعلومات الزائفة".

ترى المقاربة التي يقدّمها موقع The Conversation، أنّ ثمّة العديد من التحديات التي يواجهها العلماء، عند البحث عن طرائق لتخفيف وتيرة انتشار المعلومات الخاطئة حول الفايروس. منها، أنّ الشائعات تنتشر بشكل أسرع على مواقع التواصل الاجتماعي من الأخبار العادية، مما يُصعّب من مهمة رصد كل الأخبار المغلوطة المتداولة وتفنيدها وترويج المعلومة الصحيحة. إضافة إلى تحدٍ ثانٍ، يتمثّل في أنّ تصحيح المعلومة الخاطئة، قد يكون غير كافٍ لإبطال الضّرر الذي نجم عن تصديق المعلومة المضلّلة، وهي ظاهرة تُعرف بـاسم "التأثير المستمر"، بمعنى أنّ آليات مكافحة التضليل، قد لا تكون ناجعة بعد التعرّض للمحتوى المضلّل.

انطلاقًا من ذلك، تركّز البحث في الآونة الأخيرة، على كيفية وقاية الناس من الوقوع في فخ المعلومات المضلّلة، ضمن إطار منهجي يعتمد على "علم النفس الاجتماعي"، يُعرف باسم "نظرية التلقيح".

التطعيمات الذهنيّة تُشبه اللقاحات الطبيّة، فآليّة عملها قائمة على تعريض شخصٍ ما لجرعةٍ ضعيفةٍ للغاية من "الفايروس"، والذي يمثّل هنا المعلومات المضلّلة، مما يؤدي إلى إنتاج أجسام مضادة "ذهنيّة"، وبالتالي خلق مقاومة نفسية ضد محاولات إقناع الناس بالمعلومات غير الموثوقة.

لا تقتصر التطعيمات النفسية على تعريض الفرد لأمثلة عن الأخبار والمعلومات الزائفة، بل تتعدى ذلك إلى توعيته بطرائق التضليل، كاستخدام لغة تستهدف إثارة العواطف، وتقديم مقاربات تقع في إطار نظريات المؤامرة، والتصريحات المنسوبة لخبراء مزيفيين.

بناء على ذلك طوّر فريق عمل موقع The Conversation، سلسلة ألعاب على الإنترنت، تقوم على خلق بيئة تحاكي الفضاء الذي تتيحه مواقع التواصل الاجتماعي، يتعلّم من خلالها المشاركون كيفيّة اختلاق المعلومات المضللة وطرائق عرضها وانتشارها، وذلك عبر تمرينٍ يُتيح للمشاركين ابتكار أخبار ومعلومات زائفة خاصة بهم، ويهدف هذا التمرين إلى توعية الناس بنقاط ضعفهم، وحثّهم على اكتشاف ميولهم لتصديق المحتوى الزائف.

وعند دراسة نتائج لَعِب المشاركين بهذه الألعاب، تبيّن أنّ تأثيرها كان إيجابيًا للغاية، من جهة تطوير قدرة المشاركين على التشكيك بالمعلومات غير الموثوقة، وفي رفع ثقتهم بقدرتهم على تقييم درجة صدقيّة المعلومات التي يطالعونها، إضافة إلى خفض رغبتهم في مشاركة المحتوى الذي لا يستند إلى مصادر دامغة.

فعلى سبيل المثال، كان للعبة Bad News، تأثيرًا امتدّ قرابة الأسبوع على الأشخاص الذين لعبوها، إذ ظلّ انتباههم مركّزًا على اكتشاف تقينات التلاعب على مواقع التواصل الاجتماعي. هذه "المناعة" اتّضح أنها استمرّت لمدة ثلاثة أشهر، بعد تقييم الفئة المشاركة بشكل منتظم كل أسبوع. وبهذا كانت تلك الألعاب بمثابة جرعة تحفيزيّة، زادت من مناعة المشاركين ضد المعلومات المضلّلة. 

 

المصدر

The conversation

Royal Society

الأكثر قراءة