بعد انتشار فايروس كورونا المستجد، شرّعت العديد من الدول قوانين لمكافحة الأخبار الزائفة، إلّا أنّ تلك القوانين كانت محطّ انتقاد من قبل منظمات حقوقية، رأت فيها مجرد وسيلة تستخدمها السلطات لتكميم أفواه المعارضين وتقييد حريّة التعبير.
ومن تلك الدول التي أقرّت قانونًا لمكافحة الأخبار الزائفة، ماليزيا التي قال وزير الصحة فيها أدهم بابا، إنّ القانون الجديد لمكافحة الأخبار الزائفة، يُتيح فرض غرامات على مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، الذين ينشرون عمدًا أخبارًا ومعلومات مضلّلة حول لقاحات فايروس كورونا المستجد. وأشار إلى أنّ وزارة الصحة قدّمت عدّة مقترحات لمجلس الوزراء ومجلس الأمن القومي تتعلق بمكافحة الأخبار الكاذبة، في ظل حالة الطوارىء المفروضة في البلاد منذ يناير/كانون الثاني الفائت.
من تلك المقترحات أنّ وزارة الصحة ستبلغ الشرطة بأسماء المستخدمين الذين ينشرون محتوىً مضلّلًا مرتبطًا بفايروس كورونا. وفي هذا السياق ذكر الوزير أدهم بابا، أنّ الوزارة ستمنح فرصة لأولئك المستخدمين بإبلاغهم بوجوب حذف المنشورات المضلّلة، قبل اتخاذ أيّ إجراءٍ قانوني بحقهم. واعتبر الوزير أنّ نشر مثل تلك الادعاءات الزائفة حول اللقاح، تُعدّ محاولة لزعزعة القلق في المجتمع وبث الذعر بين أفراده.
يُذكر أنّ السلطات الماليزية أقرّت استخدام قانون الطوارىء لزيادة مدّة السجن، لكل من ينشر أخبارًا زائفة حول فايروس كورونا، من دون تشريع البرلمان لهذا الإجراء. الأمر الذي دفع منظمات حقوقية للتعبير عن خشيتها من استخدام هذا القانون كغطاء لقمع المعارضين. إذ دعت منظمة هيومن رايتس ووتش الحكومة الماليزية إلى إلغاء القانون، ورأت فيه تهديدًا لحرية التعبير والخصوصية والحق في محاكمة عادلة.
وتصل العقوبات المفروضة للسجن مدة ثلاث سنوات، في حين قد تصل الغرامات إلى قرابة 24 ألف دولار، وفي حال لم يحذف المستخدم المحتوى المضلل، فإنّ القانون يسمح بتغريمه بقرابة 72 ألف دولار.
وأقرّت العديد من الدول بعد انتشار فايروس كورونا، قوانين لمكافحة الأخبار الزائفة، منها سنغافورة، التي سنّت قوانين قالت إنها لتقويض حملات التضليل والمحتوى الزائف على الإنترنت. إلّا أنّ تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش السنوي، انتقد الحكومة السنغافورية، وقال إنّ من شأن القوانين التي فرضتها أن تُقيّد حرية التعبير والتجمع السلمي. ووصف التقرير القوانين المفروضة بالقاسية، ورأى أنها تُستخدم لمقاضاة الخطاب الذي ينتقد الحكومة.
وقال فيل روبرتسون، نائب مدير قسم قارة آسيا في هيومن رايتس ووتش "كان رد فعل الحكومة في سنغافورة مضايقة ومعاقبة أي شخص للتعبير عن آرائه، بدلًا من التعامل مع منتقديها بطرق أخرى"، مضيفًا أنّ وراء الواجهة اللامعة للحداثة في سنغافورة ثمّة حكومة غير متسامحة إطلاقًا مع الاحتجاجات السلمية.
وكانت روسيا أقرت في نهاية مارس/آذار 2020، قانونًا لمحاربة الأخبار الزائفة، قال منتقدوه إنّه يهدف إلى التضييق على التقارير المستقلة غير الحكومية. فهو على حدّ تعبير المنظمات الحقوقية أشبه بسلاح للتحكم في المعلومات وقمع الإعلام المنتقد لأداء الحكومات.
قانون مكافحة الأخبار الزائفة الذي أقرته روسيا، يُتيح فرض غراماتٍ على من نشر عمدًا أخبارًا زائفة حول قضايا خطيرة، مثل فايروس كورونا، تصل 23 ألف يورو، والتعرّض للحبس لمدة تصل إلى خمس سنوات. كما يفرض على وسائل الإعلام التي تنشر معلومات تصنّفها الحكومة كمعلومات مضللة، غرامة تصل إلى 117 ألف يورو. وتشمل الغرامات كذلك أولئك الذين يهينون الدولة في وسائل الإعلام.
وهكذا نجد أنّ القوانين التي فُرضت في العديد من الدول لمكافحة الأخبار الكاذبة، دفعت المنظمات الدولية إلى التشكيك في نوايا تلك الدول، واعتبار أنّ تلك الإجراءات أُقرّت لاستخدامها ذريعةً لتقويض حريّة الرأي، وقمع معارضيها والحدّ من قدرتهم على التعبير عن آرائهم بحريّة.
المصادر: