مع الانتشار الكبير للمعلومات المضللة المتعلقة بفايروس كورونا، ظهرت محاولات كثيرة لمنعها ووضع حد لها، آخرها لعبة على الإنترنت، اعتمدت على وضع اللاعبين في مكان مورّد الأخبار الوبائية المزيفة.
لعبة Go Viral تم تطويرها من قبل مختبر صنع القرار الاجتماعي في جامعة كامبريدج بالتعاون مع وكالة الإعلام DROG ومكتب مجلس الوزراء البريطاني، لتساعد جمهور الإنترنت العادي على فهم أساسيات صنع المعلومات المضللة، التي يمكن أن تساعد في منع الناس عن تصديق الزيف على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يتعلّم المستخدمون كيفية انتشار نظريات المؤامرة المتعلقة بفايروس كورونا عبر الإنترنت. أي أنّ هدف هذه اللعبة هو مساعدة اللاعبين على معرفة أساليب إثارة الخوف واستخدام المعلومات الخطأ بنجاح.
تم إطلاق هذه اللعبة كدراسةٍ جديدة، تعتمد على بحثٍ أجراه علماء النفس في جامعة كامبريدج، ووجدوا أنه من خلال إعطاء الناس لمحة عن التقنيات المستخدمة لنشر الأخبار المزيفة على وسائل التواصل الاجتماعي، تزيد قدرتهم على تحديد المعلومات الخطأ وتجاهلها في المستقبل، حيث تُظهر أحدث النتائج أن هذه اللعبة يمكن أن تقلّل من التعرض للمعلومات الخطأ لمدة ثلاثة أشهر على الأقل، كما قالت باحثة فيتس كامبريدج ميليسا باسول.
استخدم الفريق بحثًا في نظريات المؤامرة المتعلقة بفايروس كورونا - الذي تصفه منظمة الصحة العالمية بـ "الوباء المعلوماتي" - لصقل اللعبة، وإنشاء نسخة أسرع في الإكمال وأسهل للتكيّف مع اللغات والثقافات المختلفة.
يقول الدكتور ساندر فان دير ليندن، الذي يقود المشروع ومختبر صنع القرار الاجتماعي في كامبريدج "يمكن للأخبار الكاذبة أن تنتقل بشكلٍ أسرع وأن تكون أعمق من الحقيقة، وأنّ التحري من الحقائق أمرٌ حيوي، لكنه يأتي بعد فوات الأوان بعد أن انتشرت الأكاذيب".
تستند Go Viral إلى مشروعٍ مشابه أطلقته المجموعة عام 2018، وهو لعبة Bad News، التي علّمت اللاعبين كيفية إنشاء شبكة أخبار مزيفة وتم تشغيلها مليون مرة حتى الآن. ووجد الباحثون في المشروع أن ممارسة اللعبة قلّلت من مدى تصديق الشخص للأخبار المزيفة بمعدل 21٪ مقارنة بمجموعة ضابطة.
تستغرق لعبة Go Viral خمس دقائق وهناك ثلاث مستويات للعبة: إثارة الخوف، واستخدام خبير لتعزيز المعلومات الخطأ، وفن إنشاء نظرية المؤامرة.
خلال اللعبة يتم تحديد مهمة اللاعب وهي زيادة إبداء الإعجاب والمصداقية إلى أقصى حد من الخيارات الأكثر تلاعبًا وجذبًا، ثم معرفة ما إذا كان يمكنك التغلب على أعلى الدرجات للاعبين الآخرين، حيث يزيد من ثقة الشخص بنفسه بعبارات منها "لقد حصلت على مجموعة من الإعجابات ويبدو أن الناس يعتقدون أنك جدير بالثقة".
الخطوة الأولى في اللعبة هي أن يوقع الاعب نفسه في شرك نظرية مؤامرة ملفقة، حيث يبدأ الأمر بتغريدةٍ واحدة، ثم يواصل اللاعب قراءة تغريدات متتالية، حتى يجد نفسه عالقًا داخل فقاعة نظرية المؤامرة، وتستمر الخوارزميات في تقديم محتوى حولها.
ثم يُطلب من اللاعب اختيار كلمات يمكنه استخدامها في تغريدة جذابة عاطفيًا بهدف التمرين وإظهار كيف يمكن للكلمات المختارة أن تُضخّم الرسالة وتستقطب الإعجابات وإعادة التغريد. فكلما زادت قوة اللغة وتأثيرها حول نقطة، زاد احتمال قيام الناس بنشرها.
ينتهي هذا القسم عندما يصمّم اللاعب جزءًا من المعلومات الخطأ التي تنتشر على نطاقٍ واسع ويتم دعوته للانضمام إلى مجموعة عبر الإنترنت تركز على COVID-19.
بعد إتقان التلاعب العاطفي، يتم قضاء بقية اللعبة في رفع مستوى قدرة اللاعب على إرسال معلوماتٍ مزيفة. يتعلمون خلالها كيفية استخدام الخبراء المزيفين وكبش الفداء والتفسيرات البسيطة لدعم الادّعاءات المشبوهة وإقناع الناس بها.
يُسمي الباحثون الهدف من هذه اللعبة ب " pre-bunking أي الكبح المسبق"، وهو نوع من كشف زيف المعلومات الجذابة من خلال تعليم الناس آليات نظريات المؤامرة الفايروسية، إذ يضعونهم في عملية التشكيك في منشورات وسائل التواصل الاجتماعي التي تحمل السمات المميزة المهندسة.
وهي مثال على المشاكل التي تواجهها الدول بسبب أن هناك أشخاصًا ملتزمون دائمًا بخداع الجمهور وفق ما قالته جوان دونوفان - مديرة الأبحاث في مركز شورنستين للإعلام والسياسة العامة بجامعة هارفارد "سيكون هناك دائمًا أشخاصٌ يدخلون الإنترنت يوميًا ويقولون إن اللقاحات لا تعمل..هل نحتاج إلى حركة ضخمة مؤيدة للقاحات تهدر أطنانًا من الموارد على ذلك لمجرد أن وسائل التواصل الاجتماعي قررت تفضيل أصوات ومواقف الأشخاص الذين يدعون إلى وجهات نظر خطأ، ما القيمة في ذلك؟". لكن هذه اللعبة هي إحدى الحلول الوحيدة المطروحة على الطاولة.
كما أظهر فان دير ليندن -الأستاذ المساعد في علم النفس الاجتماعي في جامعة كامبريدج- وزملاؤه أن ممارسة اللعبة لها آثار وقائية، شبّه عملها بعمل اللقاح في جسم الإنسان، فهي تستخدم الأخبار المزيفة ذاتها في مقاومتها، كما يفعل اللقاح في استخدام الفايروس نفسه لمقاومته، ما يزيد من يقظة الشخص بشأن الأخبار المزيفة لمدة قد تصل إلى ثلاثة أشهر (فترة زمنية محددة)، إذ إنّ ممارسة اللعبة مرةً واحدة ليست كافية لإحداث تأثير طويل المدى.
رغم فعالية ألعاب مثل Go Viral في مكافحة المعلومات المضللة، وتحسين قدرة الأشخاص على اكتشاف الأخبار المزيفة وثقتهم في الحكم على ما هو صحيح أو خطأ، لكنها في النهاية تحتاج إلى التمويل والانتشار لتثقيف الجمهور بشكلٍ صحيح.
يمكنك تجربتها من خلال الضغط على GO VIRAL.
المصادر: