الأدوية المزيفة والاحتيال الرقمي: استغلال الطلب على أدوية إنقاص الوزن لترويج عقاقير غير آمنة

شهدت السنوات الأخيرة زيادة ملحوظة في الطلب على أدوية إنقاص الوزن، لا سيما تلك التي تعتمد على مادة سيماغلوتايد، مثل أوزمبيك وويغوفي من شركة "نوفو نورديسك"، بالإضافة إلى مونغارو وزيبباوند من شركة "إيلي ليلي". ورغم أن هذه الأدوية طُورت في الأساس لعلاج مرض السكري من النوع 2، إلا أن دورها الفعّال في خسارة الوزن جعلها محط اهتمام عالمي.

وأدى هذا الطلب إلى نشاط متزايد في السوق السوداء لبيع نسخ مزيفة من هذه الأدوية، مما يشكل خطرًا جديًا على صحة المستهلكين.

التجارة الإلكترونية: بوابة للاحتيال والتضليل

ساهمت التجارة الإلكترونية بشكل كبير في تسهيل انتشار بيع الأدوية المزيفة. إذ تًستغل بعض المواقع الإلكترونية المصممة بشكل احترافي، لجذب المستهلكين من خلال خصومات مغرية تُخفي عروضًا احتيالية.

وفقًا لتقرير صادر عن شركة BrandShield، تم إغلاق أكثر من 250 موقعًا إلكترونيًا يبيع أدوية GLP-1 المزيفة خلال عام 2023، مقارنة بـ34 موقعًا فقط في عام 2022. وفي السياق نفسه، أظهر تقرير لشركة McAfee المتخصصة في الأمن السيبراني أن محاولات التصيد الاحتيالي التي تركزت حول أوزيمبيك وويغوفي وسيماغلوتايد زادت في الأشهر الأربعة الأولى من عام 2024 بنسبة 183%، مقارنة بالفترة من أكتوبر إلى ديسمبر 2023.

استغلال تيك توك للترويج لأدوية مزيفة

استغل مزورو الأدوية منصات التواصل الاجتماعي، مثل تيك توك، لبيع الأدوية المزيفة. وقد قُدِّر عدد مشاهدات الفيديوهات تحت وسم #Ozempic على تيك توك بنحو 600 مليون مشاهدة، وفقًا لتقارير إخبارية في أواخر فبراير/شباط الفائت.

وفي مايو/أيار 2024، وجهت تهم إلى امرأة من لونغ آيلاند، بتهريب نسخ مزيفة من أدوية أوزيمبيك وأدوية فقدان الوزن الأخرى إلى الولايات المتحدة، واستخدام تطبيق تيك توك لبيع هذه المنتجات.

المرأة التي تدعى إيسيس نافارو رييس، وتعرف أيضًا باسم بيرالي نافارو، اعتقلت بتهم تشمل التهريب، وتلقي أدوية غير موصوفة، وصرف أدوية وصفية بدون وصفة طبية، وغيرها.

بحسب الشكوى الجنائية، نشرت رييس عشرات الفيديوهات من نوفمبر 2022 حتى نوفمبر 2023، حيث كانت تشرح كيفية استخدام هذه الأدوية أو حقنها، إلى جانب حديثها عن تجاربها الشخصية المفترضة مع هذه المنتجات، مشيرة إلى آثارها الجانبية ومدى فعاليتها.

وأفادت النيابة أن إحدى الضحايا، التي اشترت دواء مزيفًا من رييس عدة مرات واستخدمت 28 حقنة، أصيبت بعدوى خطيرة مقاومة للأدوية.

مواقع إلكترونية تروّج لأدوية مزيفة وغير معتمدة

تنتشر على الإنترنت مواقع إلكترونية تروّج لأدوية غير موثوقة، تنتهك المعايير الصحية وتُثير شكوكًا حول جودة الأدوية التي تقدمها. من بينها موقع "www.semaspace.com"، الذي أصدرت إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) تحذيرًا بشأنه. وأشارت الإدارة إلى أن الموقع يبيع أدوية سيماغلوتايد غير معتمدة ومزيفة، بما في ذلك منتجات مثل "Semaglutide 2mg" و"Semaglutide 5mg"، التي لا تخضع لمعايير السلامة والفعالية المعتمدة، مما يشكل خطرًا كبيرًا على صحة المستهلكين، خاصة أنها تُباع دون وصفة طبية.

وأكدت "FDA" أن الأدوية المعروضة على الموقع قد تكون ملوثة أو تحتوي على كميات غير دقيقة من المواد الفعالة، مما يزيد من خطر التسبب في مضاعفات صحية خطيرة مثل العدوى أو التسمم. كما أن الموقع يخالف اللوائح الفيدرالية المتعلقة بوضع التعليمات الكافية للاستخدام الآمن. 

طالبت الإدارة الموقع بالتوقف الفوري عن بيع الأدوية غير المعتمدة وإجراء تصحيحات خلال 15 يوم عمل، محذرةً من اتخاذ إجراءات قانونية مثل المصادرة أو إصدار أوامر قضائية في حال عدم الامتثال.

تجارة الأدوية المزيفة: استغلال عالمي يهدد الصحة العامة

تستغل جهات غير قانونية الطلب المتزايد عالميًا على أدوية إنقاص الوزن، مثل دواء أوزمبيك، لتحقيق أرباح طائلة.

وتستخدم هذه المواقع تقنيات للتزييف، من بينها إعادة تعبئة أدوية منخفضة التكلفة، مثل الأنسولين، وإعادة تصنيفها لتبدو كأنها منتجات أصلية تحمل علامات تجارية معروفة. كما تعتمد على أرقام دفعات أصلية تُحصل بطرق غير قانونية، مما يؤدي إلى خداع المستهلكين وإيهامهم بشرعية هذه المنتجات.

وفي السياق، أشارت إدارة الغذاء والدواء الأميركية في ديسمبر 2023 إلى أنها تواصل التحقيق في منتجات أوزمبيك (سيماغلوتايد) المزيفة التي تم العثور عليها ضمن سلسلة الإمداد الدوائي الشرعية في الولايات المتحدة. وقد صادرت الوكالة آلاف الوحدات من المنتج المزيف.

وأوصت "FDA" تجار الجملة والصيدليات بشراء أوزمبيك الأصلي فقط من الموزعين المعتمدين، وحثت المرضى على التحقق من المنتجات قبل استخدامها والحصول عليها بوصفة طبية من صيدليات مرخصة.

قدر مختصون في عام 2022، أنّ قيمة سوق التزييف العالمية للأدوية عمومًا، تبلغ ما بين 200 و432 مليار دولار أميركي، ما يجعلها في صدارة النشاطات غير المشروعة.

وهو ما يمثل تحديًا كبيرًا للدول الصناعية كما هو الحال بالنسبة للدول ذات الدخل المنخفض.

حقن أوزمبيك مزيفة تنتشر عالميًا وتتسبب في مضاعفات صحية خطيرة

كشف وكالة رويترز في سبتمبر الفائت، عن وجود حقن مزيفة من دواء أوزمبيك تحمل رقم الدفعة MP5B060 في ما لا يقل عن 10 دول، من بينها العراق. وقد تسببت هذه المنتجات المزيفة في مضاعفات صحية خطيرة في عدة حالات. وفي المملكة المتحدة، صادرت وكالة الأدوية البريطانية هذا العام 869 قلم حقن مزيفًا، تضمنت أقلامًا خام وأخرى تم توزيعها بكميات كبيرة من قبل شبكات متطورة.

مخاطر صحية جسيمة بسبب الأدوية المزيفة

الأدوية المزيفة ليست مجرد منتجات غير فعّالة، بل قد تكون مميتة في كثير من الحالات. تحتوي بعض هذه الأدوية على مواد كيميائية ضارة مثل مضادات التجمد أو جرعات خاطئة من المواد الفعّالة، مما يعرض حياة المستخدمين للخطر. على سبيل المثال، حذّر المكتب الفيدرالي النمساوي للسلامة في الرعاية الصحية (BASG) من خطورة حقن أوزمبيك المزيفة، التي يُعتقد أنها تحتوي على الأنسولين بدلاً من المادة الفعّالة، مما أدى إلى تسجيل حالات انخفاض حاد في سكر الدم ونوبات مرضية خطيرة.

اقرأ/ي أيضًا

التضليل يفاقم وضع المرضى: أبرز العلاجات المزعومة للسرطان على تيك توك

سبق وأن دعمت أوكرانيا: كيف تجاهلت مؤسسات صحية أميركية الوضع الإنساني في غزة؟