في حلقتها المباشرة بتاريخ 30 مايو/أيار الجاري، طرحت مبادرة مناظرة موضوع "زعمة الشباب مستقيل من الحياة السياسية؟" في أطروحتها السادسة من برنامج "زعمة". وحضر عن الفريق المساند وسيم غرابي تلميذ وناشط في المجتمع المدني، مع الباحث في علم الاجتماع والناشط في المجتمع المدني في مجال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، سفيان جاب الله .
أما فريق المعارضة، فمثله مصطفى كريمي، وهو طالب باحث في القانون العام وترافقه الناشطة السياسية والحقوقية، مريم صوالحية.
وتحقق "مسبار" من مختلف النقاشات الواردة على لسان المتدخلين من الفريقين، تجدونها في التقرير التالي.
تقديم الحجج
أوضح وسيم غرابي أنّ أبرز أوجه تهميش الشباب هو ظاهرة البطالة في تونس، التي ارتفعت، وفق تعبيره، بصفة كبيرة بعد عام 2011 لتبلغ 752 ألف مقارنة بالسكان المنتجين، في الثلث الأخير من عام 2020.
وبالعودة إلى معهد الإحصاء تبين أنّ الرقم غير دقيق إذ بلغت النسبة 725.1 ألف عاطل عن العمل تم تسجيله خلال الثلاث الرابع لسنة 2020. أما في عام 2011 بلغت نسبة البطالة في الثلاث الأخير 738.4 أﻟفًا. أي أنّ هناك تقاربًا بين النسبتين إذا ما قارنّا بينهما.
وقال مصطفى كريمي إنّ نسبة ترشحّات الشباب بقائمات شبابية في الانتخابات البلدية بلغت 48%، ووجد فريق التحقق أنّ الرقم غير دقيق ,وأنّ التصنيف الذي ذكره غير موجود.
وبالبحث في الموقع الرسمي لهيئة الانتخابات والتقرير النهائي الذي أصدرته، لم يجد "مسبار" أيّ تصنيف لقائمات الترشح في الانتخابات البلدية في تونس لعام 2018 باسم قائمات شبابية، ويوجد ثلاثة تصنيفات فقط وهي "المستقلة"، "الإئتلافية"، و"الحزبية".
وبالعودة إلى الرقم تبين أنّ نسبة مشاركة الشباب وفق الفئة العمرية أقل من 35 سنة، حسب المصدر ذاته، فقد بلغت 52.10% من النسبة الجملية.
كما تبين أنّ الرقم الذي تحدث عنه ورد في شكل تصريحات إعلامية خلال الندوة الإعلامية التي نظمتها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بعد إغلاق باب الترشحات، في فبراير/شباط عام 2018، وليست النتائج النهائية.
وفي أبريل/نيسان من العام ذاته، قدمت الهيئة القوائم النهائية التي تمّ قبولها للانتخابات المحلية (البلدية)، وذكرت حينها الهيئة أنّ 52 في المئة من المرشحين في القوائم الحزبية والائتلافية "هم من الشباب الذين لا تتخطّى أعمارهم الـ35 عامًا".
فقرة المواجهة
قالت مريم صوالحية الناشطة السياسية إنّ المطالبة بالشغل والحياة الكريمة هو مطلب سياسي بالأساس. وبالعودة إلى أجيال حقوق الإنسان تبين أنّ الادعاء مضلل، إذ إنّ الحق في العمل هو من الجيل الثاني لحقوق الإنسان، المتمثل في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
ووفق الأمم المتحدة، دخل العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية حيز التنفيذ في عام 1976، حين أصبحت 164 دولة طرفًا فيه في نهاية أكتوبر 2016. ومن ضمن حقوق الإنسان الذي يسعى العهد تعزيزها وحمايتها ما يلي:
*الحق في العمل في ظروف عادلة ومرضية.
*الحق في الحماية الاجتماعية، ومستوى معيشي لائق والحق في أعلى مستوى يمكن بلوغه من الرفاه الجسدي والعقلي.
*الحق في التعليم والتمتع بفوائد الحرية الثقافية والتقدم العلمي.
وبالتالي فإنه مطلب اقتصادي واجتماعي بالأساس وليس سياسيًّا.
وقال المشارك وسيم غرابي إنّ "المشاركة في الحياة السياسية هي المشاركة في صنع القرار أو صنع القرار في حد ذاته". وقال في مداخلة ثانية "إنّ الاحتجاج هو ردة فعل وتعبير عن الغضب ولا يعني مشاركة سياسية"، وأكد الباحث في علم الاجتماع سفيان جاب الله على الفكرة ذاتها بأن الاحتجاج رد فعل.
وبالبحث وجد “مسبار" أنّ ما ورد على لسان فريق الموالاة انتقائي، إذ إنّ التقارير الأممية تُجمع على أنّ المشاركة السياسية والعامة "مفهوم واسع" يحيل إلى ممارسة السلطة السياسية وصياغة السياسة العامة على جميع المستويات. وأن الحق يشمل الاحتجاج والمشاركة في المجتمع المدني من خلال هيئات عامة ومجالس محلية وأحزاب سياسية ونقابات، ورابطات مهنية أو قطاعية، ومنظمات نسائية، ومنظمات مجتمعية، وغيرها من المنظمات المعنية بالحياة العامة والسياسية.
وفق الأمم المتحدة، تنبع المشاركة السياسية من حرية التعبير عن الرأي والتجمع وتكوين الجمعيات؛ القدرة على المشاركة في إدارة الشؤون العامة؛ وفرصة التسجيل كمرشح، والدعاية الانتخابية، والترشح للانتخاب وشغل المناصب على جميع مستويات الحكومة. بموجب المعايير الدولية.
كما أثبتت دراسات بحثية في العقود الأخيرة، أنّ العديد من التغييرات في المجتمعات أدت إلى أشكال جديدة من المشاركة في الحياة السياسية ولا سيما ظهور وسائل الإعلام الجديدة مثل مواقع التواصل الاجتماعي.
وقالت مريم صوالحية إنّ حملة منيش مسامح حرّكت البرلمان ونجحت في إسقاط مشروع قانون المصالحة في نسخته المالية والاقتصادية، ومر منه 7 فصول من مجموع 40 فصلًا.
تحقق “مسبار” من هذا الادعاء ووجد أنّه مضلل جزئيًّا، فبالعودة إلى موقع مجلس نواب الشعب، تبين أنّ مشروع القانون الأساسي عدد 49 لسنة 2015 المتعلق بإجراءات خاصة بالمصالحة في المجال الاقتصادي والمالي الذي أُودع، تضمن 22 فصلًا ثم 12 فصلًا في نسخته قبل النهائية وليس 40 فصلًا. فالنسخة النهائية من القانون تضم 7 فصول، متعلقة بإجراءات المصالحة الإدارية، والفصل الثامن هو فصل إضافي يحدد فترة تطبيقه والممتدة من غرة يوليو/تموز 1955 إلى 14 يناير/كانون الثاني 2011.
وذكر سفيان جاب الله أنّ نسبة نوايا الهجرة عند الأطباء الشبان في تونس تبلغ 90% وفق رسالتي دكتوراه في الطب أنجزهما الباحثان هناء الدعمي وابراهيم سلامة، حديثًا.
وتواصل فريق التحقق مع الباحثين للتأكد من صحة النسبة التي أُعلن عنها، وتبين أنّها انتقائية وغير دقيقة.
إذ تناولت هناء الدعمي في أطروحتها نوايا الهجرة عند أطباء الإنعاش التي بلغت 94.6%، واعتبر 35% منهم أنّ خروجهم سيكون نهائيًّا. يُشار إلى أنّ نسبة المشاركة في الدراسة بلغت 55.2%.
أما بالنسبة إلى أطروحة ابراهيم سلامة، فهي موجهة للمقيمين في طب العائلة في كلية الطب في تونس، وفيما يخص نوايا الهجرة تبين أنّ 69% منهم ينوون ذلك، أما 27% فلم يقرروا بعد فيما إذا كان 4% منهم لديهم نية البقاء.
وأفاد مصطفى في نهاية فقرة المواجهة أنّ نسبة الشباب الذي صوت للرئيس التونسي قيس سعيد هو 90% من الشباب المشارك في العملية الانتخابية.
بحث “مسبار” في الادعاء ووجد أنه مضلّل، إذ إنّ نسبة الاقبال على الاقتراع في الانتخابات الرئاسية في دورها الثاني، بالنسبة للفئة العمرية المتراوحة بين 18 و 25 سنة بلغت 11.6%، فيما تراوحت نسبة الإقبال على التصويت بالنسبة للفئة العمرية المتراوحة بين 26 و 45 في المئة فقد بلغت 39.2%.
أمّا الرقم الذي قدمه، فيعود إلى استطلاع رأي أنجزته مؤسسة سيغما كونساي حول نسبة الإقبال على التصويت.
*أُنجز التقرير بمشاركة وسيم حميدي وجاسر الرياحي.
المراجع
المنظمة العالمية لحقوق الإنسان
الشبكة العالمية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية
الهيئة العليا المستقلة الانتخابات
الهيئة العليا المستقلة للانتخابات صفحة الفيسبوك
المركز الديمقراطي العربي
العربي الجديد
شمس أف أم
الموسوعة السياسية
new forms of political participation: studies
قانون المصالحة
