في حلقتها المباشرة بتاريخ 27 يونيو/حزيران الجاري، طرحت مبادرة مناظرة في إطار برنامج "زعمة"، موضوع "زعمة الإعلام عرف يستغل حرية التعبير؟".
وحضر عن فريق المساندة، ندى عبد القادر، حاصلة على ماجيستر بحث اختصاص إيكولوجيا بحرية، ورئيس تحرير في القناة الوطنية، شادية خذير.
ومثّلت فريق المعارضة، مريم بوصرصار، تلميذة و ناشطة في المجتمع المدني ورافقها رئيس التحرير المساعد بصحيفة المغرب اليومية، حسان العيادي.
تقديم الحجج
قالت ندى عبد القادر المساندة لأطروحة المناظرة، إنّ تونس كانت في المرتبة 154 في مؤشر حرية التعبير واليوم هي في المرتبة 73 وفق منظمة مراسلون بلا حدود.
تحقّق "مسبار" من الادعاء ووجد أنّ الأرقام صحيحة، لكن المؤشر يتعلق بحرية الصحافة تحديدًا، وليس حرية التعبير. وتحتل تونس حاليًّا المرتبة 73 عالميًّا والأولى عربيَّا.
كما تحتل المرتبة الأولى عربيًّا في مؤشر الحرية عمومًا و71 عالميًّا وفق تقرير فريدوم هاوس لعام 2021.
تونس دولة ديمقراطية؟
قال حسان العيادي في مداخلته إنّ تونس دولة ديمقراطية أو هكذا يُقال، فمقارنتها تكون مع دول ديمقراطية في مؤشر حرية الصحافة وليس مع الدول العربية. وأضاف أنّ تونس في آخر الترتيب في حرية الإعلام مقارنة بالدول الديمقراطية وفق مؤشرات منظمة مراسلون بلا حدود، وتعكس أسوأ جودة منتوج إعلامي تونسي.
بالعودة إلى مؤشر الديمقراطية الذي أصدرته وحدة الاستخبارات الاقتصادية التي تتبع مجموعة الإيكونوميست البريطانية، عام 2020، وجد "مسبار" أنّ التصنيف غير دقيق، إذ تُعتبر تونس "ديمقراطية معيبة" وليست "ديمقراطية كاملة".
ووفق المؤشر ذاته فإنّ تونس في المرتبة الثانية في التصنيف بين دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
فقرة المحاججة
قالت رئيس التحرير في القناة الوطنية الأولى إنّ الصحفي التونسي هو الأقل أجرًا في العالم العربي وأنه لم يقم بأي تحرك احتجاجي لتحسين وضعيته المهنية. وبالبحث وجد "مسبار" أنّ الادعاء مضلّل، إذ لم نعثر على أي إحصائية موثقة تقول إنّ أجر الصحفي التونسي هو الأضعف في العالم العربي. ووفق إحصائية نشرتها الشبكة الدولية للصحفيين عام 2017 حول رواتب الصحافيين في وسائل الإعلام المكتوبة من 2007 إلى 2017، تبين أنّ مصر واليمن في المرتبة الأخيرة لأجر لا يتجاوز 150 دولارًا ثم الجزائر بـ270 دولار ثم تونس بـ300 دولار.
ووجد فريق التحقّق تصريحًا منسوبًا لنقيب الصحافيين الحالي، محمد ياسين الجلاصي، بأنّ تونس الأقل أجرًا في العالم والعالم العربي، وبالتواصل معه قال إنّه لا يملك إحصائية دقيقة وأنّ تصريحه جاء على خلفية ما قاله ممثل الاتحاد الدولي للصحفيين في لقاء عمل بأن تونس من بين الأدنى في أجور الصحفيين. وأكد أنّه لم يقل إنذ تونس هي الأدنى أو الأقل عالميًّا بالنسبة لرواتب الصحفيين.
من جهة أخرى، قام الإعلام في تونس بعديد التحركات لتحسين وضعيته المهنية، وليس كما ادعت رئيس تحرير الأخبار في القناة الوطنية، لعل آخرها الوقفة الاحتجاجية التي نفذها الصحفيون في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، أمام مقر رئاسة الحكومة في القصبة، للمطالبة بتفعيل اتفاق مهني توصلت إليه النقابة مع الحكومة.
وأعلنت النقابة عن إضراب عام في 10 ديسمبر/كانون الأول من العام نفسه، قبل أن تعلقه "إثر سلسة من المشاورات مع رئاسة الحكومة على نشر الاتفاقية بعد ملائمة الأنظمة الأساسية للمؤسسات العمومية مع ما ورد بالاتفاقية من قبل لجنة تضم كافة الأطراف المتداخلة"، وفق بيان النقابة.
الإعلام الرياضي يدخل في خانة الترفيه؟
قالت مريم بوصرصار إنّ الإعلام الرياضي يدخل في خانة الترفيه، وبالبحث وجد "مسبار" أنّ الادعاء انتقائي، إذ إنّ هناك دراسات وأبحاث علمية تصنفه كمجال مهم في الأخبار والتثقيف وليس مجرد مجال للترفيه.
ووفق دراسة أُجريت عام 2018 في جامعة أكسفورد بعنوان الصحافة الرياضية، يقول الكاتب إنه مجال شائع وله تاريخ طويل في تقديم النتائج والتحليل والرأي إلى كل من الجماهير الواسعة والمتخصصة. وغالبًا ما يُنظر إليها على أنها "قسم الألعاب"، وهي مكان للملاحقات التافهة بدلًا من ملاحقة الأخبار الصعبة.
ويُضيف "ما تتغاضى عنه هذه الانتقادات هو قيمة هذا الحقل الفرعي الهام فيما يتعلق بكمية المحتوى الرياضي المنتج عبر وسائل الإعلام، والأعداد الكبيرة من الصحافيين المشاركين في إنتاج الأخبار، وقوتها في جذب القراء والمشاهدين".
كما تحدثت دراسات أخرى عن قيمة الإعلام الرياضي على المستوى الاجتماعية، داعية إلى ضرورة التركيز على هذا المبحث الهام نظريًّا وتجريبيًّا.
الحجج
قالت مريم بوصرصار في فقرة الحجج إنّ هيئة النفاذ إلى المعلومة صرحت في نقاش لها عام 2019 بأنّ الصحافيين هم الأقل استغلالا لهذا الحق في النفاذ إلى المعلومة.
تحقق "مسبار من الادعاء المتداول ووجد أنّه صحيح ففي حلقة النقاش حول تجربة الصحافيين والإعلاميين في استعمال حق النفاذ الى المعلومة" بتنظيم من الهيئة وبالاشتراك مع منظمة المادة 19، قالت الهيئة إنّ الصحافيين هم الأقل استعمالًا لهذا الحق.
*أنجز التحقق بمشاركة جاسر الرياحي ووسام الحميدي.
المصادر
تقرير فريدم هاوس حول مؤشر الحرية
Sports Journalism as Moral and Ethical Discourse
Changing journalism practice and digital media
اقرأ/ي أيضًا
تحقُّق مسبار من حلقة "زعمة الشباب مستقيل من الحياة السياسية"؟
تحقُّق مسبار من حلقة زعمة حول الثقة في التعليم العمومي التونسي