يبدو أن قانونًا جديدًا في النرويج سيُنغّص فرحة مئات من المؤثرين والمشاهير الذين يبدون في صورة مثالية خلال المقابلات معهم أو إعلاناتهم، فإذا أرادوا أن يُصغّروا أنفهم يجب أن يقولوا ذلك وإذا أرادوا أن يُنعّموا بشرتهم يجب أن يشيروا إلى ذلك أيضًا في الصورة ذاتها. فقد نشرت الصحف العالمية، الأسبوع الجاري، أنَّ القانون الجديد في النرويج من المنتظر الموافقة عليه من قبل الملك، يجعل من غير القانوني للمعلنين والمؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي مشاركة الصور الترويجية عبر الإنترنت دون الكشف عما إذا كانت الصور قد تم تنقيحها.
وقد تم تمرير القانون الجديد في البرلمان النرويجي، بأغلبية 72 صوتًا في 2 يونيو/حزيران الفائت، ومن المقرر أن يدخل حيز التنفيذ عندما يقرّر ملك النرويج ذلك.
ووفقًا للمرسوم التشريعي فإنَّ القانون هو تعديلٌ أُدخل على قانون التسويق والرقابة لعام 2009، وسيتعلق القانون بالمعلنين والأشخاص الذين يتلقون "مدفوعات أو مزايا أخرى" مقابل مشاركاتهم الصورية بأجسادهم أو وجوههم.
ومن المتوقع أن يؤثر ذلك على "العلامات التجارية والشركات التي ترعاها الشخصيات المؤثرة"، وسيُفرض القانون على جميع المشاركات والمنشورات على جميع مواقع التواصل الاجتماعي، وعلى الممثلين والمطربين والممثلات والمطربات وليس على مؤثري وسائل التواصل فقط.
ويتطلب القانون الإفصاح عن عمليات التحرير التي تم إجراؤها بعد التقاط الصورة وقبل ذلك، مثل فلاتر Snapchat وInstagram التي تعدّل مظهر الشخص، وتتضمن أمثلة التعديلات التي يُطلب من الأشخاص الذين يتم الدفع لهم مقابل الحصول عليها "الشفاه المتضخمة والخصر الضيقة والعضلات المبالغ فيها والبشرة الناعمة".
ومن بين أشياء أخرى في الاقتراح الأولي المرسَل إلى الهيئة البرلمانية النرويجية، استشهدت وزارة شؤون الطفل والأسرة النرويجية بعدة دراسات لدعم مقترحها، مشيرة إلى أنَّ “فقدان الشهية هو السبب الثالث الأكثر شيوعًا للوفاة بين الفتيات الصغيرات”.
كما قالت الوزارة في الاقتراح "يتعرض الشباب لضغطٍ هائل للظهور بمظهرٍ جيد في الإعلانات وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، وغالبًا ما يتم تنقيح النماذج المعروضة رقميًا، ما يُعرّض الشباب لنموذج الجمال المثالي الذي يستحيل تحقيقه".
ووجدت دراسة أجراها نواب بريطانيون العام الفائت أنَّ غالبية الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 18 عامًا قالوا إن صور وسائل التواصل الاجتماعي كانت "مؤثرة للغاية" على نظرتهم لأجسادهم.
وفي ذات الاستطلاع، قال 5 بالمائة فقط من الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 18 عامًا أن لا يفكروا بتغيير مظهرهم من خلال القيام بأشياء مثل اتباع حمية غذائية أو إجراء عملية جراحية.
كما ورد على موقع الحكومة الإلكتروني أنَّ الهدف من القانون هو المساعدة على تقليل الضغط في المجتمع بسبب "الأشخاص الذين يبدون مثاليين في الإعلانات".
وجاء أيضا: "إلى جانب أمور أخرى، من المقترح أن يصبح واجبًا وضع علامات على الإعلانات التي تُعدَّل فيها الصور أو يتم التلاعب فيها بشكل جسم الشخص الذي يظهر في الإعلانات بطريقة تغير الواقع سواء من حيث شكل الجسم وحجمه، أو مظهر ولون البشرة".
إلا أنَّ هناك آراء خالفت قرار الحكومة واعتبرته أمرًا سطحيًا لا يعالج حقيقة الأزمة، فيقول الصحافي جيمس سكوت ناقدًا القرار "إنَّ معظم الناس، حتى الشباب يعرفون أن صور وسائل التواصل الاجتماعي قد تم تحريرها. لم يعد الأمر وكأنه سرٌ كبير بعد الآن، فإنه من المعروف لمستخدمي موقع انستغرام على سبيل المثال أنَّ الأشخاص قد وضعوا عوامل تصفية تلقائية على صورهم أو قاموا بتعديل التعرض والسطوع والتباين وما إلى ذلك لإنشاء الصورة الأكثر إرضاءً. هذه هي الطريقة التي يستخدم بها الجميع تقريبًا الفلاتر والإضاءة، فهذه ليست المشكلة الحقيقية".
وأوضح أنَّ هناك في الخارج عمليات تجميل قد تغير الواقع، فلا يقتصر الأمر على مجرد فلتر، وكذلك المكياج، فهل من المتوقع أن تتم الإشارة إلى ذلك؟، وكيف سنصدق من يقُل لا لم أٌقم بعمليات تجميل؟، فهل هذا القانون يستطيع أن يلزمنا بنشر صورنا الأولى الخام ومشاكل أجسادنا وبشرتنا دون تلاعب في التكنولوجيا أو في الحقيقة التي نبدو عليها؟
وتابع سكوت "إنَّ الأزمة ليست في الجمال، بل في الخداع وعدم تقدير الذات، إنَّ ما نحتاج إليه حقًا هو تعليم الشباب أنَّ قيمتهم لا يمكن العثور عليها في شكلهم، سواء في الحياة الواقعية أو على وسائل التواصل الاجتماعي".
المصادر: