أقدمت صحيفةٌ الوطن الجزائرية التي تنشر باللغة الفرنسية على خطوةٍ غريبة من نوعها، حين عدّلت في محتوى صورة لجنازة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، إذ حذفت من الصورة مئذنة المسجد الأعظم بالجزائر العاصمة، المعروف أيضًا باسم (جامع الجزائر)، والتي كانت ظاهرة في خلفية موكب الجنازة، وأرفقت الصورة بخبر عنوانه ”جنازة بالحد الأدنى”.
وكان الموت غيّب، مساء الجمعة الفائتة 17 سبتمبر/أيلول الجاري، الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة، الذي أمضى قرابة عشرين عامًا في السلطة، إلى أن دفعته احتجاجات شعبية عام 2019، إلى التنحي عن الحكم.
وكالة رويترز كانت التقطت صورة من الزاوية نفسها ونشرتها على موقعها الإلكتروني، وفي صورة الوكالة تبدو واضحة مئذنة المسجد الأعظم الواقع على مقربة من المقبرة التي دُفن فيها بوتفليقة، عكس الصورة التي نشرتها الصحيفة ووضعتها على الصفحة الأولى إذ اختفت منها المئذنة العملاقة.
ويظهر مبنى المسجد في الصورة إذ أبقت الصحيفة عليه، لكن بعدما أخفت المئذنة الشاهقة، دون سببٍ منطقي، سوى ما أُشيع عن التوجه العلماني المتشدّد للصحيفة، وهو ما نفته في اعتذارٍ لها، معتبرةً أن ما حدث خطأ غير مقصود.
وأثارت الخطوة تعليقاتٍ غاضبة على وسائل التواصل الاجتماعي، بعضها من مسؤولين في الجزائر ومؤسسات، ومن ضمن هذه التعليقات، استنكار نشرته وزارة الاتصالات الجزائرية التي وصفت ما حدث بالعمل "غير المبرر" من جانب الصحيفة.
بينما اعتبرت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية أنّ ما جرى بمثابة "انتهاك" صريح لقواعد الجمهورية، كما قالت إنّه يجب محاكمة الصحيفة وتعرضها لـ"إجراءات إدارية"، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الفرنسية فرانس برس.
ولم ينجح اعتذار الصحيفة في تهدئة الاستياء الكبير على وسائل التواصل الاجتماعي، واُتهمت بأنها حاولت تغيير مَعلم مهم في الذاكرة الوطنية، ولحظة تاريخية، حين مرّ موكب جنازة الرئيس السابق من المنطقة المحمدية في العاصمة الجزائرية بجانب المسجد الأشهر.
ويعدّ المسجد الأعظم في الجزائر، وهو ثالث أكبر مسجد في العالم بعد الحرمين الشريفين في مكة والمدينة، في المملكة العربية السعودية. وهو أيضًا أكبر مسجد في أفريقيا، ومئذنته هي الأطول في العالم إذ يبلغ ارتفاعها 267 مترًا (875 قدمًا).
وكان رئيس حركة المجتمع والسلام، عبد الرزاق مقري، اعتبر في تصريح لوسائل إعلام عالمية أنّ الصورة المعدّلة تُظهر "كراهية للرموز الدينية للمسلمين".
وكانت صحيفة الوطن قالت في مقال نشرته الثلاثاء الموافق 20 سبتمبر/أيلول الجاري، أن هناك جهات استغلت الفرصة لشنّ هجماتٍ عنيفة لا مبرر لها، وأنّ ما حدث هو سوء تعامل فني أثناء إغلاق يوم عمل وحدوث ضغوط في نهاية اليوم، وأنكرت أيّ نية لإخفاء الواقع أو تقويض القيمة الرمزية لمسجد الجزائر العاصمة.
وتابعت الصحيفة "يتم أحيانًا العمل على التصميم الجرافيكي للصفحة الأولى على عجل بسبب الضغط الناجم عن الموعد النهائي للتسليم إلى المطبعة، وفي ظل ظروف مماثلة، أغلقت الصحيفة، وانتهى الأمر بالخطأ دون أن يلاحظه أحد".
في المقابل وُجّهت اتهامات على مواقع التواصل الاجتماعي لرئاسة تحرير الصحيفة، بعدم الشجاعة للاعتراف بالسبب الحقيقي لتعديل الصورة، وسرعان ما أطلق ناشطون وسم #مسجد_الجزائر_الأعظم_هويتي، استنكارًا لفعل الصحيفة.
المصادر: