دعا رئيس الوزراء البريطاني الأسبق غوردن براون، في مقالة نشرها منذ فترة وجيزة في صحيفة ذا أندبندنت، الرئيس الحالي لمجلس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، إلى مضاعفة عمله، بدلًا من الكلام النظري عن حماية البلاد. وأضاف بطريقة تهكمية ساخرة، قائلًا "يتوجب على مستشاري رئيس مجلس الوزراء الطبيين والعلميين، تحديدًا كريس ويتي والسير باتريك فالانس، أن يُجلسا جونسون أمامهما، لإعلامه بالحقائق بدلًا من نشره بيانات مزيفة، أدلى بها في المؤتمر الأخير الذي عُقِد في 27 نوفمبر/تشرين الثاني2021."
وشكّك براون بتصريح جونسون الذي قال فيه إن "العقبة الحقيقية في أفريقيا، عقب ظهور متحور أوميكرون، تتمثل في التردد حيال تلقي اللقاح والإقبال المنخفض عليه" نافيًا شح اللقاحات وقلة وصولها للدول النامية والفقيرة.
كما اتهم براون، رئيس الوزراء الحالي جونسون بتجاهل الحقائق، مدعيًّا تقاعص الدول التي أخذت على عاتقها مهمة توريد اللقاحات إلى الدول الفقيرة، ومعززًا وجهة نظره بالاستشهاد بالوعود التي دشنتها مجموعة "الدول الكبرى السبع" في اجتماعها الذي عُقد برئاسة جونسون في مقاطعة كورنوال والتي تشمل تلقيح العالم كله، فيما تبيّن -على حسب قوله- أنها أخفقت في تحقيق هذه الوعود لحماية العالم من فايروس كوفيد-19.
ومن موقعه كسفير تمويل منظمة الصحة العالمية، كشف غوردن براون أنَّ الحكومة البريطانية، وعلى عكس ما أورده جونسون، تخلّفت عن إمداد الدول الفقيرة باللقاحات اللازمة، وبيّن أن دول مجموعة العشرين والتي تعتبر أغنى الدول في العالم، قد احتكرت %85 من اللقاحات التي جرى إنتاجها.
وفي سياقٍ متصل، أوردت وكالة بي بي سي خبرًا مفاده أن كندا واجهت انتقادات عدة في أواخر العام الفائت لشرائها خمسة أضعاف ما تحتاجه من اللقاحات لتطعيم سكانها، ما يعني أنَّ الكثير من الدول الغنية تحتكر جرعات كبيرة، غير مبالية بدول العالم الثالث.
بلبلة بشأن المتحور الجديد: أوميكرون
ليست المرة الأولى التي تُثار فيها قضية توزيع اللقاحات على إثر انتشار فايروس كورونا المستجدّ الذي ما يزال خطرًا يحدق بالدول والشعوب كافةً.
تتداخل هذه القضية مع بنية بلدان العالم وقوتها الاقتصادية، إذ أعلنت الدول الغنية، نقلًا عن موقع بي بي سي الإخباري، تبرعها بكميات من اللقاحات لمبادرة كوفاكس* أو للدول الأفريقية مباشرة، كما جاء في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة من تعهد بعض الدول بإمداد الدول الفقيرة باللقاحات، ولكن بحسب الإحصاءات التي ذكرها الموقع فإنّه “من بين أكثر من مليار جرعة لقاح تعهدت الدول الغنية بالتبرع بها، تم تسليم أقل من 15% منها حتى الآن”.
في غضون ذلك، تبين أنَّ نسبة 4.4% فقط، تلقوا جرعات اللقاح في أفريقيا بحسب ما أوردته منظمة الصحة العالمية.
وإضافة لتقاعس الدول الغنية في تزويد اللقاحات لدول العالم الثالث، ذكرت وكالة بي بي سي أنَّ الهند أوقفت معهد أمصال، وهو أكبر منتج للقاحات في العالم، عن تصدير اللقاحات لخارج الأراضي الهندية "لسد احتياجاتها الملحة"، ما تسبب في مواجهة مبادرة كوفاكس مشكلة كبيرة، خصوصًا وأنًّ دول أفريقيا تعتمد عليها.
وعودة إلى المؤتمر الصحفي الذي عقده جونسون وما جاء فيه ادعاءات وُصفت بالمضللة، طلب سفير وزارة الصحة من رئيس الوزاء الحالي، تغيير "مساره في التعامل مع أفريقيا" مشيرًا إلى الخطر المحدق الذي قد يصيب البلاد، وجميع بلاد العالم في حال الاستمرار في "حالة اللامبالاة"، وفي حال تخلفه عن نشر الحقائق، وعدم اتباع سياسات توزيع اللقاحات على جميع دول العالم، بما فيها الدول الأفريقية التي ظهر فيها حديثًا متحور أميكرون.
ومع الموجات الجديدة من فايروس كورونا، وجّهت المراكز الأفريقية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، نداءً إلى الدول المنتجة للقاحات من أجل إمدادها بأكبر قدر من الجرعات من أجل حماية المواطنين و"منع الحالات الشديدة والوفيات" حسب قولها.
كوفاكس*: هي مبادرة تقودها منظمة الصحة العالمية، وتحالف اللقاحات غافي (Gavi) ومركز الاستعداد للأوبئة (CEPI). يهدف هذا التحالف إلى إيصال اللقاحات إلى جميع دول العالم بأسعار معقولة.
المصادر والمراجع