خلال شهر فبراير/شباط 2022، تابع فريق "مسبار" جهوده في فحص المحتوى المنشور على وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، فرصد مئات الأخبار الزائفة والمضلّلة، تحقّق منها وكشف حقيقة الزائف منها. إذ نشر “مسبار” 307 مقال تحقق، غطّت مناطق عديدة في العالم، أبرزها المنطقة العربية وروسيا وأوكرانيا. كما نشر 29 مدونة، شملت تحليلات للمحتوى الزائف المرتبط بأحداث معينة، كما عالج بعضها جوانب تقنيّة، وواكب عدد من المدونات أهمّ المستجدات في حقل فحص الحقائق وتقصي الأخبار.
عدد المواد حسب التصنيف
توزّعت مواد فحص الحقائق الـ307 التي نشرها "مسبار" خلال فبراير الفائت، على عدّة تصنيفات، فكان منها 243 بتصنيف مضلّل، 59 زائف، ومادتيّ إثارة، وتقريرٌ واحدٌ نُشر عن خبر انتقائي، ومادة بتصنيف ساخر، وأخرى خرافة.
عدد المواد حسب نوع الخبر
المواد الإخبارية كانت 169 من إجمالي مواد فحص الحقائق في شهر فبراير، أما في مجال السياسة فكانت 71، المواضيع الرياضية وصلت إلى 36، الدينيّة سبعة، والثقافية والفنيّة خمسة، وتوزعت باقي المواد على مجالات الأعمال والترفيه والسفر والصحة وغيرها.
عدد المواد بحسب الدول
في فبراير الفائت، وبسبب الأزمة الأوكرانية التي تصاعدت حدّة التوتر فيها، إلى درجة أعلنت فيها روسيا الحرب على أوكرانيا، وصل عدد المواد المرتبطة بأوكرانيا إلى 50، تلتها روسيا بـ31، وكان نصيب المغرب 25 مادة معظمها متعلّق بحادثة الطفل ريان. الشأن التونسي كان نصيبه 17، و15 لكلّ من سورية واليمن، والسعودية 12، ومثلها الولايات المتحدة. وتوزعت المواد المتبقية على بلدانٍ مختلفة كما يُوضّح الشكل التالي.
موضوعات الأخبار الزائفة التي تحقّق منها "مسبار" خلال شهر فبراير، توزعت على عشرات الموضوعات والمجالات. إلّا أنّ موجات الأخبار المضلّلة تركّزت حول ثلاثة محاور رئيسة.
الأزمة الأوكرانية قُبيل الغزو الروسي
تصاعدت حدّة التوتر بين روسيا من جهة وبين أوكرانيا ودول الغرب من جهة ثانية، قبل أسابيع من إعلان الرئيس الروسي عن عملية عسكرية في أوكرانيا فجر يوم الخميس 24 فبراير، انتشرت خلالها العديد من الأخبار المضلّلة، التي لاقت رواجًا على مواقع التواصل الاجتماعي على شكل صورٍ أو مقاطع فيديو بالدّرجة الأولى.
من المحتوى المرئي المضلّل، صورة زعم متداولوها أنّها لمنظومة صواريخ روسيّة في طريقها إلى الحدود مع أوكرانيا، إلّا أنّ الصورة قديمة وتعود إلى عام 2014، التُقطتْ أثناء مرور مركبة عسكرية تحمل منظومة صواريخ S-400، خلال عرضٍ عسكريّ في موسكو.
كما كشف "مسبار" حقيقة مجموعة صور نشرها مستخدمون على أنّها لحشد الجيش الروسي قواته على الحدود مع أوكرانيا، إلّا أنّها صور قديمة وتعود لأحداث مختلفة ولا علاقة لها بالأزمة الأخيرة.
ولاقى مقطع فيديو رواجًا على أنّه لمشاهد بثّها التلفزيون الأوكراني، ورصدتها الأقمار الصناعية لقوات روسيّة تخرج من قواعدها وتتجه صوب الحدود مع أوكرانيا. تحقّق "مسبار" من الفيديو وتبيّن أنّه مضلّل، فهو قديم ومنشور منذ أغسطس/آب 2018، حين رصدت بعثة التفتيش التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، حركة دخول وخروج شاحنات عبر الحدود الأوكرانية بطريقة غير شرعية.
فيديو آخر زعم ناشروه أنّه لجنود روس يرقصون وهم في طريقهم إلى الحدود مع أوكرانيا، إلّا أنّ تحقُّق "مسبار" كشف أنّه مضلّل، لأنّه قديم ومنشور منذ عام 2018 على أنّه لفرقة موسيقية تابعة للقوات الأوزباكية، يرقص أفرادها في محطة مترو العاصمة طشقند، بمناسبة ذكرى انتصار السوفييت على النازيّة في الحرب العالمية الثانية.
هذا مقطع فيديو تداوله مستخدمون على أنّه للرئيس الأميركي جو بايدن يُظهرهُ نائمًا في الوقت الذي يُعلن فيه الرئيس الروسي اعترافه باستقلال إقليمي دونيتسك ولوغانسك، إلّا أنّ الفيديو مضلّل فهو قديم ويعود إلى نوفمبر/تشرين الثاني 2021، ويُظهر الرئيس الأميركي جو بايدن يغفو خلال افتتاح قمة المناخ الأخيرة التي انعقدت في مدينة غلاسكو في اسكتلندا.
كما انتشرت صورة على أنّها لعمليات الإجلاء التي جرت في دونيتسك جنوب شرق أوكرانيا، إلّا أنّ الصورة مضلّلة حسب ما توصّل إليه "مسبار"، فهي قديمة وتعود إلى عام 2015، عند نقطة تفتيش في شرقيّ أوكرانيا.
تحقق "مسبار" من صورة ادّعت حسابات وصفحات على موقع فيسبوك، أنّها لبدء انسحاب القوات الروسية من الحدود الأوكرانية، ووجد أنّها مضلّلة، لأنّها قديمة وسبق ونشرتها وسائل إعلام روسية على أنّها لتدريب أجرته القوات الروسية في المنطقة العسكرية في ميدان تدريب شيباركلسكي.
كانت هذه أمثلةً على بعض الصور ومقاطع الفيديو المضلّلة التي تحقق منها "مسبار"، بعد أن لاقت رواجًا على مواقع التواصل الاجتماعي قُبيل بدء الحرب. ويمكن الاطلاع على المزيد من تحقّقات "مسبار" عن ذاك المحتوى المضلّل في مدونة نشرها، تستعرض أبرز الأخبار الزائفة خلال الأزمة الأوكرانية.
كما خصّص "مسبار" إحدى حلقاته الأسبوعية لتسليط الضوء على أبرز الأخبار المضلّلة قُبيل الغزو الروسي.
الحرب الروسيّة على أوكرانيا
منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا صباح الخميس 24 فبراير، ازدادت وتيرة انتشار الأخبار المضلّلة التي رافقت تطور الأحداث، وشاركتها وسائل إعلام وصفحات وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، وقد تحقّق "مسبار" من عشرات الأخبار والصور ومقاطع الفيديو، فيما يلي أمثلةً على أبرزها:
تحقق "مسبار" من صورة زعم متداولوها أنّها لبداية سقوط الصواريخ على أوكرانيا، ولكن تبيّن أنّها قديمة وتعود لانفجار مستودع ذخيرة في مدينة كالينيفكا وسط أوكرانيا في سبتمبر/أيلول 2017. صورة أخرى انتشرت كذلك على أنّها لاحتراق منازل في أوكرانيا جرّاء القصف الروسي، لكن الصورة تعود إلى فبراير 2020، وتُصوّر حريقًا نشب في كنيسة في مدينة إرشافا في منطقة ترانسكارباثيا الأوكرانية. وهذه أيضًا صورةٌ التُقطت خلال العدوان الإسرائيلي على غزة في مايو/أيار 2021، ونشرها مستخدمون مؤخرًا على أنّها لبدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
وانتشر كذلك مقطع فيديو على أنّه لعملية قتل جماعي لجنود أوكرانيين في قصف جوي روسي، إلّا أنّ "مسبار" كشف حقيقة الفيديو، وبيّن أنّه مضلّل، فهو لقصف الطيران الأميركي مقاتلين من طالبان في أفغانستان عام 2012.
وكشف أحد تحقّقات "مسبار" أنّ هذا الفيديو ليس لطائرات حربية روسية تُحلّق في سماء كييف بينما تدوي صفارات الإنذار في أحياء المدنية، إنّما هو لتدريبات أجرتها مقاتلات روسية في موسكو استعدادًا لعرض عسكري يوم التاسع من مايو 2020، وتمّ التعديل على الفيديو الأصلي بإضافة صوت صفّارات الإنذار.
وفي تحقّق آخر وجد "مسبار" أنّ هذا الفيديو ليس لانقلاب دبابة روسية في ضواحي كييف مؤخرًا، وإنّما لسقوط دبابة من على شاحنة مقطورة على الطريق السريع عند مدخل منطقة يوجنو سخالين في روسيا، في يوليو/تموز العام الفائت.
وانتشرت صورة على أنّها لقاعدة عسكرية روسية قصفتها القوات الأوكرانية خلال المعارك الدائرة، ولكن اتّضح لـ"مسبار" أنّها تعود إلى عام 2019، وتُصوّر من الأعلى مطار ميليروفو العسكري في روسيا. صورةٌ أخرى تبيّن أنّها ليست لتدمير منشأة نفايات نووية في تشرنوبل كما ادّعت حسابات وصفحات على موقعي التواصل الاجتماعي فيسبوك وتويتر، بل هي قديمة وتعود إلى عام 1986، عندما وقع انفجار في محطة تشرنوبل للطاقة النووية في أوكرانيا.
ونشر مستخدمون مقطع فيديو ادّعوا أنّه لصواريخ مضادة للطائرات تنطلق من العاصمة الأوكرانية كييف، لكنّ الفيديو قديم ويعود إلى مايو 2021، لاشتباكات وقعت بين حماس وجيش الاحتلال الإسرائيلي.
وطالت العديد من الشائعات الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، منها مقطع فيديو انتشر على أنّه لزيلينسكي وهو يشرب الشاي مع جنوده على جبهة كييف بعد رفضه عرضًا أميركيًّا بإجلائه، إلّا أنّ الفيديو يعود إلى ما قبل بداية الحرب، تحديدًا إلى يوم 17 فبراير، عندما تناول الرئيس الأوكراني العشاء مع جنود الجيش في جبهة دونباس شرقيّ البلاد.
وهذا فيديو زعم ناشروه أنّه لمواجهة مواطنين أوكرانيين دبابة روسية بقنابل المولوتوف، لكنّ الفيديو لمتظاهرين أوكرانيين أحرقوا آلية عسكرية أوكرانية عام 2014 خلال موجة احتجاجات.
وعلى هذه المدونة تجدون المزيد من مواد فحص الحقائق التي نشرها "مسبار"، عن أخبار الحرب الروسية على أوكرانيا.
كانت هذه عيّنة عن أبرز تحقّقات "مسبار" من أخبار مضللة متعلقة بالحرب الروسية على أوكرانيا، والتي يُتوّقع مع استمرارها، أن تواصل موجة الأخبار الزائفة انتشارها على مواقع التواصل الاجتماعي. وللوقوف آخر التحديثات الخاصة بتحقّقات "مسبار"، يمكنكم متابعة سلسلة التغريدات التالية على حساب المنصة على موقع تويتر.
حادثة الطفل ريّان
مع بداية فبراير الفائت، سقط طفل مغربي اسمه ريان في بئر في مدينة شفشاون، وبقي عالقًا فيها ما يزيد عن خمسة أيام، لتعلن بعدها السلطات المغربية وفاته عقب تمكّنها من انتشاله من البئر. حظيت الحادثة في الفترة ما بين سقوطه وانتشاله على اهتمام وسائل الإعلام العالمية وروّاد مواقع التواصل، وخلالها انتشرت العديد من الشائعات حول عملية الإنقاذ التي استمرت لأيام.
من الأمثلة على المحتوى المضلّل الذي تحقّق منه "مسبار"، صورة انتشرت على أنّها لريّان بعد إخراجه من البئر التي سقط فيها في مدينة شفشاون في المغرب، إلّا أنّ الصورة قديمة وتعود لطفل عراقي بعد إنقاذه من بئر سقط فيها في منطقة جيلوخان في الموصل. كما انتشرت صورة لطفل يمنيّ توفي إثر خطأ طبيّ على أنّها للطفل ريّان بعد انتشاله من البئر.
وانتشر مقطع فيديو على أنّه من عمليات إنقاذ الطفل الريان، إلّا أنّ الفيديو مضلّل، لأنّه لإنقاذ طفل عراقي سقط في بئر في منطقة تازة. كما لاقت إحدى الصور رواجًا على مواقع التواصل، على أنّها تُظهر تقدّمًا في عملية الإنقاذ، الصورة لا علاقة لها بالحادثة كما كشف تحقق "مسبار"، فهي تعود إلى مارس 2021، لإنقاذ طفل سوري سقط في بئر في محافظة إدلب شماليّ البلاد.
وهذا الفيديو يُظهر إنقاذ طفل صيني سقط في بئر في سبتمبر عام 2016، وليست للطفل ريان مثلما نشرت حسابات وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي. كما أنّ هذا الفيديو أيضًا ليس لعمليات الحفر اليدوي في إطار محاولات إنقاذ الطفل ريّان، إنّما يعود لمحاولة الدفاع المدني السوري انتشال طفلٍ سقط في بئر في شمالي البلاد في مارس عام 2021.
كانت هذه أبرز المحاور التي تركزت حولها الأخبار الزائفة التي تحقّق منها "مسبار" وكشف حقيقتها خلال شهر فبراير 2022، الذي شهدت فيه مواقع التواصل الاجتماعي على وجه الخصوص، موجاتٍ من الأخبار المضلّلة عن أحداث حظيت باهتمام النّاس ووسائل الإعلام.