يتساءل كثير من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، كيف يصادفون إعلانًا عن منتج كان يتحدث عنه قبل لحظات، أو يحتاجه؟ كأن يناقش نوع من أنواع المعكرونة ثم يجد إعلانًا عنه خلال تصفحه وسائل التواصل. ما لا يعرفه المستخدم أنّ هناك نسق خاص بذوقه محفوظ إلكترونيًا من خلال المواقع التي يفتحها يوميًا، ما يجعل الشركات تتعرف على أذواق المستخدمين، ومن هنا ومن هذا الإحساس بالذات بانتهاك الخصوصية والتجسس جاءت مبادرة "غوغل" Google Privacy Sandbox.
تهدف مبادرة برافاسي ساند بوكس Privacy Sandbox التي تقودها “غوغل” لتطوير تقنية جديدة من شأنها تحسين درجة خصوصية الأشخاص عبر الويب والتطبيقات على نظام أنرويد، بهدف الحد من تتبع الأفراد وتوفير بدائل أكثر أمانًا للتكنولوجيا الحالية، مع إبقائها مفتوحة ومتاحة للجميع.
ولا يمكن التغاضي أنّ “غوغل” شركة تولي الإعلان اهتمامًا كبيرًا، وتعتمد على تتبع المستخدم بملف تعريف ارتباط تابع لجهة خارجية. إذ ينشئ موقع جوجل ملفًا شخصيًا للأشياء التي يهتم بها المستخدم، كالفرق الرياضية المفضلة لديه، وقوائم من المفضلات الأخرى تخص الطعام والمنتجات والألبسة وأماكن الترفيه.
ويُستخدم هذا الملف بعد ذلك لاستهداف المستخدم بإعلانات محددة من المحتمل أن يكون مهتمًا بها، وبالتالي من المرجح أن ينقر عليها ويطلع على محتواها.
ويتم تتبع ملفات تعريف الارتباط وبصمات الجهاز التي يمكن أن تكشف سجل التصفح عبر المواقع للمعلنين أو منصات الإعلانات. وهنا تهدف المبادرة إلى السماح باختيار الإعلان بطريقة تحمي الخصوصية بشكل أفضل.
لذلك بدلًا من تتبع المستخدمين عبر ملف تعريف ارتباط التتبع، تعمل المبادرة بجانب المتصفح بتحليل سلوك المستخدم عبر الإنترنت محليًّا.
وباستخدام سجل التصفح هذا، يراقب جوجل كروم نشاط التصفح ويُرجك المتصفِّح في مجموعة من المستخدمين الآخرين ذوي الأذواق والعادات المماثلة.
يُبلغ كروم بعد ذلك عن هذه المجموعة إلى مواقع الويب التي تستفيد من خدمات المبادرة.
بعبارة أخرى، بدلًا من السماح لمواقع الويب التابعة لجهات خارجية بتتبع نشاط التصفح الخاصة باستخدام ملفات الارتباط، فإنّ “كروم” نفسه سيتتبع نشاط التصفح -محليًّا- ويُخبر مواقع الويب التي تزورها بنوع الإعلانات التي قد تكون مهتمًّا بها. وافتراضيًا، يكون خيار مبادرة حماية الخصوصية Privacy Sandbox التجريبي قيد التشغيل لجميع مستخدمي كروم.
في أوائل عام 2021، قامت “غوغل” بتمكين تجريب تقنية المبادرة لـ 0.5% من مستخدمي كروم Chrome في مناطق مثل أستراليا والبرازيل وكندا والهند وإندونيسيا واليابان والمكسيك ونيوزيلندا والفلبين والولايات المتحدة. وقبلها في عام 2019 أعلنت أنّها ستتوقف تدريجيًّا عن دعم ملفات تعريف الارتباط للجهات الخارجية.
ونشرت جدول زمني منقّح عام 2021 بهدف التخلص التدريجي من دعم ملفات تعريف الارتباط للجهات الخارجية على مدار فترة ثلاثة أشهر، على أن ينتهي هذا التخلص التدريجي في أواخر عام 2023.
ومن هنا جاءت مبادرة Privacy Sandbox التي تهدف إلى إنشاء تقنيات تحمي خصوصية الأشخاص عبر الإنترنت، ويمكنهم إلغاء الاشتراك في مبادرة حماية الخصوصية Privacy Sandbox، عن طريق تغيير إعداد بسيط داخل متصفح غوغل كروم.
وهناك عدد من الأسباب دفعت “غوغل” إلى إلغاء دعم ملفات تعريف الارتباط التابعة لجهات خارجية تدريجيًا، وأهمها أنّ المعلومات التي يمكن جمعها بواسطة ملفات تعريف الارتباط قد تكون غير محدودة ومفصلة للغاية، مما قد يؤدي إلى إساءة استخدام ملفات تعريف الارتباط الشخصية، وتنتهك خصوصية المستخدم.
كما يعدّ الوعي المتزايد عند المستخدمين بأهمية الخصوصية سببًا آخر لإطلاق المبادرة، مما أدى من بين أمور أخرى إلى قوانين الخصوصية مثل القانون العام لحماية البيانات (GDPR).
وقد حدّدت مبادرة Privacy Sandbox أهداف أساسية تقنية جديدة للحفاظ على خصوصية المعلومات، مثل أنّه يجب أن يكون الأشخاص قادرين على الاستمتاع بالتصفح وتجربة التطبيق دون القلق بشأن المعلومات الشخصية التي يتم جمعها ومن قبل من؟! وحظر تقنيات التتبع السرية، وتمكين الناشرين والمطوّرين من الاحتفاظ بالمحتوى على الإنترنت مجانًا.
ويكون تأثير مبادرة Google Privacy Sandbox على الناشرين، أولًا بالقضاء على ملفات تعريف الارتباط كما نعرفها اليوم، ومحاربة البريد العشوائي والاحتيال على الويب عبر رموز الثقة، إذ ستساعد رموز الثقة مواقع الويب على تمييز الأشخاص الحقيقيين عن الروبوتات أو المهاجمين الضارين.
المصادر:
