عُرض فيلم "Minions: The Rise of Gru" لأول مرة في الصين يوم الجمعة الفائت، وسط احتفاء جماهيري كبير، إلا أن الفيلم الأحدث في سلسلة Despicable Me الشهيرة صدم الجمهور الصيني بنهايته التي حملت إضافة غير متوقعة على الفيلم الهوليوودي الصادر في الأول من يوليو/تموز الفائت.
فبعد عرض الفيلم الخامس من ذات السلسلة، أظهرت العديد من المنشورات واللقطات على موقع المدونات الصغيرة ويبو (Weibo) وعلى موقع تويتر أن الرقابة الصينية أضافت سلسلة من الصور الثابتة إلى شارة النهاية الخاصة بالفيلم، معدَّة سيناريو آخر مختلفًا تمامًا، تُنهي به القصة الكرتونية بطريقتها الخاصة.
مقاربة مغايرة لنهاية الفيلم في الإصدار الصيني المحلي
يُقدِّم الإصدار المحلي الصيني مقاربة مغايرة لنهاية الفيلم، معدِّلًا مقولته الرئيسية، كما يصف مشاهدون محليون، إذ تنتهي النسخة الأصلية بهروب غرو (Gru)، البطل الرئيسي في الفيلم، ومعلمه وايلد ناكيلز (Wild Knuckles) في وقت غروب الشمس. وينطلق اللصان معًا بعد أن زيَّف وايلد ناكيلز موته لتجنب إلقاء القبض عليه من قبل السلطات. أما في النسخة الصينية، فتضاف عبر شرائح ثابتة معلومة تفيد بإلقاء القبض على وايلد ناكيلز وحبسه لمدة 20 عامًا بعد عملية سرقة فاشلة، فيما يكتشف هو حبه للتمثيل وينشئ فرقة مسرحية. أما غرو، فيعود إلى منزله ليغدو إنجازه الأكبر هو في كونه أبًا لثلاث فتيات.
انتقد العديد من محبي السلسلة تلك الخاتمة الجديدة وقالو إنها تتماشى مع أجندات خفية وسرديات محددة تريد الحكومة الصينية الترويج لها لأسباب سياسية واقتصادية عديدة، خاصة حول سياسة الصين في تشجيع معدل أعلى للولادات. في حين سخر آخرون من تلك الإضافات، مشبِّهين إياها بعرض تلقيني لشرائح PowerPoint دون أي حس أو ذائقة فنية.
ويصف أحد المدونين السينمائيين الصينيين، دو سير (du Sir)، والذي يتابعه أكثر من 14 مليون متابع على موقع ويبو، الحادثة بالمشينة؛ متسائلًا في مدونة له عن سبب احتياج الصينيين إلى توجيه ورعاية خاصين، وعن الدافع الذي يجعل الحكومة الصينية تعتقد أن فيلم كرتون بوسعه أن يفسد عقول الصينيين.
لم تعلق شركة Universal Pictures، الموزع الأميركي للفيلم ولا موزعيها في الصين شركتي Huaxia Film Distribution Co وChina Film Co على الحادثة بعد، مع أن عاصفة من الانتقادات والاعتراضات طالت إدارتها، وطالبت بتفسير تخليها السهل عن محتوى الأعمال الفنية التي ترعاها، دون الرجوع إلى صناع العمل والحصول على موافقتهم لتغيير المحتوى.
وعلى الرغم من تلك التعديلات الرقابية، حقق فيلم Minions: The Rise of Gru نجاحًا واسعًا في شباك التذاكر، إذ ورد أنه حقق رقمًا قياسيًا منذ وباء كورونا، بلغ حوالي 21.74 مليون يوان (3.2 مليون دولار أميركي) في يوم افتتاحه في الصين، وفقًا لموقع ديدلاين.
لمحة عن سوابق الرقابة الصينية في تغيير مسار بعض الأعمال الفنية
ليست هذه هي المرة الأولى التي تغير فيها الرقابة الصينية مسار بعض الأعمال الفنية لتتوافق مع معاييرها الأخلاقية وسياساتها الرقابية، إذ حذفت دور العرض الصينية بعض المشاهد من فيلم السيرة الذاتية Bohemian Rhapsody (2018) ، خاصة تلك التي تحتوي على إشارات إلى النشاط الجنسي لمغني الفرقة الرئيسي فريدي ميركوري.
وفي هذا العام، لاحظ المشاهدون على مواقع البث الصينية أن نهاية فيلم (1999)Fight Club تغيرت بشكل جذري أيضًا، معلنة انتصار السلطات على بطل الفيلم الرئيسي بعد إرساله إلى المصحة العقلية. غيرت تلك النهاية مقولة الفيلم بأسرها، مشوهة متنه وبناءه الدرامي؛ فما عادت الشخصية التي يلعبها الممثل براد بيت، وهي تايلر دوردن، مجرد نسج من خيال شخصية إدوارد نورتون، وإنما تحولت إلى شخصية حقيقية يتم إرسالها إلى المصحة فعلًا.
أثارت تلك التغييرات ردود فعل غاضبة، خاصة من قبل مخرج الفيلم الأميركي، ديفيد فينشر، والمؤلف، تشاك بالانيوك، الذي كتب الرواية الأصلية التي اقتبس عنها الفيلم عام 1996، ووصفت هيومن رايتس ووتش النهاية الجديدة التي ألفتها الرقابة الصينية بأنها "دستوبية".
في ذات السياق، تمت فلترة الكثير من محتوى المسلسل الأميركي الكوميدي الشهير Friends قبل بثه هذا العام. ولم يُطرح فيلم ديزني (2022) Lightyear في الأسواق الصينية بسبب رفض شركته الإذعان لقوانين الرقابة ورغبتها في إزالة مشاهد تحتوي إشارات جنسية. أما فيلم الدراما الحائز على جوائز الأوسكار جبل بروكباك (2005)، فلم يتم عرضه على الإطلاق في الصين بسبب احتوائه على محتوى جنسي حساس.
وكذلك تم حظر فيلم روكت مان (2019)الذي يروي سيرة إلتون جون على خلفية بعض التصريحات التي أدلى بها المغني عن ميوله الجنسية. وتم منذ سنوات عديدة حظر فيلم سبع سنوات في التبت (1997) ومنع مخرجه جان جاك أنو من دخول الصين حتى عام 2012، وذلك بحجة تشويه صورة الجنود الصينيين من خلال الفيلم.
تطرح تلك التغييرات الكبيرة التي تدخلها الحكومة الصينية على بعض الأعمال الفنية كثيرًا من الأسئلة حول استقلالية شركات الإنتاج الفنية وقدرتها على حماية حقوق صناع الأعمال الفنية ومتلقيها.
اقرأ/ي أيضًا
إيلون ماسك يُغرد وأسواق الأسهم تستجيب
كيف يؤثر وهم التفوق على تقبل المعلومات وفهمها؟
المصادر