ارتبطت العديد من نظريات المؤامرة بجائحة كورونا منذ أيامها الأولى، وقد تحقّق “مسبار” من العديد منها. ولكنّ السؤال المطروح في هذا المقال هو، من هي الفئة العمرية الأكثر تصديقًا لنظريات المؤامرة؟ وما العوامل التي تسهم في تصديقها أكثر من سواها؟ وما هو الدور الواجب تأديته لضمان محاربة انتشار هذه النظريات الضارة بالمجتمع؟
دراسات علمية تقول إنّ صغار السن هم الفئة الأكثر تصديقًا لنظريات المؤامرة
على عكس الاعتقاد السائد، توصّلت مراجعة علمية منشورة في مارس/آذار الفائت، إلى أنّ نظريات المؤامرة هي أكثر رواجًا بين صغار السنّ والشباب وليس لدى كبار السن، إذ يميل الشباب أكثر لتصديق هذه النظريات.
وجد فريق بحثي تقوده الباحثة فاليري مولكوم إلى أنّ معظم الدراسات العلمية المتوفرة حول الموضوع، تُظهر أنّ الشباب يميلون لتصديق نظريات المؤامرة أكثر من كبار السن، وذلك بعد أن راجع الفريق نتائج 133 دراسة متعلقة بنظريات المؤامرة بشكل عام.
تصديق نظريات المؤامرة مرتبط بعوامل اجتماعية وثقافية وشخصية
وتعزو الباحثة فاليري مولكوم ذلك لعوامل عدّة متعلقة بالوضع الاجتماعي والثقافي للأشخاص، إضافة إلى بعض الصفات الشخصية التي تزداد معها احتمالية تصديق نظريات المؤامرة. وبعض هذه الصفات الشخصية التي حدّدها فريق البحث هي الشك والاضطهاد والنرجسية، إلى جانب صفات ذهنية مثل قلة الوعي والمعرفة الثقافية للشخص الذي يطلّع على تلك النظريات.
كذلك، هناك صفات موجودة بنسبة أكبر عند الصغار والشباب وتجعلهم أكثر عرضة لتصديق نظريات المؤامرة، وتتجسّد في وضعهم الاجتماعي والاقتصادي الذي قد يكون أقلّ مرتبة وبحبوحة من الكبار، إضافة إلى شعورهم بعدم قدرتهم على التحكم بمصيرهم وحياتهم مقارنة بالكبار.
قد يتساءل أحدهم وما المشكلة في تصديق نظريات المؤامرة؟
المشكلة تكمن في ارتباط تصديق نظريات المؤامرة والأخبار الزائفة، بعدم الالتزام بالتعليمات التي تحمي الشخص أو المحيطين به من أخطار الواقع. وإذا أخذنا جائحة كورونا مثالًا، فإن المؤمنين بأنّها جائحة غير حقيقية أو مبالغ في ردّ الفعل تجاهها، قد يتجنبون أو يعزفون عن القيام بالإجراءات الاحترازية المطلوبة منهم لحماية أنفسهم وحماية من حولهم من انتشار فايروس كورونا. وبالتالي، لن يرتدوا الكمامة في الأماكن المزدحمة، كما لن يلتزموا بالارشادات المهمة التي تعلن عنها الحكومات.
كذلك قد يتجنب الشخص المقتنع بعدم جدوى اللقاحات أخذ لقاح كورونا، ممّا يزيد من احتمالية معاناته من أعراض شديدة أو تكاليف مادية عالية في حال أصيب بالفايروس.
تعمل نظريات المؤامرة على استهداف المشاعر الخاصة بالأشخاص وليس عقولهم، إذ إنّها تحجب الحقيقة عن الآخرين. لذلك فإنّه يصعب مواجهة نظريات المؤامرة بنشر الكلام العلمي الجاف، الذي لا يصل إلى المتأثرين بها بشكل كبير.
هذه الدراسة كما مثيلاتها، توضح أهمية وجود حلقات وصل تربط بين الحقائق العلمية، وتعيد تقديمها بشكل يخاطب العقل و المشاعر بشكل مبسط ومفهوم، يصل للأشخاص الأكثر عرضة لتصديق نظريات المؤامرة. ويقع ذلك على عاتق مبسطي العلوم بشكل عام، وعلى عاتق مبسطي العلوم الطبية وبشكل خاص في حالة جائحة كورونا.
ختامًا، يجب العمل أيضًا على محاربة العوامل التي تزيد من احتمالية تصديق نظريات المؤامرة، وذلك لضمان خفض عدد المقتنعين بها، ممّا يسهم في الحدّ من تأثيرها على المجتمع.
المصادر
اقرأ/ي أيضًا
في الذكرى الخامسة والعشرين لموت ديانا: نظريات المؤامرة تعود إلى الواجهة
مروجو نظرية المؤامرة يستغلون الاحتجاجات في كندا بغرض الاحتيال