في عام 1986 ابتكر عالم البيئة الأميركي جاي ويسترفليد مصطلح الغسل الأخضر Greenwashing حين كتب مقالًا ينتقد فيه ممارسة فندق زاره، كان يطلب من الضيوف إعادة استخدام المناشف، من أجل حماية البيئة وعدم التبذير، ثم تبين وقتها أنَّ الفنادق مهتمة بتقليل تكاليف غسيل المناشف، وليس البيئة.
ومصطلح الغسل الأخضر يعني تضليل شركات وكيانات للعملاء والمستهلكين في عمليات الشراء، من خلال إعطائهم انطباعًا مزيفًا حول التزام الشركة الأخلاقي تجاه البيئة.
بات الغسل الأخضر ممارسة تسويقية لشركات ومنظمات وحتى حكومات، تُبيّن أنَّ منتجاتها وسياساتها طبيعية وصحية وقابلة لإعادة التدوير، لكن الحقيقة أن أعمالها مضرة للبيئة.
وعلى الرغم من ظهور المصطلح في عام 1986، إلا أنَّ ممارسة "الغسل الأخضر" قد سبقت المصطلح بسنوات كثيرة.
شركات متهمة بالغسل الأخضر
تعرضت شركة ويستنجاوس الأميركية للكهرباء لسلسلة من الاتهامات، أثارت تساؤلات كبيرة حول تعامل الشركة مع البيئة ومدى خطورة قسم الطاقة النووية التابع لها.
ففي عام 1969، كانت محطات ويستنجاوس النووية، تنتج كميات ضخمة من الكهرباء وكانت نسبة تلوث الهواء أقل بكثير من محطات الفحم المنافسة لها. وعلى إثر سلسلة الانهيارات النووية التي حدثت في ولايتي ميتشيغن وأيداهو، أصدرت الشركة سلسلة من الإعلانات تجاهلت فيها المخاوف من التأثير البيئي للنفايات النووية، واتجهت لتعلن عن نظافة وسلامة محطات الطاقة النووية. وركّزت في إعلاناتها أن هذه المحطات تزود الشعب بالمزيد من الكهرباء، بأقل تلوث والأهم أنه لا يوجد داخلها أي شيء يستدعي الخطر بل هي “آمنة تمامًا وعديمة الرائحة”.
وفي السبعينات من القرن الفائت، وحين بدأت الصحافة تتكلم عن سياسات الانبعاثات وتقليل البصمات الكربونية حاولت شركة شيفرون النفطية إيصال انطباع مضلل عن احترامها للبيئة، ثم كشفت الوسائل الإعلامية تسريبات نفطية مضرة من الشركة.
كما عرضت شركة وييرهاوزر وهي شركة أميركية للأخشاب، سلسلة من الإعلانات تدعي فيها مسؤوليتها تجاه حماية الأسماك، بينما من جهة أخرى كانت تقطع الأشجار في بعض الأراضي التابعة للغابات، وشكلت سياساتها خطرًا كبيرًا على موائل السلمون.
كما ضجت وسائل الإعلام بحادثة مقاضاة شركة الأزياء السريعة H&M، بتهمة "التسويق المضلل"، إذ وُجّهت لها اتهامات بخداع المستهلكين من خلال الترويج إلى أن منتجات الألبسة صديقة للبيئة لحثّهم على شرائها بسعر أعلى من سعرها الحقيقي.
مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ COP27 وخطورة الغسل الأخضر
وجّه نشطاء بيئيّون الكثير من الانتقادات لاتفاقية مصر مع شركة كوكاكولا لرعاية مؤتمر المناخ COP27، الذي عقد مؤخرًا في شرم الشيخ، وذلك بسبب تورط “كوكاكولا” في التلوث البلاستيكي، وتسببت تصريحات نائب رئيس السياسات العامة والاستدامة مايكل غولتزمان، بأن “الشركة تسعى من خلال شراكتها في المؤتمر إلى دعم العمل الجماعي في مواجهة تغير المناخ”، باتهام النقاد للشركة بالغسل الأخضر.
وكانت الشركة قد اعترفت، في عام 2019، بأنها تستخدم ثلاثة ملايين طن من العبوات البلاستيكية في السنة، ما أثار غضب النشطاء البيئيين.
ووفقًا لما نقلت بي بي سي، فإن الناشطة المناخية غريتا ثونبيرغ، كانت قد أعلنت عن عدم مشاركتها لحضور مؤتمر COP27 الذي عقد بين 8 و18 نوفمبر/تشرين الثاني الفائت في مصر، ومن بين الأسباب التي دفعتها للمقاطعة هو تغاضي الدول عن ممارسة الشركات للغسل الأخضر.
وحول كيفية التحقق من مزاعم الشركات المتعلقة باستدامة منتجاتها وحمايتها للبيئة، ننصح بأخذ ادّعاءات الشركات بواقعية أكثر والبحث عن مزيد من المعلومات غير التي تقدّمها، كما يمكن استخدام تطبيقات "شفافية العلامة التجارية" للتحقق من صحة التزام الشركات العملاقة بالممارسات الصديقة للبيئة وللحيوانات.
المصادر