هذه المدونة ترجمة بتصرّف لمقال من موقع USC NEWS.
وجد باحثون من جامعة جنوب كاليفورنيا أن المؤثر الأكبر في انتشار الأخبار الزائفة هو تصميم مواقع التواصل الاجتماعي الذي يكافئ المستخدمين على مشاركة المعلومات بشكل اعتيادي.
ما دور مواقع التواصل الاجتماعي في انتشار المعلومات المضللة؟
شرح الباحثون في الورقة التي نُشرت في مجلة PNAS: “بسبب أنظمة المكافأة على النشر في مواقع التواصل الاجتماعي، فإن المستخدمين يشكلون عادات لمشاركة المعلومات التي يتم التعرف عليها من قبل الآخرين وقد تحتمل إعجابهم".
و"بمجرد أن تتشكل لديهم هذه العادة، فإنهم تلقائيًا وعند أول إشارة من نظام المكافأة، سينشرون المعلومات دون أي تفكير باحتمالية أن تكون مضللة”.
وبالتالي، فإن عملية النشر والمشاركة والتفاعل مع الآخرين على مواقع التواصل الاجتماعي من الممكن أن تتحول إلى عادة ببساطة، كما يوضح البحث.
إن النتائج التي توصّل لها الفريق البحثي، تعطينا المساحة لإعادة النظر في الأفكار التي تقول بأن انتشار المعلومات المضللة يعود إلى افتقار المستخدمين مهارات التفكير النقدي اللازمة لتمييز المحتوى الحقيقي من الزائف، أو لأن معتقداتهم السياسية القوية تحرف حكمهم.
قالت ويندي وود، الخبيرة في العادات وأستاذة جامعة جنوب كاليفورنيا الفخرية لعلم النفس والأعمال، "تظهر النتائج التي توصلنا إليها أن المعلومات المضللة لا تنتشر بسبب خلل أو نقص لدى المستخدمين بل إنها بشكل أساسي تنتشر بسبب تصميم مواقع التواصل الاجتماعي نفسها".
وأضافت جيزيم جيلان، التي قادت الدراسة ضمن أطروحتها في الدكتوراه في قسم USC Marshall، وهي الآن باحثة ما بعد الدكتوراه في كلية ييل للإدارة :"إن عادات مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي هي المحرك الأكثر تأثيرًا لانتشار المعلومات المضللة مقارنة بالسمات الفردية للمستخدمين. صحيح أننا توصّلنا من الأبحاث السابقة إلى أن الافتقار إلى مهارات التفكير النقدي والانحيازات السياسية لها دور في انتشار المعلومات المضللة، إلا أن نظام المكافآت في مواقع التواصل الاجتماعي يلعب دورًا أكبر في هذه المسألة."
لماذا تنتشر المعلومات المضللة على مواقع التواصل الاجتماعي؟
شملت الدراسة 2476 مستخدمًا نشطًا على موقع فيسبوك، تتراوح أعمارهم بين 18 و 89 سنة، ممن تطوعوا للاستجابة إلى إعلان المشاركة في البحث عبر الإنترنت.
وكان مما أثار دهشة الباحتين أنهم وجدوا أنّ عادات المستخدمين على وسائل التواصل الاجتماعي، ساهمت مع مرور الوقت بمضاعفة انتشار الأخبار الزائفة التي ينشروها مرتين وأحيانًا ثلاث مرات! وكانت عاداتهم هي العامل الأكثر تأثيرًا في مشاركة الأخبار الزائفة من العوامل الأخرى، بما في ذلك المعتقدات السياسية والافتقار إلى التفكير النقدي، إذ تبيّن أن المستخدمين الذين تشكّلت لديهم عادة متكررة لمشاركة المعلومات، ينشرون أخبارًا زائفة أكثر بست مرات من المستخدمين العرضيين أو الجدد.
وفي هذا الصدد، قال إيان أندرسون المؤلف الثاني في الدراسة، وعالم السلوكيات ومرشح الدكتوراة في قسم USC Dornsife "إن فهم الديناميكيات الكامنة وراء انتشار المعلومات المضللة أمر مهم نظرًا لعواقبه السياسية والصحية والاجتماعية".
تجربة سيناريوهات مختلفة لمعرفة سبب انتشار الأخبار الزائفة
في التجربة الأولى، وجد الباحثون أن المستخدمين المعتادين على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي يشاركون الأخبار الحقيقية والزائفة وليست الزائفة فقط.
في تجربة أخرى، وجد الباحثون أن المشاركة المتكررة للمعلومات الخاطئة هي جزء من نمط أوسع لدى المستخدمين، يتمثّل بعدم الحساسية للمعلومات التي يتم مشاركتها، إذ شارك المستخدمون المعتادون على مواقع التواصل أخبارًا من النوعين، النوع الذي يدعم معتقداتهم السياسية والنوع الذي ينقض أو لا يؤيد توجهاتهم.
وأخيرًا، اختبر الفريق فكرة ما إذا كان يمكن لتصميم أنظمة المكافآت على مواقع التواصل الاجتماعي أن يعزز مشاركة المعلومات الحقيقية، فتبيّن لهم أن تتوجيه حوافز نظام المكافأة لتكون على دقة المحتوى بدلاً من كمية التفاعل مع المحتوى (كما هو الحال القائم حاليًا) له دور مباشر في مضاعفة كمية الأخبار الدقيقة التي يشاركها المستخدمون على المنصات الاجتماعية.
تشير هذه النتائج إلى أن منصات وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن تتخذ خطوة أكثر فاعلية من تعديل المعلومات المنشورة، إذ يمكنها أن تتبع تغييرات هيكلية في نظام المكافآت للحد من انتشار المعلومات المضللة.
اقرأ/ي أيضًا
عصر ما بعد الحقيقة كما يعرّفه لي ماكنتاير
حول أنظمة المحادثة الاصطناعية وعلاقتها بانتشار المعلومات المضللة