تناقل إعلاميون ونشطاء ووسائل إعلام، مؤخرًا، تصريحًا مصدره صفحة على موقع فيسبوك تُدعى وكالة الصحافة السورية، منسوبًا للسفير الروسي يقول فيه إنّ دولة الإمارات تحملت كافة التكاليف العسكرية للعمليات الروسية في سوريا برًا وبحرًا وجوًا، ولم يحدّد الخبر إنْ كان السفير الروسي في دمشق أو في أبو ظبي.
تحقّق "مسبار" من صحة التصريح عبر البحث في الموقعين الإلكترونيين للسفارتين الروسيتين في أبو ظبي ودمشق، وحسابات كبار مسؤوليهما ولم يجد قولًا مشابهًا للسفير الروسي في أبو ظبي تيمور زابيروف، ولا للسفير الروسي في دمشق ألكسندر يفيموف، كما لم تنقل التصريح أي جهة إعلامية رسمية أو ذات صدقيّة.
خبر تمويل الإمارات للجيش الروسي في سوريا قديم
وربط بعض ناشري الادعاء التصريح المنسوب للسفير الروسي بوثيقة تثبت تورّط الإمارات بتمويل العمليات العسكرية الروسية في سوريا. لكن عند التحقق من خلفية تلك الوثيقة، وجد "مسبار" أنها نُشرت في شهر يوليو/تموز من قبل بعض الصحف والمواقع العربية التي نقلتها عن موقع "مرآة سوريا" الإخباري، الذي تبيّن أنه المصدر الأساسي والأقدم للوثيقة المسرّبة.
ونصّت تلك الوثيقة التي يعود تاريخها بحسب الظاهر في أعلى الورقة إلى سبتمبر/أيلول عام 2017، على حدوث لقاءٍ جمع بين المقدّم زياد إسبر، وهو ضابط مخابرات في النظام السوري، وبين ضابط مخابرات مصري برتبة عقيد تابع للمخابرات الحربية يدعى محمد شوقي، قال فيه الأخير إنّ "القيادة المصرية ممثلة بشخص الرئيس عبد الفتاح السيسي تبذل جهودًا كبيرة لحث ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد على الاستمرار بدعم المجهود الحربي الروسي حتى تحرير آخر شبر من سوريا الحبيبة من الإرهاب".
كما أشارت الوثيقة الموقّعة باسم رئيس فرع التحقيق في المخابرات الجوية العميد ركن نزيه ملحم، والتي لم يتسنَّ لـ"مسبار" التثبت من صحتها، إلى أنّ تأكيد الضابط المصري جاء "بعد عملية استجواب لأعضاء في قنصلية النظام السوري بالقاهرة حول تحركات مشبوهة لشخصيات محسوبة على المعارضة". وبحسب موقع مرآة سوريا، فإنّ عمليات التحقيق جرت في الأراضي المصرية عن طريق ضابط مخابرات تابع للمخابرات الجوية السورية أُوفد إلى مصر.
كما وضّحت الوثيقة أنّ المقدّم زياد إسبر، اجتمع مع رئيس الائتلاف السوري المعارض السابق أحمد الجربا ورئيس تيار "الغد السوري"، ومع عبد السلام النجيب وهو أحد عرابي اتفاق المصالحة في منطقة ريف حمص الشمالي بين المعارضة والجانب الروسي.
لكن تجدر الإشارة إلى أنّ الوثيقة لم تنقلها حينها أي وسيلة إعلام ذات موثوقية ولم تعلّق عليها أي جهة رسمية أو بحثية، كما لم تظهر معلومات استخباراتية جازمة تؤكد المعلومات التي وردت فيها.
حقيقة التعاون الروسي الإماراتي في سوريا
تأتي هذه الادعاءات على خلفية عودة النظام السوري إلى جامعة الدول العربية، وتسريب وثائق استخباراتية أميركية مطلع إبريل/نيسان الفائت تخص العلاقات الروسية الإماراتية. إذ أفادت وكالة أسوشييتد برس أنه وبحسب تلك الوثائق ألقى جواسيس أميركيون القبض على ضبّاط مخابرات روس يتفاخرون بأنهم أقنعوا دولة الإمارات "الغنية بالنفط بالعمل معهم ضد وكالات المخابرات الأميركية والبريطانية".
لكنّ المسؤولين الأميركيين امتنعوا عن التعليق على تلك الوثيقة التي كانت تحمل ختم "سري للغاية" واطلعت عليها وكالة أسوشييتد برس.
وكانت جهات رسمية عدّة، بما فيها الحكومة الكورية الجنوبية والحكومة الأوكرانية، قد أكدت أنّ جزءًا لا بأس به من تلك الوثائق زائف، فيما فتحت وزارة العدل الأميركية تحقيقًا بشأنها. كما نفت الحكومة الإماراتية حينها أي اتهام للإمارات بتعميق العلاقات مع المخابرات الروسية ووصفته بأنه "خاطئ بشكل قاطع".
وأضاف البيان الحكومي حينها "نفند أيّ مزاعم بشأن اتفاق لتعميق التعاون بين الإمارات والأجهزة الأمنية في دول أخرى ضد دولة أخرى”، مضيفًا "تتمتع دولة الإمارات بعلاقات عميقة ومتميزة مع جميع الدول".
وعلى الرغم من وجود بعض التقارير والتحقيقات التي تفيد بأنّ الإمارات كانت تسمح للسياسيين ورجال الأعمال الروس بالالتفاف على العقوبات الغربية المفروضة عليهم بسبب غزو أوكرانيا، إلا أنّه لم يَرِد أي ذكر في تلك الوثائق عن تعاون استخباراتي أو عسكري في سوريا.
مصادر مسبار
اقرأ/ي أيضًا
تصريح زائف منسوب لزيلينسكي عن طلبه دعم الدول العربية
كوميديان روسيان يخدعان هولاند بانتحال شخصية الرئيس الأوكراني السابق
