مع استمرار الاقتتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ 15 إبريل/نيسان الفائت، تشهد وسائل التواصل الاجتماعي تفاعلًا واسعًا من المستخدمين حول مستجدات الصراع وأخبار الأحداث التي تشهدها السودان. ومنذ بدء الصراع زاد حساب قوات الدعم السريع في موقع تويتر من معدّل نشر التغريدات، والتي حظيت بتفاعل واسع من حسابات أخرى.
رصد “مسبار” 216 حسابًا من متابعي حساب قوات الدعم السريع في تويتر، وعبر تحليل تلك الحسابات وفحصها تبين أنّ 113 حسابًا منها هي حسابات وهميّة، حصلت على تقييم بين 4 و5 خلال فحصها عبر أدوات التحقق من موثوقية الحسابات على تويتر، الأمر الذي يُشير إلى أنّها حسابات غير حقيقية.
الحسابات التي تتفاعل مع تغريدات قوات الدعم السريع
وقد تبيّن عبر تحليل تلك الحسابات، أنّها تتبع نمطًا واحدًا، وتشترك في صفات عدّة، منها أنّ معظمها لا يملك صورة شخصية للحساب أو حتى صورة غلاف، إنّما يضع صور مختلفة مثل مناظر طبيعية أو صور لحيوانات وأشياء تعبيرية وغيرها.
عند التدقيق في تاريخ إنشاء تلك الحسابات، تبين أنّ غالبيتها أُنشئ في عام 2022.
كذلك لم تمتلك تلك الحسابات أعداد متابعين كبيرة، فمعظمها ليس لديه أكثر من 10 متابعين، وبعضها لا يملك أكثر من متابعٍ واحدٍ على تويتر. في المقابل فإنّ تلك الحسابات تتابع أعدادًا أكبر من الحسابات.
ووجد “مسبار" أيضًا أنّ مجموعة من تلك الحسابات قد أَنشأت حسابين باسم المستخدم نفسه ليصبح مُكرّرًا.
والكثير من تلك الحسابات يستخدم أسماءً وهمية كذلك.
ووجد “مسبار” أنّ كل حسابات العينة المأخوذة من حساب قوات الدعم السريع غير نشطة على “تويتر”، فلم ينشر الواحد منها أكثر من 10 تغريدات، بما يشمل إعادة التغريد والردود على التغريدات.
حساب "ألجنا الفقر" وشبكة الحسابات الوهمية
حلّل “مسبار” أكثر من 70 تغريدةً على حساب قوات الدعم السريع في أوقات مختلفة منذ نشوب الصراع مع الجيش السوداني، ووجد أنّ تلك الحسابات الوهمية تفاعلت بشدّة مع التغريدات التي نشرها الحساب.
عينة من الحسابات دائمة التفاعل مع تغريدات حساب قوات الدعم السريع
بمتابعة وتحليل عدد من هذه الحسابات، تبيّن أنّ كثيرًا منها يتفاعل باستمرار مع حساب آخر يُدعى "ألجنا الفقر"، فتُعيد نشر التغريدات التي ينشرها.
في خطوةٍ إضافيةٍ للتأكد من علاقة هذه الحسابات بكل من حساب قوات الدعم السريع و"ألجنا الفقر"، استخدم “مسبار” أداة Tweep Diff، التي تكشف عن الحسابات المشتركة بين حسابين على تويتر، وأظهرت النتائج أنّ هناك 354 حسابًا مشتركًا بين حسابَي قوات الدعم السريع و"ألجنا الفقر".
بالتدقيق في قائمة الحسابات المشتركة بين الحسابين، وجد “مسبار” أنّ معظمها يستخدم أسماء وهمية، وقد أُنشئ من فترة قريبة، كذلك لا يضع صور شخصية أو صورة غلاف، وعدد متابعيها قليل.
ما هو حساب “ألجنا الفقر”؟
بالرجوع إلى حساب "ألجنا الفقر"، تبين أنّه حاصل على علامة تويتر الزرقاء، ويتفاعل بنشاط مع الشأن السوداني، لكنّ صاحب الحساب لم يُعلن عن هويّته.
هذا ويُظهر حساب “ألجنا الفقر” والحسابات المتفاعلة معه دعمًا واضحًا لقوات الدعم السريع، مقابل التعبير عن مواقف مناوئة للجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
حساب إسرائيلي يدعم حميدتي
ومن بين الحسابات المتفاعلة التي تُظهر دعمًا لقوات الدعم السريع وقائدها محمد حمدان دقلو (حميدتي)، حسابٌ إسرائيلي اسمه "الوداعة والتواضع"، وهو أحد أكثر الحسابات تفاعلًا مع حساب قوات الدعم السريع.
بتحليل محتوى الحساب، تبيّن أنه مهتم بالشأن الإسرائيلي، وفي قائمة متابعيه حسابات عربية تتابعه وتتفاعل مع تغريداته.
حلّل “مسبار” باستخدام أداة Account Analysis المتخصصة في تحليل حسابات تويتر ونشاطها، 1000 تغريدة من أصل 3264 نشرها الحساب ما بين تغريدات أصلية وإعادة تغريد وردود، ليصل إلى مجموعة خلاصات:
اللغة العربية هي ثاني أكثر لغة غرّد بها الحساب بعد العبرية، بمقدار 213 تغريدة، وهو ما يمثل أكثر من 21% من محتوى الحساب.
حساب قوات الدعم السريع يأتي كثاني أكثر حساب من حيث الردود، وكذلك من حيث إعادة نشر تغريداته.
#حميدتي هو الوسم الأول على الحساب، وذلك بفارق كبير بينه وبين الوسم الثاني، إذ استُخدم وسم #حميدتي في 127 تغريدة، في حين نُشر الوسم الثاني 15 مرة فقط.
كما أنّ الحساب مؤيدٌ للرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ أيضًا.
وعن طريق تحليل عدد تغريدات حساب “الوداعة والتواضع” منذ بداية شهر إبريل الفائت، تبيّن أنّ الحساب في الفترة بين الأول من إبريل إلى يوم 11 إبريل، كان ينشر بمعدل يصل إلى 20 تغريدة تقريبًا في اليوم. ثمّ لم ينشر أيّ تغريدة منذ يوم 12 إبريل إلى يوم 15 إبريل.
مع اندلاع الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، عاود الحساب نشر التغريدات تباعًا وبشكل مكثف منذ يوم 16 إبريل إلى يوم 24 إبريل، إذ اقترب عدد التغريدات يوميًا من 60 تغريدة. وفي يوم 23 إبريل تخطت هذا الرقم، لتنخفض بعد ذلك مرة أخرى وتصل إلى معدلها الطبيعي (أقل من 20 تغريدة يوميًا) وذلك حتى تاريخ 8 مايو، لتبدأ زيادة عدد التغريدات من جديد منذ 9 مايو الفائت لتصل إلى 40 تغريدة يوميًا.
ويُظهر ذلك تفاعلًا كبيرًا مع الشأن السوداني، وجعل الملف السوداني أولوية لديه، في حين لا يولي الموضوعات الأخرى الأهمية نفسها.
وهكذا نجد أنّ ثمّة شبكة حسابات وهمية تتفاعل مع حساب قوات الدعم السريع وتعمل على ترويج محتواه، الأمر الذي يُشير إلى دور وسائل التواصل الاجتماعي في الصراع القائم بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وإلى استخدام أطراف الصراع لها في الترويج لروايتها حول ما يجري في السودان.
المصادر:
עֿנַוָת וָעֳלְֹּדֶכְֹּונֱכֱּעֿ דֵעּ תְּוֹלֵּדֶוֹ
اقرأ/ي أيضًا
ما حقيقة إلغاء اتفاق جوبا لسلام السودان؟
معارك الأمن السيبراني والتجسس: كيف تحاصر إسرائيل النشطاء الفلسطينيين؟