هذه المدونة ترجمة بتصرف لمقال من موقع PsyPost.
في دراسة نُشرت مؤخرًا في مجلة CRESP، وجد باحثون أنّ الأفراد الذين يميلون للإيمان بنظريات المؤامرة يغدون أقل عرضة للوقوع في فخ المعلومات المضللة حول فايروس كوفيد-19، إذا كانوا في علاقة عاطفية مُرضية، إذ يعزز وجود علاقة رومانسية في حياتهم، الشعور بالأمان الأمر الذي يقلل من حاجتهم إلى البحث عن الأمان من خلال تبني معلومات خاطئة حول الفايروس.
ما هي نظريات المؤامرة؟
إن نظريات المؤامرة هي تفسيرات تشير إلى مخططات سرية أو أجندات خفية أو معلومات غير معروفة لشرح أحداث العالم الحقيقية. وغالبًا ما تنطوي على معتقدات بأن كيانات أو مجموعات قوية تتآمر ضد الجمهور. وبالنسبة للعلماء، فإن الجانب الأكثر إثارة لاهتمامهم هو إيمان الأفراد بهذه النظريات التي تفتقر إلى أدلة موثوقة وتعتبر معتقدات هامشية ليست سائدة.
وتشير الدراسات إلى أنّ الأشخاص الذين يؤمنون بمؤامرة واحدة يميلون إلى الإيمان بمؤامرات أخرى، على الرغم من أنها غير متسقة منطقيًا، إلا أنّ التفكير التآمري لا يرتبط بجاذبية أي معتقد معين، بل يرتبط بثقة الفرد العامة في أفراد المجتمع.
من جهة أخرى، تشير الأبحاث إلى أنّ الأشخاص الذين لا يشعرون بقبول كاف، أو يواجهون رفضًا صريحًا من قبل المجتمع هم أكثر عرضة للتفكير التآمري، إذ يساعدهم تبني المؤامرات على التعامل مع القلق الذي يشعرون به بشأن ارتباطهم بالمجتمع، وذلك من خلال مشاركة معتقداتهم مع الذين يؤيدون نفس الأفكار. وهذا بدوره يقلل من قلقهم بشأن التواصل الاجتماعي.
تأثير الارتباط العاطفي على الاعتقاد بنظريات المؤامرة
بحثت مؤلفة الدراسة ساندرا إل مورايا فيما إذا كانت العلاقة الرومانسية يمكن أن تُحسن الارتباط الاجتماعي للأفراد الذين يميلون للاعتقاد بنظريات المؤامرة، وبالتالي تقليل تعرضهم لمثل هذه المعتقدات. وكان الباحثون بشكل أساسي، يدرسون كيفية تعديل الناس عمومًا والأفراد الذين يؤمنون بنظريات المؤامرة خصوصًا، معتقداتهم وسلوكهم فيما يتعلق بالمعلومات الخاطئة حول الفايروس.
شارك في الدراسة 555 شخصًا بالغًا متوسط أعمارهم 43 سنة، طُلب منهم أن يسكنوا مع شريكهم الرومانسي في وقت الدراسة. أجريت الدراسة بين مايو/أيار ويونيو/حزيران 2020 في ذروة جائحة كوفيد-19، وطُلب منهم تقديم تقارير من خلال الإجابة على الاستطلاعات التي أعدها الباحثون كل يوم لمدة ثلاثة أسابيع.
افترض الباحثون أنه من خلال زيادة إحساس المشاركين بالترابط الاجتماعي، خاصة أولئك الذين يميلون للاعتقاد بنظريات المؤامرة، فإن حاجتهم إلى توثيق تواصلهم بالمجتمع من خلال الاعتقاد في معلومات مضللة حول الفايروس، ستنخفض.
ولاختبار ذلك قسّموا المشاركين إلى مجموعتين، في المجموعة التجريبية، عُرض على المشاركين صور جراء أو غروب شمس أو كلمات إيجابية مرتبطة باسم شريكهم العاطفي أثناء الاستطلاعات، إذ يهدف هذا التدخل إلى تعزيز شعور المشاركين بالترابط الاجتماعي. من ناحية أخرى، عُرض على المجموعة الثانية وهي المجموعة الضابطة، اسم الشريك أو دوره مقترنًا بمحفزات محايدة (غير عاطفية).
ما العلاقة بين الاعتقاد بالمؤامرات والشعور بالارتباط الاجتماعي؟
أظهرت النتائج أنّ المشاركين في المجموعة التجريبية أعربوا عن ثقة أكبر في أفراد المجتمع مقارنة بالمشاركين في المجموعة الضابطة. وبرز هذا الاختلاف واضحّا عند المشاركين الذين يميلون إلى الاعتقاد بنظريات المؤامرة في المجموعتين، فيما لم يلاحظ الباحثون ذلك عند الأفراد الذين لا يعتقدون بنظريات المؤامرة.
دعمت هذه النتيجة الفرضية القائلة بأن هناك صلة بين الميل إلى الاعتقاد بالمؤامرات والشعور بالارتباط الاجتماعي. فحين يشعر الأشخاص الذين يميلون إلى التفكير التآمري بأنهم أكثر ارتباطًا اجتماعيًا فإنهم يثقون أكثر بمجتمعاتهم.
أكد مؤلفو الدراسة أنّ الأشخاص عمومًا "يتشاركون الحاجة القوية نفسها للانغماس في تفاعلات اجتماعية مُرضية، ليس فقط مع الأصدقاء والعائلة ولكن مع دوائر المجتمع الأوسع. ومع ذلك فإن هذه الحاجة غالبًا ما تشكّل إحباطًا للأشخاص الذين يميلون إلى الاعتقاد بالمؤامرات، لأنهم يتبنون آراء غير سائدة".
تُسلّط الدراسة الضوء على بعض الأسس النفسية للاعتقاد في نظريات المؤامرة. ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أنّ الدراسة استندت إلى عدد من المؤشرات التي تم إنشاؤها خصيصًا لهذه الدراسة. ومن الممكن أن تؤدي القرارات المختلفة المتعلقة بإنشاء مؤشرات على مستوى المجتمع إلى نتائج مختلفة.
اقرأ/ي أيضًا
دراسة علمية: الشباب هم الفئة الأكثر تصديقًا لنظريات المؤامرة المرتبطة بجائحة كورونا