` `

دراسة: برامج شات بوت لم تقدم إجابات جديرة بالثقة بشأن الانتخابات الأوروبية

محمود سمير حسنين محمود سمير حسنين
تكنولوجيا
11 يونيو 2024
دراسة: برامج شات بوت لم تقدم إجابات جديرة بالثقة بشأن الانتخابات الأوروبية
جانب من انتخابات البرلمان الأوروبي في العاصمة الإسبانية مدريد (Getty)

نشرت المنظمة الدولية للتقرير عن الديمقراطية، في السابع من يونيو/حزيران الجاري، مراجعة تكميلية لدراسة سابقة لها، استنتجت فيها أن أربعة من أشهر برامج شات بوت المولدة بالذكاء الاصطناعي في العالم، تؤثر بشكل سلبي على قرارات الناخبين الأوروبيين، فيما يتعلق بسؤالهم عن تفاصيل تخص معطيات قانونية، أو أسئلة حول مواعيد الانتخابات وطرق الانتخاب، بالنسبة للعملية الانتخابية لبرلمان الاتحاد الأوروبي. وانتهت الدراسة أن المعلومات المغلوطة بشكل غير مقصود، التي قدمتها تلك البرامج سابقًا، يمكن تصنيفها الآن على أنها معلومات مضللة، أي أنها مغلوطة إلى حدٍ ما عن قصد، وذلك لأنّ الشركات القائمة على تلك البرامج، لم تعمل بشكل كامل على الإرشادات والتوصيات الأولى لحل تلك الأخطاء. 

نشرت المنظمة الدراسة الأولى التمهيدية، يوم 11 إبريل/نيسان الفائت، والتي اختبرت برنامج مايكروسوفت كوبايلوت، غوغل جيميناي، وأوبن إي آي النسخة 3.5 و4 الجديدة، حول الإجابات التي تقدمها تلك البرامج عن انتخابات برلمان الاتحاد الأوروبي، التي أجريت في الفترة من السادس إلى التاسع من شهر يونيو الجاري. وخلصت الدراسة الأولى إلى أن برامج شات بوت المولدة بالذكاء الاصطناعي، لا تصلح لتوليد إجابات دقيقة كليًا حول العمليات الانتخابية. ولكن على الصعيد الآخر عندما تعلقت الأسئلة بما يخص توجهات سياسية للمرشحين وأحزابهم، كانت الأجوبة حيادية ولا تمثل حزبًا أو توجهًا سياسيًّا محددًا إلى حدٍ ما. 

وتقول الدراسة إن ما يجعل من هذه النتيجة إشكالية، هو أنه عندما يتم إعلام الناخبين بمعلومات مغلوطة حول الانتخابات، قد يعرضهم ذلك للمنع أو الامتناع عن العملية الانتخابية من الأساس (الاعتقاد بأن العملية الانتخابية أعقد مما هي عليه، مثلًا)، تفويت ميعاد الاقتراع، أو أية أخطاء أخرى يمكن للمنتخب ارتكابها، مستندين للمعطيات المغلوطة التي قدمتها البرامج. مما قد يؤثر على نتائج العملية الانتخابية ككل، أو حقهم في الانتخاب نفسه. 

الدراسة التي نشرتها المنظمة الدولية للتقرير عن الديمقراطية حول برامج شات بوت خلال الانتخابات الأوروبية
الدراسة التي نشرتها المنظمة الدولية للتقرير عن الديمقراطية حول برامج شات بوت خلال الانتخابات الأوروبية

وعليه أرسل القائمون على الدراسة، مرة أخرى، بعض التوصيات والأسئلة، للشركات المنتجة لبرامج شات بوت المولدة بالذكاء الاصطناعي المذكورة، حتى تحسن من جودة الأجوبة والمعلومات التي تقدمها تلك البرامج للناخبين، أو أن تمتنع تمامًا عن الرد إن أمكن ذلك. 

إجابات مغلوطة وأخرى ناقصة تقدمها برامج شات بوت الآلية للناخبين الأوروبيين 

اعتمدت الدراسة على إرسال عشرة أسئلة بعشر لغات مختلفة لكل برنامج على حدا، يسألها الناخبون على الدوام، فبالنسبة لبرنامج جيميناي التابع لشركة غوغل، رفض الإجابة عن السؤال الذي وُجه إليه باللغة البرتغالية كما أوصت الدراسة من قبل، إذ تم توجيه البرنامج لعدم الرد تمامًا على أسئلة تخص انتخابات البرلمان الأوروبي الأخيرة، وذلك للحد من المعلومات المغلوطة التي ولدها البرنامج سابقًا.

امتناع برنامج جيميناي التابع لغوغل عن الإجابة حول سؤال باللغة البرتغالية
امتناع برنامج جيميناي التابع لغوغل عن الإجابة حول سؤال باللغة البرتغالية

وتضيف الدراسة أنه عندما وُجهت أسئلة لبرنامج كوبايلوت الخاص بشركة مايكروسوفت، حول العملية الانتخابية للبرلمان الأوروبي، لم يرد البرنامج على الأسئلة، بل وجه السائلين إلى محركات بحث، مثل “بينغ” في حالة مايكروسوفت، ومحرك البحث غوغل في حالة توجيه السؤال لبرنامج جيمناي.

وعلى الرغم من رفض البرنامج توليد إجابات بخصوص الانتخابات بعدة لغات، لكن هناك بعض اللغات التي لم يتم العمل على حل مشاكلها من جهة مايكروسوفت، حتى موعد نشر الدراسة الأخيرة، الأسبوع الفائت. 

صورة متعلقة توضيحية
كوبايلوت يرفض الإجابة عن سؤال ويحول المستخدم لمحرك بينغ

عندما قدم برنامج كوبايلوت إجابات محددة، كان أكثر من ثلثها بنسبة (11/30) مغلوطُا جزئيًا أو كليًا، وكانت الإجابات على السؤال الخامس وهو "أين يتم تقديم الطعون على نتائج انتخابات البرلمان الأوروبي؟" غالبًا خاطئة. وقد ذُكر في الدراسة السابقة، أن برنامج كوبايلوت أخبر أحيانًا المستخدم بأن يقدم شكواه أولًا إلى الهيئات الأوروبية، بدلًا من السلطات الوطنية الخاصة ببلاده.

وتضيف الدراسة أنه في مثال إشكالي آخر، قدم كوبايلوت لمجموعة الأسئلة التي كُتبت باللغة الألمانية، إجابات مغلوطة فيما يخص تقدم الناخبين بشكوى معينة للسلطة المسؤولة، بالإضافة لتزويدهم بميعاد محدد خاطئ للتقدم بالشكاوي. وتُرجع الدراسة هذا الخلط الخاطئ، لاختيار البرنامج مصدرًا ما بطريقة عشوائية، حيث وُجه المستخدمون في هذه الحالة إلى مقال حول كيفية الطعن في انتخابات تمثيل الموظفين في الشركات بموجب القانون الألماني، بدلاً من الطعن في نتائج انتخابات البرلمان الأوروبي. وبقيت مشكلة الروابط ماثلة في برنامج كوبايلوت التابع لمايكروسوفت، كما ورد في ردها على الأسئلة باللغة التركية مثلًا، واستشهاد البرنامج بمقالات ليست ذات صلة بالأسئلة، منشورة على موقع دي دابليو الإخباري الألماني.

صورة متعلقة توضيحية
موقع دويتشه فيله الألماني

في حالات أخرى، مثل اللغة البولندية، تجاهل برنامج كوبايلوت ذِكْر أنه بإمكان المواطنين البولنديين المقيمين في دولة أخرى من دول الاتحاد الأوروبي، التصويت لمرشحي تلك الدولة حيث يقيمون، وهذا خطأ لوحظ غالبًا في الدراسة الأولى. وفي السياق اليوناني شرح البرنامج بشكل خاطئ، أن الناخب (المستخدم) يحتاج إلى تسجيل نفسه إذا أراد التصويت، في حين أن جميع المواطنين اليونانيين مسجلون تلقائيًا منذ ولادتهم، وأن التصويت إلزامي.

صورة متعلقة توضيحية
برنامج شات جي بي تي4 وo4 يقدمان معلومات مغلوطة حول الانتخابات الأوروبية 

حسب الدراسة الجديدة، كان أداء كلٍ من نسختي برنامج شات جي بي تي 4 وo4، متشابه جدًا، حيث كانت إجابات 4o أكثر دقة بقليل من نسخته الأقدم. وكانت الأخطاء متماثلة أيضًا، فكلاهما ولَّد للمواطنين اليونانيين أجوبة تحث على وجوب تسجيلهم، بينما هم مسجلون تلقائيًا، وكلا البرنامجين شرحا عملية التصويت عبر البريد في البرتغال رغم عدم وجود هذه العملية من الأساس. 

في بعض الأحيان، كان شات جي بي تي 4o يجيب على سؤال بشكل صحيح فيما تفشل النسخة الأقدم في الإجابة عليه، والعكس صحيح، مما يشير إلى أنه رغم أداء 4o بشكل أفضل قليلًا، إلا أنه ليس نموذجًا متفوقًا بشكل موضوعي في الإجابة على الأسئلة التي تخص انتخابات البرلمان الأوروبي.

كما أضافت الشركة المسؤولة عن برنامج شات جي بي تي للمحادثة المولدة بالذكاء الاصطناعي، أوبن إي آي، تنويهًا في نهاية الإجابات، عندما يتم استخدام أي نموذج من نماذج البرنامج الخاص بها. ومع ذلك، كان ظهور هذا التنويه متقطعًا، أي يظهر في بعض الإجابات فقط عن دونها.

صورة متعلقة توضيحية
تنويه للتأكد من المعلومات عبر المصادر المحلية

رغم أن برنامجي شات جي بي تي4 و4o، كانا أكثر دقة من كوبايلوت في الإجابة على السؤال الخامس "أين يتم تقديم الشكاوى والطعون؟"، إلا أنهما قدما أجوبة مغلوطة في وصف قوانين الانتخابات الوطنية، بالرغم من أن هذه الأخطاء غالبًا ما كانت حول تفاصيل دقيقة، لكنها مع ذلك هامة. فعلى سبيل المثال، قدم برنامج شات جي بي تي4 للمستخدم البولندي جوابًا ينص على إمكانية التصويت عبر البريد إذا أراد، مع أنه في بولندا يمكن التصويت بالبريد فقط للناخبين ذوي الاحتياجات الخاصة. بالإضافة لتقديم النسخة القديمة من البرنامج، إجابة بمعلومات مغلوطة، عن تاريخ جلسة تأسيس البرلمان الأوروبي الجديد. وإذ تعتبر هذه الأخطاء أقل ضررًا من غيرها، لكنها لا تزال تُظهر درجة مقلقة من كم المعلومات المغلوطة المولّدة آليًا، بالنسبة للإجابات التي المقدمة للمستخدمين حول العملية الانتخابية.

توصيات من القائمين على الدراسة موجهة بتحسين أداء برامج الشات بوت

أوصت الدراسة شركة مايكروسوفت بإعادة برمجة برنامج كوبايلوت، فيما يخص الرد على أي أسئلة حول الانتخابات. وذكرت الدراسة أنه بالرغم من أن الوقت قد فات بالنسبة لانتخابات البرلمان الأوروبي، فإن المشكلة تظل ذات صلة بالعديد من الاستحقاقات الانتخابية الأخرى الجارية حول العالم.

وفيما يخص شركة أوبن إي آي، ذُكر في الدراسة، أنه من الواضح أنها لم تقم بأي محاولات لتجنب تقديم المعلومات المضللة حول العملية الانتخابية، ويجب على الشركة إعادة برمجة برامج شات بوت الخاصة بها بشكل عاجل لمنع انتشار هذه المعلومات المضللة.

وأخيرًا، أوصت جميع الشركات المسؤولة عن برامج شات بوت، مراجعة ومعالجة مشكلة المعلومات المضللة أو المغلوطة حول العمليات الانتخابية، ونصحتهم بالتحقق من نوعية هذه المشاكل، وخصوصًا عند توليدها إجابات عن أسئلة في مسائل حساسة أخرى، حيث يمكن أن تكون المعلومات المغلوطة التي تقدمها برامج شات بوت ضارة بشكل واسع.

اقرأ/ي أيضًا

هل يؤثر إنشاء الميم في نشر المعلومات المضللة عن الانتخابات الأميركية؟

خطر المعلومات المضللة على ديمقراطية العملية الانتخابية في عام 2024

الأكثر قراءة