تزامنًا مع موجة الاحتجاجات التي اجتاحت الشارع الفرنسي، حديثًا، عقب مقتل الفتى نائل، ذي 17 سنة، بطلق ناري على يد الشرطة في ضاحية نانتير، تداولت العديد من الحسابات العربية صورًا ادّعت أنها للشرطي منفذ الطلق الناري. وذهبت بعض هذه الحسابات حد القول، إنّه عمل في السابق لصالح الموساد الإسرائيلي.
عنف الشرطة يشعل فتيل العنف في ضواحي فرنسا
يوم 27 يونيو/حزيران الفائت، أطلق شرطي من فرقة الدراجين النار على شاب قاصر بعد رفضه الامتثال لأوامر إطفاء محرك سيارته عند نقطة تفتيش مرورية بضاحية نانتير شمالي باريس. خلف الحادث موجة استياء واسعة ومظاهرات في ضواحي فرنسا، استمرت على مدار أسبوع كامل وشهدت مواجهات بين قوات حفظ النظام والمتظاهرين، جُرح فيها ما لا يقل عن 700 شرطي واعتقل على إثرها أكثر من 3500 متظاهر. وتضاف حادثة نائل لثلاث عشرة حادثة قتل ارتكبت العام الفائت في السياق ذاته.
السلطات الفرنسية تتحفظ على هوية الشرطي
حرصت السلطات الفرنسية في ظل مواجهات بين محتجين والشرطة على التحفظ على هوية الشرطي الذي قتل نائل، ورغم توقيفه في اليوم ذاته ومن ثمة وضعه رهن الحبس المؤقت بتهمة القتل العمد، لم يٌفصِح عن هويته أيُّ مصدر رسمي. واكتفت الصحافة بذكر اسمه الأول لتفادي عقوبات أقرها قانون العقوبات الفرنسي لعام 2021 ضد كل من يكشف أو يساهم في كشف معلومات قد تساهم في تحديد هوية أو موقع شخص ما، أو تعريض عائلته لخطر مباشر. ووضع فلوريان. م. البالغ من العمر 38 سنة، في زنزانة انفرادية بسجن لا سانتي في باريس، داخل جناحٍ مخصص للشخصيات العامة، وذلك لحمايته من بقية النزلاء ريثما يُستكمل التحقيق. وللحد من خطر الأعمال الانتقامية، وُضعت كل من زوجته ومَدْرَسة طفله تحت المراقبة.
عقوبات بسبب كشف هوية الشرطي
رغم جهود السلطات الفرنسية للتحفظ على هوية الشرطي، أقدم العديد من المستخدمين على نشر اسمه الكامل وصورته وعنوانه. وحكمت محكمة نانتير يوم الخميس 29 يونيو/حزيران الفائت، بالسجن مدة 18 شهرًا، منها 12 مع وقف النفاذ المشروط، على شخص أقدم على فضح هوية الشرطي على تطبيق سناب تشات.
وأعلن محافظ شرطة باريس لوران نونيز في مقابلة تلفزيونية يوم أمس السابع من يوليو/تموز، عن "تحقيقات قضائية جارية" لتوقيف أفراد هددوا بـكشف أو كشفوا بالفعل هوية الشرطي وعنوانه، مضيفًا أن السلطات قد اعتقلت شخصين في هذا الإطار.
وكان مجهولون قد كتبوا بعد وقت قصير من اندلاع الاحتجاجات الاسم الكامل للشرطي على حائط إحدى المدارس في باريس، قبل أن تسارع مديرة المدرسة لطلاء الحائط وإخفاء الكتابة.
Oise Hebdo... صحيفة اخترقت دوامة التحفظ
نشر موقع صحيفة Oise Hebdo المحلية يوم الخميس السادس من يوليو الجاري، ملمحًا عن الشرطي فلوريان. م، تضمّن صورته واسمه الكامل واسم بلدة إقامته، بالإضافة إلى معلومات عن مساره المهني. وحسب الصحيفة فإن الشرطي المعني هو فلوريان مونوسبلييه المنحدر من جنوب غرب فرنسا، والذي خدم في صفوف مشاة الجيش الفرنسي في أفغانستان منذ 2004. انضم مونوسبلييه إلى سلك الشرطة عام 2013، وحصل منذ ذلك الحين على ثماني رسائل تهنئة وميدالية للأمن الداخلي.
ردود الفعل على ملمح Oise Hebdo
واجهت الصحفية انتقادات لاذعة بسبب فضحها هوية الشرطي، إذ قالت نقابة الشرطة الوطنية الفرنسية "Unité SGP Police FO" إنّ وزارة الداخلية قد استجابت لطلبها المتمثل في رفع دعوى قضائية ضد صحيفة Oise Hebdo، التي "كشفت معلومات تسمح بالتعرف على منزل الشرطي وعائلته في الوقت الذي يتلقون فيه تهديدات بالقتل".
ورفضت الصحيفة من جهتها سحب الملمح من موقعها رغم طلبات وزارة الداخلية المتكررة، وذكّر مدير الصحيفة فانسنت جيرارد مبررًا موقفها بقانون حرية الصحافة الذي "يحدد بدقة قائمة موظفي الشرطة وعساكر الدرك الوطني الذين لهم الحق في عدم الكشف عن هوياتهم" مضيفًا أن الشرطي المتورط في قتل نائل ليس ضمن تلك القائمة ما يعني أنه غير معنى بذلك القانون. وتواجه الصحيفة عقوبات قد تصل إلى السجن مدة خمس سنوات وغرامة مالية قدرها 75 ألف يورو.
اقرأ/ي أيضًا
احتجاجات فرنسا وأبرز الأخبار الزائفة التي انتشرت عقب مقتل الفتى نائل
فرنسا تنفي ادّعاء حظرها شبكة الإنترنت وتبدي تخوفها من محتوى المنصات خلال الاحتجاجات
المصادر:
