تتداول منذ أيام وسائل إعلام وصفحات على وسائل التواصل الاجتماعي، أخبارًا تفيد بنيل المملكة العربية السعودية المركز الأول عالميًا من ناحية حجم الثروات والمصادر الطبيعية، وكذلك احتلالها المرتبة الأولى عربيًا كأقوى اقتصاد وأقل معدل تضخم، دون تحديد النطاق الزمني الذي حصلت فيه على تلك المراتب، علمًا أن هذه التصنيفات عادةً ما تكون شهرية.
تصنيف متداول لترتيب أغنى الدول عالميًّا
بينما أورد بعض متداولي الادعاء تفاصيل إضافية، إذ ذكرت مواقع إخبارية سعودية عديدة أن "تقريرًا اقتصاديًا حديثًا" كشف أن السعودية تحتل المركز الأول عالميًا من حيث حجم الثروات والمصادر الطبيعية، والتي تشمل النفط والغاز الطبيعي والمعادن الثمينة وغيرها، وذلك ضمن قائمة أغنى 15 دولة في العالم، فيما حلت الإمارات في المرتبة الثالثة وقطر الخامسة والكويت سادسةً، وتذيّلت الولايات المتحدة الأميركية الترتيب في المرتبة الخامسة عشر.
وبحسب الوسائل الناقلة للخبر، فإن مصدر هذا التصنيف يعود إلى موقع إنفو غايد نيجيريا. وعندما بحث "مسبار" في الموقع، وجد ذلك التصنيف في مقال نُشر يوم الجمعة 14 يوليو/تموز الجاري بعنوان "أغنى 15 دولة من حيث ثروة الموارد"، لكن قبل تفنيد المقال نفسه، تجدر الإشارة إلى أن إنفو غايد نيجيريا ليس موقعًا اقتصاديًا أو إعلاميًا، ولا يعرّف بنفسه كذلك.
وبحسب صفحة التعريف الخاصة بالموقع، فإن إنفو غايد نيجيريا "هو مدونة متعددة المؤلفين في نيجيريا أسستها شركة إيفيوكوبونغ إيبانغا النيجيرية. ويتألف الفريق من محترفين ومستشارين من مختلف مجالات النشاط البشري. وننشر هنا العديد من المقالات المفيدة في فئات مختلفة، مثل المقالات الإرشادية، ومقالات الدليل المكاني للعثور على الأشياء، والموارد والأعمال والمقابلات والمراجعات".
وبالعودة إلى المقال المنشور، وجد "مسبار" أن الموقع لم يستند إلى مؤشر إحصائي أو دراسة بحثية معينة، ولم يوضح المعايير التي اتبعها في تصنيفه. كما لم يذكر أنها الأولى عالميًا، بل كتب "تعد السعودية واحدة من أغنى الدول من حيث ثروة الموارد بسبب احتياطياتها الهائلة من النفط والغاز الطبيعي والمعادن. تعد احتياطيات النفط في البلاد من بين أكبر الاحتياطيات على مستوى العالم، مما يجعلها لاعبًا مهيمنًا في سوق النفط العالمي".
من هي الدولة التي تملك أكبر احتياطي نفط في العالم؟
تجدر الإشارة إلى أنه لا يوجد في مجال الاقتصاد مؤشر لتصنيف الدول بحسب حجم الثروات والمصادر الطبيعية ككل، بل يتم التصنيف بحسب كل فئة على حدة (بحسب احتياطي النفط، الغاز الطبيعي، الذهب وغيرها من الموارد). كما لا يوجد ما يسمى بـ "أقوى" اقتصاد، بل يتم تحديد أكبر الاقتصادات وأصغرها بحسب الناتج المحلي والموازنة العامة والميزان التجاري ومعدلات التضخم وغيرها من العوامل.
وبحسب الإدارة الأميركية لمعلومات الطاقة، وكذلك مؤشر أويل برايس الذي يعد مرجعًا رئيسيًا في مؤشرات الطاقة، فإن الدولة الأولى عالميًا من حيث احتياطي النفط هي فنزويلا، رغم اضطراباتها العديدة، إذ تمتلك أكبر احتياطي نفطي في العالم تبلغ قيمتها أكثر من 303 مليار برميل.
أما في المرتبة الثانية جاءت السعودية، التي تملك ثاني أكبر احتياطي نفطي في العالم وأكبر احتياطي في منظمة أوبك، بواقع 267 مليار برميل. وكان الإنتاج يزيد قليلًا عن تسعة ملايين برميل يوميًا في عام 2021، لكنه ارتفع إلى 11.5 مليون برميل يوميًا في عام 2022، ليتم خفضه مؤخرًا بمقدار نصف مليون برميل يوميًا في إطار الجولة الأخيرة من تخفيضات الإنتاج ضمن اتفاقيات أوبك بلاس.
على الرغم من إحكام قبضتها على مقاليد الإنتاج، تخطط المملكة لتوسيع طاقتها الإنتاجية من 12 مليون برميل يوميًا حاليًا إلى 13 مليون برميل يوميًا في عام 2027. ومع ذلك، حذر بعض المحللين من أن السعودية على وشك الوصول إلى ذروتها النفطية، وهو ما دفع المملكة إلى التركيز في خططها للعقد المقبل على مصادر أخرى غير نفطية لتعزيز الاقتصاد، مثل الترفيه والسياحة والتقنية والاستثمار وغيرها.
الدول الأكثر إنتاجًا للنفط في العالم
أما بالنسبة لقائمة الدول الأكثر إنتاجًا للنفط حول العالم، فإن الولايات المتحدة الأميركية تحتكر الصدارة بواقع 20.21 مليون برميل يوميًا، ما يشكل نحو 20% من الإنتاج العالمي، تليها المملكة العربية السعودية ثم روسيا وكندا فالصين، بحسب الإدارة الأميركية لمعلومات الطاقة.
وبالنسبة للغاز الطبيعي، فإن الدولة صاحبة الحصة الأكبر عالميًا هي روسيا، باحتياطي يبلغ قرابة مليار و688 مليون و228 ألف متر مكعب بما يعادل 24.3 في المئة من الاحتياطي العالمي، بينما تأتي إيران في المرتبة الثانية ثم قطر ثم الولايات المتحدة، وتحتل السعودية المرتبة الخامسة بواقع 294 مليون و205 آلاف متر مكعب من الغاز الطبيعي عالميًا، أي 4.2 في المئة من الاحتياطي العالمي.
وفيما يتعلق بالذهب، تحتل السعودية المرتبة السادسة عشر عالميًا بمخزون احتياطي يقدّر بـ 323.07 طنًّا، بينما مرتبة الصدارة العالمية من نصيب الولايات المتحدة الأميركية التي تملك مخزونًا احتياطيًا من الذهب يبلغ 8,133.47 طنًّا.
انخفاض معدلات التضخم في السعودية
بحسب الادعاءات المتداولة، فإن السعودية احتلت المرتبة الأولى عربيًا كأقوى اقتصاد وأقل معدل تضخم. وكما أُشير أعلاه، لا يوجد ما يسمى "أقوى اقتصاد" في علم الاقتصاد، بل أكبر اقتصاد. وبالفعل تحتل المملكة العربية السعودية المرتبة السابعة عشر بين أكبر الاقتصادات في العالم، والأولى عربيًا بإجمالي ناتج محلي يبلغ 1.1 دولار، كما كانت الدولة خامس أكبر منفق على الدفاع في عام 2022، بعد أن أنفقت 75 مليار دولار على الإنفاق العسكري في ذلك العام.
وتأتي بعدها الإمارات بإجمالي ناتج محلي يبلغ 507 مليارات دولار، مع نمو بنسبة 7.6 في المئة في عام 2022، وهو أعلى نمو في 11 عامًا، ومن المتوقع أن يظل النمو أعلى من سبعة في المئة في عام 2023 أيضًا. كما تخطط الحكومة لمضاعفة حجم الاقتصاد بحلول عام 2031.
أما فيما يتعلق بمعدلات التضخم في المنطقة العربية، وبحسب برايس ووترهاوس للأبحاث، فإن الدولة العربية الأقل تسجيلًا للتضخم هي البحرين بواقع 1.1 في المئة، وبعدها سلطنة عمان التي شهدت تضخمًا بنسبة 1.9 في المئة، وفي المرتبة الثالثة حلّت السعودية بحجم تضخم بلغ ثلاثة في المئة، هذا في شهر فبراير/شباط الفائت.
وبحسب البنك المركزي السعودي، انخفض معدل التضخم في السعودية في شهر يونيو/حزيران الفائت، ليستقر عند 2.7 في المئة، لتقفز بذلك إلى المرتبة الثانية. إذ حافظت البحرين على الصدارة رغم زيادة معدل التضخم ليبلغ 1.7 في المئة في يونيو، بينما هبطت عمان إلى المرتبة الثالثة، إذ ارتفع فيها معدل التضخم في يونيو الماضي إلى 2.9 في المئة.
المصادر:
US Energy Information Administration
US Energy Information Administration
اقرأ/ي أيضًا:
رويترز لم تنشر خبرًا مفاده أن الاقتصاد العالمي مرهون بالمملكة العربية السعودية