تتداول صفحات وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، حديثًا ومنذ سنوات، ادّعاءً مفاده أنّ أول امرأة وضعت أحمر الشفاه هي الممثلة استل وينوود، وذلك عام 1916، حين أقنعها مخرجٌ باسخدامه لأداء دور في فيلم رعب.
فهل كانت استل وينوود أول امرأة تضع أحمر الشفاه؟
استل وينوود هي ممثلة مسرحية وسينمائية إنجليزية (1883-1984)، بدأت حياتها المهنية في المسرح في عام 1916 وأدت العديد من المسرحيات بالإضافة إلى أدوار صغيرة في عدد قليل من الأفلام الإنجليزية أوائل الثلاثينيات.
وبالبحث لم يعثر “مسبار” على أي خبر من مصادر موثوقة يؤكد أن الممثلة الإنجليزية هي أول من استخدم أحمر الشفاه في عام 1916 لتؤدي دور شخصية في فيلم رعب.
لكن، تعتبر وينوود نفسها، أول امرأة إنجليزية كانت تضع أحمر الشفاه خارج المسرح بالإضافة إلى استخدامه على المسرح منذ 1919، وهو فعل أثار استياء المجتمع في ذلك الوقت، وفق صحيفة ذا نيويورك تايمز.
وبالعودة إلى مصدر الصورة المرفقة بالادّعاء، وجد “مسبار” أنّها منشورة في وكالة غيتي لتوزيع الصور، وذكر أنّها التقطت في الأول من يناير/كانون الثاني 1956.
وبالتدقيق، وجد "مسبار" أنّ الممثلة الفرنسية سارة برنار، كانت أول ممثلة تضع أحمر الشفاه في الأماكن العامة، وذلك في الثمانينيات من القرن التاسع عشر، واعتُبر ما قامت به في ذلك الوقت، خطوة جريئة.
أحمر الشفاه في الحضارات القديمة
يُعدُّ أحمر الشفاه، أحد أكثر المُنتجات التجميلية شعبية ومبيعًا في العالم، وتاريخيًا تمتد جذوره لآلاف السنين، إذ ارتبط استخدامه بملكات إمبراطوريات قديمة، مثل كيلوباترا وإليزابيث الأولى، وكانت له رمزية المكانة الاجتماعية لمن استخدمنه.
لكن، ترجح المصادر التاريخية، أن أقدم استخدام لأحمر الشفاه، كان في حضارات بلاد ما بين النهرين، وتحديدًا الحضارة السومرية قبل أكثر من 3500 عام قبل الميلاد، حيث كان الرجال والنساء يسحقون الأحجار الكريمة أو الحشرات ويضعونها في وجوههم، خاصة على الشفاه وحول العينين.
وفي الحضارة المصرية القديمة، شكل التجميل عنصرًا هامًا، حيث استخدم أفراد العائلات الحاكمة وطبقة رجال الدين والطبقة الغنية المكياج، ومنها أحمر الشفاه، ناهيك عن اعتبارهم أنّ له قوى علاجية.
وساهمت مصر القديمة في تطور تصنيع أحمر الشفاه، عبر سحق الحشرات ذات اللون القرمزي والنمل مع إضافات أخرى، وارتبط استخراج أحمر الشفاه بتلك الطريقة، بالملكة كيلوباترا التي تعتبر إحدى أهم رموز الحضارة المصرية القديمة.
ولم يكن استخدام أحمر الشفاه في الحضارة اليونانية القديمة للعائلة الملكية أو رجال الدين أو الطبقات الغنية، بل كان أقرب للوصم، بداية.
وأعيد الاعتبار لأحمر الشفاه في الإمبراطورية الرومانية، حيث أصبح مؤشرًا على المكانة الاجتماعية للرجال والنساء، واستُخرج بإضافة العديد من المواد الطبيعية والكيميائية، مثل التوت ورواسب النبيذ والحشرات ونباتات أخرى، كما اعتبرت مستحضرات التجميل آنذاك علاجًا طبيًا للرجال والنساء.
أحمر الشفاه في شرق آسيا
كان أحمر الشفاه معروفًا منذ القدم في الصين، حيث استخدم في الاحتفالات الدينية ثم تطور استخدامه لأغراض التجميل مع مرور الوقت.
وفي اليابان استخدمت النساء قديمًا أحمر شفاه غامق مصنوع من القطران وشمع العسل، كما استخدمت "الغيشا" (فنانات تقليديات في اليابان يمارسن دور مضيفات يمتلكن مهارات في الفنون المسرحية اليابانية) أحمر الشفاه والمكياج في هذا الفن.
إليزابيث الأولى أشهر من استخدم أحمر الشفاه في العصر الوسيط
في القرن السادس عشر الميلادي، انتشر أحمر الشفاه وارتبط بـملكة بريطانيا إليزابيث الأولى، حيث تحدت الكنيسة التي كانت تعتبره خطيئة وتعارض استخدامه.
و بعد وفاتها بدأ انخفاض استخدام أحمر الشفاه، ثم اقتصر استخدامه على طبقات محددة ولم تتغير النظرة إليه لفترة طويلة.
وفي عام 1770 أقر البرلمان البريطاني قانونًا يحظر استخدام مواد التجميل، وكان انتهاك القانون يعتبر من أعمال السحر، واستمر الحال على ما هو عليه، حتى روجت له الثورة الصناعية في أواخر القرن التاسع عشر كموضة شعبية.
أحمر الشفاه ورمزية التحرر
حظي أحمر الشفاه برمزية كبيرة مع ظهور حركات التحرر النسوية في الغرب، إذ كان في الولايات المتحدة وأوروبا في أوائل القرن التاسع عشر رمزًا لمطالبة النساء بحقهن في التصويت في الانتخابات.
كما ارتبط احمر الشفاه بشكل خاص بتطور عالم الأزياء والموضة ومجال الصناعة، حيث تم التسويق له من قبل الشركات العالمية المصنعة، فضلًا عن الترويج له من قبل نجمات عالميات وشخصيات عامة إلى يومنا هذا.
اقرأ/ي أيضًا