تتداول حسابات على موقع التواصل الاجتماعي إكس، حديثًا، ادعاءً مفاده أن فايروس إيبولا انتشر وسط مرتادي مهرجان الرجل المحترق، العالقين في صحراء بلاك روك في ولاية نيفادا الأميركية، وذلك بعد أن ضربت عاصفة صيفية المنطقة يوم الفاتح من سبتمبر/أيلول الجاري.
سبعون ألف مشارك في مهرجان الرجل المحترق علقوا في الصحراء
شهد موقع مهرجان الرجل المحترق في صحراء نيفادا، خلال 24 ساعة فقط، تهاطل كميّة أمطار عادلت ما يتساقط على المنطقة عادة خلال شهرين أو ثلاثة. وتشكّلت بفعل هطول الأمطار طبقة وحل عمقها قدم واحد، تسببت في إغلاق المسالك المؤدّية إلى موقع المهرجان.
وإثر ذلك، طلبت السلطات المحلّية من العالقين الاحتماء والحفاظ على مخزون الطعام والمياه والوقود لديهم. كما أغلقت المسالك المؤدية إلى داخل وخارج موقع المهرجان أمام الجميع، باستثناء مركبات الإسعاف كي لا تزيد حالة المسالك سوءًا. وعانى المشاركون في المهرجان من نقص خدمات المراحيض، بعدما تعذّر على شاحنات تنظيف المراحيض المحمولة الوصول إلى موقع المهرجان منذ عاصفة يوم الجمعة. فيما أكّد مشاركون في الحدث لوكالة أسوشيتد برس أن الشاحنات استأنفت عملها يوم الأحد.
وفاة شخص في موقع مهرجان الرجل المحترق تثير الشكوك
قال الرئيس الأميركي، جو بايدن، في الثالث من سبتمبر الجاري لوسائل الإعلام، إنّه على دراية بالوضع في بلاك روك، بما في ذلك حالة الوفاة، وأن البيت الأبيض على اتصال مع المسؤولين المحليين. وأضاف بايدن أنّه يجهل سبب الوفاة، التي قال المنظّمون إنّ لا علاقة لها بالطقس السيء. ولم تكشف السلطات المحلية عن سببها إلى حين كتابة هذا المقال، إذ اكتفت بالقول إنها اتصلت بخدمة الطوارئ لمساعدة الشخص، وأن هذه الأخيرة لم تتمكن من إنعاشه. وأعقب الإعلان عن حالة الوفاة انتشار أنباء عن ظهور أعراض شبيهة بأعراض فايروس إيبولا، وسط المشاركين في المهرجان، الذي انطلق في 27 أغسطس/آب الفائت وكان من المقرر أن يُختتم في الرابع من سبتمبر الجاري.
هل انتشر فايروس إيبولا وسط المشاركين في مهرجان الرجل المحترق؟
قال موقع مجلّة فوربس الأميركية، إنّ شائعات تفشي فايروس إيبولا، بين المشاركين في مهرجان الرجل المحترق، بدأت بالانتشار على منصة إكس (تويتر سابقًا) في الثالث من سبتمبر الجاري، وإن حسابين على الأقل، شاركا لقطات شاشة مفبركة نُسبت إلى مركز السيطرة على الأمراض (CDC) حول تفشّي إيبولا في موقع مهرجان الرجل المحترق. فيما زعم مستخدم آخر أن المركز نشر ثم حذف تلك التغريدات.
وقالت مجلة فوربس، إنّه لا وجود لدليل على أن مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها قد نشر أي شيء بخصوص إيبولا في مدينة بلاك روك. وتأكّد مسبار من ذلك بتصفح منشورات حساب المركز على منصة إكس.
كما نشرت مستخدمةٌ صورة رفقة صديقتها من داخل المخيم، وقالت إنهما أجريتا اختبارًا أثبت إصابتهما بفايروس إيبولا. وظهر من خلال ردها على التعليقات الساخرة من عدم توفّر المياه والصرف الصحّي، مقابل توفر اختبار إيبولا داخل المخيّم، أنها كانت تمزح.
وأضاف موقع المجلة أن حسابات أخرى نشرت معلومات زائفة عن التحضير لإقامة منطقة حجر صحي في موقع المهرجان، وأن مروحيات تتجه نحو المنطقة تحسبًا لتطويقها.
وفي تحديث لاحق، قالت فوربس إن مستخدمين شرعوا في نشر لقطة شاشة مفبركة لمقالها، تُظهر تحريف عنوانه من "لا، ليس هناك تفشٍّ لإيبولا في مهرجان الرجل المحترق" إلى "نعم، هناك تفشٍ لإيبولا في مهرجان الرجل المحترق". كما ذكرت أن أكثر من 300 ألف شخص قرأوا ذلك العنوان.
وأضافت منصة إكس لاحقًا ملاحظات لمجتمع المستخدمين أسفل منشورات الادّعاء تحيل إلى مقال فوربس الذي ينفي صحة شائعات انتشار إيبولا وسط مرتادي مهرجان الرجل المحترق.
وقال طبيب عام، حضر المهرجان من قبل، لموقع إنسايدر الأميركي، إنه رغم ضعف احتمالية انتشار فايروس إيبولا وسط المشاركين في المهرجان، يبقى خطر تفشي أمراض معديّة أخرى وظهور مشاكل صحية واردًا في ظل الظروف الراهنة في مدينة بلاك روك.
وأضاف الطبيب أن حالة الطقس الأخيرة تُعرّض العالقين لخطر انخفاض حرارة أجسامهم إلى ما دون المعدل الطبيعي، وتزيد من احتمال إصابتهم بفايروس كورونا وبالتسمم الغذائي وفايروسات المعدة الناتجة عن قلّة النظافة.
ما هو مهرجان الرجل المحترق؟
في صيف عام 1986 صنع شخص يُدعى لاري هارفي وصديقه جيري جيمس شخصية مرتجلة من خردة الخشب طولها ثمانية أقدام، ثم قاما بجرّها إلى شاطئ بيكر في سان فرانسيسكو، وأضرما فيها النار، فتجمع حشد من الفضوليين لمشاهدة الاحتراق، مشكليّن نصف قوس. وكان بين الحشد أحد المنتمين لحركة الهيبيز وراح يعزف على الغيتار ويغني أغنية عن النار، في حين ركضت فتاة باتجاه الرجل المحترق وأمسكت يده بينما كانت ألسنة اللهب تلتهمه، ومثل كل ذلك بداية تقليد الرجل المحترق السنوي.
كم تبلغ أعداد المشاركين في مهرجان الرجل المحترق؟
كان عدد المشاركين في مهرجان الرجل المحترق عام 1986 في حدود 35 شخصًا، وبلغ عددهم ألفًا عام 1993، ثم 35 ألفًا عام 2000، فيما شارك في الحدث أكثر من 50 ألفًا عام 2010. وأقيم المهرجان افتراضيًا عام 2020 بسبب جائحة كوفيد-19 وتابعه حوالي نصف مليون شخص، وبلغ طول تمثال الرجل المحترق الأعلى على الإطلاق 105 أقدام، وكان ذلك في عامي 2014 و2017.
ما هي فلسفة مهرجان الرجل المحترق؟
الرجل المحترق هو مهرجان موسيقي وفني وثقافي يقام في صحراء بلاك روك في ولاية نيفادا الأميركية. ويخيّم المشاركون فيه، طيلة أيّام المهرجان، مشكّلين نصف قوس ضخم وسط الصحراء، ويحققون اكتفاءهم الذاتي خلال فترة تخييمهم، من حيث الطاقة والمياه والطعام.
وكان لاري هارفي قد وضع عام 2004 عشرة مبادئ لمهرجان الرجل المحترق أهمها الشمولية المطلقة، إذ يرحّب الحدث بالجميع دون استثناء، ويحترم الغرباء ولا يضع شروط مسبقة للمشاركة فيه. بالإضافة إلى رفض التسليع للمحافظة على روح الإهداء، إذ يحاول مجتمع الرجل المحترق خلق بيئات اجتماعية لا وجود فيها للرعاية التجارية والمعاملات المالية أو الإشهار، ويسعون لحماية ثقافتهم من أي استغلال مماثل. كما يشجّع الرجل المحترق على الاعتماد المطلق على النفس، ويحثُّ الفرد على اكتشاف موارده الداخلية والاعتماد عليها. ومن بين مبادئ المهرجان أيضًا، التعبير المطلق عن الذات، والمسؤولية المدنية، واحترام البيئة وعدم ترك أي أثر، والمباشرة من خلال إعطاء الأولوية للتجارب الحسية على حساب الأفكار النظرية. ويعتقد المشاركون في المهرجان أنّ تجربة الرجل المحترق يمكنها خلق تغيير روحاني إيجابي.
اقرأ/ي أيضًا
صور مولدة بالذكاء الاصطناعي لجزيرة سانتوريني اليونانية وليست حقيقية